• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

شعلة نار

شعلة نار
ربيع شملال بن حسين


تاريخ الإضافة: 16/2/2015 ميلادي - 27/4/1436 هجري

الزيارات: 9652

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شعلة نار


نظرت شعلةُ النار المتوهجة من الفرن إلى إناء على طاولة مقابلة، وقالت بصوتٍ مشتعل:

• أيُّها الكائن هناك!

 

فالتفت الإناء يبحث عن مصدر الصوت، فلما رآها بادرَها:

• هل تقصدينني؟

 

قالت معرضةً:

• لا، ولكني أقصد ذلك الكائن الشَّفاف بداخلك!

 

سمع الماءُ كلامها وتذكَّر العداوة بينهما، وظنَّ أنها تريد شرًّا، فأرسل فقاعات انزعاج، ثم قال:

• خيرًا، لقد أعَرتُكِ سمعًا، فلا تضيعي وقتي.

 

قالت:

• آه! أتعلم أني كلما رأيتك استعَر الحقد في حُشاشتي؟! ولكني أتسلى عندما أتذكر أنَّ الله سلبَك جمال اللون والشكل.

 

قال وقد رسم ابتسامة صفراء:

• ولكني مرآةٌ آخُذ لون الشيء الذي يُقابلني، ومائعٌ آخذ شكل الشيء الذي أوضَع فيه، ولو تُرِكتُ طليقًا لجُبت الأرضَ ظهرها وبطنها.

 

فتنهَّدَت تنهيدة تشبه السُّعال وقالت:

• ليس في ذلك أيُّ فضيلة؛ وإنما ذلك علامة على خَساستك وتلوُّنك ونفاقك، ألم تر أنَّ الله سلَّط عليك الأشياء لتأخذ لونها؛ وذلك خشية أن تتحول إلى فخ لاستفزاز الخلائق، وربما ابتلاعها؟!

 

فانصرف عنها بوجهه وفي نيته تركُ جدالها، ولكنه عاد يدفعُه الحماس الذي زرعَته فيه كلماتها، فقال مجادلاً:

• إني أرى زُرقة تتخلَّل حُمرتك، وأعلم أنَّها من أثر السلِّ الذي أخذك من شدَّة بغضي، ولكنِّي لا أعلم لماذا تبغضينني.

 

فأجابت على وجه البديهة؛ لأنَّه السؤال الذي كانت تنتظر:

• أتجهل أم تتجاهل؟ ألا تعلم أنَّ كلَّ من أراد قتلي سلَّط برودتَك على مفاصلي، فتَخمُد روحي ثم تتلاشى؟!

ولقد عزَمتُ مِرارًا على الانتقام وردِّ الأذيَّة، ولكني أدفعها بالمجاهدة لعِلمي أنَّك مُكرَه، وأنك مجرَّد وسيلة في يد مستعمِلك.

 

وهنا استعرت فيه جمرةُ التحدِّي، فصرخ فيها:

• أقادرةٌ أنت على أذيَّتي؟!

 

واستفزَّها بضحكة عالية تطايرَت بسببها بعضُ القطرات، وقعَت عليها، فكادت تُطفيها، ولكنَّها تماسكت، وقاومَت حتى استرجعَت قواها، ثم تنهَّدَت قائلة:

• ألا تعلم أنَّ الإصلاح والعفو والتجاوز أصعبُ الأخلاق، ولا يستطيعها إلا الفضلاء، وأنَّ الأذية أسهلُ ما يكون على أيِّ مخلوق؛ لذلك يركبها الأراذل، وإنَّ لي في أذيتك مذاهبَ، ولكني تركتها لِما أخبرتُك به.

 

فصرخ ثانية:

• افعليها إن استطعت، فلا حجَّة لك إن لم تفعَليها، وهذا الإناء شاهدٌ بيننا.

 

صادَف تحدِّيه هذا مرورَ صاحب المنزل بينَهما فخفَّفَت من وزنها حتى طارت عن الفرن مقدارَ أنملة فتلاعبَت بها الرِّياح يَمنةً ويَسرة حتى أصابَت يد الرجل، فسحبَها متألِّمًا في حركة سريعة أصابَ بها الإناء فانكفأ على ثيابه فتبلَّلَت.

 

فنطق الماء من على سرواله وقد شاهد ما شاهد، وحصل ما حصل:

• أهذا ما وعدتِني به؟! ظننتُ الأمر أكبر من هذا بكثير.

قالت:

• إنَّ هذا أمرٌ له ما بعده.

توجَّه صاحب المنزل إلى الغرفة وغيَّر ملابسه، ثم عاد حاملاً ثيابه المبللة بالماء ووضعها أمام المدفأة.

كان بعيدًا عنها، لكنها خنقَته حتى فاضَت روحه وتصاعدَت بخارًا.

قالت معتذرةً: كنتُ - فقط - أودُّ تعليمه الحكمة التي تقول: لا يَحمِلنَّك صمتُ الحليم على الاستهانة به!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة