• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

التأويل بالحال السببي

التأويل بالحال السببي
د. عبدالجبار فتحي زيدان


تاريخ الإضافة: 20/5/2025 ميلادي - 22/11/1446 هجري

الزيارات: 85

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التأويل بالحال السببي

 

بعد أن ذكر ابن هشام الإشكال الذي وقع فيه النحويون، في مثل: جاء زيد والشمس طالعة، لكون الجملة الحالية فيها لا تبيِّن هيئة فاعل أو مفعول، ذكر أنَّ ابن جني أوَّلها "بـ: جاء زيد طالعة الشمس عند مجيئه، فهي كالحال والنعت السبيين؛ كمررتُ بالدار قائمًا سكانُها، وبرجل قائم غلمانه"[1].

 

وثمة نحويون آخرون أوَّلوا هذا التأويل لحلِّ هذا الإشكال مستشهدين بالشاهد نفسه، دون أن يَنسبوه إلى أحد[2].

 

لقد ظن النحويون أنَّ الإشكال حُلَّ بهذا التأويل؛ لأنَّ الجملة انحلَّت إلى مفرد مع أنَّ المشكلة في الحقيقة بقِيت على حالها؛ لأنَّ الحال السببي بتصريح النحويين، لا تُعدُّ وصفًا لما قبلها، بل لما بعدها، فهي بهذا ظلَّتْ لا تبيِّن هيئة صاحبها، ومن النحويين المحدثين مَن أخرج النعت السببي للسبب المذكور من معنى الوصف وإعرابه[3]، وهذا شان الحال السببي أيضًا.

 

وعلى الرغم من أنَّ أيَّ إشكال مهما كبُر، يمكن حلُّه بوساطة التأويل، فإنَّ الجمل التي أراد النحويون معالجتها، لم تبلغ به درجة الحال الحقيقية، يُضاف إلى ذلك أنَّ الصيغة التي استعملوها لم تكُن مطابقة للحال السببي نفسه، ويبدو أنَّهم يضعون شروطًا لهذا النوع من الحال، وهو أن يكون معمولها مضافًا إلى ضمير يعود إلى صاحبها، كالمثال الذي استشهد به ابنُ هشام وبعض النحويين بعد أن استشهد بحال سببي؛ نحو: ركبتُ الفرس غائبًا صاحبه، ذكر أنَّه "يشترط في هذه الحال أن يكون المرفوع بها متصلًا بضمير يعود إلى صاحبها، وهو الهاء في مثالنا المتصل بكلمة (صاحبه) الذي يعود إلى الفرس"[4].

 

وتأويل النحويين الذي كان بصيغة: جاء زيد طالعة الشمس عند مجيئه، لم يكن مرفوع الحال السببي هنا، متصلًا بالضمير العائد، أي: لم يكن معمولها مضافًا إلى هذا الضمير.

 

فالجمل التي لا صاحب لها ما أصبحت حالًا سببيًّا حتى بعد التأويل، وهذا يدل على شدة بعد هذه الجمل عن هذا المعنى، وعن صلاح عودها إلى صاحب وبيان هيئته.

 

تأويلها بمشتق مناسب لمعناها:

حلَّ السخاوي[5] إشكال الجملة الحالية التي لا صاحب لها في قول الشاعر:

وقد اغتدى والطيرُ في وُكُناتِها
بمجردٍ قيدِ الأوابدِ هيكلِ

بتأويلها بـ(مبكرًا)، وهذا هو أحد التأويلات التي ذكرها ابن هشام لحلِّ المشكلة نفسها[6]، إلا أنَّه نسَب هذا التأويل إلى ابن عمرون[7]، مع أنَّه قد قال به السخاوي قبله.

 

تصدير الجملة باسم مشتق:

يبدو أنَّ التأويل الذي اشتَهر عند النحويين في هذا الباب، هو تصدير الجملة باسم يحمل الضمير العائد، فمنهم من جعل قوله تعالى: ﴿ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ [يوسف: 14]، ونحو: جاء زيد والشمس طالعة، أو والجيش مصطف، بتقدير: لئن أكله الذئب مصاحبًا لكوننا عصبة، وجاء زيد مصاحبًا لطلوع الشمس، أو مصاحبًا لاصطفاف الجيش[8].

 

ومنهم من جعل نحو: جاء زيد وعمرو جالس، بتقدير: جاء زيد مقارنًا لجلوس عمرو، كذلك قدر الأمثلة السابقة[9].

 

ومنهم من جعل قول الشاعر:

وقد اغتدى والطيرُ في وُكُناتِها
بمجردٍ قيدِ الأوابدِ هيكلِ

بتقدير: وقد اغتدى ملابسًا هذه الحالة[10].

 

ومنهم من صدَّر الجملة بلفظ (موافقًا) لحلِّ إشكالها في هذا الباب[11].

 

يذكر بعض المتأخرين[12] - وهو يعرض مشكلة الجمل التي لا صاحب لها، بعد أن طال حديثه عنها - أنَّ الله (سبحانه) قد منَّ عليه بالعثور على خير التأويلات المناسبة، ذلك بالاطِّلاع على كلام الدماميني؛ حيث قال في المنهل الصافي: أنَّ تأويل قوله تعالى: ﴿ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ [يوسف: 14]، "لئن أكله الذئب غير متلفت إلى تعصُّبنا، إنْ جعلت الحال من الفاعل "أو بتأويل": لئن أكله الذئب محفوظًا بنا، أو بتعصبنا إن جعلتَ الحال من المفعول".

 

يدل التعبير الذي استعمله هذا النحوي في بداية كلامه على عِظَم هذه المشكلة عنده، حتى جعل العثور على تأويل لها من النعم التي منَّ الله بها عليه.

 

إلا أن هذا التأويل بادٍ عليه التكلف، كما أنَّ صيغته خاصة بالآية المذكورة، فإذا أوَّل الآية بما سبق ذكره، فكيف سيؤوِّل باقي الجمل من التي لا صاحب لها؟

 

التأويل بما يحمل الضمير العائد لا يحل الإشكال:

كما أنَّ التأويل بالمستغني عن الضمير لم يحلَّ الإشكال، كذلك التأويل بما يحمل الضمير العائد، أوضِّح ذلك فيما يأتي:

1- إنَّ التأويل المقبول يجب أن تتوافر فيه أمورٌ من أهمها أن تكون صيغته مستوحاة من معنى الجملة المؤولة، ومطابقة لمقصود المتكلم.

 

2- التأويل مسألة هيِّنة، وبمقدرة كلِّ نحوي أن يوظِّفه لحلِّ أيِّ إشكال كان، فلو وقع مثلًا لغوي في خطأ كبير، فنصب الفاعل، فقال: كتب زيدًا رسالة، فإن بوسع هذا النحوي أن يرى وجها بتأويل الغلط على الرغم من بعد التأويل، فيزعم أنَّه نصَبه على الاختصاص؛ إذ التقدير: كتب أخصُّ زيدًا رسالة، فكل مسألة يُمكن حلُّ ما يعتريها من إشكال بالتقدير المتكلِّف، لكن يجب أن يُفرَّق بين التقدير الذي يفرضه تركيب الجملة ومعناها، وبين الذي يفرضه النحوي على المسالة لحلِّ مشكلة، فيتعسَّف فيه.

 

يذكر نحوي من المتأخرين أنه يشترط في الجملة الحالية أن تكون وصفاً "صريحًا أو تأويلًا، كجاء صهيب من الروم روميًّا؛ أي: مشابها للروم، ومنه الجملة: جاء زيد والشمس طالعة... هو في تأويل مصاحبًا لطلوع الشمس"[13].

 

مرَّ الكلام على ما ذهب إليه أبو علي النحوي حين سوَّغ خلو الجملة الحالية من الضمير العائد قياسًا على الحال التي ليست اسمًا مشتقًّا، وسيعاد شيء من ذاك الكلام، لضرورة الحاجة إليه في هذا المقام.

 

لو قلنا: أقبل زيد أسدًا، لجاز أن نؤول الحال الجامدة التي لا تتضمَّن الضمير العائد، بما يتضمن هذا الضمير، فيجوز أن نقول: إنَّها بتقدير: أقبل زيد شجاعًا؛ لأنَّ هذا هو قصد المتكلم، كما أنَّ السامع يفهم ذلك، فحين نسمع مثل هذه الجملة نُدرك بوضوح أنَّ المراد وصف زيد بالشجاعة، وهذا ما ينطبق على الحال الجامدة (روميًّا)، فإنَّه صحَّ تأويلها بمشتق يحمل الضمير العائد؛ لأنَّ المتكلم قصَد فيها بجلاء وصفُ صهيب بالرومية عند مجيئه من بلاده، وكما هو عليه أمرُ الجملة.

 

بل هذه الحال والتي قبلها، وكل حال جامدة، يكون المعنى الوصفي لصاحبها ماثلًا فيها، يمكن إدراكه بلا تأويل، فهي ليست محتاجة إليه لإشعار السامع به، أما تأويل نحو: جاء زيد والشمس طالعة، التي لا صاحب لها بما يحمل هذا الصاحب، لا يجوز الأخذ به؛ لأنَّه لم يكن في قصد المتكلم ولا في إحساس السامع، وصف زيد بأنَّه الشمس طالعة، لا حقيقة ولا مجازًا، فهذه الجملة ونحوها لا صاحب لها، وستبقى كذلك على الرغم من التأويل.

 

3- حين أُوِّلت الجمل السابقة بما يحمل الضمير العائد، فقد اثبت بالتأويل شيء لم يكن له أي أساس، وأي ظل كان في الجملة قبل تأويلها، بل قد اختلق هذا الشيء اختلاقًا، وذلك بإضافة كلمات من إنشاء المؤوِّل، فحين جُعِلت جملة: جاء زيد والشمس طالعة، بتقدير: جاء زيد مقارنًا لطلوع الشمس، فإن الذي صار له صاحب، وعاد إلى زيد، هو الاسم المشتق (مقارنًا) الذي جلب من خارج الجملة، وأُضيف إليها، أما الجملة ذاتها التي صار مصدر خبرها مضافًا إلى مبتدئها، فقد بقِيت لا صاحب لها، ولا تعود إلى زيد، كأن هذا التأويل جيء به لإثبات أن الحال محذوفة، وهذا هو تقديرها.

 

وكذلك الشأن عند تأويلها بالحال السببي، فكلُّ هذه الضمائر البارزة والمستترة التي عادت بها الجملة إلى صاحبها، قد كانت من تأويل النحويين، وبإمكان أي نحوي كان أن يأتي بمثل هذا التأويل.



[1] مغني اللبيب 2/ 466.

[2] رصف المباني، ص418، همع الهوامع، بتحقيق مكرم 3/ 240، والمطالع السعيدة 1/ 437، وحاشية محمد الأمير على شرح شذور الذهب، ص60.

[3] إحياء النحو لإبراهيم مصطفى، ص125، وفي النحو العربي قواعد وتطبيق، للمخزومي، ص188.

[4] التحف الطرفية في توضيح وتكميل شرح الاجرومية، للشيخ محمد الشيخ إبراهيم الطرفي، ص33، النحو الوافي 2/ 315.

[5] المفضل في شرح المفصل، ص711-712.

[6] مغني اللبيب 2/ 466.

[7] هو محمد بن محمد بن أبي علي بن أبي سعد بن عمرون الحلبي، جمال الدين أبو عبد الله، نحوي، ولد سنة 596هـ، من آثاره شرح المفصل للزمخشري ت694هـ، معجم المؤلفين 6/ 247.

[8] حاشية الدسوقي على المغني 2/ 192، وحاشية محمد الأمير على المغني 2/ 100.

[9] مفتاح العلوم، غير محقق ص50، وشرح المغني للشمنّي 2/ 163 وحاشية السجاعي على شرح قطر الندى ص95 وعلى شرح ابن عقيل ص150، وشرح الكفراوي على متن الآجرومية ص89 وحاشية الدسوقي على المغني 2/ 149 وحاشية العطار على الأزهرية ص180 والكواكب الدرية ص32، وشرح مختصر جدًّا على متن الآجرومية لأحمد بن دحلان، ص32.

[10] خزانة الأدب 1/ 507 والمفضل في شرح أبيات المفصل، وهو بهامش كتاب المفصل، للسيد محمد بدر الدين أبي الفراس النعساني الحلبي، ص65.

[11] البسيط في شرح الكافية، ص488، وعروس الأفراح 3/ 126، 3/ 131 وحاشية يس الحمصي على شرح التصريح 1/ 391 وحاشية الصبان 2/ 19.

[12] هو محمد بن أحمد الأهدل، وقد مر ذكر اسمه، الكواكب الدرية، ص31-32.

[13] حاشية محمد الأمير على شرح شذور الذهب، ص60.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة