• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر


علامة باركود

أدب البكاء وهزيمة الطفولة

أدب البكاء وهزيمة الطفولة
د. أسعد بن أحمد السعود


تاريخ الإضافة: 2/1/2016 ميلادي - 21/3/1437 هجري

الزيارات: 5237

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أدب البكاء وهزيمة الطفولة

(خاطرة)


 

أصبحت أقلامنا من آلات الزمن الغابر، فماذا بقي منها من فائدة؟

والزمن يمضي ويولِّي مسرعًا، وقد لا أعني بالضرورة أن الزمن الغابر هو بملايين السنين، وليس بالمئات كذلك، وليس حتى بالعشرات، ولربما وحتى يعتلينا اليقين، نقول: لربما بضع سنين، ويُمكن أن تكون من أربع إلى خمس سنين؛ ذلك حتى أظلَّ في جانب الأمان، من حيث قصد المفردات التي تؤلِّف إمَّا معنى العجلة أو معنى التأنِّي، ولستُ من عجلة على الإطلاق طالما أن الزمن آخذ بناصيتها لا محالة.

 

إذًا فماذا يعني القلم والزمن؟ وماذا يعني إذا قبضنا على كل من القلم والزمن متلبسينِ في العيش بعضهما مع بعضٍ؟

 

أولًا: غريب القلم:

هي حادثة تلبُّس واحدة غريبة فعلًا، سجَّلها وحكاها القلم، وشهد عليها الزمن، فأدَّى هذا الاقتران بالوجود إلى الحادثة الغريبة فعلًا، وهي أن (بكى القيصر)!

 

دستوفيسكى كتب روايته الشهيرة (بيت الموت) بعد أن عاش في سجن في سيبريا، بعقوبة من القيصر ذاته، ويقال: إن القيصر لما قرأ الرواية تأثَّر وبكى، ويقال بعدها: إنه أمر بتخفيف ألوان التعذيب، وقلَّل من حالات الموت القسري، وأطلق سراح بعض المساجين، وحسَّن من ظروف السجن نفسه!

 

ثانيًا: غرائب الزمن:

يقال: إن صاحب الرواية التي سبَّبت بكاء القيصر، قد شهد على هذه الحادثة الغريبة، ودوَّنها وجعلها شاهدةً على زمن بكاء القيصر.

 

ومن غرائب الزمن، أن الزمن قد أصبح متيقظًا جدًّا، ولم تعد تنطلي عليه حكايا القلم الغريبة، فوصل الأمر بينهما إلى القطيعة النهائية، حيث غدا القلم قديمًا وغابرًا جدًّا، باعتبار أن الزمن سبقه عَدْوًا، وتلوَّن بألوان غريبة وعجيبة، ولم يشهد من يومها على واقعة واحدة من أحد، تقول: إن قيصرًا ما مِن بعد ذلك القيصر، قد بكى أو قد ذرف دمعة واحدة، إن كانت موجودةً أصلًا، لما كان يقوله هذا القلم أو ذاك! عدنا محبطين جدًّا! إن لم نقل: خاسرين؛ لعدم رؤيتنا صلاح أي قلم لجعل أي قيصر يَبكي، أو يذرف دمعة حتى ولو بالصورة المدمجة، على (موت) طفل مع إخوته الآخرين، وما زالت أمُّهم الحالمة التي شاركتهم محنتهم تضمُّه بكل قوة يديها إلى صدرها، فأبى أي منهما مفارقة حبيبه، حتى بعد أن فعل الموت فعلته الدامية.

 

كان البيت الذي سمَّاه ديستوفيسكي بيت الموت، وما هو في الحقيقة إلا سجن القيصر ذاته، ولكن الزمن انتقل بكل عناصره الفنية واللونية والرقمية والتدميرية، ليصبح ذاك (البيت) المنعزل في سيبيريا، إلى البيوت الحقيقية في ربوع بلاد الشام!

 

لم يستطع أيُّ قلم وصف بيوت الموت في بلادنا، فقد أصبح كما قلنا: (آلة قديمة)، وبالتالي فإن المنطق الإنساني الذكي يَحكمنا بأن لا (قيصر) بكى، ولا قيصر سيَبكي! وهذا من غرائب الزمن الهارب!

 

يقول من يحاول تجميع أجزاء صور الموت المؤلمة للطفولة: إن الآلة الحديثة التي حلَّت محل القلم البائد، قد تستطيع نزع دمعة من عين قيصر أي قيصر، أينما كان ومهما كان بالمُطلَق!

 

قلت بيني وبين نفسي - ولعلَّ فكرتي يُجانبها الصواب، ولو بحظ قليل -: أذهب إلى قبر ذلك القيصر، الذي بكى بعفوية، وانفعل مع القلم، فأستصرخه؛ لعلَّه يعيد بكاءه ولو من أعماق قبره، لا من ردهات قصره!

 

انتزعت ابتسامة صفراء مستهزئة فكرتي، وأخمدتْها، وأشارت إلى ذاكرتي فرمَتْها بسهم، وكان هذا السهم بطبيعة الحال سلاحًا وأداة من أدوات الحروب الأساسية الغابرة، فنبَّهني إلى الحكمة الشهيرة (لقيصر الأدب العربي) وهو يقول:

السيف أصدق إنباءً من الكتبِ


فقلت في نفسي: إن السيف عبارة عن صورة، وما كان يفعله كذلك في النهاية يتجمع في صورة، وإن الكتب أيضًا هي من فعل القلم، والصورة ما زالت هي صورة؛ في ماضيها، وحاضرها، وكذلك في مستقبلها، والسيف في كل زمن يحضر بصورته، أينما كان لونها، وصورة ذاك المعتصم الذي صرَخ من شرفة (قصره) مخاطبًا إحدى الغيمات التي كانت مارَّةً من فوقه: أيتها الغيمة، أبلغي (مستصرخَتَنا) أن المعتصم قد سمع نداءَك، ثم ما كان منه إلا أنْ حمل كل دموعه إليها بعد أن أوفى بحق ندائها، وذرفها عذرًا بين يدي مستصرخته؛ لأنه نام وغفل عن حمايتها من الذئاب البشرية.

 

طفولتنا ها هي، تموت في كل البيوت وبين أيديكم أيها القياصرة، توزعت أجزاء صورها الدامية صباحَ مساءَ، وباسم القيصر الحديث، والحجة والزمن والبكاء في نزاع، فمَن يكذِّب مَن؟ القلم الغابر العاجز الخجول، أم الزمن الرقمي المدمج، أم أسباب الموت الحديثة الذكية اليومية؟ أم أننا نعيش في زيف الهمم؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة