• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الوفاء لأهل الألفة السابقة

د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن


تاريخ الإضافة: 15/8/2017 ميلادي - 22/11/1438 هجري

الزيارات: 7032

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من دقائق العربية (9)

الوفاء لأهل الأُلْفَة السابقة


الوفاء لأهل العِشرة السابقة والصُّحبة السالفة، خُلُقٌ من أخلاق النبيِّ الكريم صلى الله عليه وسلم، والسائرين على دَربه وهدْيه مِن أُمته، فقد جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند السيدة عائشة رضي الله عنها، فأحسَن لقاءها، وأكرم مثواها، وبسط لها رداءَه، فأجلسها عليه، وصار يسألها عن حالها، وما صارت إليه، وهي تقول: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قالت: فلما خرَجت قلتُ: يا رسول الله، تُقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟! قال: ((إنها كانت تأتينا زمنَ خديجةَ، وإن حُسن العهد من الإيمان))[1].

و(هَلْ) في الأصل تختص بالدخول على الفعل لكونها بمعنى (قَدْ)؛ كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]، و(قَدْ) مختصة بالفعل.

 

ولكنَّها لَمَّا عَرَضَ لها إفادة الاستفهام تطفُّلًا على الهمزة، انحطَّت رُتبتها عن الاختصاص، ودخلت على الجملتين مثل همزة الاستفهام، فَعُدَّتْ من الحروف المشتركة؛ نَظَرًا إلى ما عرَض لها في الاستعمال من دخولها على الجملتين - الاسمية والفعلية - نحو: قوله جل جلاله: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80]، وقوله جل جلاله: ﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [المائدة: 112]، لا نَظَرًا إلى أصلها من الاختصاص بالفعل.

فما بعدها في آية (الأنبياء) جملة اسمية: مبتدأ وخبر، وفي آية (المائدة) جملة فعلية: فعل وفاعل ومفعول به.

 

لكن مع وجود الفعل في حيِّزها - وهو التركيب التي هي فيه - تختص به، وهناك رأيان إثر ذلك[2]:

أحدهما: رأي سيبويه:

أنَّها لا تدخل على الاسم، وإن كان معمولًا لفعلٍ مقدرٍ بعدها، بل لا بُدَّ من معانقتها للفعل لفظًا، فيقال: (هل خرَج زيدٌ؟)، ويقال: (هل رأيتَ زيدًا؟)، ويَقبُح أن يقال: (هل زيدٌ خرَج؟)، و(هل زيدًا رأيتَه؟) إلا في الشعر؛ وذلك لأنَّ (هل) إذا لم تر الفعل في حيِّزها تَسَلَّتْ عنه ذاهلةً، تاركةً له في مقابل تركِه لها، ويكون ما بعدها مبتدأً وخبرًا، فتقول: (هل خالدٌ ناجحٌ؟)، وإنْ رأته في حَيِّزها حَنَّتْ إليه لسابق الألفة، ولم تَرْضَ حينئذٍ إلا بمعانقته في اللفظ.

 

وهذا هو مفهوم قول سيبويه: "وحروفُ الاستفهام كذلك لا يليها إلا الفعل، إلا أنَّهم قد توسَّعوا فيها، فابتدؤوا بعدها الأسماء، والأصلُ غيرُ ذلك، ألا ترى أنهم يقولون: هَلْ زيدٌ منطلقٌ، وهل زيدٌ في الدار... فإن قلت: (هل زيدًا رأيتَ؟)، و(هل زيدٌ ذهَبَ؟) - قَبُحَ، ولم يَجُزْ إلا في الشعر؛ لأنّه لَمَّا اجتمع الاسمُ والفعلُ حمَلوه على الأصل"[3]، والاستفهام طالبٌ للفعل؛ "لأَن السؤال إنما هو عن الفعل"[4]، "لأنك إنما تستفهم عما تشُك فيه، وتجهل عملَه، والشكُّ إنَّما وقع في الفعل، وأما الاسمُ فمعلومٌ عندك، وإذا كان حرفُ الاستفهام إنما دخل للفعل، لا للاسم، كان الاختيارُ أن يَلِيَه الفعلُ الذي دخل من أجله"[5]، و"كما لا يقال: (قد زيدٌ خَرَجَ)، لا يقال: (هل زيدٌ خَرَجَ)"[6].

 

فـ"إن اضطُرَّ شاعرٌ فقال: (هل زيدًا رأيتَ؟)، أو (هل زيدًا رأيتَه؟) - نصب الاسم، وأما في قوله: (هل زيدًا رأيتَ؟)، فتنصبه بـ(رأيتَ)، وأما في قوله: (هل زيدًا رأيتَه؟)، فتنصبه بإضمار فعلٍ يكون هذا تفسيره، كأنَّه قال: هل رأيتَ زيدًا رأيتَه"[7].

وهو مراده بقوله: "واعلم أنَّ حروف الاستفهام كلَّها يَقبُح أن يُصَيَّرَ بعدها الاسمُ إذا كان الفعل بعد الاسم، لو قلت: (هل زيدٌ قام؟)، و(أينَ زيدٌ ضربتَه؟)، لم يجز إلا في الشعر، فإذا جاء في الشعر نصبتَه"[8].

 

وبهذا قال المبرد: "فجميع حروف الاستفهام غير الهمزة لا يصلح فيهنَّ - إذا اجتمع اسمٌ وفعلٌ - إلا تقديم الفعل، إلا أَن يضطر الشاعر[9].

ونَخلُص من ذلك إلى أنَّ مذهب جمهور البصريين "أنَّ (هل) إذا جاء بعدها اسمٌ وفعلٌ، وَلِيها الفعلُ دون الاسم، ولا يجوز أن يليَها الاسمُ، لو قلتَ: (هل زيدًا ضربتَ؟) لم يَجُزْ إلا في الشعر، فإذا جاء في الكلام: (هل زيدًا ضربته؟) كان ذلك على الاشتغال، والتقدير: هل ضربتَ زيدًا ضربتَه؟ فتكون (هل) وَلِيت الفعل"[10].

 

فلأجل اختصاصها بالفعل إذا كان في حيِّزها، وَجَبَ نصبُ الاسم بعدها بفعل محذوف يفسره المذكور في باب الاشتغال؛ نحو قولك: (هل زيدًا ضربتَه؟)، و(هل خالدًا أكرمتَه؟)، وامتنع رفعه بالابتداء، و"إذا قلت: (هل زيدٌ قام؟) يقع إضمارُ الفعل لازمًا، ولم يرتفع الاسمُ بعده إلا بفعل مضمر على أنه فاعلٌ، وقَبُحَ رفعُه بالابتداء"[11].

 

والثاني: رأي الكسائي:

أنه يجوز أن تدخل على الاسمِ، وإن جاء بعده الفعل، ويجوز في هذا الاسم وجهان:

أحدهما: أن يكون معمولًا لفعلٍ مقدرٍ بعدها، فتعانق (هل) الفعل تقديرًا، فكما يجوز: (هل خرج زيدٌ؟)، و(هل رأيت زيدًا؟) يجوز: (هل زيدٌ خرَج؟)، و(هل زيدًا رأيتَه؟)؛ وذلك لأن (هل) إن رأتِ الفعل في حيِّزِها حنَّت إليه، ولم ترضَ حينئذٍ إلا بمعانقته لفظًا أو تقديرًا، وإذا لم تر الفعل في حيِّزِها تسلَّتْ عنه ذاهلةً.

والثاني: الرفع على الابتداء وما بعده خبرٌ؛ فتقول: (هل زيدٌ خرَج؟)، و(هل زيدٌ ضربتَه؟)[12].

 

تعقيب:

سلك الرضي مسلك سيبويه والجمهور، فقال عن مدخول (هل): "فهي تدخل على الفعلية، وعلى الاسمية التي ليس خبر المبتدأ فيها فعلية؛ نحو: هل زيدٌ قائمٌ؟ لمشابهة الهمزة.

وأما الاسمية التي جُزؤها الثاني فعلية، فلا تدخل عليها إلا على قُبحٍ؛ نحو: (هل زيدٌ خرَج؟)؛ لأنها إذا لم تجد فعلًا تسلَّت عنه، فإن كان أحد جزأي الجملة التي تدخلها فعلًا، تذكَّرت الصحبة القديمة، فلا ترضى إلا بأن تُعانقه؛ فيجب أن تُوليه إياها، وكذا يَقبُح دخولُها على فعلية مع الفصل بينها وبين الفعل باسم؛ نحو: (هل زيدًا ضربتَ؟)، وعلى فعلية مقدَّر فعلُها مفسَّرٌ بظاهر؛ نحو: (هل زيدًا ضربته؟)، والنصب ها هنا أحسن القبيحين"[13]، وقال: "فلما كان أصلها (قد)، وهي مِن لوازم الأفعال، ثم تطفَّلت على الهمزة، فإن رأت فعلًا في حيِّزها، تذكرت عهودًا بالحِمى، وحنَّت إلى الإلف المألوف وعانقته، وإن لم تره في حيِّزها تسلَّت عنه ذاهلةً.

 

ومع وجود الفعل لا تقنع به مفسِّرًا أيضًا للفعل المفسَّر بعدها، فلا يجوز اختيارًا: (هل زيدًا ضربته؟) ..."[14]، ولله دَرُّ القائل: [من البسيط]:

مَليحةٌ عشِقتْ ظبيًا حوى حَوَرًا
فمُذ رأتْه سعَتْ فورًا لخِدْمَتِهِ
ك(هلْ) إذا ما رأتْ فِعْلًا بِحيِّزِها
حنَّت إليهِ ولَم تَرْضَ بِفُرْقتِهِ

 

وختامًا:

انظر إلى علماء العربية الأجِلاء كيف شخَّصوا (هل)، وغرَسوا فيها أحاسيس، وجعلوا لها مشاعرَ، وصيَّروها ذات أخلاقٍ؟!

إنها تُعامل أقرانها بالمثْل، فتتسلَّى عن السالين، وتَذهَل عمَّن ذَهِلَ عنها ذهولًا، وتتركه في مقابل تركه لها، وتَحِنُّ وتعانق مَن أَلِفته حينًا وأَلِفها إذا اقترب منها، ودخل في التركيب التي هي فيه، فالجزاء من جنس العمل!

 

ويناسب ما تفعله (هل) مع قرينها مِن المعاملة بالمثل؛ فإقبالها على مَن أقبَل عليها، وإعراضها عمن أعرض عنها؛ يقول الإمام الشافعي: [من الطويل]:

ولستُ بهيَّابٍ لِمن لا يَهابنِي
ولستُ أرى لِلمرْءِ ما لا يَرى لِيَا
فإِن تَدْنُ مِني تَدْنُ مِنْك مودَّتِي
وإِن تَنْأَ عني تَلْقَنِي عنْكَ نَائِيَا
كِلانا غَنِيٌّ عن أخِيهِ حياتَه
ونحن إذا مِتْنا أشدُّ تَغانِيَا[15]

﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10]



[1] حديث صحيح على شرط الشيخين، في المستدرك على الصحيحين للحاكم 1 / 62.

[2] ينظر: التصريح 1/ 37، وهمع الهوامع 2/ 608، وشرح الأشموني مع حاشية الصبان 1/ 44، وحاشية الخضري 1/ 25.

[3] الكتاب 1/ 99.

[4] المقتضب 2/ 75.

[5] شرح المفصل لابن يعيش 1/ 216.

[6] الكناش في فني النحو والصرف 2/ 116.

[7] شرح السيرافي للكتاب 1/ 407.

[8] الكتاب 1/ 101.

[9] ينظر: المقتضب 2/ 75.

[10] التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل 6/ 309، وتمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد 4/ 1676.

[11] شرح المفصل لابن يعيش1/ 217.

[12] ينظر: التذييل والتكميل 6/ 309، وارتشاف الضرب 4/ 2166، وتمهيد القواعد 4/ 1676، والتصريح 1/ 443.

[13] شرح الرضي على الكافية 1/ 459.

[14] شرح الرضي على الكافية 4/ 447.

[15] ديوان الإمام الشافعي 128.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة