• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

عن أي وطن تتكلم؟

عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه


تاريخ الإضافة: 20/2/2016 ميلادي - 11/5/1437 هجري

الزيارات: 5676

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عن أي وطن تتكلم؟


إنَّه ولَدُ أبيه الوحيد ابن الثانية عشرة من عمره، ذكي ينوبه الفضولُ إلى معرفة كلِّ شيء يصادفه أو يمرُّ به.

 

يأخذه والدُه مرارًا وتَكرارًا إلى المعسكر؛ ليعلِّمه العسكرية والرجولة، هناك يرى الجنودَ وهم يحرِّكون كلَّ معدَّات القتال، يرى سربًا من الدبَّابات وكومًا من الذخائر، يتقدَّم ليرفع تلك القذيفة فيصعب عليه رفعُها؛ إنها تساويه طولًا، وتزيد عليه وزنًا.

 

فيسأل والدَه:

♦ ما هذه العربات؟ وما هذه التي بجوارها؟

فيقول له والدُه:

♦ إنها دبَّابات، وهذه ذخيرتُها.

 

فيعاود الوالدَ:

♦ ولِمَ كل ذلك العتاد؟

فيجيب والدُه:

♦ إنَّها لكلِّ عدوٍّ يَعتدي على أبناء شعبنا.

 

فيظنُّ الولد أنَّها لتلك الحيوانات المفترسة التي يَراها في التلفاز تَهجم على بني البشَر، يَخرج مع والده إلى المدينة فيرى رجلَ المرور وهو يَرفع يدَه لتنظيم السَّير، فيسأل والدَه:

♦ مَن هذا الرَّجل الذي يظلُّ طول وقته تحت حرِّ الشمس يصارع أشعتها؟

فيرد عليه:

♦ إنَّه رجلُ المرور.

 

فيرد الولد:

♦ وما الذي يجعله يصبر على حرِّ الشمس؟

فيجيب والدُه:

♦ حبُّه لوطنه.

 

وما هي إلا دقائق مَعدودة حتى يمرَّ برجالٍ يلبسون ملابس زرقاء، وآخرين بملابس خضراء وعليهم سلاحهم، يمرُّ به على كلِّ حماة الوطن ليَزرع فيه الوطنيَّةَ والحبَّ لبلاده، كل هذا والولدُ يَسأل والدَه:

♦ ومَن هؤلاء، ومَن هؤلاء؟

 

فيردُّ الوالد:

♦ إنَّهم رجال الأمن، يحمون الوطنَ وأبناءه من كلِّ شرٍّ يصيبهم.

كان والده قائدًا في أحد المعسكرات، وكان متعلِّقًا بحبِّ القائد الأعلى، كلَّما دخل رعد إلى غرفة والده يرى صور القائد الأعلى، ويقرأ عبارات الحبِّ والوفاء لهذا القائد الأغرِّ والفارس الأشمِّ، يقرأ عبارات مكتوبة تحت تلك الصور:

♦ (أنتَ الوطن أيها القائد).

 

وفي يومٍ من الأيام خرج مع والده، فرأى رجالًا يملؤون الشَّارعَ، يهتفون بصوتٍ مرتفع:

♦ حرية حرية.

 

فيسأل والدَه:

♦ مَن هؤلاء، وما يَطلبون؟

يجيبه والدُه:

♦ إنَّهم أبناء هذا الوطن؛ يرفضون حكمَ القائد.

 

وفي يومٍ من الأيام وهو في المدرسة يَدخل إلى مكتب المدير، فيرى خلفَه صورةً لرجلٍ غير مألوف لديه، فيسأل المدير رافعًا يدَه يطلب الاستئذانَ بالكلام، أذِن له المديرُ بالكلام فقال:

♦ لِمن تلك الصورة خلفك يا سيدي؟

فيجيب:

♦ إنَّه القائد الأعلى.

 

فعاود الولدُ السؤال:

♦ وأين القائد السَّابق، أوَليس هو الوطن وهو الشعب؟

تبسَّم المدير قائلًا:

♦ ومَن قال لك: إنَّه الشَّعب، إنَّه فرد من أبنائه؛ فالشعب مَن رفَعَه، وهو مَن أسقطه.

 

قال الولد:

♦ ولِمَ خرَج عليه الشعب؟

أجابه المدير:

♦ لأنَّه أفسد في الوطن.

 

خرج الولدُ من المدرسة كعادته، التفتَ إلى مكان رجل المرور فلم يجده مكانه، فأسرَع إلى البيت وغيَّر ملابسَه وعاد مكان رجل المرور يرفع يدًا ويخفِض أخرى، فتعجَّب منه كل من يمر بسيَّارته؛ يقفون لرفع يده ويَسيرون إذا أمرَهم بالمسير، رآه والدُه فنزل من السَّيارة ليرى ولدَه ماذا يَصنع، أشار عليه بأن يَنزل من على تلك المنصَّة، لكنَّ ولده يَرفض كلامَ والده قائلًا:

♦ إنِّي تحت خدمة الوطن الذي تركَه ضبَّاطُه وجنودُه لأحلَّ مكانهم.

عاد الولد بعد إنهاء مهمَّته متعبًا، دخل غرفةَ والده، نظر إلى تلك الصور، ومكتوب تحتها: (أنت الوطن)، أخذ الولدُ القلمَ، ومَحا تلك الكلمات، وكتب مكانها:

♦ (أنت ابنُ الوطن، بل فرد من أفراده).

التفتَ إلى الجدار الآخَر، وجد مكتوبًا أسفل الصورة: (لبَّيك أيُّها القائد)، محاها وكتب: (لَبِّ أيُّها القائد).

 

عاد الوالد من عمله فوجد ما صنع ولدُه، فلامَه على ما صنَع، التفت إليه ولدُه قائلًا:

♦ أكل تلك الخدمة والتَّضحية التي كنتُ أرها من كلِّ أولئك الجنود إنَّما هي خدمة للقائد وليست للوطن؟ أكل تلك الذَّخائر التي تُساويني طولًا وتزيد عليَّ وزنًا ضد الشعب وأبنائه، وحماية لقائدٍ خرَج عليه شعبُه.

أجابه الوالد:

♦ لا.

 

قال الولد:

♦ وأين حرَّاس الوطن؟ أين مَن كنَّا نراهم يَخدمونه؟ لمَ أرى الذلَّ والهوان على مَن يرتدون ملابسَ الجيش أمام رجالٍ غبر الوجوه، ليس همُّهم حبَّ الوطن ولا أبناءه.

 

ترك الولدُ والده، وذهب إلى غرفته حزينًا، وفي اليوم الثَّاني أراد الوالدُ أن يمتعه فأخذه معه إلى المعسكَر، وهناك رأى قائدَ المعسكر يكلِّم جنودَه عن حبِّ الوطن وعن الوطنيَّة، إلَّا أنَّ الولد نابه الفضول قائلًا:

♦ عن أيِّ وطن تتحدَّث أيها القائد؟ هل عن الشَّعب الذي تقصفه، أم عن مَن رحل عنه، أم عن أولئك الذي تَقذف دبابتُك عليهم صباح مساء، أم عن أولئك الذين شرَّدتَهم من بيوتهم وأراضيهم؟ عن أي وطنٍ تتكلم أيها القائد؟ ألا تَعرف ما هي الوطنيَّة؟ ومَن هم رجالها؟

 

الوطنيَّة أيها القائد ليست حبَّ أشخاص أو قبيلة، ليست رفعَ أشخاص في سبيل هدم الوطن.

الوطنيَّة أيُّها القائد: أن تغلِّب مصلحةَ الوطن على مصلحتك ومصلحةِ أبنائك.

الوطنيَّة أن تضحِّي بنفسك وأهلِك من أجل سلامة الوطن، لا العكس أيها القائد.

 

طأطَأ القائد رأسَه، وخلع ملابسه العسكرية، وارتدى ملابسَه المدنيَّة، وتوجَّه نحو البوَّابة قائلًا:

♦ سأعود متى ما عرَف الجنديُّ واجبَه، والقائدُ دورَه...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة