• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

إعجاز الوصف (1)

إعجاز الوصف (1)
أ. د. محمد السيد موسى


تاريخ الإضافة: 15/9/2021 ميلادي - 7/2/1443 هجري

الزيارات: 3705

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إِعْجَازُ الوَصْفِ (1) [*]

 

مقدِّمة:

إذا كان الوصف معدودًا من التوابع إلا أنه يقوم بأداء وظيفة عميقة ودقيقة لإبراز المعنى قويًّا وواضحًا، والوصف لا يأتي إلا بكلمة مناسبة يقتضيها السياق، وهو حينئذٍ لا يُعدُّ ثانويًّا أو فضلة من فضلات الجُمل، وهذا يظهر جليًّا في سياق القرآن، حيث نجد الكلمة الواصفة قد تبوَّأت مكان الإعجاز في مقامها، فالوصف بالإحسان له موضع غير موضع الوصف بالإيمان أو التقوى أو العلم أو التعقل، وكلها من مواضع الحمد والتعظيم، والوصف بالنفاق له موضع مغاير للوصف بالكفر أو الضلال أو نحو ذلك، وكلها من مواضع الذم وأغراض التحقير، وكذلك الوصف بغرض البيان أو التوكيد والتخصيص ونحوه له مواضعه التي يحددها السياق ويبرزها المقام، وهو ما نبيِّنه في هذه الوقفة بعد الاستعانة بالله.

 

وَصْفُ القُرْآنِ الكَرِيمِ:

قد تحمل الآيات ذِكرَ القرآن بلفظ الكتاب أو بلفظ القرآن، ومن ثَمَّ يتغير الوصف تبعًا لتغير الكلمة، وإذا جاءت كلمة (الكتاب) موصوفة، فإن أكثر الوصف يكون بكلمة (مبين)، كما في قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ [الشعراء: 2].

 

﴿ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [النمل: 1].

﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ [القصص: 2].

 

وجاء الجمع بين الكتاب والقرآن في آية واحدة، مع وصف القرآن بالمبين، وذلك في قوله تعالى: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ﴾ [الحجر: 1].

 

وقوله تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾ [يس: 69].

ولعل وصف الكتاب والقرآن بالمبين في هذه المواضع للدلالة على بيانه ووضوحه الشامل لجميع آياته وسوره؛ ولذلك جاء في (الشعراء) في الآية الثالثة: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 3]، وفي هذا توبيخ للكافرين؛ إذ كيف يكفرون به مع وضوحه وبيانه؟!

 

وفي سورة النمل جاء في الآية الثانية ذِكر الهداية بعد البيان والوضوح: ﴿ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النمل: 2]، وفي القصص جاء في الآية الثالثة وما تبعها ذكر نبأ موسى وفرعون: ﴿ نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [القصص: 3].

 

أي: فمن دلائل بيانه وصدقه أنه يحكي أحداث الغيب الموغل في القِدم، ومنه جحود فرعون على الرغم من سطوع الحق، وفي آية يس جاء ذكر الشعراء قبلها، فقال: ﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ﴾ [يس: 69]، فجاء وصف القرآن بالمُبين؛ ليقول لهم: إنَّ هذا القرآن بيِّنٌ واضحٌ بأنه ليس بشِعر، وأنتم أعلم الناس بالشِّعر وفنونه، وفي موضع آخر جاء وصف الكتاب بالمستبين كما في قوله تعالى: ﴿ وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ ﴾ [الصافات: 117]، وليس المراد بالكتاب هنا القرآن، وإنما التوراة، والضمير في (َآتَيْنَاهُمَا) يعود على موسى وهارون عليهما السلام.

 

وجاء وصف الكتاب بالحكيم في قوله تعالى: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾ [يونس: 1، 2].

 

ووصف الكتاب بالحكيم هنا؛ لإرشاد العقول الضالة إلى حكمة اختيار النبي صلى الله عليه وسلَّم، فقد تعجَّبوا من أن يكون الرسول بشرًا، فلم يكن كلامهم حكيمًا، ولا تفكيرهم متزنًا، وكأنه قال: كونوا حكماء وعقلاء في تفكيركم، كيف تطلبون أن يكون الرسول ملكًا وأنتم بشر؟!

 

وجاء وصف الكتاب بالحكيم في موضع آخر، في قوله تعالى: ﴿ الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴾ [لقمان: 1 - 3].

 

ولعل السبب في ذلك - والله أعلم - أن هذه الآية الكريمة والوصف الحكيم للقرآن، وقد جاء بين خاتمة سورة الروم، وفيها بيان عن تكذيب الكافرين للقرآن، وبين بداية سورة لقمان وفيها بيان أثر القرآن من هدى ورحمة للمحسنين، كذلك - أيضًا - كان آخر ما ختمت به سورة الروم قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم: 60].

 

فجاء وصف الكتاب بالحكيم في بداية سورة لقمان أبلغ ما يكون الوصف والتناسب مع خاتمة سورة الروم؛ لأن المعنى: أن هؤلاء الكافرين "قد ضعف إيمانهم وقلَّ يقينهم، فخفَّت لذلك أحلامهم، وقلَّ صبرهم، وهذا يدل على أن كل مؤمن موقن رزين العقل يسهل عليه الصبر، وكل ضعيف اليقين ضعيف العقل خفيفه فالعكس، فالأول بمنزلة اللب، والآخر بمنزلة القشور، والله المستعان"[1].

 

وقد أتى وصف القرآن بالحكيم أيضًا في قوله: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس: 1 - 3].

 

ولعل صفة الحكمة قد جاءت هنا لتناسب سورة فاطر قبلها، حيث يقول تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا * وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴾ [فاطر: 44، 45] فالآيتان تحملان الحث على التعقل والحكمة في النظر إلى عاقبة السابقين، وتثبت الآية الأخيرة حكمة الله تعالى في تصريف شؤون خلقه، فهو جل شأنه لا يعاجلهم بالمؤاخذة، وإلا فنيت الخلائق، ولكن يؤخِّرهم إلى يوم البعث.

 

وقد تأتي كلمة (القرآن) في مواضع عديدة من الآيات الكريمة، ولكن بأوصاف أخرى غير أوصاف الكتاب السابقين؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الحجر: 87].

 

جاء وصف القرآن هنا بالعظيم؛ للفت الانتباه إلى ما اشتمل عليه القرآن من صفات الكمال والامتناع عن الشبيه أو التحريف، وهو أنسب وصف في هذا المقام؛ لقوله في صدر الآية: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ ﴾، ولأنه يتعرض بالكلام للذين أقسموا على بطلانه، وجعلوه عضين، أي: أصنافًا، منهم من يقول: سِحر، ومنهم من يقول: كهانة.

 

بينما جاء وصف القرآن في موضع آخر بوصف مغاير لما سبق، كما في قوله تعالى: ﴿ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾ [ص: 1 - 3]، فوصف القرآن هنا بـ (ذِي الذِّكْرِ)؛ أي التذكير للعظة والاعتبار، وهذا يناسب حال الكافرين، فقد استكبروا وامتنعوا، فذكَّرهم القرآن بحال الأمم السابقة، (كَمْ أَهْلَكْنَا)، فلما وقع عليهم الهلاك استغاثوا ولكن بعد فوات الأوان (وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ).

 

وقد جاء وصف القرآن بالمجيد في قوله تعالى: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ [ق: 1 - 4].

 

وقوله تعالى: ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ * بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 19 - 22].

فوصف القرآن بالمجيد يعني أنه لا يناله تحريف ولا تبديل، وهو مَصون عن التغيُّر، وفي هذا الوصف تناسب مع قوله تعالى بعد ذلك: ﴿ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ [ق: 4]، وقوله: ﴿ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 22]، فوصف - أيضًا - الكتاب وهو اللوح بأنه حفيظ، ووصف اللوح بأنه محفوظ، فلا يتغير ولا يتبدل، وقال الفخر الرازي: "هذا القرآن مجيد مصون عن التغير والتبدل، فلما حكم فيه بسعادة قوم وشقاوة قوم، وبتأذي قوم من قوم، وامتنع تغيره وتبدله، فوجب الرضا به، ولا شك أن هذا من أعظم موجبات التسلية"[2].

 

وقد جمعت آية الواقعة بين القرآن والكتاب في قوله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 75 - 79]، قال الأزهري: الكريم اسم جامع لما يحمد، والقرآن يحمد لما فيه من الهدى والبيان والعلم والحكمة. (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ)؛ أي مستور مصون، وقيل: محفوظ عن الباطل، وهو اللوح المحفوظ"[3].

 

أما وصف القرآن بالعربي، فقد جاء في مواضع عديدة؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3].

 

هذا الوصف مدح للعربية؛ لأنها شرفت بنزول القرآن الكريم بها، وليس مدحًا للقرآن بأنه عربي، وهو وصف - أيضًا - يفيد مزيدًا من البيان والتوكيد، والله أعلم.

 

المراجع:

• السعدي - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان- دار الحديث- القاهرة- 20020.

• الرازي - التفسير الكبير- ط 3- دار إحياء التراث العربي- بيروت- 1999.

• فتح القدير الشوكاني - ط2 - فتح القدير - دار الوفاء - المنصورة - 1997.



[*] ا د. محمد السيد موسى - أستاذ البلاغة والنقد ـ كلية التربية ـ جامعة المنصورة

[1] السعدي - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان- دار الحديث- القاهرة- 20020- ص 6، 7.

[2] التفسير الكبير 11/ 116.

[3] فتح القدير للشوكاني 5/ 213.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة