• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الاستصحاب عند أبي البركات الأنباري (ت 577هـ)

الاستصحاب عند أبي البركات الأنباري (ت 577هـ)
د. تامر عبدالحميد أنيس


تاريخ الإضافة: 5/12/2017 ميلادي - 16/3/1439 هجري

الزيارات: 12030

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستصحاب عند أبي البركات الأنباري (ت 577هـ)


نُواصل في هذه المقالة حديثنا عن مجالِي الاستصحاب عند نُحاة العربية، وفيها نتوقَّف مع نحويٍّ ذي أثرٍ خاصٍّ في تطوُّر الفكر النحويِّ، إنه أبو البركات عبدالرحمن بنُ محمدِ بن أبي سعيد الأنباريُّ (ت577هـ)، صاحب كتابَيْ "لمع الأدلة في أصول النحو"، و"الإغراب في جدل الإعراب"، اللذين يُعدَّان بدايةَ التصنيف المستقلِّ في هذين الفَنَّيْن، كما صنَّف كتابه "الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين"، حاذيًا حَذْوَ كتبِ الخلاف الفقهيِّ بين الأحناف والشافعية.

 

وقد تحدَّث الأنباريُّ عن عملية الاستصحاب حديثًا أصوليًّا، كما استعمَله في الاستدلال في عدد من المسائل، ويُعَدُّ الأنباريُّ - فيما أعلمُ - أوَّلَ مَن عبَّر عن هذه العملية بمصطلح (الاستصحاب)، مستعيرًا إيَّاه من الأصوليين والفقهاء.

 

وقد جاء حديثُه النظري عن (الاستصحاب) في كتابَيْه "الإغراب في جدل الإعراب" و"لمع الأدلة"، فجعل الاستصحاب أحدَ أدلة صناعة الإعراب في قوله: «أدلة صناعة الإعراب ثلاثة: نقلٌ وقياسٌ، واستصحابُ حال»[1].

 

وعَرَّفه بأنه «إبقاء حال اللفظ على ما يستحقُّه في الأصل عندَ عدم دليلِ النقل عن الأصل»[2]، وهذا التعريف يُعَدُّ أوَّلَ تعريفٍ للاستصحاب في التراث النحويِّ، إذا تجاوَزنا عنوان ابن جني لِبابِ الاستصحاب في "الخصائص" الذي تحدَّثنا عنه في مقالتنا السابقة.

 

ومثَّل له بقوله: «كقولك في فِعل الأمر: إنما كان مبنيًّا؛ لأنَّ الأصل في الأفعال البناء، وإنَّ ما يُعرَب منها لشَبَهِ الاسمِ، ولا دليلَ يدلُّ على وجود الشَّبه، فكان باقيًا على الأصل في البناء»[3].

ويلاحظ أنه عبَّر بـ(لأنَّ ....)، وظاهرٌ أن هذا تعليلٌ، ولكنَّ السياق يَصرِفه إلى الاستدلال؛ لأنه يتحدث عن الأدلة لا العِلل.

 

ويضع الأنباريُّ قاعدةً مهمَّة في الاستدلال بالاستصحاب في قوله: «وأما استصحاب الحال، فلا يجوز الاستدلالُ به ما وُجِد هناك دليلٌ بحالٍ»[4]؛ ولذلك يَجعله في المرتبة الثالثة بعد النقل والقياس، فيقول: «أقسام أدلته ثلاثة: نقل، وقياسٌ، واستصحابُ حال، ومَراتبها كذلك، وكذلك استدلالاتها»[5].

 

وقد عقَد فصلًا في (لمع الأدلة) لاستصحاب الحال، أكَّد فيه أنه من الأدلة المعتبرة، ولكنه - مع هذا - مِن أضعف الأدلةِ، ولا يَجوز التمسُّك به ما وُجِد هناك دليلٌ.

 

فقال في المعنى الأول: «اعلم أنَّ استصحاب الحال من الأدلة المعتبرة، والمراد به استصحابُ حالِ الأصل في الأسماء وهو الإعراب، واستصحابُ حالِ الأصل في الأفعال وهو البناء، حتى يوجد في الأسماء ما يُوجب البناءَ، ويوجد في الأفعال ما يُوجب الإعرابَ ... ومثال التمسُّك باستصحاب الحال في الاسم المتمكِّن أن تقول: الأصلُ في الأسماء الإعراب، وإنما يُبنى منها ما أَشْبَه الحرفَ، أو تضمَّن معناه، وهذا الاسمُ لم يُشبه الحرفَ ولا تَضمَّنَ معناه، فكان باقيًا على أصله في الإعراب»[6].

 

وقال في المعنى الثاني: «واستصحابُ الحال من أضعف الأدلة، ولهذا لا يَجوز التمسكُ به ما وُجِد هناك دليلٌ، ألا ترى أنه لا يجوز التمسكُ به في إعراب الاسم، مع وجودِ دليلِ البناء مِن شَبه الحرف، أو تضمَّنَ معناه، وكذلك لا يجوز التمسكُ به في بناء الفعل، مع وجود دليل الإعراب مِن مُضارعته الاسمَ، وعلى هذا قياسُ ما جاء من هذا النحو»[7].

 

أمَّا المسائل التي ذكر فيها الأنباريُّ (الاستصحاب) في كتابه (الإنصاف)، فهي:

1- قوله عن البصريين: «ومنهم مَنْ تَمَسَّكَ بأن قال: الدليلُ على أنهما [يعني (نعم) و(بئس)] فعلان ماضيان، أنهما مبنيَّان على الفتح، ولو كانا اسمين لَما كان لبنائهما وجهٌ؛ إذ لا عِلةَ ها هنا توجِب بناءَهما، وهذا تمسُّكٌ باستصحاب الحال، وهو مِن أضعف الأدلة»[8].

 

2- قوله عن (كم): «وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا: إنها مفردةٌ؛ لأنَّ الأصلَ هو الإفراد، وإنما التركيبُ فرعٌ، ومَن تَمسَّك بالأصل خرَج عن عُهدة المطالبة بالدليل، ومَن عدَل عن الأصل افتقَر إلى إقامة الدليل؛ لعدولِه عن الأصل، واستصحابُ الحال أحدُ الأدلة المعتبرة»[9].

 

3- قوله: «وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: أجمَعنا على أنَّ الأصل في حروف الجر ألا تَعمَل مع الحذف، وإنما تَعمَل مع الحذف في بعض المواضع إذا كان لها عِوَضٌ، ولم يوجَد ها هنا؛ فبَقَّيْنا فيما عداه على الأصل، والتمسُّكُ بالأصل تمسُّكٌ باستصحاب الحال، وهو من الأدلة المعتبرة»[10].

 

4- قوله: «وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الأصل في (أو) أن تكون لأحد الشيئين على الإبهام بخلاف الواو و(بل)؛ لأنَّ الواو معناها الجمع بين الشيئين، و(بل) معناها الإضراب، وكلاهما مخالفٌ لمعنى (أو)، والأصل في كل حرفٍ ألا يدلَّ إلا على ما وُضِع له، ولا يدل على معنى حرفٍ آخرَ، فنحن تمسَّكنا بالأصل، ومَن تمسَّك بالأصل استغنى عن إقامة الدليلِ، ومَن عدَل عن الأصل بَقِي مُرتهنًا بإقامة الدليل، ولا دليلَ لهم يدل على صحة ما ادَّعوه»[11].

ويلاحظ هنا أنه استعمَل (التمسك بالأصل) معبِّرًا به عن الاستدلال باستصحاب الأصل، دون أن يَذكُر مصطلح (الاستصحاب).

 

5- قوله عن احتجاج الكوفيين على إعراب فِعل الأمر: «أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا: إنه مُعرب مجزوم؛ لأنَّ الأصل في الأمر للمُواجَهِ في نحو: (افْعَلْ): (لِتَفْعَلْ)، كقولِهم في الأمر للغائب: لِيَفْعَلْ ... إلا أنه لمَّا كَثُرَ استعمالُ الأمر للمواجَهِ في كلامهم، وجرَى على ألسِنتهم أكثرَ من الغائب، استثقلوا مَجيءَ اللام فيه مع كثرةِ الاستعمال، فحذَفوها مع حرف المضارعة طلبًا للتخفيف ... وذلك لا يكون مُزيلًا لها عن أصلها، ولا مُبطلًا لعملها»[12].

والملاحظ أنه عبَّر عن الاستصحاب هنا بنفي الزوال عن الأصل.

 

6- قوله: «وأمَّا البصريون فاحتجوا بأن قالوا: أجمعنا على أنَّ الأصلَ في (إنْ) أن تكون شرطًا، والأصل في (إذْ) أن تكون ظرفًا، والأصل في كل حرفٍ أن يكون دالًّا على ما وُضِع له في الأصل، فمن تمسَّك بالأصلِ فقد تمسَّك باستصحاب الحال، ومَن عدَل عن الأصل بقِي مرتهنًا بإقامة الدليل، ولا دليلَ لهم يدلُّ على ما ذهبوا إليه»[13].

 

7- قوله: «وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك؛ لأنَّ الأصل في (هذا) وما أشبَهه أن يكون دالًّا على الإشارة، و(الذي) وسائر الأسماء الموصولة ليستْ في معناها، فينبغي ألا يُحمَلَ عليها، وهذا تمسُّكٌ بالأصل واستصحاب الحال، وهو مِن جُملة الأدلة المذكورة، فمن ادَّعى أمرًا وراء ذلك، بقِي مُرتهنًا بإقامة الدليل، ولا دليلَ لهم يدل على ما ادَّعوه»[14].

 

ويتضح مما سبق أنَّ الأنباريَّ كان له دورٌ مهمٌّ في تاريخ الاستصحاب، تَمثَّل في إدخال مصطلح (الاستصحاب) إلى حقل الدراسات النحوية، وفي وضعِ تعريفٍ محددٍ له، وبيان قُوَّتِه في الاستدلال، ومتى يُلْجَأ إليه، وفي استخدام المصطلح بالفعل في عددٍ من المسائل الخلافية، بالإضافة إلى إدخال تعبير جديدٍ عن هذا الدليل، وهو التمسك بالأصل.



[1] الإغراب في جدل الإعراب، ص45، وانظر: لمع الأدلة، ص81.

[2] الإغراب، ص46.

[3] السابق، ص46.

[4] السابق، ص67، 68.

[5] لمع الأدلة، ص81.

[6] السابق، ص141.

[7] السابق، ص142.

[8] الإنصاف في مسائل الخلاف 1/ 11، 112.

[9] السابق 1/ 300.

[10] السابق 1/ 396.

[11] السابق 2/ 480، 481.

[12] السابق 2/ 527، 528.

[13] السابق 2/ 634.

[14] السابق 2/ 719.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة