• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الهدف الضائع (قصة قصيرة)

د. أسعد بن أحمد السعود


تاريخ الإضافة: 3/10/2015 ميلادي - 19/12/1436 هجري

الزيارات: 5295

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الهدف الضائع


اندفع بكل قوته التي استجمَعها في لحظة، وجَد فرصته الذهبية لتسجيل هدفه المأمول.. كان مثقلاً بالطموح، مثقلاً بالهموم، مثقلاً بالأحزان!

 

أحس أنه تحول إلى كتلة صلبة متماسكة، قذيفة مدفع ثقيل، أو صاروخ أرض أرض، أو صاروخ طائرة همجية مدمر لا يعرف غير هدفه.

 

من بين كل الذين يشاركونه والمتحمسين أو الممانعين الذين يقفون متربصين ويشكلون سدًّا لإحباط أي حركة تصدر منه أو من غيره؛ اقتنَص فكرة الهجوم والاندفاع في ومضة خاطر مرَّت سريعة بذهنه المتوقِّد.

 

لم تختفِ تلك الصور المفرحة والحزينة من أمام ناظريه، لقد عَلِقَت وربما - إلى الأبد - في خياله، يوم أن قرر نقلَ احترافه المميز في لعبة كرة القدم، من مَلاعبها المسيَّجة المأسورة حريتها بقيود الاستبداد والقهر، إلى ساحات وشوارع مدينته الفتية (دير الزور)، الحالمة بالمجد المطمَّر بالغار!

 

وكم كان فائض حلمه ينهمر كالشلاَّل مندفعًا بكل عزيمة وثقة، يمارس لعبة الحرية التي حُرم منها طوال حياته! لم يجد فارقًا بين اللعبتين أبدًا؛ ذات الأجزاء وذات الكمال، بأخلاقها وبأهدافها، بلاعبيها وبمشجعيها، ولكن شيئًا ما كان أكثر وزنًا وقيمة وحيوية، يَسري في خلايا جسده المشدود، ولا ينكفئ، يدفعه إلى المزيد والمزيد، كان حلمه بالهدف الذهبي غايتَه، قريب منه هنا في ملعبه الجديد، كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه ونيله الفخرَ بالفوز، إنه يراه أمامه على بُعد خطوات واثقة وقوية، يُنهيها في ركلة متزنة، فيكون الهدف النبيل واقعًا.

 

كانت آلاف الحناجر البريئة الندية تهتف من حوله: بالروح بالدم نفديك يا سوريا! بالروح بالدم نفديك يا حرية!

 

لم يجد وقتًا للتردد، ولم يجد فرصة التباطؤ، تضاعفَت مهارته، وتضاعف إخلاصه، تضاعف تعاونُه مع كل أبناء فريقه ومدينته؛ لاعبيها ومشجعيها، غدَوا جسما واحدًا، كتله حيوية مَرنة مهولة متحركة، لا يعتريها فُتور ولا تعب ولا ملل، الهدف الذهبي، الهدف الأسمى؛ الحرية، اندفاع بهجوم لا رجعة عنه أبدًا.

 

ها هو يدنو من المرمى أكثر، تملَّكه يقينٌ أن المرمى هو الذي يتحرك إليه، لقد أفرد شباكه وجاء إليه كأنه يرحب به، وأن مجاله أخذ يتسع ويتسع؛ ليرتفع ويملأ الأفق كله.. تخيَّله كائنًا قريبًا يفتح كلتا يديه يرحب به ليضمَّه، لكن الصورة كانت مستحيلة ونادرة الحدوث في أرض الملاعب، ذلك لخطورة هذه الفرصة، ولشدة واستماتة المُدافعين عن شباك المرمى وكثافتهم في هذه البقعة المحدودة، التي تُعد أرضَ حدود أو أرضَ مقتلة وخسارة محققة للعدو، ولكنه الآن في أرض غريبة، في ملعب غريب جديد، في أرض الهجرة إلى وطن جديد.

 

وفجأة وهو في أوج اندفاعه وتوازنه، لم يتبقَّ سوى أن تَضرب قدمُه اليمنى الكرة، وتنطلق سابحةً طائرة في فضائها المكتوب، حرَّة كريمة إلى هدفها؛ شباك الحرية في عناق تاريخي سامٍ، جاءت المفاجأة من مصوِّرة المباراة، كانت تلاحقه خَطوة بخطوة، وقفزة وراء قفزة، تلتقط له كل إبداعاته ومهاراته، تسجل له انفعالاته وتقاسيمَ وجهه في صور فريدة لم ترَها من قبل على كائن بشري مثلَما يظهر عليه، كانت مندهشة من إصراره العنيد وهو يضم مستقبله بين يديه وماضيَه الكئيب المدمى على ظهره، كان يتمتع بقوة رياضية عالية، لقد تخطى كل الحواجز وكل دفاعات العدو، لم ييئس ولم يستسلم، ومع كل ذلك حافَظ على لياقته الجسمية الفذة وظل مندفعًا.

 

ساورها شيطانُ الشهرة واقتناص الفرصة والحدث، فحوَّلَت لحظةَ تسجيل الهدف الذهبي إليها، ولم يخطر ببالها أن مصوِّرًا آخَر خلفها، كان يفعل الشيءَ ذاته، سرَق منها فرحتها الذهبية والتقَط صورة ذكية لفَعلتِها المشؤومة، كان مندفعًا إلى غايته مطمئنًّا لها وهي تجاوره في اندفاعه، لم يعلم أن قدَم الصديقة المحايدة تحولَت فجأة إلى عدو، عرقلَت حركة قدميه فتعثر، وانكب بوجهه على الأرض مدمًى!

 

إنها طلقة غادرة مِن قنَّاص كان متواريًا في إحدى الشُّرَف العالية، أو قذيفة هاون حاقدة أطلقت على جموع الناس وهم في أوج اندفاعهم لنيل هدفهم: بالروح بالدم نفديك يا سوريا، بالروح بالدم نفديك يا حرية!

 

نهَض من كبوته القسرية المتعمَّدة الثانية، مثلما نهض وهرب من مقتلة جمهوره هناك في مدينته، إنها الصورةُ ذاتها، وإنه الهدف الذهبي ذاته الذي خرَج من أجله ليحقِّقه؛ أين مَرمى الهدف الضائع؟ أين ملعبه الجديد الذي سيَلعب فيه لعبة الحرية؟!

 

سيُعيد تجميع كل الصور.. سيَبكي على صورة واحدة، وسيفرح لصورة واحدة!

 

ولكن كيف هي صورة الحرية؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة