• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

جنة المرضى (قصة)

وليد رشيد ظاهري


تاريخ الإضافة: 3/11/2014 ميلادي - 10/1/1436 هجري

الزيارات: 5570

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جنة المرضى


تحفة من تحف الطبيعة هي، كانت قرية صغيرة، وفي صغرها حلاوة، تحفُّها الجبال من كل جانب، فترى الظل والحرور يتداوَلان عليها طيلة ساعات النهار، ظلُّها ظَليل، وحرُّها قليل، ونورها ليس له مثيل، وهواؤُها شفاءٌ لكل عليل، تفرُّ إليها العائلات هربًا من اكتظاظ المدن والأحياء، وطلبًا للراحة والهناء، وطمعًا في الصحة والشفاء.

 

ينزل من تلك الجبال وادٍ كبير جعَل أهلُ القرية عليه جسرًا قد صنَعوه لهم من جذوع الأشجار، وجعلوا له حبالاً غليظة مربوطة على حافتي الوادي.

 

هناك كانت تسكن الحاجَّة جميلة مع ابنها أحمد، شابٍّ متديِّن اتخذ من بِرِّ أمه وسيلة لإرضاء ربه؛ فقد كانت تعاني من داء نادر أجاءها إلى أعالي تلك القرية؛ علَّها تجد الهناء والراحة التي حرمها منهما المرض، فبنى لها ابنها أحمد بيتًا صغيرًا يعيشان فيه ما بقي من العمر، وكان مرضها يتطلب تعاطيها بعض الأدوية كل صباح ومساء؛ حتى لا يَنتشر الفيروس في جسمها وينهار جسدها وينقض عليها الموت الذي يَنتظر الفرصة السانحة لاحتضانها.

 

في بداية كل أسبوع ينزل أحمد إلى المدينة ليأتي بما يكفي من الأدوية، والعقاقير، وتلك هي الحال لسنوات.

 

في مرة استيقظ أحمد باكرًا قاصدًا المدينة في يوم قد تأخر فيه شروق الشمس بسبب غيوم كثيفة آتية من الشرق، وما إن خرج من القرية حتى ابتدأت الأمطار في الهطول، وكأنها كانت تَنتظِر مغادرته، وكان في هطولها استمرار، وفي رياحها إعصار، ولمياهِها على الأرض انتشار، وعلى سكان القرية كانت لها أضرار؛ فقد سقط ذلك الجسر الذي كان يربط القرية بما حولها، وحُوصر سكانها بين تلك الجبال العالية.

 

رجع أحمد مساءً فوجد الوادي قد فاض ماؤه، وسقط جِسرُه، صُدِمَ مما رأى، وراح يجري على جانبي الوادي علَّه يجد طريقًا أو شيئًا يُساعده على تخطّيه، والوصول إلى أمه المريضة حتى اقتربت منه قوات الأمن، ومنعته من المرور ومُحاولة تخطي الوادي حفاظًا على سلامته، وهو يَصيح في وجوههم:

• دعوني؛ فأمي مريضة، وقد دنى موعد دوائها، لا بد أن أمرَّ إليها وإلا فإنها ستموت.

 

• رد عليه أفراد قوات الأمن: إنك لا تستطيع المرور يا سيد، فاصبر حتى تأتي الهليكوبتر، وتنقذ كل الموجودين في هذه القرية بمن فيهم أمك.

 

• فقال أحمد: هذا موعد دوائها، أرجوكم ساعدوني، يجب أن أدركها وإلا فإنها ستموت... ستموت.

 

رفضت القوات الأمنية مرور أحمد، ودفعته بشدة بعيدًا عن الوادي، وهو يَصيح، وينوح:

• ليس لي إلا هي، لن أعيش دونها، إنها كبيرة في السن ومريضة، أرجوكم دعوني أحاول المرور؛ فإن نجوتُ أَنقذتُها وإن مت رافقتها في موتها الأكيد.

 

أثَّرت حالة أحمد في ضابط صغير من القوات الأمنية فدنى منه خفية وقال له:

• صديقي، سأُساعدك فنحن لنا قارب صغير نمرُّ به كلما أردنا، فأعطني دواء أمك، ودلَّني على مكانها، وسأفعل ما تريد فعله.

 

هدَّأ هذا الضابط من روع أحمد، وقال له: إنها تشرب منه كل صباح ومساء، وإلا فالمرض سيَنتصِر عليها.

 

• فقال الضابط: سأكون مُمرضًا لها، فما عليك إلا أن تُحضر الدواء.

 

فكان ما أراد الضابط وأحمد، فأعطاه الدواء في ذلك المساء، وفي صباح اليوم التالي، ومرَّ اليوم الأول، والثاني، وفي صباح اليوم الثالث تأخر الضابط على أحمد، فسأل عنه أحد زملائه.

 

• فقال له: الضابط رضا؟ لقد ذهب ليأخذ الدواء إلى أمه؛ فقد قال: إن أمه تعيش هنا من فترة وهي مريضة.

 

• فقال أحمد: إنه دواء أمي، كيف يأخذه لأمه؟ لقد خدعني، أكيد أمي ماتت.

 

لا زال أحمد على هذه الحال حتى جاء الضابط رضا، فأقبل عليه يَضربه ويَصيح:

• يا مجرم، إنَّه دواء أمي، لا بد أن تموت كما قتلتَها، وحمل أحمد عصا كبيرة كانت بجانبه، وظلَّ يَضرب بها رضا بكل قوة، ورضا صامت مُكبًّا وجهه إلى الأرض لا يحرِّك ساكنًا، حتى سَمِعا دبيب شيء يجري في الجانب الأخر من الوادي، كانت أم أحمد لا تخطو خطوتين إلا وتسقُط في الثالثة، حتى اقتربت من حافة الوادي، ونادت بأعلى صوتها:

• يا أحمد، إنَّه أخوك رضا الذي كلمتُك عنه من قبل من زوجي السابق؛ فقد أخذه أبوه مني، ولم أره منذ ولادته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة