• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

العنصر الثقافي في تشكيل الاستعارة في لغة الحياة اليومية في مصر (3)

د. عيد محمد شبايك


تاريخ الإضافة: 3/3/2010 ميلادي - 17/3/1431 هجري

الزيارات: 13907

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستعارة والانسجام الثقافي


تنسجم القيَم الأكثر جوهرية في ثقافة ما مع البنية الاستعارية لتصوُّراتها الأكثر أساسية، لننظر مثلاً إلى بعض القيَم الثقافية في مجتمعنا، والتي تنسجم مع استعارات التفضية - أو كما يسميها لايكوف وجونسون: "الاستعارات الاتِّجاهيَّة" -: فوق/تحت، داخل/خارج، أمام/خلف، وليس مع ما يناقضها، فمثلاً: عبارة "الأوفر أحسن" تنسجم مع استعارتي الأكثر فوق، الجيد فوق، أما عبارة مثل: "الأقل أحسن" لا تنسجم مع هاتين الاستعارتين، وعبارة "سيكون قدرك مرفوعًا في المستقبل" تنسجم مع استعارتي النخبة فوق، والمستقبل فوق، وكذلك استعارة "السعادة فوق" تحدد نسقًا منسجمًا مع هذه الاستعارات.

وهذه القيم متجذرة بصورة عميقة في ثقافتنا، فعبارة "سيكون قدرك مرفوعًا في المستقبل" فقد تعبر عن نجاح مهني مرتقب، وبذلك فالتعبيرُ منسجم مع التصوُّرات الاستعارية التي نحيا بها[1].

ونذكر من استعارات هذا المجال: "السعادة فوق"، "الشقاء تحت"، عن هاتين الاستعارتين تتراكم في لغتنا اليومية بنيات استعارية كثيرة، مثل:
أ- معنوياتي مرتفعة جدًّا.
ب- إنني في قمة السعادة.
جـ- كنت أطير من الفرح.

أ- معنوياتي في الحضيض.
ب- مستوى هذا القسم هابط.
جـ- انهار المريض وسقط على الأرض. 

والملاحظ أن الاستعارة الاتجاهية القائمة على الثنائية:
فوق - تحت، لا تقوم فقط بتركيب كلامنا ومنحة المرونة المضروبة، بل تقوم - كذلك - بتنظيم أعمالنا ومعتقداتنا، فالموتى - مثلا - يدفنون تحت، وتصعد أرواحهم فوق، والأعلام تنتكس عند النكبات، وترتفع عالية عند السعادة والنصر... إلخ؛ لذلك تتعدَّى الاستعارةُ اللغة إلى مجال أوسع من مجال الفكر الذي يتحكم لغتنا وأعمالنا. 

وتقدم التجربة الثقافية في بعدها الفيزيائي العديد من الأُسُس الممكنة لاستعارات التفضية، ولهذا السبب يُمكن أن يختلف اختيارها وأهميتها نسبيًّا من ثقافة إلى أخرى؛ بمعنى: أنه ليست كل الثقافات تعطي الأسبقية للاتجاه الفضائي (فوق - تحت) كما نفعل، بل هناك ثقافات يلعب فيها التوازن أو التمَركُز دورًا أهم مما يلعبه في ثقافتنا، كما في قولنا: "خير الأمور الوسط"؛ لننظر مثلاً إلى الاتجاه غير الفضائي (فاعلي - سلبي)، بالنسبة لنا الفاعلي فوق، والسلبي تحت في غالبية الحالات، إلا أن هناك ثقافات تُعَدُّ السلبية فيها أعلى قيمة من الفاعلية، وبصفة عامة فالاتجاهات الكبرى - مثل: "فوق - تحت، داخل - خارج، مركزي - هامشي، فاعلي - سلبي... الخ - تبدو متواجدة في كل الثقافات، ولكن الاختلاف بين الثقافات كامن في التصورات التي يتم توجيهها، وفي الكيفية التي يتم بها ذلك، وفي أهمية اتجاه على آخر[2].

يتجلَّى في هذا الجانب ما يمكن أن نسميه أثر خصوصية الثقافة في بناء الاستعارة؛ حيث نرى أن الإسلام أعطى بُعدًا إيجابيًّا لمنطقة الوسط؛ بحيث أصبح في كثيرٍ منَ السياقات هو البُعد المكاني المرْغوب فيه.

إلى جانب الاستعارات التصوِرية والاستعارات الاتجاهية، هناك نوع ثالث من الاستعارات نبين من خلالها الموضوعات المجردة، اعتمادًا على بنية الموضوعات المحسوسة، ينظر إلى الأفكار المجردة كالعقل والحقيقة مثلاً، وإلى الانفعالات كالحب والحسد، باعتبارها أشياء مادية، يطلق لايكوف وجونسون على هذا النوع من الاستعارات مصطلح: الاستعارة الوُجُودية Ontological Metaphor.

ومن الاستعارات الوُجُودية، الاستعارة "العقل آلة"، التي تشتق عنها بنيات، مثل:
أ- أصيب عقلي بعطل.
ب- تعطلت قدرتي على التفكير، شُل تفكيري.

ولا تشتغل هذه الأنساق الاستعارية بشكل معزول، بل إنها تتفاعل فيما بينها، فإذا نظرنا إلى البنية: معنوياتي مرتفعة جدًّا، فإننا نلاحظ أنها ناتج عمليتين استعاريتين: استعارة وجودية، نظرنا بواسطتها على المعنويات باعتبارها شئنًا محسوسًا، واستعارة اتجاهية نظرنا بواسطتها على المعنويات باعتبارها إسقاطًا لإيجابية ما هو فوق. 

والواقع أن الاستعارات الكبرى مثل: السعادة فوق، الوقت مال، الغضب جمرة، الأفكار أشخاص، الأفكار ثروة، الحب جنون، الحب سحر، الحياة وعاء، لا تشكل مصدر اشتقاق كثير من لغتنا اليومية وكلامنا العادي فحسب، بل إنها تشكِّل مصدر تفريع استلزامات استعارية Metaphorical Entailments، تبين نسقنا التصويري بشكل أكثر دقة[3].

ـــــــــــــــــــــــــ
[1] لايكوف وجونسون؛ "الاستعارات التي نحيا" بها صـ41.
[2] انظر: "الاستعارات التي نحيا بها" صـ34 - 43 (بتصرف)، وراجع: "بنيات المتشابهة" صـ71، وما بعدها.
[3] "الاستعارات التي نحيا بها" صـ56 - 72، و"بنيات المتشابهة" صـ73.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة