• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

سيزيف .. من صخرة العذاب إلى مائدة الطعام!

محمد حسن جباري


تاريخ الإضافة: 5/4/2015 ميلادي - 15/6/1436 هجري

الزيارات: 4093

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سيزيف

من صخرة العذاب إلى مائدة الطعام!


كما في كل يومٍ، سيزيف يُقرفص مسندًا ظهرَه إلى الجدار، غارقًا في أطماره البالية، التي لم يبق منها سوى "شَراشف"، يسيل من خلال شقوقِها جلدُه الشاحب، وينبعث من بقايا جسده المهترئ رائحة نفَّاذة، تزكم الأنوفَ.

 

لم يكن يَرى من الشمس سوى أشعَّتها الحارقة، وحرارتها الملتهبة التي تصفع صلعتَه الممردة مع كلِّ صباح، ولم تكن زقزقة العصافير تعني له أكثر من صَلصلةٍ مُزعجة، تُقلق راحتَه، وتعكِّر عليه صفو هدوئه.

 

أما الشيء الذي كان يمقتُه أشدَّ المقت، فهو هذه الحركة الدَّؤوبة التي يفتتح بها الناسُ صباحَهم كلَّ يوم، وهم يضربون في جنبات الأرض، يقرعون أبواب الرِّزق، ويُلقون بشباكهم في لُجَّته الغامرة، آملِين في أن تعود عليهم بما يرضي آمالهم.

 

لم يكن يدرك من ذلك كلِّه سوى غلالة الغبار التي تخلفها أقدامُهم القذرة، وهم يجرُّون أجسادهم المتهالكة التي أضناها التَّعب والشقاء.

• ثم ماذا؟ لا شيء!

(قال لنفسه):

على مقربة منه، أبصر نملةً تعالج حبَّة قمح لترفعها، كانت تنتقل في نشاطٍ رائع من جانبٍ إلى آخر، باحثة عن نقطةٍ مناسبة لرفع الحَبَّة، وهي تفتل من خيوط الفَشل حِبالاً متينة من العزيمة لمعاودة الكَرَّة مرة بعد أخرى.

 

• ثم ماذا...؟!

رفع قدمَه، وسحقَها بنِقمة بالغة.

 

• لماذا قتلتَ النملة المسكينة يا عمَّاه؟

نظر سيزيف صوبَ الصوت، فرأى شابًّا يافعًا، تشعُّ من وجهه علائم النجابة والذكاء، ركَّز فيه نظَرَه، وحدَّق في عينيه الصافيتين بإمعان، أرسل تنهيدةً عميقة، تَشِي بما يعتمل في نفسه من قلقٍ واضطراب، ثم قال:

• لو كان الأمر بيدي لأعدمتُ العالمَ كلَّه!

 

ثم أضاف:

• ما الذي يعجبك في هذا العالَم؟ أهو هذا الفقر المدقِع الذي يسربل بأسماله هذه الحياة التعيسة، أم هو هذا الظلم الذي ينوء بكلكله على دنيا الناس، أم هو هذه الأمراض المستعصية التي تنشب مخالبها وتغرز أنيابَها في تلك الأجساد البريئة، فتطحن فيها أزاهيرَ الصحة، وأكاليلَ العافية؟!


ثم ضرب سيزيف بكفِّه على بطنه، وقال وهو يغادر مكانه:

• لقد حانت ساعة الغداء، وبدأت ثعابِين الجوع تنهش بطني الضامر.

 

نظر الشابُّ إلى بقايا النملة التي اختلطت بفُتات حبَّة القمح، وتفكَّر في شأن سيزيف وهو ينهز خطاه إلى مائدة الغداء، حرَّك رأسه يمنةً ويسرة، وقد ندَّ عن شدقه ابتسامة استخفاف وتعجب!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة