• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

ذكرى لسعة (قصة)

هارون محمد غزي


تاريخ الإضافة: 7/4/2015 ميلادي - 17/6/1436 هجري

الزيارات: 3665

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذكرى لسعة

 

خرج الصبي للعب، مشى حافيًا قبل شروق الشمس يتقافز في رشاقة، يغنّي موشيًا غناءه بموسيقا توقيعية، توقظ الوسنان، وتقلق اليقظان.

 

ينشقُّ نسيم الصباح، عبير الزهور الفوّاحة؛ فيشحن كِيانه بالسعادة.

 

تسلل في هدأة البكور إلى حقل أبي أدهم.

 

يتهادى على حافة ترعة.

ينساب ماؤها العسلي في حركة صامتة، تحفُّها أشجار باسقة مورقة، وأشجار ذات أغصان تهدّلت لترشف من سلسبيل الترعة العذب، وأشجار تفتّحت أزهارها الحمراء الدقيقة الرقيقة. إنها لم تتحمَّل هبّات النسيم الهفهافة؛ فتساقطت أوراقها الملونة بكثرة لتفرش الأرض حول الشجرة بلون قرمزي خلّاب.

 

الخضرة الزاهية تشغل قطاعًا كبيرًا من الأرض، الخصوبة أعطت النبات عطاء حاتميًّا؛ فنما وربا، يتراقص مع هواء الصباح النديّ في منظر بهيج يريح البصر.

 

تخلّل الخضرة النامية، داس بعضًا من سيقان النبات، انفعصت فأنَّتْ في صمت ناشج، وهو عنها لاهٍ!

 

يقطف عيدان السريس المرعرعة، وسيقان الفول الأخضر البغو الطري، جمع من كل حزمة ربط إحداها بسعفة، والأخرى زمَّها بفتيلة من الليف.

 

عاد بحذاء الترعة، نبت على شاطئها الآخر صف كثيف من الغاب.

 

ترك ما جمعه من نبات على الشاطئ، خلع ملابسه، انزلق في سلاسة إلى الماء، يكزّ على أسنانه، وينفخ مرارًا، خاض في الماء والطين حتى صعِد على البرّ، ينفض الماء والطين في نشاط. ينط، ويئبّ ويشط فيه؛ لعلّه يدفئ نفسه.

 

سلك بين الغاب طريقًا صعبًا، يحمي عينيه، ويغطّي وجهه بكفَّيه تارة أخرى ليتلافى شكَّات البوص، وحدَّه الذي كالإبر، حتى وصل لقصبة طويلة أخذت كفايتها من النمو والغلظ، فعالجها بقوة حتى سلتها بجذرها من أمها، الجهد الذي بذله أنساه بردَه، وعُرْيَه.

 

قشر الغابة، صارت ملساء معجبة، قرّر في نفسه أن يعلق بها سنَّارة؛ ليكون صاحب أطول قصبة لصيد السمك.

 

عاد سابحًا إلى الترعة، يغسل بقايا الطين بماء الشاطئ، وينثر فضلات الماء عن بدنه النحيف المرتعش.

 

غلبه أكلان في بعض أجزاء جسده؛ فهو يهرشها مرارًا، وتَكرارًا.

 

حمل الحزمتين إحداهما بشماله، والأخرى تحت إبطه، والغابة الممتدة رأسيًّا في يمناه.

 

مشى الهُوينى عائدًا.

رأس الغابة ما فتئ يخبط الشجر الذي يمر تحته؛ فيسقط من أوراقها، والصبي سارح في إنجازاته: حصل على السريس المرعرع، والفول الأخضر الطري، ناهيك عن الغابة المفتولة، الغليظة القوام، البعيدة الطرفين.

 

فجأة صرخ الولد صرخة توقظ الموتى!

ألقى بحمليه، والبوصة، وألصق كفَّيه بخدِّه المقروص الوالع كالنار الحامية.

فزع إليه عم صفوت الفلاح.

كشف كفيه، وأمره بغلق عينيه.

كبش طين الترعة.

لاط خده الوارم موضع قرصة النحلة بالطين المعجون بماء الترعة.

انطفأ الوجع المحرق بمجرد لصق الطين.

توقف غليان سخونة القرصة؛ لكن بقي تحت الطين الاحمرار الشديد، والورم لدرجة إغلاقه عينه.

أدرك الصبي أنه آذي مملكة النحل وهو لا يدري.

عاد لأمه الحنون بلا سريس مرعرع، ولا فول أخضر، ولا حتى البوصة الباسقة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة