• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

الوظائف التجميلية والتعبيرية للرسم

الوظائف التجميلية والتعبيرية للرسم
أ. صالح بن أحمد الشامي


تاريخ الإضافة: 26/10/2015 ميلادي - 12/1/1437 هجري

الزيارات: 8922

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الوظائف التجميلية والتعبيرية للرسم


الوظيفة التجميلية:

وهي الوظيفة الأم، المناطة بالرسم. فمنذ القديم زين الناس أماكن عبادتهم وبيوتهم بلوحات تجميلية، ومن قبلها كان النقش المباشر على السقوف والجدران.


إنه الوسيلة التي تؤمن للعين بهجتها وللنفس راحتها من خلال تعانق الخط واللون، والتوازن والتناسب والتناظر...


وتحت هذا القسم تدخل كل اللوحات التي حملت المناظر الطبيعية، والزخارف المتنوعة.. والتي أدت دورها كاملًا ابتداء من قبة المسجد ومئذنته ومرورًا بالفرش من سجاد وغيره.. وانتهاء بالكأس الذي يشرب به أو الخاتم الذي تحلى به الأصبع.


وقد أتيح للرسم عن طريق هذه المهمة أن يشارك في تجميل كل ما يحيط بالإِنسان من وسائل الحياة. فإنك أنى ألقيت ببصرك ألفيت أثرًا من آثار هذا الفن.


وهذا المجال - من مجالات الرسم - هو مناط الأحكام الجمالية المطلقة.

 

الوظيفة التعبيرية:

ولا نقصد بهذا ما ذهبت إليه المدرسة التعبيرية[1]، وإنما أن يُستعمل الرسم ليقوم مقام الكلمة في أداء مهمتها، فإذا كان الأديب يجد في الكلمة الوسيلة للتعبير عما يجيش في نفسه، فإن الرسام يجد في الخط.. الوسيلة نفسها. يساعده على ذلك اللون...


ويتحول الفن إلى اللغة. وفي ضوء هذا نستطيع فهم تلك التعاريف التي ذهبت إلى ذلك[2].


وكثير من لوحات الفن الحديث تنضوي تحت هذا القسم، حيث لم تكن مهمتها إنتاج الجمال، أو راحة العين ومتعتها، وإنما كانت غايتها أن تطرح فكرة من خلال مشهد، وتظهر عبقرية الفنان هنا في أسلوب العرض الذي يطرحه.


وإذن فليس الجمال شرطًا في هذا الميدان، والمهم أن يستطيع الفنان التعبير عن فكرته بصدق. وبمقدار ما يحسن التعبير بمقدار ما يرتقي في سلم الجمال، الذي يصبح جمال العلاقة بين الفكرة المرادة ومدى تحقيقها على اللوحة وهذا ما عبر عنه بعضهم بالجمال الفني. إنه جمال الإِخراج، جمال الفكرة، جمال التعبير عنها. وليس الجمال المطلق الذي يغلب على ساحته منطق العين. إنا هنا أمام جمال يغلب على ساحته منطق العقل.

 

ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك.

المثال الأول: لوحة "الجورنيكا":

تلك اللوحة المشهورة عالميًا، والتي استقرت الآن في بناء خاص ملحق بمتحف البرادو في مدريد بعد أن كانت في متحف الفن الحديث في نيويورك.


قام برسمها الفنان المشهور "بيكاسو" عام 1937م.


وهي تمثل الآثار التي تركتها إحدى غارات قاذفات القنابل الهتلرية على قرية جورنيكا الاسبانية، وعلى سكانها العزل. وتبين مدى التدمير الوحشي الذي أصاب القرية وسكانها، كما تظهر مدى الرعب الذي عانى منه أولئك الناس.


وهي لوحة كبيرة، إذ يصل طولها إلى ثمانية أمتار، وقد استعملت فيها ألوان ثلاثة، هي: الأبيض والرمادي والأسود.


وأسلوب بيكاسو في هذه اللوحة "رمزي ساخر، استخدم فيه الرموز الخاصة بمصارعة الثيران، وصوَّر تمزيق الجسم الإِنساني وتشويهه تعبيرًا عن الألم والرعب. وفي اللوحة يظهر المصباح والضوء الكهربائي.. ويعتقد بعض النقاد أن الثور يمثل الفاشية، ويعتقد البعض الآخر، أن الثور مع الحصان والمرأة المعذبة والجندي الجريح، تمثل شعب اسبانيا، نظرًا لأنه من تقاليده مصارعة الثيران، لا ينظر إلى الثور على أنه عدو".


"وقد استخدم أكثر من مصدر للضوء: النافذة، المصباح، الضوء الكهربائي، لذا ظهرت الأضواء والظلال حادة عنيفة لتعطي الموضوع دراميته، إضافة إلى تمزيق الأشكال وتشويهها"[3].


إنها صورة ناطقة بآثار الحرب المدمرة حيث يتحول الإِنسان والحيوان والأشياء والبناء إلى ركام، وحيث تسمع الأصوات من الأفواه المستغيثة فتصل إلى الأذن عن طريق العين.. ولكن لا مغيث؟!


كل شيء في اللوحة يوحي بالألم، الألوان، الظلال، الحركة وأسلوبها، اختلاط الأشياء وازدحامها وتكدسها فوق بعضها...


إنها لوحة محزنة بائسة.


ومع ذلك، فإنا نقول عنها: إنها لوحة "جميلة".


إن كلمة "جميلة" هنا، هو ما قصده بعضهم بقوله "الجمال الفني"، بمعنى أن الفنان استطاع من خلال هذه اللوحة أن يعبر عما في نفسه، وأن يوصل هذا الإِحساس إلى المشاهد.


فالجمال يكمن في إمكانية التعبير الصادق عما يجيش في نفس الفنان، وتحويل هذا الشعور إلى مشهد.. وبمقدار ما يكون هذا المشهد قادرًا على نقل المشاهد إلى ما يريده الفنان بمقدار ما تتحقق الجمالية في هذا الفن.


إننا هنا لسنا أمام مشهد يبهج العين ويسرها، ولكنا أمام مشهد يدفعها إلى التحديق واستشعار ما ترى والتأثر به.


إنه الرسم "التعبيري" حيث يقوم فيه الخط مقام الكلمة، ويقوم فيه اللون مقام النبرة.. إننا نحس بأنفسنا - ونحن أمام اللوحة - وكأننا أمام خطيب مفوَّه متحمس، يشرح آثار الحرب من دمار وهلاك.. ولكن السامعين هنا - وكما رأيتُ - انصرفوا عن معنى حديثه ليستمتعوا برنة صوته وعظم نبراته، وكلامه المتدفق الهادر.. إنه الخطيب البليغ.. لقد شغلهم بأسلوبه عن مضمون حديثه.. فبات الواحد منهم يقول جميل؟!

 

ما هو الجميل؟

إنه الأسلوب واللهجة.. أما المضمون فلا يعبر عنه بـ(جميل) لأنه ليس جميلًا. وهذا شأن هذه اللوحة. إنها جميلة من حيث استطاعة الفنان على التعبير عما يريد، ونقله إلى المشاهد...


وهذا ما دفعنا إلى اعتبار هذا النوع من اللوحات من قسم الرسم التعبيري، لأنه لا يهتم بالجمال، أو لنقل إن الجمال هنا أصبح من نوع خاص. الجمال في أسلوب الأداء. وهو بدوره ما دفع بعضهم إلى اعتبار الفن لغة، كما قلنا.


المثال الثاني لوحة (طفلان يأكلان العنب والبطيخ):

وهي لوحة كلاسيكية بقياس (70 × 48) سم وهي من رسم الفنان الإِسباني (موريلو) المولود عام 1618م.


إنها لوحة تمثل التشرد. طفلان فقيران يأكلان الفاكهة بشره شديد، ذلك أن الفاكهة شيء غريب في حياتهم، قد تقع أعينهم عليها، ولكن قلما تصل أيديهم إليها، وما ندري كيف وقعت في أيديهم. إنهما ما يكادان يحصلان على كسرة الخبز.. فهم في حلم، يسرعان في الأكل قبل انقضائه. ولذا نجد أحدهما وقد أمسك بالعنب يأكله بطريقة غير معتادة، وقد شغل يده الأخرى بقطعة من البطيخ، وكأنه يخاف أن تفلت من يده. ولذا فهو يسرع في أكل العنب ليدرك البطيخ.


واحتضن الآخر البطيخة، ولعله فعل ذلك إبعادًا لها عن قذارة الأرض، وما كانت ثيابه أقل وسخًا منها، ولكنه الحرص عليها. ومع أن السكين في يده فهو يأكل من القطعة مباشرة ليلقي بالقشرة بجانبه فربما كان ذلك أسرع من فصل القشر بالسكين. ومع أن فمه مليء بالبطيخ فهو في حديث مع زميله، وكأنه يطلب منه أن يترك له قسطه من العنب.


المكان.. والثياب.. وأسلوب الطعام، كلها تنقل البؤس حيًا إلى المشاهد. إنه الفقر المدقع، حيث المأوى بين الأطلال والخرائب، وحيث البساط هو الأرض كما خلقها الله تعالى، لا يفصل أجسادهم عنها إلا تلك الثياب البالية التي ذهب أكثرها وبقي أقلها...


إنها تجسيد للبؤس، بل إنها صورة المجتمع وقد ذهبت إنسانيته بما فيها من عطف وودّ وإخاء، فبرزت فيه هذه المشاهد معبرة عن ظلم الإِنسان للإِنسان.


نعم لقد استطاع الفنان أن يقول هذا بلوحته بل وأكثر منه...


فهل كانت الزينة والجمال قصدًا من مقاصده؟

إن الموضوع، كما رأيناه، حديث عن البؤس والتشرد بلغة الفرشاة، وما من صلة بينه وبين الجمال، ولذا فالرسم هنا تعبيري، إنه كلمة مصورة عن فكرة جمالها ينبع من بعث المشاعر في نفسية المشاهد ونقله إلى جو اللوحة يعيشه واقعًا حيًا، وبمقدار ما تكون اللوحة قادرة على ذلك بمقدار ما نقول عنها إنها جميلة من هذا الباب. وإلا فما كان البؤس والتشرد يومًا ما جميلًا.



[1] المدرسة التعبيرية في الرسم: تقوم على الانفعال الباطن الذي يطغى على الوجدان فيطغى على اللوحة دون التقيد بالطبيعة أو المنظورات الواقعية. وقد سبق الحديث عنها في الفصل الأول من هذا الباب.

[2] يقول "ميرلوبونتي": الفن لغة وأسلوب ويقول "هربرت": الفن لغة رمزية. وقد سبق الحديث عن ذلك في الباب الأول من هذا الكتاب.

[3] عن مجلة الفيصل. العدد (50) ص 104.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة