• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

عش سعيدا

محمد بلال البربري


تاريخ الإضافة: 20/6/2013 ميلادي - 11/8/1434 هجري

الزيارات: 7413

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عش سعيدًا

تحليل كلمة السعادة على مقياس أهل اللغة


المدخل:

لا تجد أحدًا ممَّن يمشي على بسيط الأرض من بني آدم إلا وهو يهوَى السعادة ويحذر من الشقاوة، فإن كان مؤمنًا بالبعث بعد الموت، فهو كما يهواها لدنياه، كذلك يجتهد أن يحصل عليها في أخراه، وإن كان ممن حُرِم من كلمة الإيمان بالآخرة فهو على الأقل لا يألو جهدًا من أن يدركها في عمره الذي لا يتجاوز ستين أو سبعين سنة غالبًا، فكلٌّ يحب أن تكون السعادة حظَّه، ولكنك ما تكاد ترى أن تكون "السعادة" من البضائع التي تساوم في الأسواق وتباع فنشتريها، أو تكون من الكنوز التي يمتلكها مَلِك من الملوك، يسألها الناس منه فنبتدر في السؤال ونعطاها، أو تكون شيئًا موضوعًا على قمم الجبال الشاهقة فنتسبب للصعود عليها ونأخذها، أو تكون مدفونة في صحراء من صحاري العالم، فنقصد إليها متفحصين معالمها فنجدها أو نموت دونها، ولكن لم تقع صورة من تلك الصور المذكورة، فإذًا كيف السبيل إلى أغلى الأشياء وأنفسها؟

 

مقياس أهل اللغة:

فلنسأل أهل اللغة أولاً ما يعنون بكلمة تتركب من "س ع د"؟

يقول ابن دريد (المتوفى ۳۲۱هـ):

"السعد ضد النحس، والسعود من النجوم التي ينزل بها القمر، وهي أربعة أنجم، وهي في الأصل عشرة، منها أربعة ينزل فيها القمر؛ وهي: سعد الذابح، وسعد بلع، وسعد الأخبية، وسعد السعود، وكل ما كان من الأسماء المشبهة بهذا الاسم فهو مشتق منه؛ مثل: سعد، وسَعِيد، وسُعَيد، وبنو سُعَيد بطن من العرب، وساعدة اسم من أسماء الأسد، وساعدا الإنسان عَضُداه، وساعدا الطير جَناحاه، والسَّعيد خلاف الشقي، والسعيد النهر الذي تشرب به الأرض بظواهرها، إذا كان مفردًا لها، تقول العرب: هذا سعيد هذه الأرض، وسواعد البئر عيونها التي ينبع منها الماء، وسواعد الضرع عروقه التي يخرج منها اللبن، والسُّعْد أصول نبت معروف طيب الراحة، والسُّعادى أيضًا أصول نبت ينبت في القريان ومجاري المياه من غلظ الأرض إلى سهلها"؛ (جمهرة اللغة ۲: ۲٦۲ دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد ۱۳45).

 

ويقول مجد الدين الفيروزآبادي (المتوفى 817 هـ):

"سعَد يومنا كنفع سعدًا وسُعودًا يَمِنَ مثّلثةً، واستسعد به عدَّه سعيدًا، والسعادة خلاف الشقاوة.

 

وقد سعِد كعلم وعني فهو سعيد ومسعود، وأسعده الله فهو مسعود، وأسعده أعانه، ولبيك وسَعْدَيك؛ أي: إسعادًا بعد إسعاد، وسعود النجوم عشرة، وفي العرب سعود كثيرة، وساعداك ذراعاك، ومن الطائر جَناحاه، والسواعد مجاري الماء إلى النهر أو إلى البحر، ومجاري المخ في العظم.

 

والسُّعد بالضم وكحبارى طِيب، وفيه منفعة عجيبة في القروح التي عسر اندمالها.

 

وساعدة اسم الأسد ورجل، وبنو ساعدة قوم من الخزرج، والسعيد النهر، وبهاء بيت كانت العرب تحجه، والسعيدية ضرب من برود اليمن، وسَعْد صنم كان لبني ملكان، وبالضم موضع قرب اليمامة، وجبل، وبضمتين تمر، وبالتحريك ماء كان يجري تحت جبل أبي قبيس وأجمة.

 

والسعدان نبت من أفضل مراعي الإبل، سبحانه وسعدانه؛ أي أسبحه وأطيعه"؛ (القاموس المحيط ۱: ۳٠۲، مادة: س ع د، مع الحذف والتقطيع غير المخل بالمعنى، ط: المطبعة الحسينية المصرية، ۱۳44).

 

يقول الإمام ابن منظور الإفريقي (المتوفى711 هـ):

السعد: اليمن، وهو نقيض النحس، السعودة خلاف النحوسة، والسعادة خلاف الشقاوة، يقال: يوم سعد ويوم نحس، وقد سعِد يسعد فهو سعيد نقيض شقي، مثل سلم فهو سليم، سعد جده وأسعد: أنماه، سعود النجوم وهي الكواكب التي يقال لكل واحد منها: سعد كذا، والإسعاد المعونة، والمساعدة المعاونة، وساعده مساعدة أعانه، والساعد ملتقى الزندين من لدن المرفق إلى الرسغ، والساعد مجرى المخ في العظام، والسواعد مجاري الماء إلى النهر أو البحر، والساعد إحليل خلف الناقة وهو الذي يخرج منه اللبن، وقيل السواعد عروق في الضرع يجيء منها اللبن في الضرع، وسعيد المزرعة نهرها الذي يسقيها، السعيدة اللبنة لبنة القميص، والسعيدة بيت كان يحجه ربيعة في الجاهلية، والسعدانة الحمامة، والسعدانة مدخل الجردان من ظبية الفرس، والسعدان شوك النخل، من أطيب مراعي الإبل، والسعد من الطيب، والسعادى مثله، وساعدة من أسماء الأسد، معرفة لا ينصرف مثل أسامة"؛ (لسان العرب، ٦: ۲٦۲/۲٦٦، مادة س ع د، مع الحذف والتقطيع غير المخل بالمعنى، ط: بيروت دار إحياء التراث العربي ۱۹۸۸م).

 

ملخص المعاني المنتخبة:

فنأخذ من هذه المعاني المذكورة في القواميس الثلاثة ما يفيدنا في إدراك غوامض كلمة السعادة وأخذ ما للسعيد من المزايا والخصائص، وتلك المعاني التي نجعلها محور البحث كما يلي:

• ضد النحس وخلاف الشقاوة.

 

• النجوم العشرة التي ينزل بها القمر في سيره الفلكي.

 

• اسم من أسماء الأسد.

 

• ساعدا الإنسان عضداه، وساعدا الطير جَناحاه.

 

• النهر الذي تشرب به الأرض.

 

• النفع والمعاونة.

 

• عيون البئر، وعروق الضرع، ومجاري المخ إلى العظم.

 

• نبت ينفع في القروح التي عسر اندمالها، ومن أفضل مراعي الإبل.

 

• بيت كان ربيعة تحجه في الجاهلية.

 

• ضرب من برود اليمن.

 

• اسم صنم لبني ملكان.

 

التطبيقات:

فانظر يا رعاك الله، إن كنت تريد أن تكون سعيدًا حسب ما يشرحه أهل اللغة، فها قد وضح ما لديهم من المعاني للسعادة:

• لا يسعد أحد إلا وهو قد عصم نفسه من النحس، وهو الشؤم والشقاوة؛ إذ السعادة ضد النحوسة والشقاوة، فالسعيد من رزق الخيرات ووقِي الشرور؛ إذ المشؤوم والشقي مَن يكون على عكس ذلك؛ ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ [هود: 108].

 

• إن أردت أن تكون سعيدًا فكن كالنجم، ينشر ضوءه ليلاً عندما يكون الناس أحوج إلى الضوء من وقت آخر؛ إذ السعود النجوم، وعن قتادة قال: "خلق الله - تعالى - هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها"، فتسعد إن تجتمع فيك هذه الثلاث من خصال القمر:

1- ضع نفسك بين الناس بمثابة الزينة، فلتكن بخلقك ظاهرًا وخلقك باطنًا زينة لهم عند قيامك وقعودك بينهم، وهم يتزيَّنون بمجالستهم معك، كما زيَّن الله السماء بزينة الكواكب؛ حيث قال - جل في علاه -: ﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴾ [الصافات: 6].

 

2- كن للكفرة من الشياطين كالقذف، فتكون حفظًا للناس من كل شيطان مارد، وهم يقذفون بك دحورًا من كل جانب، فإن من وظائف الكواكب ما قال ربنا - تبارك وتعالى - بعد بيان كونها زينةً للسماء: ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴾ [الصافات: 7 - 9].

 

3- وكن هاديًا للناس إلى ما ينفعهم؛ قال - تعالى -: ﴿ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 16].

 

• وليكن عندك مأوًى ومنزلاً لأهل العلم والدين، الذين لهم المنزلة العليا والتفوق بين الناس؛ لأنهم كالأقمار بين أسرة النجوم، والسعود منازل القمر.

 

• لا شجاعة كشجاعة الأسد، ولا غَيرة مثل غيرته، لا يرضى أن يكون خافضًا رأسه مهما اشتدَّت عليه المتاعب، يكابدها برحابة، ويكتسب بيديه محترزًا عما يبقيه الناس، لا يقتنع إلا أن يكون ملكًا على أعدائه كلهم، فالسعيد مَن يتشجع ويغار، مَن لا يخفض رأسه مهما أظلمت عليه الليالي الحوالك، يعالج الشدائد ولا يسأل عن أسوار الناس، ولا يقتنع إلا أن يكون غالبًا على أعدائه أجمعهم.

 

• لا يعرف قدر الساعدين اللتين بهما قوام اليدين حقًّا إلا مَن حُرِم منهما، فساعدا الإنسان مساعدتان له، وساعدا الطير جناحاه، ساعدِ الناس في مهماتهم وانفعْهم في حوائجهم، وكن لهم كالجَناح في طيرانهم نحو الوصول إلى أهدافهم، تسعد بإذن الله، فإن خير الناس مَن ينفع الناس؛ كما هو المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

 

• وهل رأيت النهر الجاري؟

فهو نفع كله لكل مَن يمر به، يسقي بني آدم والحشرات والحيوانات والأراضي، فالسعيد من الناس مَن يكون كالنهر السعيد، تُسقَى الأرض اليابسة منه، فتنبت وتعطي الناس من طعامها وثمارها، فربما لا يمدح الناس إلا الأرض التي بها انتفعوا في مأكلهم ومشربهم من غير فكرة إلى ما عمله النهر، فيا من جعلك الله سعيدًا، خذ أسوة لك منه، فكما أن نفع النهر لا يتحدَّد في موضع دون موضع، ولا يقع موقع تبجيل من الناس كثيرًا، فكذلك السعيد من الناس مَن يكون نفعه جاريًا، ولا يكون بمرأى من الناس ينتظر مدحهم، فإن مآل سعي المرائين ما أُخبِرنا عنه في سورة الكهف: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103 - 104].

 

• سواعد البئر عيونها التي ينبع منها الماء، وسواعد الضرع عروقه التي يخرج منها اللبن، والسواعد مجاري المخ إلى العظم، فالسواعد واسطة في إيصال الخير إلى الناس فحسب، دون الشر، فإن الماء به الحياة، وإن اللبن رزق طيب سائغ للشاربين، وأنَّى لقوة تجاري القوة العقلية الموهوبة في المخ، فالسعيد كذلك يكون كالواسطة في إيصال الخيرات فقط إلى أبناء جنسه وغيرهم، ومن عرَف نفسه سعيدًا بعد أن كان واسطة شرٍّ بدل خير، فقد أخطأ والله!

 

• السعد والسعادى نبت ينفع في القروح التي عسر اندمالها، منفعة عجيبة كما صرَّح به صاحب القاموس، فالسعيد هو مَن يمشي مع منكسرة القلوب جريحة البواطن من الناس، ينفعهم منفعة عجيبة في اندمال جراحاتهم القلبية القاسية التي يعالجون شدتها فيسكنون إليه.

 

• فالسعيد بعدما تحمل المشاق، وجعل النفس تمشي وراء ضغط عظيم من الشهوات، وتركها مخافة ألا تحرم من السعادة، فهو سيكون مرجعًا للناس وموئلهم يقصدونها كبيت ربيعة في الجاهلية تحجه، ويلفت بشخصيته أنظار الناس إليه، كما أن الناس يرون البرد اليماني رؤية إعجاب، وسينال منزلة رفيعة بين الناس كما لصنم بني ملكان يرجعون إليه في مهماتهم.

 

هذه هي الخطوط الموصلة إلى السعادة، وعليك ألا تتكاسل أن تمشي عليها، فعش سعيدًا، وأعانك الله!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- العنوان غير مرتبط بالنص
الباحث عن السعادة - اليمن 21-06-2013 10:26 PM

العنوان: عش سعيداً والنص حول كلمة السعادة نريد الطريقة حول كيف تعيش سعيدا وليس حول الكلمة نفسها.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة