• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

فقر المبدع! (قصة قصيرة)

محمود سلامة الهايشة


تاريخ الإضافة: 21/12/2009 ميلادي - 4/1/1431 هجري

الزيارات: 30184

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
كعادته كلَّ شهر ذهب لبائع الصُّحف والمجلاَّت؛ ليشتريَ مجلة التراث الأدبي.
ولكن في هذه المرة سأله البائع: لماذا تشتري هذه المجلَّة كلَّ شهر، وتأتي قبلَ نزولها بعدَّة أيام وتسأل عليها؟
فردَّ عليه: أنا شاعر، وأنتظر أن تُعلِن المؤسَّسةُ التي تُصدر هذه المجلَّة عن مسابقتها السنويَّة في القصيدة العربية، حتى أشتركَ فيها.
فأمْسَك بالمجلَّة، وأخذ يقلِّب فيها، فوقعتْ عينه على إعلان المجلَّة عن المسابقة، فاحمرَّ وجهه وأذنيه، وتبدَّل حزنُه إلى فرحة عارمة، وأخرج مِن جَيْبه خمسة جنيهات، وأعطاهم للبائع، وانطلق ووصل البيت بسرعة البَرْق، فدخل غرفتَه ممسكًا بالمجلة، وجلس وسطَ أطنان الكتب التي تَضيق بها الغرفة.
فدخلتْ عليه زوجته وهي تقول: أين أنت؟ أنا انتهيت من تحضير الغَداء، هيَّا تعالَ لكي تأكل، فأنا والأولاد في انتظارك منذ ساعة، فصاح: اتركيني وشأني الآن، إنِّي مشغول، قالت: ما الخبر؟! ما بك؟!
— الحمد لله، قد نزلت مسابقة مجلَّة التراث التي أنتظرها منذ عدَّة شهور، فقد تأخَّرتْ هذا العام عن موعدها المعتاد.
الزوجة: آه فهمت، وهل كان معك فلوس لدفع ثمنِها؟
— اشتريتُها بآخِرِ خمسة جنيهات كانت في جيبي! والآن أريد أن أجلس مع نفسي أفكِّر في مطلع قصيدة عمودية تتحدَّث عن أحد الموضوعات التراثيَّة، حتى أشتركَ بها في المسابقة.
فخرجتْ من الغرفة، وأغلقتِ الباب وتركتْه مع قلمه وأوراقه، وربَّة شِعره، وظلَّ جالسًا مع تلك الأشياء، ولم يخرج حتى مطلع الفَجْر، فخرج يبحث عمَّن بالبيت، فوجد زوجته نائمة وسطَ الأولاد في غرفتهم، فأيقظَها لكي تصلِّي الفجر، وتفرح معه بتلك القصيدة التي كتَبَها، فبعد أن أدَّيَا الصلاة ألْقى على سمعها أروعَ عشرين بيتًا شعريًّا عموديًّا كتبها.
الزوجة: الله عليك، أبيات جميلة جدًّا، شيء رائع! أنت تكتب الشعر العمودي بهذه الصورة الشعريَّة المتميزة، وأنت في الأصْل لا تكتب سوى شِعْر التفعيلة، وغير متخصِّص في هذا اللون من الشعر العمودي.
— الحمد لله، هذا توفيقٌ من الله - سبحانه وتعالى - ولكن هناك الآن مشكلة كُبرى.
فرفعتِ الزوجة حاجبيها، وهمستْ بصوت مكتوم: خير يا حبيبي؟! أية مشكلة؟!
— لا بدَّ أن أنسخ ثلاثَ نُسخ من القصيدة، حتى يتسنَّى لي أن أرسلَها للمسابقة، فهذا من شروطها.
فقالت: وما هي المشكلة إذًا؟! غدًا اذهب لمركز الطباعة، واطبعها ثلاثَ نُسخ.
— ليس معي حتى جنيهان تكلفة كتابة ورقة (الكمبيوتر)، وطباعتها ثلاث نُسخ من الأساس، ثم أرسلها بالبريد، وهذه تكلفة أخرى.
الزوجة: فعلاً، نحن قد دفعْنا منذ يومين آخِرَ فلوس كانت معنا في إيجار الشقَّة، وفواتير الكهرباء، والمياه والغاز و(التليفون)، وليس في البيت أيُّ فلوس! فسكتَتْ وظلَّتْ تنظر إليه، وينظر إليها، ثم اندفعتْ قائلةً - ووجهها يملؤه الابتسامة -: الأمر يسير جدًّا جدًّا، فنظر إليها وعلامات الاستغراب والأسئلة الكثيرة تقول لها: كيف ذلك؟!
فاستطردتْ تجيب على تلك الأسئلة التي لم يسألْها لسانُه، بل وجهه وعينه:
لا تتعجَّب هكذا؛ أنت ما شاء الله عليك خطُّك في النَّسْخ جميلٌ جدًّا، قمِ الآن بنسخ ثلاث نُسخ من القصيدة، وليس ضروريًّا نسخُها على (الكمبيوتر)، وضَعْ معهم صورة ضوئية من بطاقتك الشخصية في ظرْف جواب، واذهب باكرًا إلى مكتب البريد، وهناك يعمل صديقُك فؤاد، فيرسله لك، ولَمَّا ربنا يفرجها عليك، تعطيه الفلوس تكلفة الإرسال.
فقام فرحًا بكلام زوجته، وفَعَل كل ما قالتْه له بالحرف الواحد، وعندما أتَى مكتب البريد سلَّم على فؤاد، ثم وقف أمامَه ووجهه تتساقط منه حبَّات العرق كالمطر، فسأله فؤاد: ما بك؟
— بصراحة معي خطاب أُريد أن أرسلَه إلى الإمارات، وقد نسيتُ الفلوس في البيت، فخطف الخطابَ من يدِه، وقال: هذا الذي يُضايقك؟! يسيرة يا أخي، وفي ثواني أنْهَى إجراءاتِ تسجيل وإرسال الخطاب.
مرَّ شهران على تلك الواقعة.
وفي أوَّل يومٍ من الشهر، يجلس هذا الشاعر المطحون مبكرًا - كعادته - عند كُشْك الصحف، ينتظر حتى يأتيَ ويفتح بائع الجرائد، فعندما وصل ورآه جالسًا، ظلَّ يقهقه، ويقول: أكيد أنت جالس هكذا منذ الفجر، تُريد مجلَّة التراث العربي؟
— نعم، ولكن أريد أولاً أن تخرجَها لي من كيسها أتصفحها، وأعرف هل فزتُ بالجائزة، أم لا؛ لأنِّي - بصراحة - ليس معي فلوس أشتريها هذا الشهر. 
البائع: وأيضًا ليس معك فلوس! وتريد أن أفتحَها لك!! والغضب يخرج من عينه، ثم أمسك بها وأخرجها وقدَّمها له، وفجأة وجَدَه واقفًا يحضن المجلَّة ويُقبِّلها، فسأله ما بك؟!
— قد فزت بالمركز الثاني في المسابقة، ثم رفع يدَه للسماء وهو ممسك بالمجلَّة، أحمدك يا رب. 
معقول! صحيح!
— انظر ها هو اسمي. 
فنظر فقرأ اسمه، وهو يقول: صحيح يا أخي، فعلاً اسمك ثاني اسم، وبجوار اسم البلدة، مبارك، ألف مبارك، أنت فعلاً شاعِر كبير، ونحن لا نعرِف!
— ممكن آخذ المجلَّة الآن، وإن شاء الله سوف آتي لك بثمنها.
اذهب يا رجل، فالمجلَّة هدية مني لك، فأنتَ رفعتَ اسمَ مصر وبلدتك.
فوصل البيت مهروِلاً يُقبِّل زوجته وأولاده، الحمد لله، قد فزتُ بثلاث آلاف دولار! الحمد لله، بُدِّل الفقر غِنًى!




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- قلبت علي المواجع
الطيماوي - فلسطين 21-02-2010 12:22 PM
قلبت علي المواجع
ما اشد ان يجتمع على المبدع فقر ، فكيف اذا اجتمع عليه فقر وظلم الاخوان

كتابتك جميلة لكن عنصر الشويق قد غاب قليلا مع الاطالة
لو كانت اقصر وأكثر من وصف حال الفقر مع تعدد المواقف
بأن كانت الخاتمة بأنه فاز في المسابقة وبعثوا له اشتراك في المجلة لمدة سنة أو شهادة شكر وتقدير أو عمود في المجلة
لكانت الصدمة أكبر ولكان ذلك موافقا للحياة الواقعية التي يحياها المبدعون.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة