• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أبو يوسف (مسرحية)

تحسين بيرقدار


تاريخ الإضافة: 25/1/2010 ميلادي - 9/2/1431 هجري

الزيارات: 8907

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة المسرحية
 

إنَّ طبيعة الإسلام تفرض على الأمَّة التي تعتنِقه أن تكون أمَّة متعلِّمة، ترتفع فيها نسبة المتعلّمين، وتهبط أو تنعدِم نسبة الجاهلين؛ ذلك لأنَّ حقائق هذا الدين - من أصول أو فروع - ليست طقوسًا تنتقِل بالوراثة، أو تعاويذ تشيع بالإيحاء وتنتشر بالإيهام.
 
بل إنَّها حقائق تُستخرج من كتاب حكيم، ومن سنَّة واعية، وإنَّ سبيل استخراجِها لا يتوقَّف على القراءة المجرَّدة، فلا بدَّ من أمَّة واعية تتوافر فيها الأفهام الذكيَّة والأساليب العالية والآداب الكريمة.
 
ولا شكَّ أنَّ مدارسة مناهج الإسلام تخلق في أي أمَّة تُعنى بها جوًّا من الفهْم التَّشريعي، القائم على الالتِزام بالحقوق والواجبات، والتزامًا بالآداب الاجتماعيَّة الدقيقة، المتعلقة بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وجوًّا من البحث العلمي الصَّحيح، والاجتِهاد المخلص لمدِّ دعائم الإسلام على ما تأْتي به العصور من أقْضِية شتَّى، وشؤون متجدِّدة.
 
فإذا ما قلَّت هذه العناصر في بيئةٍ ما اضمحلَّ أمر الإسلام، وذبلتْ أغصانه، كما تبلى الشَّجرة الباسقة في أرض ذهب خصبُها، وجفَّ ماؤها.
 
هناك بعد هذا واجب التَّفكير في هذا الكون الفسيح، فقد جاءت به أوامِر كثيرة في سُور عديدة من القُرآن الكريم، واعتبر الأساس الأوَّل لإقامة إيمان راسخ وطيد.

إنَّ هذا التَّفكير العميق هو الَّذي فتق أذْهان السَّابقين عن روائع الحضارة، ويسَّر للدُّنيا تلك الاكتِشافات الجليلة لأسرار هذا الوجود، وسخَّر للنَّاس ما لم يكونوا يحلمون به.
 
ومنهج الإسلام لا يتحقَّق إلاَّ باتِّباع الحقِّ وحده، وحمله رسالة للنَّاس أجمعين، والنَّهي عن الجري وراء الظُّنون والهوى، ووضْع رقابة محْكَمة على السَّمع والبصر والفؤاد؛ لأنَّ هذا المنهج كفيلٌ بإيجاد مجتمع فاضل بعيد عن الخرافات والأوْهام، ومنزَّه عن التَّقليد الأعمى للغرْب والشَّرق، يحمل راية الحقِّ عالية خفَّاقة.
 
إنَّ العلم في الإسلام كالحياة في الإنسان، ولن يَجد هذا الدين مستقرًّا إلاَّ عند أصحاب المعارف النَّاضجة والفطرة السليمة.
 
والآن نتابع صفحةً من صفحات علمائِنا الأجلاَّء.
 
 

الفصل الأول

يجلس هارون الرَّشيد على كرسي الخلافة، وحوله الخدَم والحشم والجنود، فيأتي كبيرُ الجنود يحيِّي الأمير ويقول: إنَّ على الباب قاضيَ القضاة أبا يوسف، فهل تأذن له بالدُّخول يا أمير المؤمنين؟
الأمير: ائذن له بالدخول يا كبير الحرس.
يدخُل أبو يوسف ويسلِّم على أمير المؤْمنين، ثمَّ يجلس يتحدَّث مع أمير المؤمنين.
 
الأمير: كيف حال القضاء يا أبا يوسف؟
أبو يوسف: بخير، والحمد لله يا أمير المؤمنين.
الأمير: بلغني أنَّك تحبُّ الحلوى يا أبا يوسف، فهلْ أكلْتَ الفالوذج؟ إنَّه حلوى الملوك ونحنُ لا نأكلُه كلَّ يوم، فما بين آونةٍ وأُخرى هيهات أن نأكله.
- الفالوذج يا أميرَ المؤمنين!
ويبتسم أبو يوسف ابتسامةً واضحة.
 
الأمير: وما يُضْحكك يا أبا يوسف؟ وهل في كلامي ما يُضْحِك؟
أبو يوسف: أطالَ الله عمرَ أمير المؤمنين، وأبقاهُ ذخرًا للإسْلام والمسلمين.
لقد تذكَّرتُ أمرًا عجيبًا، فلو قلتُه لك خشيتُ ألاَّ تصدِّقَني يا أمير المؤمنين.
 
الأمير: وما هو يا أبا يوسف؟ أخبِرْني فقد اشتقت لمعرفة ذلك الأمر.
أبو يوسف: لقد أخبرَنِي شيخي وأُستاذي الإمام أبو حنيفة بأنَّني سآكُل الفالوذج مع أمير المؤمِنِين.
 
الأمير: إنَّك حدَّثتَني عن هذا الإمام الجليل، ولكنَّني ما زِلْتُ محتاجًا إلى مزيدٍ من الحديث عنْه.
أبو يوسف: أجلْ يا أمير المؤمنين.
 
إنَّه النعمان بن ثابت، الفقيه المجتهد المحقِّق، أحد الأئمَّة الأرْبعة المشْهود لهم بالعلم والفضل، أصلُه من فارس، لكنَّه وُلِد في الكوفة من العراق سنة ثَمانين للهِجْرة ونشأ فيها، وأخذ علومَه عن كبار الأئمَّة، منهم: حمَّاد بن أبي سليمان، وإبراهيم النخعي، كان أبو حنيفةَ يَبيع الخزَّ ويطْلب العلم في صباه، ثمَّ تفرَّغ للتَّعليم، وطلب منْه الخليفة أبو جعفر المنْصور أن يتولَّى القضاء فأبَى، فحلف عليْه الخليفة ليتولينَّ القضاء، فحلف أبو حنيفة أنَّه لا يفعل، فحبسَه إلى أن مات سنة 150 للهجرة.
 
وترك الإمام أبو حنيفة علمًا غزيرًا وطلابًا يخْدمون الكتاب والسنَّة، منهم: محمَّد بن الحسن الشَّيباني، والحسن بن زياد اللُّؤلؤي، وزُفَر بن الهذيل، وأنا واحد منهم.
 
وسأرْوي لك ذلك الأمر العجيب، وما الَّذي جعلني آكُل الفالوذج مع أمير المؤمنين.
الأمير: هاتِ حدِّثْنا يا أبا يوسف.
 
 

الفصل الثاني
 

يُرفع الستار، فإذا بأمِّ أبي يوسف تأخُذ بِيَد ابنِها الصَّغير إلى الخيَّاط ليتعلَّم مهْنة الخياطة، وتقول للخيَّاط: إنَّ هذا طفل يتيم، فعلِّمْه مهنة الخياطة عسى أن تنفعَه في مستقبله، ويُجيبُها الخيَّاط: أفعل إن شاء الله.
 
ثمَّ يمرُّ أبو يوسف على مسجِد أبي حنيفة، ويبدأ يحضُر دروس أبي حنيفة، فتذهب الأمُّ إلى الخيَّاط لتطمئنَّ على ابنِها، فيقول لها الخيَّاط: إنَّ ابنك لم يأت إليَّ منذ مدَّة، فتذهب الأمُّ إلى أبي حنيفة غَضْبَى، وتقول: يا أبا حنيفة، إنَّ ابني منذ عَرَفَك لم يذْهب إلى عملِه، أنت سبب شقائِه وابتِعاده عن العمل.
 
أبو حنيفة: إنَّ ابنَك يتعلَّم علمًا نافعًا، وسيكون له شأْن إن شاء الله.
الأمُّ: إنَّه إنْ تعلَّم مهنة الخياطة، فسوف يكون خيَّاطًا ماهرًا، ويَجني المال الكثير، ولكن إن حضَرَ دروسك هذه فماذا سيكون؟
 
أبو حنيفة: ألا تُحبِّين أن يأكُل ابنُك الفالوذج مع أمير المؤمنين؟
الأم: الفالوذج مع أمير المؤمنين!
أبوحنيفة: أجل، الفالوذج مع أمير المؤْمنين - إن شاء الله.
 
 

الفصل الثالث
 

يعود الحوار بين أمير المؤمنين هارون الرَّشيد، وقاضي القضاة أبي يوسف.
 
هارون الرَّشيد: حقًّا إنَّ العلم يرفع العبدَ حتَّى يصل إلى درجة الملوك، وإنَّ قصَّتك هذه لدليلٌ واضح على نظْرة أبي حنيفة الثَّاقبة، بل إنَّها لكرامة لهذا العالِم الفذّ الَّذي أمضى حياتَه في نشر العلْم النَّافع، فملأ طباق الأرض علمًا.
أبو يوسف: أجل يا أمير المؤمنين، لوْلا أنَّ الله أكرَمَني بهذا العلم، لما كنتُ اليوم قاضيَ القضاة، ولما حلمتُ يومًا أن آكُل الفالوذج مع أمير المؤمِنِين.
 
 
فقد جاء في الخبر عن مُعاذ بن جبل - رضِي الله عنْه - أنَّه قال: "تعلَّموا العلْمَ؛ فإنَّ تعلُّمَه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرتَه تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لِمَن لا يعلمه صدقة، وبذْله لأهلِه قربة؛ لأنَّه معالم الحلال والحرام، ومنار سبُل أهل الجنَّة، وهو الأنيس في الوحْشة، والصَّاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدَّليل على السرَّاء والضرَّاء، والسِّلاح على الأعداء، والزَّين عند الأخلاَّء، يرفع الله به أقوامًا فيجعلهم في الخير قادة، وأئمَّة تُقتص آثارُهم، ويُقتدى بأفعالهم، ويُنتهى إلى رأْيِهم، ترغب الملائكة في خلَّتهم، وبأجنحتها تَمسحهم، يستغفر لهم كلُّ رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامُه؛ لأنَّ العلم حياة القلوب من الجهْل، ومصابيح الأبصار من الظُّلم، يبلغ العبد بالعلم منازلَ الأخيار، والدَّرجات العلى في الدُّنيا والآخرة، التفكُّر فيه يعدل الصِّيام، ومدارسته تعْدل القيام، به تُوصل الأرحام، ويعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يُلهمه السُّعداء، ويحرمه الأشقياء".
 
هارون الرشيد: بارك الله فيك يا أبا يوسف، ولا فُضَّ فوك.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- شكرا وتقدير
عماد - السعودية 26-01-2010 04:36 PM
ذو العقل يرقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
جزاكم الله خيراً على المسرحية النافعة المعبرة وكما قيل :
العلم يبني بيوتاً لا عماد لها والجهل يهدم بيت العز والكرم
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة