• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

البلاغة ممارسة تواصلية

البلاغة ممارسة تواصلية
د. أيمن أبو مصطفى


تاريخ الإضافة: 14/5/2025 ميلادي - 16/11/1446 هجري

الزيارات: 257

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البلاغة ممارسة تواصلية

 

إن كثيرًا من غير المختصين في البلاغة يظنون البلاغةَ حكرًا على فصيل بعينه، ويعتقدونها مجردَ قواعد جامدة، وينظرون إليها بوصفها شيئًا لا يمكن فهمه، وهم في الحقيقة مجافون للصواب، فالبلاغة ممارسةٌ تواصلية، نستخدمها في كل شؤون حياتنا، كتابةً وكلامًا وسكوتًا أيضًا.

 

والحقيقة أن المتخصصين في البلاغة هم سبب رئيس في وصول هذه الرسالة، ورسوخها في أذهان الناس؛ لأنهم جعلوها قواعدَ جامدةً يتلمسون لها الشواهدَ من كتب التراث، ويكررونها دون تعليل مُرضٍ، أو تفسير مقنع، وقد تأثروا في دراساتهم بالبلاغة المدرسية، فغدت دراساتهم – في الغالب – قوالبَ متشابهةً في الشكل، مختلفة في الأمثلة.

 

فغدا كلُّ كلامٍ في نظرهم بليغًا، ولكل بلاغة سرٌّ، والسر محفوظ، فالتضاد يوضح المعنى، برغم أنهم لم يقفوا على أثر التضاد في المعنى، كذلك كل تصوير يوضح المعنى بالتشخيص أو التجسيم، والجناس والسجع يعطيان جرسًا موسيقيًّا، فأصبح الطالب يحفظ تلك العبارات، ويكررها دون تفكير.

 

كما أن أغلب المعالجين لقضايا البلاغة ليسوا أدباء، ونحن نؤمن بأن البلاغة فنٌّ، وليست علمًا، ليست علمًا منضبطًا بقواعد استقرائية، يمكن أن تشمل جميع الظواهر، ومعلوم أنه لا ينقد الشعر إلا شاعر، ولا يعرف البلاغة إلا من دُفع في مضايقِها.

 

كما أنها ليست ذوقًا فحسب، بل هي تذوق منضبط بأصول الفن، وتلك الأصول تعتمد على الدراسة المستفيضة لما تركه السابقون، فالوقوف على البلاغة تسوغه الغاية التواصلية، فليست مجرد تزيين للخطاب، بل هي وسيلة للإقناع وتمكين الخطاب في نفس المتلقي.

 

فمعظم المؤرخين للبلاغة العربية يرَون أن البلاغة في العصر الجاهلي بلاغة ذوقية غير معلَّلة؛ يقول الدكتور شوقي ضيف: "الشعراء حينئذٍ - أي في العصر الجاهلي - كانوا يقفون عند اختيار الألفاظ والمعاني والصور، وكانوا يسوقون أحيانًا ملاحظاتٍ لا ريب أنها أصل الملاحظات البيانية في بلاغتنا العربية"[1].

 

وهكذا ظلت في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي، وإن زادت بسبب تحضر العرب واستقرارهم في المدن والأمصار، وبسبب رقيِّ الحياة العقلية، فقد "أخذوا يتجادلون في جميع شؤونهم السياسية والعقيدية، فكان هناك الخوارج والشيعة، والزُّبيريُّون والأمويون، وكان هناك المرجئة والجبرية، والقدرية والمعتزلة، ونما العقل العربي نموًّا واسعًا، فكان طبيعيًّا أن ينمو النظر في بلاغة الكلام، وأن تكثر الملاحظات المتصلة بحسن البيان"[2].

 

حتى إذا جاء العصر العباسي الأول، اتسعت الملاحظات البلاغية؛ لتطور الحياة العقلية والحضارية، ونتيجة لظهور جيلٍ من الموالي والفرس الذين دخلوا في الإسلام، فأتقنوا اللغة العربية، وأظهروا فيها براعةً منقطعةَ النظير، بالإضافة إلى ما ترجموه من كتب الحضارات الأخرى[3]، فنرى في كتابات ابن المقفع إشارة إلى ما سماه البلاغيون فيما بعد بـ "حسن الاستهلال"، و"رد الأعجاز على ما تقدمها".

 

كما ظهرت في القرن الثاني للهجرة طبقةٌ من الكتَّاب يعملون للخلفاء، ويعملون في الدواوين، ومعظمهم من الفرس والسريان والقبط، أو ممن تأدَّبوا بأدبهم، وهؤلاء وضعوا معالمَ يسير عليها الكتَّاب.

 

وقد "ظهر آنذاك الجدلَ، وظهرت المعتزلةُ، وهم أهل لدَدٍ وخصومة، فاتصلوا بالمنطق وبالجدل، ومن ثَمَّ اتصلوا بالخطابة ... وكل ما نعتقده أنهم تصوروا صناعة الكلام كما كان يتصورها اليونان من بعض الوجوه، غير أن تأثير الهيلينية (اليونانية) كان واضحًا في نتاج الشعراء ونتاج الكتَّاب الذين ينتمون إلى أصل أجنبي؛ كأبي تمام، وعبدالحميد، وأحمد بن يوسف، وغيرهم من كتَّاب المأمون"[4].

 

وكان لظهور علم الكلام أثر واضح في تطور الدرس البلاغي؛ يقول الدكتور شوقي ضيف: "ولم يكن الشعراء والكتَّاب وحدهم الذين مضَوا يدرسون وجوه البيان والبلاغة في فنِّهم، فقد كان يشركهم في ذلك طائفتان من المعلِّمين، أخذوا في الظهور مع أواخر القرن الأول للهجرة وأوائل الثاني، وهما طائفة المتكلمين الذين كانوا يُعنون بتعليم الشباب فن الخطابة والمناظرة ... ثم طائفة اللغويين والنحويين وكانوا يحترفون تعليم اللغة ومقاييسها في الاشتقاق والإعراب"[5].

 

هكذا أخذ المتكلمون يتعلمون البيان والفلسفة؛ يقول الجاحظ: "لا يكون المتكلم جامعًا لأقطار الكلام، متمكنًا في الصناعة، يصلح للرياسة، حتى يكون الذي يحسن من كلام الدين في وزن الذي يحسن من كلام الفلسفة، والعالم عندنا هو الذي يجمعهما"[6].

 

فغدَتِ البلاغة وسيلةً لتمكين الغايات الخطابية؛ تأثيرًا وحجاجًا وإقناعًا؛ فهي وسيلة تساعد كل من يتواصل بالكلام، فيحتاج إليها المعلم والخطيب، والداعية والأديب، والقاضي والمحامي، ومندوب المبيعات والقائد، والبائع والمشتري...

 

نحتاجها ونحن نتحاور مع أبنائنا أو زملائنا، فهي بنية أسلوبية تراعي غاية المتكلم، وظروفَ المتلقي، وتتوسل الضواغطَ الأسلوبية لتمكين تلك الغايات.



[1] د. شوقي ضيف: البلاغة تطور وتاريخ، دار المعارف، ط: 11، 2000، ص: 13.

[2] نفسه، ص: 15.

[3] نفسه، ص: 19.

[4] د. إبراهيم سلامة: بلاغة أرسطو بين العرب واليونان، دراسة تحليلية نقدية ثقافية تقارنية، مكتبة الأنجلو المصرية، ص: 51.

[5] البلاغة تطور وتاريخ، ص: 28، وكذلك صحيفة بشر بن المعتمر الموجودة بكتاب (البيان والتبيين).

[6] الجاحظ: الحيوان 2 /124.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة