• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

تطور اللغة بتطور الإنسان لا بصخب المشاريع المعطلة

تطور اللغة بتطور الإنسان لا بصخب المشاريع المعطلة
د. هادي حسن حمودي


تاريخ الإضافة: 23/11/2017 ميلادي - 4/3/1439 هجري

الزيارات: 10329

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تطور اللغة بتطور الإنسان لا بصخب المشاريع المعطلة

د. هادي حسن حمودي [1]


كثيراً ما أقرأ مثل هذه الجملة: (رأس كبيرة، وأنف دقيقة، ووجه ملساء.. إلخ).

وهذه مذكرات لا مؤنثات. مع علمنا بمن أجاز التذكير والتأنيث في غير المذكر الحقيقي والمؤنث الحقيقي، لكن الصواب غير ذلك.


والأنكى منه انقلاب الحروف حسب اللهجات، كالذي قرأته في رواية (...) لروائي عربي معروف: (كانت له عينان ذرقاوان – بالذال لا بالزاي).


هذه الأخطاء وأمثالها تراها لدى كتاب فصحاء يكتبون بلغة فصيحة سلسة جميلة غالباً. ولكنهم يرتخون فيسقطون في فخ الاستسهال. ناهيك عن غيرهم ممن يتكاثر عددهم لأسباب عديدة.

قد تقول: إن هذه الأخطاء ليست منهم وإنما من المنضدين والطابعين.


لا يهم.. سواء كان من أولئك أم من هؤلاء. فنحن لسنا في مربع الإدانة، بل في مربع استشفاف سبب زحف اللهجات النشاز على جمال الفصحى.


أرى أنّ الارتقاء باللغة العربية لا يتحقق إلا بارتقاء الإنسان العربي نفسه. ارتقاء بثقته بذاته وبتراثه، وارتقاء بذوقه، وارتقاء بقوة إرادته. فإذا وصل الإنسان العربي إلى ذلك المستوى من الرقي فسيستعمل لغة حيّة مليئة بالعنفوان قادرة على مواصلة رحلتها في مسارب الحياة مهما تعسّرت الظروف، وتطورت المعارف الإنسانية.


إن التجديد اللغوي يكون بالتطويع والتكييف، وبالتهذيب والتشذيب، وبمسايرة اللغة للمتغيرات التي تعرفها الحياة في تطورها الدائم وتقدمها المطرد.

بمعنَى أن تنتهج الدول العربية أربع وسائل لتحقيق التجديد اللغوي وإعادة الاعتبار إلى اللغة العربية الفصحى.


وهذه الوسائل هي:

أولاً - التطويع وأراه يشمل جانبين:

أ- تطويع اللغة نفسها لمستجدات العصر ووجوب تلاؤمها مع تلك المستجدات. وهذا التطويع ليس غريباً على قوانين اللغة العربية نفسها، فلغة الجواهري، مثلا تختلف شيئاً ما عن لغة المتنبي، التي تختلف، بدورها، عن لغة لبيد وزهير بن أبي سلمى. ولكنها، في الحالات كافة، تظل في إطار القوانين اللغوية.


ب - تطويع الذائقة اللغوية للناس، بحيث يستسيغون اللغة العربية، ويحبونها، ويميلون إلى استعمالها. ويتم ذلك بأساليب شتى يشير إليها البحث، على ما سنعرضه لاحقاً لارتباطه بالوسائل الأخرى.


التكييف وأراه يعنِي رسم الكيفيات المؤدية إلى تحقيق التطوير الذاتي للغة وللإنسان المستعمل لها، بالآليات والأدوات الآتي ذكرها.

• التهذيب ومن الواضح أنّ أول ما يتبادر إلى الذهن من كلمة التهذيب تهذيب اللغة ذاتها. وهو تهذيب ترتضيه اللغة وسننها وقوانينها.

• التشذيب والمراد به تشذيب اللغة من الألفاظ الحوشية وغير المأنوسة أو العسيرة لفظا وغموضَ دلالة.


إنّ مسؤولية تحقيق هذه الوسائل على عاتق المجامع اللغوية، والكليات الجامعية المتخصصة، ومعاهد المعلمين، كما هي مهمة كليات الإعلام ومعاهد تكوين الصحفيين والإذاعيين ومذيعي التلفزيون ومنتجي الأفلام المخصصة للأطفال والناشئة.

وهي مسؤولية جماعية، بل إنها فرض على كل مسؤول في القطاع الذي له صلة باللغة.


ولكنّي أرى، وبناء على المقولة المعروفة فاقد الشيء لا يُعطيه أن المشار إليهم لن يستطيعوا القيام بهذه الرسالة التاريخية فما القدرة اللغوية التي يتمتع بها المقصودون بالكلام؟


الذي خبرته بنفسي، ونتيجة عملي في أكثر من جامعة في العالم العربي وخارجه، وفي أكثر من وسيلة إعلام، ومع اعترافي بوجود أساتذة وإعلاميين في بعض الدول العربية يحترمون اللغة العربية ويؤدون بها محاضراتهم وحواراتهم، إلاّ أن من التدريسيين والكتاب المستَورَدين في الجامعات والمدارس ووسائل الإعلام الأخرى من بعض بلاد العرب إلى بعض بلاد العرب من لا يستطيعون إقامة جملتين فصيحتين.


أما المشرفون على أجهزة الإعلام، فمنهم من لا يقيم للغة وزنا في اختيار المذيعين ومقدمي البرامج وقَرَأة نشرات الأخبار المكتظّة عادة بأغلاط جمّة، لا تجد شيئا منها في أية إذاعة أجنبية أو بثّ أجنبيّ متلفَز.


ثانياً - ثمة علاقة قوية بين تجديد اللغة العربية وتقريبها من الناس، وتيسير تعلمهم لها، وتذليل الصعاب التي يجدها التلاميذ في المدارس في تعلم قواعد اللغة العربية كما يجدها الطلاب في الكليات في دراسة فقه اللغة والغوص في علومها.


ثالثاً - أمّا الوسيلة الأخرى فتتمثل في ضرورة أن يتواكب الجهد الذي يبذل في المجال المذكور آنفا، مع الجهد الذي ينبغي أن يبذل في التمكين للغة العربية في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، وذلك بحسن الاختيار للمذيعين وللمذيعات من ذوي المعرفة والمران، وبتوجيه المسؤولين عن هذا القطاع ذي الأضلاع الثلاثة، إلى احترام اللغة العربية واستخدامها في جميع البرامج الإعلامية في الإذاعة والتلفزيون.


ومن عجب أن محطات بث فضائي عربي تصوغ عناوين برامجها من ألفاظ عامية مرذولة وذات دلالات ممجوجة ولا أخلاقية، حيناً، وتستعمل كلمات أجنبية عناوين لبرامج أخرى، حينا آخر، مِمّا يغرس لدى الناشئة نوعين من السلوك السلوك المرفوض أخلاقيًّا، والسلوك المرفوض ثقافيًّا ومعرفيًّا. وكلاهما يحمل مخاطره على المجتمع وقيمه ووحدته وتماسكه.


كم هو رائع وجميل أن تذهب إلى مدينة يؤمّها السائحون بالملايين سنويًّا من أرجاء العالم كافّة، فترى أن أغلب عناوين محلاتها التجارية وأسواقها كتبت باللغة الوطنية، علماً أنّ تلك اللغة محليّة، وليست من اللغات العالمية.


وكم هو مؤلم أن ترى مدننا العربية المسلمة تأنف أن تعنون متاجرها وأسواقها باللغة العربية، بل تستبدل بها كلمات أجنبية، ربما لا يحسن معظم السكان قراءتها.


ومِمّا يزيد الطين بلّة، كما يقولون، أن بعض تلك العناوين مغلوطة، معنَىً ورسما إملاءً. بل تؤدي أحيانا معانيَ بذيئة من غير التفات كاتبيها غالباً.


ومن الملاحظ كثيراً أن بعض تلك العناوين أجنبية ولكنها مكتوبة بحروف عربية يحار المرء في فهم معناها. فعلى مقهى من المقاهي في عاصمة عربية قرأت (جود شوط) ولقد ظللت حائرا حتى هداني الله إلى أنها حروف عربية لكلمتين إنكليزيتين Goodshoot.


ويأتي إليك كاتب معروف من تلك العاصمة نفسها ليكتب قصة بعنوان (التيم). وكنت أظن أنّ أصلها اليتيم وأن ثمة خطأ في الطباعة. ولكنّي حين قرأت القصة رأيته يقصد (الفريق) المقابل للفظة الإنكليزي(team) فما دامت العربية تضم لفظ (الفريق) فلماذا لهث الكاتب وراء التيم و الأتيام؟ ألا يدل هذا على انهزام نفسي ورخاوة الشخصية وتميّعها؟


والأنكى من هذا أن أستاذا جامعيا يؤلف كتابا في فقه اللغة يكدس فيه ألفاظا فرنسية لا ضرورة لها كقوله إن اللغة كالشجرة (arbre) لا بد لها من جذر (racine) و... وكأن الطالب الجامعي العربي لا يفهم معنَى الشجرة والجذر إلاّ بعد توضيحه بكلمات فرنسية وأنا أدعو هذا الدكتور الجامعي وأمثاله إلى عدم الاكتفاء بتزيين كتاباتهم بألفاظ فرنسية، بل أن يضيفوا إليها ألفاظا إنكليزية وألمانية ومن لغة الواق واق كي يبرهنوا على أنهم مثقفون مستنيرون يعرفون ألسنة المخلوقات من الناس والبهائم والطيور أيضاً.


وفي عنوان متجر قرأت (براويظ الأمة) ولم أفهم معناها، ولكنّي حين نظرت في المتجر رأيته يبيع إطارات الصور. فقد أراد صاحب المحل أن يكتب براويز جمع برواز على ما هو الشائع في لهجته. ولَمّا كان يلفظ الظاء زايا كقوله: (زريف) وهو يريد (ظريف) فعكس الحالة هنا وكتب الزاي ظاء ولقد كان في غِنَى عن ذلك كله لو استخدم كلمة إطار أو إطارات ولكنه جهل لغته وجهل لغة غيره أيضا.


وفي بلد يعبث فيه التفرنس متجر لبيع الأحذية عنوانه (السيدات أحذية) وهي ترجمة حرفية للتركيب الفرنسي نفسه المراد به: أحذية السيدات.

ولست في مجال استقصاء ذلك فهو أمر مستحيل.


وكثرت في بعض البلدان العربية تسميات المواليد بأسماء لا معنَى لها أو لها معنًى بذيء، وحين تسألهم عن معنَى ذلك الاسم يتبين لك جهلهم، وكفاهم أنهم سمعوه في مسلسل متلفز أو شريط سينمائي.

ويمكن أن ندرك خطورة هذه الظاهرة إذا علمنا أن التسمية تحمل بُعدا ثقافيا سيلازم من سُمّيَ بها، شعوريا أو لا شعوريا.


رابعاً - نؤكد على ضرورة سنّ القوانين التي تحمي اللغة العربية وتحافظ على سلامتها وصحتها في جميع المواقع التي تستخدم فيها اللغة من أجل أن يكون وضع اللغة العربية في المجتمعات العربية، ضمن مقوّمات الهوية الثقافية والحضارية.

وأعتقد أنّ هذه الوسيلة لا تتحقق إلاّ إذا انتشر الوعي بمقوّمات الهويّة الثقافية والحضارية في المجتمعات العربية.


خامساً - لا تتعارض اللغة مع انفتاح المجتمعات العربية على آفاق العصر، واندماجها في محيط المتغيرات التي يشهدها العالم، من حيث تعلم اللغات الحية والتمكن منها، وامتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا، من دون أن يضرّ ذلك بقوانين اللغة العربية.


ولكن المجتمعات العربية بوجه عام، في مشرق العالم العربي ومغربه، لا تستخدم اللغة العربية الفصحى في تعاملاتها اليومية، وتتعرض لهجوم لغوي ثقافي إعلامي أجنبي كاسح، وتقاوم في مكابدة شاقة، وإن لم تظهر للعيان، الإغراءات الشديدة الإبهار التي تدفع بها نحو الانسياق مع تيارات الأجنبة.


إن حياة اللغة من حياة أبنائها، وهي تقوى وتضعف، حين يقوون أو يضعفون، واللغة عنصر فاعل في الحضارة، وعامل مؤثر في النهضة، فكلما قامت حضارة ونما فرعها وأثمرت أغصانها وأينعت، ازدهرت اللغة واغتنت، وامتدَّ إشعاعها وانتشرت.


سادساً - إن من الأسباب العملية التي تساعد على إضعاف اللغة العربية والحيلولة دون مسايرتها للتطور الذي تعرفه الحياة العامة في جميع مرافقها، الوقوع تحت التأثير الذي تمارسه وسائل الإعلام ووسائط الاتصال، ولكن في المقدمة منها القنوات الفضائية التي تبث من الدول العربية بخلاف القنوات الفضائية التي تبث باللغة العربية من عواصم غربية، والمحطات التلفزيونية الأرضية، والإذاعات، ثم تأتي في آخر القائمة الجرائد والمجلات والمنشورات المختلفة من كتب وغيرها، لسبب يعود إلى عزوف العرب عمومًا، عن القـراءة، قياسـًا إلى ما هو عليه الوضع في مناطق أخرى من العالم.


إن البرامج الحوارية وبرامج الفتوى وتفسير القرآن باللهجة العامية وهي التي تغطي مساحة واسعة من ساعات البث، تأتي في مقدمة الأسباب التي تفسد اللغة العربية، وتسيء إليها إساءة بالغة، وتحـرم الأجيالَ الناشئة من تلقي لغة عربية سليمة من أفـواه المتحدثين في هذه البرامج الحوارية التي تشكل في مجملها أزمة في الإعـلام العربي المرئي. تضاف إلى أزمات أخرى عديدة متلازمة فيما بينها تلازماً قويًّا.


وأرى أنّ انهيار لغة أمة من الأمم مؤشر على انهيار الأمة ذاتها وانهزامها وفقدان وزنها الحضاري، في جوانب الحياة كافة، وما الانهيار اللغوي إلا جانب منه.


وقد تقول لي وماذا في استعمالنا للغات الأجنبية بدلاً من اللغة العربية؟ أليست هي علامة للتقدم والتطور؟

أقول لك هناك عشرات الملايين في دول آسيا وأفريقيا يتحدثون بالإنكليزية أو الفرنسية، وأحياناً بهما معاً.. فهل تستطيع أن تصف تلك الدول أنها دول متقدمة؟


فالمسألة إذن ليست مسألة تقدم بل مسألة انهيار شامل لا تُستثنَى منه اللغة. المنهزمون لا يصنعون حضارة لأنهم خرجوا من متون التاريخ إلى حواشيه القصية والقاصية والقاسية.


فهل من أمل؟!



[1] أستاذ جامعي عراقي - لندن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- العربية الخالدة
د. سمير العماري - الجزائر 15-12-2017 02:13 PM

يقف هذا الموضوع الرائع في مواجهة التيارات التي تريد القضاء على اللغة العربية، بمسخها أولا، وتصعيد العاميات، ثاميا، والوقوع في إسار تقليد الأجانب ثالثا.
بارك الله في جهود المخلصين من أمثالكم وأمثال أستاذنا الجليل العلامة اللغوي الدكتور هادي حسن حمودي.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة