• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

العنصر الثقافي في تشكيل الاستعارة في لغة الحياة اليومية في مصر (7)

د. عيد محمد شبايك


تاريخ الإضافة: 7/4/2010 ميلادي - 23/4/1431 هجري

الزيارات: 13895

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(7) الاستعارة التهكمية

وهي استعمال الألفاظ الدالة على المدح في نقائضها من الذم والإهانة، وقد أشار الفراء إلى مثل هذا الأسلوب في القرآن الكريم عند تعرُّضه لقول الله تعالى: ﴿ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ ﴾ [آل عمران: 153]، الإشارة ها هنا في معنى عقاب، وقد يقول الرجل الذي قد اجترم إليك: "لئن أتيتني لأثيبنك ثوابك"؛ معناه: لأعاقبنك، وربما أنكره من لا يعرف مذاهب العربية، قال تعالى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21]، [التوبة: 34]، [الإنشقاق: 24]، والبشارة إنما تكون في الخير، فقد قيل ذلك في الشر"[1].

 

وواضح في هذه الآية الكريمة استعارة البشارة - وهي الخير بما يسر - للإنذار الذي هو ضدها، بإدخاله في جنْس البشارة تهكُّمًا وسخرية بهم.

 

وقد سَمَّاها السكاكي في تعريف الاستعارة التمليحية (التهكمية): هي استعارة اسم أحد العنصرين أو النقيضين للآخر، بواسطة انتزاع شبه التضاد وإلحاقه بشبه التناسب بطريق االتهكُّم أو التمليح، ثم ادعاء أحدهما من جنس الآخر، والإفراد بالذكر ونصب القرينة، كقولك: إن فلانًا تواترت عليه البشارات بقتله، ونهب أمواله، وسبْي أولاده[2].

 

ويرى رولان بارت، أن السخرية تمثل نوعًا من الإسناد المضاد[3]، الذي يقوم على توليد دلالة مغايرة لمعاني الألفاظ المنطوقة، وهذا الإسناد المضاد يشترك في تكوين عناصر عملية الاتصال، فالمرسل هو الذي يصوغ الرسالة المراوغة المحملة بالمعاني المتضادة، والمستقبل هو الذي يتلقى دوال الرسالة، ليفك شفرتها فيحللها وينمِّي احتمالات التضاد، ويوفر لها الفاعلية المؤثرة.

 

فعندما نقول عن شخص: "إنه عبقري حقًّا"، ونتلفَّظ في سياق يشير بوضوح إلى التهكُّم - فبحسب المقاربة ذات النزعة الموضوعية - تعني الجملة أن الشخص المقصود له قدرات فكرية كبيرة، إلا أن التلفُّظ بها على سبيل التهكم جعلها تفصح عن المعنى المناقض، وهو أن الشخص المعني يتمتع بكامل الغباء، ونلاحظ أن جانب المفارقة في السخرية يعني بالضرورة قدرًا من قبل القائل عن قوله؛ لأنها "تُبنى على أن نقول عكس ما نعتقد به، ولكن بطريقة تمكن القارئ أو السامع أن يتعرف - انطلاقًا من السياق - النية (المقصد) الحقيقية للمرسل"[4].

 

وقد وقفت على بعض البنيات من هذا النوع من خلال ثقافة المجتمع، كقولهم:

♦ جاء المُنجِز صاحب الهمة؛ (يعنون بذلك شخصًا مهملاً مضياعًا للوقت).

♦ أحسنتَ ولك جائزة، (يقولون ذلك لشخص ضيع فرصة لا تعوض أو تلف شيئًا ثمينًا).

♦ بدري يا راجل، ما هذا النشاط؟ (يقولون ذلك لشخص تعود أن يأتي إلى العمل كسولاً متاخرًا).

♦ يا عبقري عصرك وأوانك، يا فيلسوف الغبرة، (يعنون بذلك شخصًا غبيًّا ساذجًا).

♦ اللي بيزرع يحصد، اللي في الحلة تطلعه المغرفة، (يقولون ذلك لمن أهمل ورسب، تهكمًا وتعريضًا).

♦ تعيش وتاخد غيرها يا سبع البرمبة[5]، (يقولون ذلك - تهكمًا وتعريضًا بمن يدعي الشجاعة، وليس بشجاع - لمن تُسدى إليه النصيحة بعدم المغامرة فيما لا يستطيعه، ولكنه خالف النصح، فتعرض للإصابة والهلكة.

♦ صم بكم عمي، (يقولون كذلك - تهكمًا وتعريضًا - بمن دخل مجلسًا فيه رجال، ولم يلق السلام).

 

وأحيانًا يكون العدول عن التعبير باللفظ الصريح إلى التعبير بمقابله (ضده) تشاؤمًا من دلالة الصريح، وتجنبًا لمواجهة المخاطب به، وقد أشار العلماء إلى أسباب نشأة التضاد وعزوا ذلك إلى أسباب اجتماعية كالتفاؤل والتشاؤم والتهكُّم والتأدُّب.

 

ومن أمثلة التفاؤل: قال أبو حاتم: "إنما قيل للعطشان: ناهل، على سبيل التفاؤل"[6]، ومنه إطلاق المفازة على الصحراء تفاؤلاً بفوز مَن يجتازها، وتسمية الأسود: أبيض، تشاؤمًا من النطق بلفظ أسود، ومن أمثلة التهكم، إطلاق كلمة: فصيح على المتعثر في نطقه، والذكي على الغبي، ومن أمثلة التأدب إطلاق البصير على الأعمى، وكلمة مولى التي بمعنى السيد على العبد، والأمر في ذلك كله يعود بالدرجة الأولى على العقلية الاجتماعية السائدة في بيئة ما[7]، ومن أمثلة ذلك في العامية المصرية:

♦ تعيـش إنت، (ردًّا على من يسأل على صديق توفِّي).

♦ هو بعافية، (ردًّا على من يسأل على صديق مريض).

 

ومن الجدير بالملاحظة، ما يصاحب هذه التعبيرات من تلوين صوتي (النبر والتنغيم) وإشارات وإيماءات وانفعالات، أو ما يسمى بـ: (اللغة الموازية أو الوسائل المصاحبة أو لغة الإشارة) - إن صحَّ التعبير - مما له دوره في رفع درجة الدلالة، وإظهار مقصد الاستعارة، لذلك يعد هذا اللون الغني بالدلالة، من الخطاب المفتوح الذي لا تكتمل دلالته إلا بحضور المتلقي، وإضاءة السياق، وهذه التقاطعات المصاحبة للسياق تعد من الأنساق التصويرية التي هي صدى للعناصر الثقافية التي تسهم في تشكيل الاستعارة، وتعزيز قيمتها وأثرها.

 

ــــــــــــــــ
[1] الفراء؛ "معاني القرآن" 1/239، وراجع أحمد عبدالمطلب "معجم المصطلحات البلاغية" صـ 95.

[2] السكاكي: "مفتاح العلوم" 177، انظر: فايز القرعان، "أسلوب التهكم في القرآن الكريم"، (ضمن بحوث عربية مهداة إلى الدكتور محمود السمرة)، منشورات جامعة البنات الأردنية صـ 517 - 564.

[3] رولان بارت، "قراءة جديدة للبلاغة القديمة" صـ 76.

[4] خورسيه ماريا إيفانكوس؛ "نظرية اللغة الأدبية" صـ 211، ويراجع نورثروب فراي: "تشريح النقد" صـ 62، 320.

[5] تضربه العامة مثلاً للشجاعة، والبرمبة: تحريف لكلمة (البرمبل)، وهو اسم ناحية بمركز الصف بالجيزة، أهلها مشهورون بالشجاعة والإقدام، ويطلقون على كل شخص من سكانها: (البرمبل)، فإذا رأى أحدهم شخص يدعي الشجاعة، قالوا له: (يا سبع البرمبل) تحقيرًا وتعريضًا به، وحرفتها العامة إلى البرمبة، "المحكم" صـ 107.

[6] أبو حاتم السجستاني؛ "الأضداد" (ضمن ثلاثة كتب في الأضداد)، صـ 99 و"علم الدلالة" صـ 205، 206.

[7] "دراسات في فقه اللغة"؛ لصبحي الصالح صـ 310 وما بعدها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة