• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

مفهوم اللغة عند اللغويين القدماء والمحدثين

مفهوم اللغة عند اللغويين القدماء والمحدثين
د. عصام فاروق


تاريخ الإضافة: 30/1/2017 ميلادي - 3/5/1438 هجري

الزيارات: 159676

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مفهوم اللغة عند اللغويين القدماء والمحدثين

د. عصام فاروق[1]

 

للُّغة تعريفاتٌ كثيرة باعتبارات متعددة، وسوف نقتصر هنا على تعريفٍ لأحد اللغويِّين العربِ القدماء، وهو تعريف استحَق الإشادة والرعايةَ والعناية من كثير من اللغويين، خصوصًا المحدَثين؛ فهو بحقٍّ من أفضل التعريفات وأوفاها، وهو تعريف الإمام ابنِ جني، ثم بعدها ننتقل إلى اللغويين المحدَثين لنعرِض لتعريفينِ فيهما أثرٌ من تعريف الإمام: أحدهما للغويٍّ سويسري، وآخرُ للغوي عربي؛ لنرى كيف كانت صورة اللغة في أعينهما، بالإضافة إلى مدى تأثر تعريفَيهما بتعريف الإمام ابن جني:

اللغة عند الإمام ابن جني هي: "أصواتٌ يعبِّر بها كلُّ قوم عن أغراضهم"[2].

 

ورآها دي سوسير أنها "نتاجٌ اجتماعيٌّ لملَكة اللسان ومجموعة من التقاليد الضرورية التي تبنَّاها مجتمعٌ ما؛ ليساعد أفراده على ممارسة هذه الملَكة"[3].

بينما يرى الدكتور إبراهيم أنيس أن اللغة عبارة عن: "نظام عرفي لرموز صوتية يستغلها الناس في الاتصال بعضهم ببعض"[4].

 

وحينما ننظر بعين التحليل إلى هذه التعريفات، نجد أنها تحمل بين طياتها الخصائصَ التي تميِّز اللغةَ، وهذه الخصائص هي نفسها التي اعتمد عليها كثيرٌ من اللغويين القدماء والمحدَثين في تعريفهم للغة، وتتمثل فيما يلي:

(1) صوتية اللغة[5]؛ نلاحظ أنهم عرَّفوا اللغة بأهم وأرقى مظاهرها، وهي الأصوات[6]؛ تلك الأصوات التي تُعَدُّ اللَّبِنَةَ الأُولى في الصرح اللغوي، والتي عُني بها اللغويون - وغيرهم - قديمًا وحديثًا، وأَولَوْها رعاية واهتمامًا كبيرين.

 

على أن الإنسان قد ارتبط "بهذه الأصوات ارتباطًا وثيقًا على مرِّ العصور، حتى أصبح الآن غيرَ قادر على التفكير أو التعبير عن خواطره إلا عن طريقها، مما جعل كثيرًا من الفلاسفة يقرِّرون أنه لا سبيلَ إلى التفكير بغير هذه الأصوات ممثَّلة في كلمات وجمل؛ فإذا قيل لنا: إن الإنسان حيوان ناطق، فمعناه أنه قادر على التفكير؛ لأنه قادر على النطق"[7].

 

(2) تعبيرية اللغة[8]؛ وظيفة اللغة الأهم هي التعبير؛ فبها يعبر الإنسان عما يدور في خَلَدِه، وما يحتاجه من غيره في معاشه، ولقد كان الإمام ابن جني الأكثر توفيقًا في قوله: (يعبِّر)، فلم يحصر وظيفةَ اللغة في توصيل الأفكار كما رأى البعض؛ ذلك أن هناك أشكالًا للغة لا يقصد صاحبُها بها توصيل فكرة معيَّنة، ومن ذلك "المونولوج (= الكلام الانفرادي) بصوره المختلفة؛ كالقراءة الانفرادية بصوت عالٍ، وكتدوين الملاحظات التي لا يريد الكاتب بها إلا نفسَه.. إن المرأة المصرية عندما تخلو إلى نفسها - سواء أكانت تقوم بعمل يدوي أم لا - وتنشد الأشعارَ الحزينة والنثر المسجوع، باكيةً مَن فقدَتْهم من الأحباب - لا ترمي إلى (نقل) إحساسات أو (أفكار)؛ بل تستعمل اللغة بقصد التنفيس والتفريج عن آلامها وأحزانها"[9]، ومن هنا يتضح أن وظيفة اللغة ليست مقصورةً على نقل الأفكار فقط.

 

(3) اجتماعية اللغة[10]: لقد عبر العلماء عن اجتماعية اللغة بقولهم: "إن اللغة لا تنشأ إلا في مجتمع"، و"إن اللغة لا تستعمل إلا في مجتمع"، و"إن الكلام يختلف باختلاف الطبقات الاجتماعية في المجتمع الواحد في العصر الواحد"[11]؛ "يمكن لشعبين ينشأانِ في نفس المنطقة الجغرافية، في وقت واحد، أن يختلف كلامهما، ويَرجع ذلك إلى عدد من العوامل الاجتماعية"[12].

 

فاللغة تختلف باختلاف الطبقات الاجتماعية، فهل تجد - على سبيل المثال - مفرداتِ ونبرات من ينتمي إلى بيئة ريفية هي نفسها التي تجدها عند من يسكن بيئة صحراوية، وثالث في بيئة ساحلية أو حضارية؟ لا شك أننا نلاحظ مِثلَ هذه الاختلافات، التي تكون في بعض الأحيان مدعاةً للسُّخرية والتهكم.

 

(4) عُرفية اللغة[13]؛ للغة نظام يتعارف عليه أفراد مجتمعٍ ما، فاللغة "يحكمها العرف الاجتماعي، لا المنطقُ العقلي، هكذا تبدو لنا على كل حال في العصور الحديثة؛ ذلك أننا حين نتساءل عن السر في ذلك النظامِ الخاص الذي تخضع له كلُّ لغة، لا نكاد نظفر بإجابة مقنعة إلا حين نقول: إن الأمر كله مرجعُه إلى العرف والاصطلاح.. ففي العربية - مثلًا - لماذا سمِّيت الشجرة بالشجرة، والوردة بالوردة، والماء بالماء، ونحو ذلك؟"[14]؛ إنه العرف الذي يحكم القومَ في معرفتهم لهذه الأسماء واصطلاحهم عليها، من غير أن يكون في كل اسم من هذه الأسماء ما يدلُّ عليه، مما يراه البعض من أن بين اللفظ والمعنى مناسبةً طبيعية، ومِن ذلك ما رُوي عن عبَّاد الصيمري من أنه عندما سئل عن معنى كلمة (اذغاغ)، وهو بالفارسية: الحجر، فقال: أجد فيه يُبْسًا شديدًا، وأراه الحجر[15].

 

وعرفية اللغة أيضًا تعني أن الإنسان يتأثر في لغته بالمجتمع حوله؛ "فالمرء قبل أن تتاح له فرصةٌ لدراسة اللغة يتصور أنه ورِث لغته عن أبويه، كما ورث عنهما بعضَ الملامح والصفات البيولوجية؛ فالعربي مثلًا يتكلم العربية؛ لأنه وُلد لأبوين عربيَّين، والإنجليزيُّ يتكلم الإنجليزية؛ لأنه وُلد لأبوين إنجليزيين، وهكذا؛ فليس يدرك المرء العاديُّ أن تعلُّم أيِّ لغة - بل وإتقانها - عمليةٌ مكتسبة، لا أثر للوراثة أو الجنس فيها؛ فإذا رُبِّيَ طفل مصري من أبوين مصريَّينِ في بيئة صينية مثلًا، نشأ من حيثُ اللغةُ كأبناء الصين"[16].



[1]أستاذ أصول اللغة المساعد بجامعة الأزهر.

[2] الخصائص؛ للإمام ابن جني (1/ 33)، تحقيق: محمد علي النجار، ط عالم الكتب، بيروت.

[3] علم اللغة العام (27)؛ فردينان دي سوسير، ترجمة: د. يوئيل يوسف عزيز، آفاق عربية 1985.

[4] اللغة بين القومية والعالمية (11)؛ للدكتور إبراهيم أنيس، دار المعارف - مصر.

[5] نجد التصريح بذلك في تعريف الإمام ابن جني في قوله: (أصوات)، وفي تعريف الدكتور أنيس بقوله: (لرموز صوتية)، بينما هو ضمني في تعريف دي سوسير بقوله: (لملكة اللسان).

[6] للغة صورٌ متعددة: كالإشارة بالأيدي، وتعبيرات الوجه، والكتابة؛ ولكن تبقى الأصوات اللغوية أرقى هذه المظاهر، وأعلاها، وأدَلَّها.

[7] اللغة بين القومية والعالمية (20، 21).

[8] نجد التصريح بذلك في تعريف الإمام ابن جني في قوله: (يعبِّر)، وتوسع دي سوسير بقوله: (ممارسة هذه الملكة)، في حين ضيَّق ذلك الدكتور أنيس حينما وصفه بـ(الاتصال)؛ فالممارسة أعم من التعبير، والتعبير أوسع مفهومًا من الاتصال.

[9] اللغة والمجتمع: رأي ومنهج (17، 18)؛ د. محمود السعران، الطبعة الثانية 1963.

[10] نجد التصريح بذلك في تعريف الإمام ابن جني في قوله: (كل قوم)، وفي تعريف دي سوسير بقوله: (اجتماعي)، وفي تعريف الدكتور أنيس بقوله: (الناس).

[11] علم اللغة: مقدمة للقارئ العربي (13)؛ د. محمود السعران، دار النهضة العربية - بيروت.

[12] معرفة اللغة (241)؛ جورج يول، ترجمة: د. محمود فراج عبدالحافظ، دار الوفاء للطباعة والنشر - الإسكندرية.

[13] نجد التصريح بذلك في تعريف دي سوسير في قوله: (التقاليد التي تبناها مجتمع ما)، وفي تعريف أنيس بقوله: (عرفي)، بينما هو ضمني في تعريف الإمام ابن جني في قوله: (كل قوم).

[14] اللغة بين القومية والعالمية (16).

[15] ينظر: المزهر في علوم اللغة وأنواعها (1/ 47)؛ السيوطي، تحقيق/ محمد أحمد جاد المولى، علي محمد البيجاوي، محمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة الإيمان، ط: ثالثة.

[16] اللغة بين القومية والعالمية (18).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة