• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

صديقة الفيسبوك (قصة قصيرة)

د. أسعد بن أحمد السعود


تاريخ الإضافة: 6/5/2015 ميلادي - 17/7/1436 هجري

الزيارات: 8795

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صديقة الفيسبوك


خلَتْ أيام قفراء، لا هسيسَ أسمعه فيها، ولا نسيس كريم أشمُّ منه رائحة عطر، أفترضه يأتيني عبر السحاب الإلكتروني، فيبعث فيَّ دفقة نشوة وهمية، يستيقظ معها أمل مُكوَّن من ابتسامة، ومن ضغطة زر (اللابتوب)، ومن عين متَّقدة كعين (فوكس) تتأكد من موضع فريستها، فتتأهب للانقضاض عليها.

 

ثلاثة محفّزات كانت تواكب جلسات (الاندماج اللابتوبي) الليلي كلَّ حين وحين، وها هي تنتهي بجلسات انفرادية كئيبة، تمرُّ كأنما تقضي فترةَ حكم قضائي غير عادل، هجرتها كل ألوان التحفيز، هؤلاء صُوَيْحباتي الثلاث وما يأتلف معها، من قهوة وشاي وبسكويت ومكسّرات، كل هذا العالم الاحتفالي اليومي وشبه اليومي انقضى فجأة، وحلَّت الأيام القفر محلَّها، فجدبت الساعات، فاستطالت ثوانيها وتمطَّتْ دقائقها، وأصبحت بين قفزاتها شقوق وأخاديد، وانتثرت على أسطحها أغشية رملية تتماوج في تقلبها الحزين مع أزيز رياح متربصة ناقمة.

 

أكاد أجزم أن صديقتي (نار البادية) قد طوتْ صفحتها (الفيسبوكية)، وهجرت ساحات الرأي المستنير، وألقت بمنابر الخِلّان والدردشة الوردية، في صراع الحيرة واللوم الخجول، ضاربةً ببند الاستئذان الديمقراطي بعرض الهروب المفاجئ، وكأن ما زرعته بوقت قصير، وما هيكلتْه من مشاعر كان بمثابة مؤامرة استكشافية في أحد القطبين المتجمِّدَيْنِ، ثم ذاب في أول هُبوبٍ لرياح شاردة دافئة!

 

كلُّ الأصدقاء حاولوا الوقوفَ بجانبي، وحاولوا ملء (الفراغ) الذي ادعيتُه، منهم: (فارس الفرسان، ساندريلَّا ذات الحذاء المفقود، وردة الينبوع، قاهر الأحرف، سنابك الخيل البرية، حوراء الجنان، وكذلك مغرد المعلقة الفريدة...!) أجزموا أن ثوابتي قد اهتزت، وعواطفي تعكَّرت بل اقتربت من الهزيمة في أول جولة.

 

خانني الحياء وأنا في ذِروة قسوتي أن أبوح لهم عن سبب هبوب رياح الخماسين في غير موسمها، فقد كانوا أكثر جرأةً مني، حين تبادلوا مناوبتهم بإعلانهم عن تأثُّرهم بتلك الرياح.

 

أسمع صياح الدِّيَكة ولا زلت أبسط أطراف ثوبي على أرصفة الشوق والتنهيد، بانتظار يائسٍ لحزمة شاردة صاحية في شقائق الفجر، أظمأها الشوق مثلي، فغالبت حياءها، وقررت رمي صدقة تائهة أَسُدُّ بها رَمَقي، فأعود أدراجي لأنام حائزًا دنياي في سبات زائف جلف، لا يرد فيه السلام إلا بإشهار سيف الأنا المتسلطة.

 

أشار عليَّ (قاهر الأحرف) بعد إبداء ديباجة استسلامه التقليدي لمقدمة ميثاق التداول (الفيسبوكي) أن: أَغلِقْ صفحةَ صداقتها، واقطع وشائجَ الأرواح، وارمِ كلَّ ما كان في أرشيفها في سلة المهملات الانفصالية عن الأزمنة الإلكترونية، ولا أحسب في لحظة من لحظات الافتراض، أن السلال في أي من تلك الأزمنة تتشابه في مَهَمَّاتها أبدًا، وخاصة هذه التي تركن بهدوء قاتل، تحت طاولة (اللابتوب) منذ زمن لا تاريخَ محدَّدًا لبدايته ولا لنهايته، فأراها قد عقدتْ صفقة الحياة الحديثة معي، حتى أدخلتني بمواصفات منابر الصراحة الغريبة، والرأي الشقي الوليد، في صفحات التواصل السحابية الافتراضية، ولست أدري - إلى زمن هذه الحالة الجدباء - أن كانت بعضها تعود بحجة ملكيتها لعجائز ممن تخطوا صراع الألقاب البنفسجية، إلى استباحة الادِّعاء بحمل كروموزومات العودة للروح الزئبقية، بكل افتخار وشقاوة!

 

أذهلني هذا الرأي الديمقراطي العنيف؛ ذلك لأنه - ولا زلت أعيش ترجمة أبعاد ما ترمي إليه معاني استشارته - قد تسبب جرحًا لا ينزف منه دمًا بشريًّا وجدانيًّا، وإنما يسبب - في أسوأ تداعياته - إعدام رقم الهاتف، وتغيير فقرات عمود (البسوورد)، ومحصلته تكون قد قمت بتكسير المجاديف، وأبقيت على القارب اليتيم الوحيد راسيًا بانتظار طالب آخر للإبحار أو العبور، لا فرق!

 

زاغت حدقات عيني وكنت أهم بفبركة ترجمة الاستشارة (الفوكسية) تلك، افترست الأحرف المضطربة المنقوصة والزائدة، وبومضة قرأتها:

نار البادية!

وأعدت المفاجأة بكتابة اسمها.

نار البادية!

أجابت من فورها.

• عدت الليلة ليس من أجل الاستهلال والاعتلال وتقديم أسباب الدلال!

عدت من أجل رفع ونشر أشرعة الوداع!

استعرتِ النار وتأجّج أوارها!

ارتفعت الحرارة ثم انخفضت!

لكن خَفَقان قلبي ظل في تصاعد!

وارتعاش أصابعي في تزايد...!

 

كتبت كلمات اخترقت كل حواجز قواعد وانضباط الحوار، فألفيت أحرفي تتجمع في كلمات تتقافز إلى خارج حياء تقدير ردود الفعل الشخصي غير متردد:

• أريد أن أقابلك كيفما كان، وكيفما سيكون، ولو كنت في بلاد الواق واق!

• لماذا؟

• لأنهي معاناة حياة أضنتْها المشاكل العائلية!

• غريبٌ هذا الذي تقولُه، وتعترف به!

• كيف؟!

• كنت للتوِّ أعالج مشكلتي العائلية!

• إذًا؛ سنتساعد معًا، ونعقد اتفاقًا نتخطى به كل حواجز المشاكل.

• وهل نحن في سباق ماراثون؟!

• نعم سيدة نار البادية، أنت ناري وأنا حطبك.

• على مهلك (سيد الدجى) سأودعك سرًّا!

• وما هو؟!

• لقد طردني زوجي من البيت مع أولادي!

• وبعد؟

• استشرت صديقة وفيَّة ومخلصة لي.

• وبِمَ أشارت عليكِ هذه الوفية؟

• أن أرفع شكواي للشرطة الجنائية، وقد فعلت.

• ولماذا الشرطة وليس غيرهم، وبِمَ أفادوك؟

• سأرجع إلى بيتي مع أولادي، وزوجي البطل ستحتجزه الشرطة موقوفًا عندها لبعض الوقت؛ لفعله الجنائي، حتى تنتهي حيثيات الشكوى!

• غريب!

 

كانت آخر كلمة استطعت كتابتها، أقفلت كلَّ شيء من فوري، تناولتُ جهاز الموبيل، وأخذت أبحث باضطراب شديد في أرقام أعرفُها جيدًا بأسماء أصحابها، لقد أصبحت الجناية جنايتين!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة