• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

النورج ( قصة قصيرة )

النورج ( قصة قصيرة )
هارون محمد غزي


تاريخ الإضافة: 23/10/2014 ميلادي - 28/12/1435 هجري

الزيارات: 5122

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النورج

( قصة قصيرة )


فسحتي في العيد برفقة زوج أختي، كان عمري عشر سنوات.

 

سرنا على طريق ترابيٍّ محازٍ للترعة وسط الجناين.

 

كلما مررنا على جماعة أو حتى رجل واحد تبادل معهم أو معه تحية الإسلام مع التهنئة بالعيد باهتمام شديد، وسعادة واضحة مع الشد على الأيدي بقوة، ومودة على غير سابق معرفة!

 

اجتزنا كثيرًا من الحقول، والجناين، والبيوت، والقنوات، بعض القنوات عليها معبر خشبي وبعضها عليها كوبري هندسي، وأينما سرَحَ بصرُك تُسعدُك رؤية الزهور الملونة في أنحاء الأرض، وعلى حوافِّ الترع: حيوانات الحقول من بقر جلده موشَّى، وجاموس جلده مفعم بالسواد، ناهيك عن الحمير الناعقة وكلاب الفلاحين الوفية العفية.

 

فجأةً اقتحم سمعَنا استغاثةٌ وصراخ ونداءات، ووجدت زوج أختي يجمع طرف ثوبه في فمه وينطلق كالصاروخ تِجاه الصوت، وأنا أتبعه لاهثًا مستطلعًا لعلِّي أستوعب ما يجري، اقتربت من صارخٍ يؤذِّنُ في الناس مرارًا: "العجل وجع يا رجالة".

 

فرأيت جاموسة سوداء انزلقت في الترعة فانثنت قوائمها تحت وطأة ضخامتها.

 

رجال أقبلوا جريًا تدفعهم المروءة، والشهامة، وحقوق الجوار من الجهات الأربع من أعماق الحقول.

 

تابعت الحادث بحرص مخافةَ تلويث ملابس العيد أنظر إليهم، وهم يزعقون، هذا باقتراح، وذلك بتوجيه.

 

خلعوا جلابيبهم وطوحوها كيفما اتفق، وقفزوا إلى الماء عن يمينها ويسارها.

 

منهم من يرفع قوائمها الأمامية، وآخرون يقيمون رجليها الخلفيتين.

 

أقبل ناس يحملون جذع شجرة طويلاً ثقيلاً صارخين فيمن سبقهم ليوسعوا لهم.

 

تعاونوا معهم في مد جذع الشجرة الطويل بكل جهد، وقوة أسفل بطن الجاموسة حتى برز من جهتها المقابلة، فغطس في الماء والطين رجال بسراويلهم من الجانبين.

 

رفع هؤلاء جذع الشجرة من هذا الطرف، وأولئك شالوه من الطرف الآخر، وثقل الجاموسة الضخمة في الوسط.

 

هم يقيلون عثرتها، وهي ما فتئت تيعر تحثهم على إنقاذها.

 

كانت هي أيضًا تهم أن تقف لكنها تعود فتنزلق وتنثني رجلاها تحتها مُحدثةً طرطشة طين وماء عكر تتوزع على الوجوه والأجساد.

 

المنقذون غير عابئين إلا بإحياء البهيمة الغالية رحمةً بمالكها المعلَّقة روحه بها، ربما تكون "شقى عمره".

 

وإذ بقوائم الجاموسة الأمامية يرفعها الأبطال فتنتصب، واقفة على أرضية حافة الترعة، ثم تمد رقبتها ونصفها الأمامي لتسحب نصفها الخلفي أيضًا بكل عزيمتها خارج الترعة، وسط تكبيرات الرجال وحمدلتهم.

 

أقبلوا علي الطيب يهنئونه، وهو في غاية الشكر، والثناء، والعرفان، يمسح على وجهها، ورقبتها بيديه، ويحبوها بقبلاته!

 

أخيرًا وصلنا إلى مجموعة أحسنوا استقبالنا.

 

واصطحبونا لحقلهم المملوء بأشجار المانجو التي اشترى زوج أختي ثمارها هذا الموسم.

 

يتفرس كل شجرة مانجو؛ ليحزر، ويخرص ما عليها من الثمار، ومدى نضجها.

 

دفع لهم لعمل مصدات هواء حتى لا تسقط الريح الثمار قبل نضجها.

 

بعد المعاينة اصطحبونا إلى المضيفة بمنزلهم المبني بالطين اللبن على أرض الحقل.

 

بجواره فسحة، واسعة بها النورج.

 

جلسوا في غرفة الضيوف يتحدثون.

 

لاحظت أنهم أحضروا لوازم الطبخ من الحقل:

الحمام الحي من البرج.

 

والجرجير، والمقدونس، والكوسة، وغيرها من الخضروات المرعرعة انتزعوها من الأرض طازجة. أدهشني أنهم لم يشتروا شيئًا!

 

لم أشاهد، لا بنات، ولا نساء، حتى الذين يخدمون الضيوف رجال.

 

وضعت المائدة: صينية نحاسية صفراء منقوشة كبيرة نوعًا ما فوق كليم مفروش أرضًا.

 

تحلقوا حولها، تناولوا الطعام بكفوفهم، وهم يتحدثون.

 

أتبعوه بارتشاف أدوار الشاي الأسود، وأمامهم طبق من التفاح البلدي الأخضر مقطوف توًّا من الشجر، ملأ أحدهم جيوب بدلتي اللامعة من هذا التفاح المُز.

 

تسللت إلى الفَسَحة؛ دائرة واسعة أرضها مغطاة بعيدان القمح المكسرة.

 

تجلس على مقعد النورج الواسع طفلة سمراء متلفعة بطرحة انسدلت من رأسها حتى وسطها رغم أن سنها لا يزيد عن ثماني سنين.

 

يدور بها الحمار المغمَّى بعصابة على عينيه يسحب النورج ذا العجلات التي تصطك وتئن.

 

اشتقت للركوب لتكتمل فرحتي بالعيد، فلما حازتني قفزت إلى جوارها.

 

الغريب أنها قبل أن أستوي على الكرسي نطّت كأنما خافت مني، لمحت سيدة متلفعة بالسواد أشارت إليها واختفيا خلف باب.

 

انكسفت، فهبطت لمجلسي مع الرجال واجمًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة