• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

النبتة المسحورة

ربيع شملال بن حسين


تاريخ الإضافة: 28/1/2015 ميلادي - 7/4/1436 هجري

الزيارات: 5585

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النبتة المسحورة

 

• أووووه.. لقد علِقْتُ.. آآ.. لا.. مَن الذي يُمسكني من رِجلي؟

قال "الطفل أمان" هذا ونظر مذعورًا إلى الأسفل، ثم صرخ:

• إنها نبتة صغيرة، ابتعدي أيتها النبتة السخيفة.

 

تفوَّه بهذه الجملة في غضب وهو يعالج رِجلَه ليخرجها مِن الورطة التي وقعت فيها، ولم يكن يعلم أن النبتةَ الصغيرة تعمَّدت فعل ذلك حتى سمعها تقول - وفي صوتها شيء من التأنيب والتحدي -:

• لماذا رميتَ غلاف الحلوى على الأرض؟

• أووو نبتة تتكلم، هذا مخيف.. هل أنت فتاةٌ مسحورة غضِب عليك والداك فتحولتِ إلى نبتة سخيفة؟!

 

• أيها المغرور، تحكَّم في نفسك، وهذِّب ألفاظك، وقلِّل مِن غرورك، وإلا زدتُ من شدة قبضتي، ألا تعلم أنك رهينةٌ عندي؟

 

ضحك ضحكًا عاليًا، ثم صمت فجأة وأخرج سكينة صغيرة من جيبه، وقال:

• ألا تعلمين - أيتها المسكينةُ - أنه بحركة واحدة أرميك طعامًا للخرفان.

 

• نعم أعلم، وأعلم أكثر من ذلك، أعرف جيدًا أنك مِن أقوى المخلوقات على الأرض، وقد تماديتَ كثيرًا لأجل ذلك، فحسبتَ أن الكرة الأرضية مِلكٌ لك وحدك، تزيِّنها كيفما شئت، وتخربها متى شئت، ولا تأخذ رأي الكائنات الأخرى في ذلك، حتى وإن كان في فِعلك هلاكٌ لها.

 

وهنا قاطعها مستغربًا:

• أرى أنك مثقفة جدًّا، وتصلُحين محامية عن الكائنات، أتسمحين بسؤال بسيط: في أي مدرسة درستِ؟ ههههه في مدرسة الإنسان أو الحيوان أو النبات؟ وهل تُحسنين لغة واحدة أو لغاتٍ كثيرة؟ ههههه.

 

• يا لك من مغرور حقًّا.. في الوقت الذي كنتُ أنتظر منك أن تراجع تصرفاتك وتعترفَ بأخطائك، رُحْتَ تستهزئ بي لأنك متعلم وأنا لست كذلك، ألم أقل لك: إنك مغرور.

 

استغرب من كلامها الكبير وثقتِها الزائدة، فثنى السكين الذي كان في يده ودسَّه في جيبه، وقال:

• قولي واختصري، لماذا تمسكين برِجلي؟ أتتعمدين ذلك أم حدث صدفة؟

 

• بل هي طريقتي في الاحتجاج، وقد كلَّمتك مرات، وخاطبتك مرات، ولكنك لا تسمع إلا لغة التهديد؛ لذلك أمسكتُك، ولن أطلقك حتى تسمع احتجاجي كاملًا.

 

• أممممم... قولي أنا أستمع.

• لقد رميتَ غلاف الحلوى لما أكلتَها، أليس كذلك؟

 

• نعم فعلت، فهل وقع عليك؟ وهل كان ثقيلًا فآذاكِ وأغضبك؟

 

• لا، لم يقع علي، ولكنه خَطَرٌ على المحيط الذي نعيش فيه، ألا تعلم ذلك؟ ألم تدرُسْه في المدارس التي تفتخر بها؟

• بلى درست، ولكن كيف عرفتِ أنتِ؟

 

• لا لا.. لا تخلِطْ بين معرفتي ومعرفتك، أنت تدرس في القسم، وفي أغلب الأحيان تعتبر ما يقال لك من نصائحَ مجردَ كلام يمضغه الأساتذة كما يمضغون العِلكة، وليس لك إحساس بالخطَر مطلقًا.

 

أما معرفتي أنا فحقيقية؛ لأني أُحِسُّ بالخطر في عروقي، في الهواء الثقيل، وفي الماء الملوَّث، لم أعُدْ أطيق العيش بسببك أنت.

 

• فهمت، إنك تطلبين مني مساعدتك، ولكني لست معجَبًا بأسلوبك، هل تطلبين المساعدة بالقبض على رِجلي؟ إن هذا الأسلوب غير حضاري، أطلقيني؛ فقد بدأت أُحِسُّ بالألم، وبدأ وجهي يغلي.

 

• عجبًا لك أيها الإنسان! كيف تجادل عن آثامك وتزعم أنك تفهم ما هو حضاري وغير حضاري؟!

تريد أن أطلقك، ها قد أطلقتك، فهل يُطلِقك ضميرك إذا أطلقتك؟ لقد تعمدت القبض على رِجلك، وهو أسلوب حضاري نعم، لقد أردت أن تشعر ببعض الألم الذي تشعر به الكائنات، إنك أيها الإنسان - برميِك القاذوراتِ في كل مكان، وبالدُّخَان المُنبَعِث مِن مصانعك - تقبِضُ بإحكام على كل الكائنات.. ليس من رِجْلها، ولكن مِن عنقها.

 

عجبًا لك أيها الإنسان! كيف تجادل عن آثامك؟ عجبًا لك.. عجبًا لك!

 

• فهمتُ قلقَكِ، وعرفتُ مصدره، وأنت معذورة أيتها النبتة الكريمة، ولكني أرى أنك تبالغين، فأنا أعيش معكم في نفس العالم، وأتنفس الهواء نفسه، وأشرب الماء ذاته، ولا أُحِسُّ بما تُحسُّون به!

 

• نعم نعم.. إن الإنسان آخر المتضررين، ستُعميه لذاته وأنانيته التي يجدها في إيذاء المحيط، وقد بنى مستشفيات لنفسه؛ فهو لن يُحسَّ بما نُحسُّ به، ولكنه سيندم كثيرًا إذا فهم الدرس منا وسمع إنذارنا... سيكون ذلك عندما لا ينفع الندم.

 

قالت هذا ثم بدأت بالغوص في الأرض والتلاشي، ولما لم يبقَ منها إلا قدرُ أُنملة توقفت وقالت في حزن:

• إني لستُ نبتة حقيقية أيها الذكي، إني قطعةٌ من ضميرك.

 

• لا لا تختفي، الآن فقط فهمت واقتنعت بكلامك أيتها المعلمة الناصحة، يجب أن تخبريني ماذا علي أن أفعل؟!

 

• أنتَ أعرَفُ مني.. لكني أذكر لك نصيحتي فلعلها تنفعك: إذا أردتَ أن ترضيَ عليك ربَّك، وتنقذ نفسك ومَن حولك: اغرسِ النباتِ، واحترم الحيوان، ونظِّفِ المكان، وازرَعِ الوعيَ أينما حللت...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- حوار ممتع بقلم مبدع
أبو عمر الرياض 29-01-2015 01:38 AM

هذه في الحقيقة قصة قصيرة مكتملة العناصر، والأركان، نرى فيها التشويق، فهي شيقة من أولها إلى آخرها، ومترابطة لم تهرب منك فكرتها، ولم يداخلها غيرها، والحوار منتقى بعناية فائقة، لذا تشعر بأن كل من التحاورين لم يخطئ فيما يتبناه من البداية إلى النهاية. ولذلك أقول: إنها قصة غرور الإنسان، وتكبره، وتجرده عن معاني الشفقة، ونسيانه خالقه جل وعلا، وتكريمه له، ولهذا كان جميلاً قولك: "إذا أردت أن ترضي عليك ربك ...". وفقك الله لكل خير، وزادك علماً وفهماً.

1- من مسحورة إلى ساحرة
رياض منصور - الجزائر 29-01-2015 01:30 AM

أديبنا الأريب *ربيع الشعر* حياك الله وبياك

سحرتنا بنص ماتع رائع ...تكلمت فيه نبتة الضمير

ونبهت الغافلين إلى المخاطر التي تهدد بيئتنا ...

والمسؤولية ملقاة على عاتق الجميع ...

نص هادف أتحفتنا به .....بارك الله فيك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة