• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

درجة الاجتهاد في علوم اللغة

درجة الاجتهاد في علوم اللغة
الشيخ وليد بن فهد الودعان


تاريخ الإضافة: 2/4/2017 ميلادي - 5/7/1438 هجري

الزيارات: 8796

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

درجة الاجتهاد في علوم اللغة


ذكرنا عرَضًا في المسألة السابقة أن الشَّاطبي لا يرى الاجتهاد في جميع العلوم المتصلة باللغة العربية، وفي هذه المسألة نشبع الكلام على ما يستثنى من وجوب الاجتهاد فيه من علوم اللغة العربية:

رأي الشَّاطبي:

استثنى الشَّاطبي من علوم اللغة العربية ثلاثة علوم رأى الاجتهاد فيها كمالًا، لا واجبًا على المجتهد، وهي:

أولًا: علم غريب اللغة:

قال الشَّاطبي بعدما ذكر لزوم الاجتهاد في علوم اللغة: "ما عدا علم الغريب، والتصريف المسمى بالفعل، وما يتعلق بالشعر من حيث هو شعر؛ كالعَروض والقافية؛ فإن هذا غير مفتقر إليه هنا، وإن كان العلم به كمالًا في العلم بالعربية"[1].

وعلم الغريب حمله دراز على الغريب الذي يخل بالفصاحة، لا مطلق الغريب؛ لأن القرآن والسنة قد حوَيَا ألفاظًا عربية فصيحة، ولا بد من فهم معانيها[2].

ولعل مراد الشَّاطبي أن من أراد بلوغ درجة الاجتهاد لا يلزمه الاجتهاد في علم الغريب، وإنما يكفيه أن يقلد فيه، ولا سيما في الأزمان المتأخرة؛ لأن مادة الغريب قد جمعت وكشف عن معانيها، فيكفي للمجتهد أن يكون قادرًا على الكشف عن معاني الغريب من مظانه.

وحينئذ فلا يبقى - في نظري - وجه للاعتراض على قول الشَّاطبي: "كذلك يصح أن يسلم المجتهد... من اللغوي أن القرء يطلق على الطهر والحيض"[3]؛ لأن ذلك من غريب اللغة الذي اقتصر فيه الشَّاطبي على التقليد.

 

ولعل مما يؤيد ذلك أن الشَّاطبي حينما ذكر أن العالم المجتهد قد يخفى عليه بعض الألفاظ الغريبة التي يتوقف فهمُ المعنى التركيبي عليها، فيسأل عنها غيره، نقل عن عمر في قوله تعالى: ﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ [النحل: 47]: أنه سأل على المنبر عن معنى تخوُّف، فأخبره رجل من هذيل بأن التخوُّف عندهم يعني التنقُّص، وأنشده:

تخوَّف الرَّحلُ منها تامِكًا قَرِدًا ♦♦♦ كما تخوَّف عودَ النَبْعةِ السَّفَنُ[4]

 

فقال عمر: (أيها الناس، تمسَّكوا بديوان شِعركم في جاهليتكم؛ فإن منه تفسيرَ كتابكم)[5].

فهذا منه فيه إشارة إلى الاكتفاء بالتقليد للآخرين في فهم الغريب.ئمة اللغة إنما هو في فهم خطاب العرب ليس إلا ؛ إذ هو المقصود .

 

ويؤكد الشَّاطبي أهمية فهم الغريب، فيقول بعد أن ذكر الأثر السابق: "فإذا كان الأمر هكذا، فاللازم الاعتناء بفهم معنى الخطاب؛ لأنه المقصود والمراد، وعليه ينبني الخطاب ابتداءً، وكثيرًا ما يغفل هذا النظر بالنسبة للكتاب والسنة، فتلتمس غرائبه ومعانيه على غير الوجه الذي ينبغي، فتَسْتَبْهم على الملتمس، وتستعجم على مَن لم يفهم مقاصد العرب، فيكون عمله في غير معمل، ومشيه على غير طريق، والله الواقي برحمته"[6].

فكلامه هذا يتضح منه أهمية معرفة المعنى التركيبي الذي يتوقف عليه فهم معاني الكتاب والسنة، ولا بد من البحث عن معنى الغريب، إذا كان المعنى التركيبي يتوقف عليه، ويكفي في ذلك الاعتماد على ما دُوِّن أو على الآخرين، كما اعتمد عمر - وهو العربي الفصيح - في معنى هذه الكلمة على الرجل من هذيل.

وعلى هذا، فعلم الغريب من جملة العلوم المهمة التي يحتاج لها المجتهد، لا سيما إذا توقف عليها المعنى المراد فهمه من نصوص الشرع، ولكن مع أهميته إلا أنه لا يلزم فيه الاجتهاد.

 

ثانيًا: علم التصريف المسمى بالفعل:

علم التصريف ينقسم إلى قسمين: التصريف في الفعل، والتصريف في الاسم المتمكن[7]، وقد قصر الشَّاطبي ما يطلب فيه الاجتهاد على التصريف في الاسم، واقتصر في التصريف في الفعل على معرفته عن طريق التقليد.

ولهذا يحمل إطلاق الشَّاطبي التصريف في قوله: فيما يطلب فيه الاجتهاد من علوم اللغة، وأنه لا يقتصر على علم معين منها، قال: "ولا التصريف وحده"[8]، على علم التصريف في الاسم؛ لأنه أخرج علم التصريف في الفعل عما يلزم فيه الاجتهاد.

 

ثالثًا: علم الشِّعر من حيث هو شِعر:

وذلك كالعَروض والقافية، ومعناه: لا من حيث هو تفسير للغة وتأويل للضروري من معانيها[9].

أما عمَّن وافقه من الأصوليين: فقد نص الجويني على استثناء غريب اللغة مما طلب من المجتهد الاستقلال فيه من علوم اللغة العربية، فقال: "كما لا يشترط معرفة الغرائب"[10].

ويبدو أن مراده لا يشترط ذلك عن طريق الاجتهاد، كما لا يشترط الإحاطة بجميع الغريب؛ لأنه نص بعد ذلك على أن مراجعة كتب اللغة تفيد في معرفة الألفاظ؛ ولذا أيضًا قال الغزالي: "والتعمُّق في غرائب اللغة لا يشترط"[11].

أما الشوكاني فإنه اشترط أن يمكنه معرفة ما ورد في الكتاب والسنة من الغريب عن طريق استخراجها من مؤلفات الأئمة المشتغلين بذلك؛ فهم قد قربوها أحسن تقريب، وهذبوها أحسن تهذيب، ورتبوها على حروف المعجم ترتيبًا لا يصعب الكشف عنه، ولا يبعُدُ الاطلاع عليه[12].

وفي نظري أن هذا موافق لرأي الشَّاطبي.

 

أما التصريف: فقد درج الأصوليون على اشتراط معرفته، كما أنهم قد قرنوه بعلم النحو في الأهمية، ولم يفرقوا بين قسميه، وإنما عمموا الحكم فيهما[13].

ولكن المتأمل في أمثلة التصريف التي يوردها الأصوليون، يرى أنها أمثلة على التصريف في الاسم، ولم يمثلوا على التصريف في الفعل[14].

وعلل بعضهم: لأهمية التصريف بما ينبني عليه من التفريق بين اسم الفاعل واسم المفعول[15].

ولعل ذلك يشير إلى اقتصار الاجتهاد على غير المنضبط؛ لإمكان تحصيل المنضبط عن طريق التقليد.

 

أما الشِّعر: فلم أرَ أحدًا من الأصوليين صرح بذكره، إلا أن الشافعي قال في مقالة له: "لا يحل لأحد يفتي في دين الله إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله... ويكون بصيرًا باللغة، بصيرًا بالشعر، وما يحتاج إليه للعلم والقرآن"[16].

والذي يظهر أنه لا يريد صنعة الشعر، وإنما يريد الشعر من حيث هو تفسير لكلام العرب وغريب ألفاظهم؛ كما روي عن عمر قوله: "أيها الناس، تمسَّكوا بديوان شِعركم في جاهليتكم؛ فإن منه تفسير كتابكم"[17].

وهذا أمر لا يشترط فيه الاجتهاد كما سبق.



[1] الموافقات (5/ 52 - 53).

[2] انظر: تعليق دراز على الموافقات (5/ 52).

[3] الموافقات (5/ 47 - 48)، وللاعتراض انظر: تعليق دراز على الموافقات (5/ 48).

[4] البيت: اختلف في نسبته؛ فنسَبه الزمخشري في الكشاف (2/ 330) وفي أساس البلاغة (122 مادة خوف) لزهير بن أبي سلمى، ونسبه في الصحاح (3/ 1122 مادة خوف) وابن منظور في لسان العرب (6/ 286 مادة سفن) لذي الرمة، ونسبه الجوهري في تهذيب اللغة (13/ 4 مادة: سفن) والزجاج كما في تاج العروس (12/ 207) وابن منظور كما في لسان العرب (4/ 249) مادة: "خوف" لتميم بن أبي بن مقبل، وهو موجود في ديوانه (198)، ونسبه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (10/ 110) وأبو حيان في تفسير البحر المحيط (5/ 479) لأبي كبير الهذلي - وعند القرطبي لأبي كثير - ونسبه في الأغاني (6/ 82) لابن مزاحم الثمالي، وذكر الصغاني في التكملة والذيل والصلة (6/ 249) أنه ليس لذي الرمة ولا لابن مقبل، وصحح أنه لعبدالله بن عجلان النهدي، وفي بعض هذه المراجع: "تخوف السير" بدلًا من "تخوف الرحل"، قال في مشاهد الإنصاف على شواهد الكشاف (130): "التامك: السَّنام المرتفع، والقرد: الذي أكله القراد من كثرة أسفارها، أو الذي تنقب وفسد من الرحل في السفر، والنبعة واحدة النبع، وهو شجر تتخذ منه القسي، ويروى ظهر النبعة، والسفن المبرد الحديد الذي ينحت به الخشب، يقول: تنقص رحلها سنامها المرتفع الذي تنقب من كثرة السفر، كما تنقص المبرد عود النبعة، وفيه تشبيه بها في الصلابة".

[5] الموافقات (1/ 58، 2/ 139 - 140) أما الأثر: فقال المناوي عنه في الفتح السماوي (2/ 755): "لم أقف عليه"، لكن أخرج ابن جرير في جامع البيان (7/ 591/ 21618) أن عمر سألهم عن ذلك فقالوا: (ما نرى إلا أنه عند تنقص ما يردده من الآيات)، فقال عمر: (ما أرى إلا أنه على ما تنتقصون من معاصي الله)، قال: فخرج رجل ممن كان عند عمر فلقي أعرابيًّا، فقال: يا فلان، ما فعل ربك؟ فقال: قد تخيفته، يعني: تنقصته، قال: فرجع إلى عمر فأخبره..."، وليس فيه ذكر البيت، وهو ضعيف؛ لأن فيه مجهولًا، وقد أعله بذلك ابن حجر في فتح الباري (8/ 386).

[6] الموافقات (2/ 140).

[7] انظر: المفتاح في الصرف (27) الشافية في علم التصريف (6) شذا العرف (17).

[8] الموافقات (5/ 52).

[9] انظر: الموافقات (5/ 52).

[10] البرهان (2/ 869).

[11] المنخول (572).

[12] انظر: إرشاد الفحول (421).

[13] انظر: المحصول (6/ 24) الحاصل (2/ 1007) نفائس الأصول (9/ 3834 - 3835) شرح تنقيح الفصول (437 - 438) السراج الوهاج (2/ 1076) نهاية الوصول (8/ 3828) شرح مختصر الروضة (3/ 582) نهاية السول (4/ 552) الإبهاج (3/ 255) البحر المحيط (6/ 203) الأنجم الزاهرات (245) شرح جمع الجوامع مع حاشية البناني (4/ 336) شرح التلويح (2/ 246) تيسير الاجتهاد (40) مناهج العقول (3/ 273) فواتح الرحموت (2/ 363) إرشاد الفحول (421) سلم الوصول (4/ 552).

[14] انظر: نفائس الأصول (9/ 3835) شرح مختصر الروضة (3/ 582) البحر المحيط (6/ 203).

[15] انظر: نفائس الأصول (9/ 3835).

[16] ذكره عنه الخطيب البغدادي بإسناده في الفقيه والمتفقه (2/ 331 - 337/ 1048).

[17] سبق تخريجه (ص 313).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة