• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

ولا تقل لهما أف

فوزية حجبي


تاريخ الإضافة: 23/12/2009 ميلادي - 6/1/1431 هجري

الزيارات: 9855

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
انزوى الولد "مشغول" بالرُّكن القصيِّ لغرفته.

و أدار المسجِّل.
ووضع السمَّاعة على أذنيْه.

وأثْناء ذلك كانتْ أمُّه تلحُّ في النداء، ويتعالَى صوتُها مع توالي النِّداء.

Ÿ مشغول، مشغول، لمَ لا تردُّ يا مشغول؟!

ولا مُجيب.

ولَم تكُن تلك المرَّة الأولى التي تُنادي فيها أمُّ مشغول عليْه أو إخْوته، فلا يُجيب أحدًا.

حتَّى إذا أتعَبَ أمَّه الصراخ، ودخلت عليْه الغرفة غاضبةً متوتِّرة.

تظاهَرَ مشْغول بتصفيف مكتبه أو البحْث عن شيْءٍ أضاعه أسفل السَّرير أو تحت المخدَّة، فإذا ما جذبتْه أمُّه لينتبِه إلى وجودِها في الغرفة قطَّب حاجبيْه، وقبل أن تنخرِط في العتاب يُقاطعها مشغول مغضبًا: 
Ÿ أف، أف.

ألا تَرَيْن أني مشغول؟!

وينفلت من بين أصابِعِها، ويعود إلى أشيائِه الصَّغيرة يُبَعْثِرها ويُصَفِّفُها.
حتَّى يطمئنَّ إلى ابتِعاد خطوات أمِّه عن الغرفة.


آنذَاك يعود إلى اللَّهو والتَّسلية كعادته.

ذلك الصَّباح لم يكن ككُلّ صباحات الشِّتاء الباردة، كان دافئًا مشمسًا، فالرَّبيع على الأبْواب.

فتحت أم مشغول نوافذ وأبواب البيت، حتَّى الخارجي منْها الذي يطلُّ على حديقة البيت الصغيرة.

وكانتْ أم مشغول تسْقي ورودَها كما ألِفَت أن تفعل ذلك كلَّ نهاية أسبوع، حين لَفَتَ نظرَها فأرٌ صغير يتسلَّل إلى غرفة المطبخ.

ركضتْ أمُّ مشغول خلْفَ الفأْر وبيدها العصا في محاولة للقضاء عليْه قبل أن يتسرَّب إلى دولاب الموادِّ الغذائيَّة، كانت تحتاج إلى مَن يقِف قرب باب المطبخ؛ حتَّى إذا طاردتِ الفأر لم يُفْلِت خارجَ غُرفة المطبخ، فنادت "مشغول"، وتوالَى النداء ولا مجيب.

بحثتِ الأمُّ في أركان المطبخ عن الفأْر الهارب فلم تجِد له أثرًا، وتذكَّرت وجبةَ الغِذاء الَّتي لم تعدَّها بعد، فأرجأتِ البحثَ عنْه حتَّى وقتٍ آخَر.

وبيْنما هي تقطِّع شرائح البطاطس سمِعَت صراخًا حادًّا متواصِلاً ينبعِث من غرفة مشغول، وصوته يصِل إلى المطْبخ مستنجِدًا.

Ÿ أمِّي أغيثيني، النَّجدة، فأرٌ في غرفتي، أسرعي أرجوك، أنا فوق السَّرير، لا أستطيع أن آتي إليْكِ.

كانتْ أم مشغول تسمع صراخَه، وهو يركض في كلِّ الاتِّجاهات بغرفته، لكنَّها لم تبْدِ أيَّة حركة في اتِّجاه إنقاذه.

ظلَّ الولد مشغول يصرخ ويبكي، وأخيرًا انقطع الصَّخب الَّذي يحدِثُه، وبعد دقائقَ معْدودات وجدتْه أمُّه واقفًا أمامَها في المطبخ، بوجه مليءٍ بالدُّموع، ورِجْلَين حافيتَين، وهو يرتعِش كعصفور مبلَّل:
Ÿ ألَم تسمعي كلَّ هذا الصراخ، وكلَّ هذا النداء، وإخوتي هم الآخَرون، ألَم يسمعوا؟!
Ÿ مشغولة (أجابتْ أمُّه وهي تتظاهَر بعدم الاهتِمام به)، لا وقتَ لديَّ.
Ÿ ولكنَّ الفأر هناك يا أمِّي، ولن أستطيع الدُّخول إلى غرفتي قبْل قتله، (قال مشغول بصوتٍ خافِت مؤدَّب)!
Ÿ تدبَّر أمورَك أنا مشغولة، لا أستطيع أن أُساعِدَك.

خرج الولد مشغول حزينًا وخائفًا في نفس الآن من الفأر الَّذي يتجوَّل بكلِّ حرّيَّة في غرفته.

وببهو البيْت قريبًا من النَّافذة رأى القط لؤلؤ يَمسح زغبَه، ويقفز كلَّ مرَّة في اتِّجاه الطيور التي تحطُّ على إفريز النافذة.

Ÿ وجدتُها، وجدتها، قال الولد مشغول منشرحًا.

وعلى التَّوِّ نادى القط لؤلؤ،  فأتاه راكضًا، فحمَله إلى غرفتِه ووضعَه في حذر ورهْبة قريبًا من دولاب الملابس، حيثُ من الممكن أن يكون الفأْر مختبئًا، وخرج راكضًا من الغرفة إلى المطبخ وعلى وجهه علامات الارتِياح.

Ÿ أمي، أمِّي، وجدتُ الحلَّ.

سيتكلَّف لؤلؤ بالمهمَّة، وسيخلِّصُنا جميعًا من هذا الفأر القذِر.

التفتتْ أمُّه إليه وأخذتْه من يدِه إلى غرفة الجلوس، وقالت مُخاطبةً إيَّاه وهي تُشير إليه أن يَجلس:
Ÿ اسمع يا بني، لقد سمِعْتُك جيِّدًا وأنت تصرخ، لكنني لم أجبْك تأديبًا لك.

أرأيتَ يا مشغول، كيف أزعجك أن لا يجيبك أحد؟!

وأنت الَّذي لطالما أجبتَ من يناديك مغضبًا بأنك مشغول، ولطالما أجبْتني بقولتك غير المؤدَّبة: أف، لا تزعجيني، أنا مشغول.

ما ضرَّك يا بنيَّ لو قلت: نعم يا أمِّي سآتِي حالاً أو بعد حين، أو سأُنْهِي عملي وآتِي إليك، بصوتٍ خفيض ومؤدَّب؟!

إنَّ الكلِمة الطّيِّبة حسنة، والله - سبحانه - أوْصى الأولاد بالبرِّ بوالديهم.

كما أوْصى الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بالإحسان إلى الأمِّ وعدم إغضابها؛ قال - سبحانه - في كتابِه الحكيم: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [الإسراء: 23]، ثمَّ - يا بني - أرأيتَ كيف استجاب لك القطُّ لؤلؤ عندما ناديتَه وسارع لخدمتك، وكنتَ جِدَّ مسرور من استجابتِه السَّريعة لك؟!

ألا ينبغي أن تخْدم النَّاس كما تحبُّ أن يخدموك؟!

لَم يجب مشغول فقد كان يفكِّر بجدِّيَّة في ما قالتْه أمُّه، وكان الدَّرس الذي تلقَّاه هذا الصَّباح أكبرَ من كلِّ كلماته.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- amina
amina - algerie 28-12-2009 09:40 PM
السلام عليكم و حمة الله و بركاته
ما شاء الله قصة مليحة بزاف وصدقت الناس ان صارت كلها *مشغول* وش يصير لو اخرنا شوي حتى نشوف وش يدورون هدون الوالدين مش اي احد
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة