• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الاستصحاب عند ابن مالك (ت 672هـ)

الاستصحاب عند ابن مالك (ت 672هـ)
د. تامر عبدالحميد أنيس


تاريخ الإضافة: 1/1/2018 ميلادي - 13/4/1439 هجري

الزيارات: 8275

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستصحاب عند ابن مالك (ت 672 هـ)

 

نتحدَّث في مقالتنا هذه عن مجالي الاستصحاب عند جمال الدين محمد بن عبدالله بن عبدالله بن مالك الطائي الجَيَّاني المتوفى سنة (672هـ)، وهو من أبرز النحاة المتأخِّرين الذين كان لهم بصمة باقية في النحو العربيِّ، ومنها أثره البارز في الاستصحاب مفهومًا ومصطلحًا.

 

أمَّا من جهة المفهوم، فقد أبرز ابن مالك إجراءين مهمَّين يتصلان بعملية الاستصحاب:

الأول: يتمثل في اجتناب ما يخالف الأصل، ويظهر ذلك في قوله عن (كي) إذا دخلت عليها اللام، بعد أن قرَّر تَعَيُّنَ كونها ناصبة: "وفي جعلها جارَّة مؤكدة للام نَصْبُ الفعل بعدها بإضمار (أنْ)، وهو خلاف الأصل، وتوكيد الحرف بالحرف، وهو في غاية الشذوذ؛ فوجب اجتنابه"[1].

 

وفي قوله: "وأجاز بعض النحويين زيادةَ (كان) آخرًا؛ قياسًا على إلغاء (ظَنَّ) آخِرًا، والصحيح منع ذلك؛ لعدم استعماله، ولأنَّ الزيادة على خلاف الأصل، فلا تُستباح في غير مواضعها المعتادة"[2].

 

والثاني: الفرار من كثرة مخالفة الأصل بمنع ما يؤدي إليها، وهو إجراء نابع من فكرة التمسُّك بالأصل، ويظهر ذلك في قوله معلِّلًا مذهبًا للفراء: "ومنع الفراء وقوع الحال المذكورة - يعني في نحو: ضربي زيدًا قائمًا - فِعْلًا؛ فرارًا من كثرة مخالفة الأصل، وذلك أنَّ الحال إذا سدَّت مَسدَّ الخبر فهو على خلاف الأصل، فلا ينبغي أن يحكم بجوازه؛ فإنه مخالفة بعد مخالفة"[3]، وإن كان ابن مالك قد جوَّز ما منعه الفراء مستدلًّا بالقياس على كلام العرب؛ إذ قد وضعوا الجملة الاسمية في هذا الموضع، فوقوع الفعلية فيه جائز بالقياس على الاسمية[4].

 

ولكنه في مسألة أخرى يستعمل هذا الإجراء مُقِرًّا به، وذلك في تعليله لمنع تقدم أخبار أفعال المقاربة والرجاء والشروع، إذ يقول: "والسبب في ذلك أنَّ أخبار هذه الأفعال خالفت أصولها بلزوم كونها أفعالًا، فلو قدمت لازدادت مخالفتها للأصل"[5]، ثم يذكر علة أخرى.

 

وإلى جانب ذلك نجده يعبِّر عن الاستصحاب بـ (الالتفات إلى الأصل) في قوله: "الأصل في الظرف الذي يلي (إنَّ) أو إحدى أخواتها أن يكون ملغًى؛ أي: غير قائم مقام الخبر؛ نحو: إنَّ عندك زيدًا مقيم، وكقول الشاعر:

فلا تَلْحَنِي فيها فإنَّ بحبِّها *** أخاك مصابُ القلبِ جَمٌّ بلابِلُهْ[6]

فأمَّا القائم مقامَ الخبر، فجدير بألا يليها؛ لقيامه مقام ما لا يليها، ولكن اغتفر إيلاؤه إيَّاها؛ التفاتًا إلى الأصل"[7].

 

وأمَّا من جهة المصطلح، فإنَّ ابن مالك يُعَدُّ- فيما أعلم- أكثر النحاة استعمالًا لمصطلح (الاستصحاب)، حيث استعمله في شرح التسهيل في اثنين وعشرين موضعًا[8]، وورد هذا المصطلح أيضًا في شرح الكافية الشافية له اثنتي عشرة مرة.

 

وفيما يلي ذكر بعض المسائل التي نصَّ فيها على مصطلح الاستصحاب:

1- ذكر أن جمع المذكر السالم إن سمِّي به ففيه أربعة أوجه، قال: "الرابع: استصحاب الواو على كلِّ حال، مع كون النون مفتوحة غير ساقطة في الإضافة"[9].

 

2- يقول عن (رُبَّما): "وإنما كانت ربَّما صارفة معنى المضارع إلى المُضِيِّ؛ لأنَّ (رُبَّ) قبل اقترانها بـ (ما) مستعملة في المضيِّ، فاستصحب لها بعد الاقتران ما كان لها، بل هي بذلك أحقُّ؛ لأنَّ (ما) للتوكيد، فيتأكد بها معنى ما تتصل به، ما لم تقلبه من معنى إلى معنى، كما فعلت بـ (إذ) حين قيل فيها: (إذما)، ففارقتها في الدلالة على المضي، وحدث فيها معنى المجازاة، و(ما) المتصلة بـ (رُبَّ) غير قالبة معناها بل مؤكدة له؛ فاستصحب ما كان لها من المضي"[10].

 

3- قال في معرض بيان أنَّ المضارع من الأفعال الخمسة إذا أُكِّد بالنون فليس مبنيًّا: "وأيضًا فإنَّ الوَقْفَ على نحو: هل تفعلين، بحذف نون التوكيد، وثبوت نون الرفع، فلو كان قبل الوقف مبنيًّا، لبقي بناؤه؛ لأنَّ الوقف عارض، فلا اعتداد بزوال ما زال لأجله، كما لا اعتداد بزوال ما زال لالتقاء الساكنين، نحو: هل تَذكُرَ اللهَ، والأصل: تَذْكُرَنْ، فحذفت النون الخفيفة لالتقاء الساكنين، وبقيت فتحة الراء الناشئة مع كونها زائلة؛ لأنَّ زوالها عارض فلم يعتد به، ولا فرقَ بين العُرُوضَيْنِ، فلو كان لِـ(تَفْعَلِنَّ) ونحوِه قبلَ الوقف بناءٌ، لاستصحب عند عروض الوقف، كما استصحب بناء هل تذكُرَنْ عند عروض التقاء الساكنين"[11].

 

4- قال في إطار الحديث عن الخلاف في سبب السكون الذي يلحق آخر الفعل المسند لضمير رفع متحرك: "قال أكثرهم: سببه اجتناب توالي أربع حركات في شيئين هما كشيءٍ واحد؛ لأنَّ الفاعل كجزء من الفعل، وهذا السبب إنما هو في الماضي ثم حُمل المضارع عليه، وأمَّا الأمر، فاستصحب له ما كان يستحقه من سكون، صحيحَ الآخر كان كاذهبْنَ، أم معتلَّه كاخْشَيْنَ"[12].

 

5- قال عن حركة هاء الغائب: "فإِنْ فَصَلَ المتحرِّكَ في الأصل ساكنٌ حُذِفَ جَزْمًا أو وَقْفًا، جاز في الهاء: التحريكُ مع الإشباع، والتحريك مع الاختلاس، والتسكين، نحو قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7]، فمن أشبع نظر إلى اللفظ، ولأنَّ الهاء متصلة بحركة، ومن اختلس استصحب ما كان للهاء قبل أن يحذف الألف؛ لأنَّ حذفها عارض، والعارض لا يُعْتَدُّ به غالبًا"[13].

 

6- قال عن تقديم الخبر على (ما زال) وأخواتها: "أجاز ابن كَيسان التقديم مع النفي بـ (ما)، مع أنه موافق للبصريين في أنَّ (ما) لها صدر الكلام؛ لأنه نظر إلى أنَّ (ما زال زيدٌ فاضلًا) بمنزلة (كان زيدٌ فاضلًا) في المعنى، فاستويَا في جواز تقديم الخبر، وهذا الذي اعتبره ضعيفٌ؛ لأنَّ عروض تغيُّر المعنى لا يُغَيَّر له الحك؛ ولذلك استصحب للاستفهام في نحو: (علمت أزيدٌ ثَمَّ أم عمرو؟) ما كان له من التزام التصدير، مع أنَّ معنى الاستفهام قد تغير"[14].

 

7- قال: "وحكى الأخفش: لا رجلَ وامرأةَ، بفتح التاء بلا تنوين، على تقدير: لا رجلَ ولا امرأةَ على تركيب المعطوف مع (لا) الثانية، ثم حذفت ونويت، واستصحب مع نيَّتِها ما كان مع اللفظ بها"[15].

 

8- قال عن بناء (الآن): "وزعم الفراء أنَّ (الآنَ) منقول من (آن) بمعنى حانَ، ثم استصحب فيه الفتحة التي كانت فيه إذ كان فِعْلًا، وجعله نظير "أعييتني من شبَّ إلى دبَّ"[16]، ونظير قوله صلى الله عليه وسلم: ((وأنهاكم عن قِيلَ وقالَ))[17]"[18]، وقد رَدَّ ابن مالك هذا التوجيه.

 

9- "من قال: (قَطُ) بالضم والتخفيف، فَمُخَفِّفٌ ناوٍ للتضعيف؛ فلذلك استصحب ما كان معه من الحركة"[19].

 

10- قال عن (أمس): "وإذا نكِّر (أمسِ) أو أضيف أو قارن الألف واللام، أُعرِبَ بلا خلاف؛ لزوال سبب البناء، أعني تضمن معنى حرف التعريف، وشبه الضمير من الوجه المذكور، ومن العرب من يستصحب البناء مع مقارنة الألف واللام كقول الشاعر:

وإِنِّي وَقَفْتُ اليَوْمَ والأَمْسِ قَبْلَهُ *** بِبابِكَ حتَّى كادَتِ الشَّمسُ تَغْرُبُ[20]

 

فكسر السين وهو موضع نصب، والوجهُ فيه أن يكون زاد الألف واللام بغير تعريف، واستصحب معنى المعرفة واستدام البناء"[21]، ثم ذكر توجيهًا آخر.

 

11- قال عمَّا يُمْنَع الصرف لوزن الفعل والوصفية: "على أنَّ بعض العرب يعتدُّ بالاسمية العارضة في (أبطح) فيصرفه، واللغة المشهورة فيه وفي أمثاله منعُ الصرف؛ لأنها صفات استغني بها عن ذكر الموصوفات فيستصحب منع صرفها، كما استصحب صرف (أرنب) و(أكلب) حين أُجريَا مجرى الصفات، إلا أنَّ الصرف لكونه أصلًا ربما رجع إليه بسبب ضعيف، بخلاف منع الصرف فإنه خروج عن الأصل، فلا يصار إليه إلا بسبب قويٍّ"[22].

 

12- "إذا سُمِّيَ بما أوَّلُه همزةُ وصلٍ، قطعت الهمزة إن كانت في منقولٍ من فعل، وإلا استصحب وصلها"[23].

 

13- "الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات كزُمْرَة، وأُمَّة، وفِرْقَة، وعُصْبَة، وصُحْبَة، وسرية، وفئة، وعشيرة، وقبيلة، وفصيلة، فالأصل أن تكون بالتاء؛ لتوافق الأسماء التي هي بمنزلتها، فاستصحب الأصل مع المعدود المذكَّر لتقدم رتبته، وحذفت التاء مع المعدود المؤنث لتأخر رتبته، فقيل: ثلاثة أعبد، وثلاث جوارٍ"[24].

 

14- ذكر ابن مالك أنَّ مذهب الكوفيين إذا أضافوا العدد المركَّب- إعرابُ صدره بحسب مقتضى العامل، وجرُّ عجُزِه بإضافة الصدر إليه، ثم قال: "والبصريون لا يرون ذلك، بل يستصحبون البناء في الإضافة كما يستصحب مع الألف واللام بإجماع"[25].

 

15- قال عن (حَبَّذا): "وقد تفرد (حَبَّ) فيجوز حينئذٍ أن تفتح حاؤها استصحابًا لحالها، وأن تجعل عليها الضمة التي كانت للعين فيقال: حَبَّ زيد، وحُبَّ زيد"[26].

♦♦ ♦ ♦♦

 

ولا نجد عند النحاة اللاحقين من قَدَّم إضافةً جديرة بالذكر، حتى نصل إلى جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة (911هـ)، فنجد له حديثًا نظريًّا عن الاستصحاب في كتابه (الاقتراح في أصول النحو)، بدأه بذكر تعريف الأنباري وبعضِ أمثلته، ثم قال: "والمسائل التي استدلَّ فيها النحاة بالأصل كثيرة جدًّا لا تحصى؛ كقولهم: الأصل في البناء السكون، إلا لموجب التحريك، والأصل في الحروف عدم الزيادة حتى يقوم دليل عليها من الاشتقاق ونحوه، والأصل في الأسماء الصرف والتنكير والتذكير وقبول الإضافة والإسناد"[27].

 

وعلى المستوى التطبيقي نجده يستعمل مصطلح (الاستصحاب) في ثمانية مواضع من همع الهوامع، منها خمسة مواضع نقلها عن ابن مالك، وثلاثة أضافها. هذا، بالإضافة إلى أنه استعمل أيضًا عددًا من العبارات التي شاعت مِن قبلُ عند النحاة كالإبقاء أو البقاء[28]، ومراعاة الأصل[29]، و"لأنَّ الأصل كذا"[30]، وكذا على الأصل[31].

 

وأحسب أنَّ هذا العرض لتاريخ الاستصحاب قد قدَّم تصورًا مجملًا لتطوُّر هذا الإجراء عند نحاتنا الأجلاء، على مستوى المفهوم والعبارة عنه، ويهيئ لمن شاء النظر في مقوماته التي يَتم بها في الفكر النحوي.



[1] شرح التسهيل؛ لابن مالك 4/ 17.

[2] السابق 1/ 361.

[3] شرح التسهيل 1/ 285.

[4] انظر: السابق 1/ 285.

[5] السابق 1/ 395.

[6] البيت بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 969، والخزانة 8/ 453.

[7] شرح التسهيل 2/ 12.

[8] وورد أيضًا لفظ (الاستصحاب) بمعناه اللغوي في موضعين؛ انظر: 3/ 135، 350.

[9] شرح الكافية الشافية 1/ 197.

[10] شرح التسهيل 1/ 28، 29.

[11] السابق 1/ 36.

[12] السابق 1/ 124، 125.

[13] السابق 1/ 133.

[14] السابق 1/ 351.

[15] شرح الكافية الشافية 1/ 526.

[16] المثل في مجمع الأمثال؛ للميداني 2/ 325.

[17] رواه البخاري في كتاب الاستقراض (رقم 2408) وكتاب الأدب (5975) بلفظ "كَرِهَ لكم قيل وقال" ومسلم في باب الأقضية (رقم 1715) بلفظ: "يكره لكم قيل وقال"، وليس في هذا اللفظ حرف جر، ورواه البخاري أيضًا في كتاب الرقاق (رقم 6473) وكتاب الاعتصام (رقم 7292)، وأحمد (رقم 18108) بلفظ: "كان ينهى عن قيل وقال" بحرف الجر قبل الفعل.

[18] شرح التسهيل 2/ 220.

[19] السابق 2/ 222.

[20] البيت لنصيب كما في اللسان مادة (أمس) 1/ 130، وهو بلا نسبة في الخصائص 1/ 395، 3/ 59، والمحتسب 2/ 190، والصاحبي في فقه اللغة ص202، والإنصاف 1/ 320، وشرح شذور الذهب ص99، وارتشاف الضرب 3/ 1429، وهمع الهوامع 2/ 140، والأشباه والنظائر 1/ 204، ويُرْوَى: وإنِّي حُبِسْتُ ...

[21] شرح التسهيل 2/ 224.

[22] شرح الكافية الشافية 3/ 1453.

[23] السابق 3/ 1466.

[24] شرح التسهيل 2/ 398.

[25] شرح الكافية الشافية 3/ 1681.

[26] شرح التسهيل 3/ 28.

[27] الاقتراح ص355، 356.

[28] انظر: همع الهوامع 1/ 86، 200 ، 2/ 242.

[29] انظر: السابق 1/ 505، 3/ 278.

[30] انظر: السابق 2/ 208، 476، 494.

[31] انظر: السابق 2/ 492.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة