• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

البطانية المبروكة ( قصة )

هارون محمد غزي


تاريخ الإضافة: 21/10/2014 ميلادي - 26/12/1435 هجري

الزيارات: 4541

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البطانية المبروكة


كانتْ في غرفتها مع الداية - القابلة - المولدة، وأمي - أمها - في حالة قلٍق، يَلْهَجُ لسانُها بالدعاء أن يُساعدها الله، وأن يُسهِّلَ لها الولادة، وطال الصمتُ، وازداد القلق، وأخيرًا نادتني أختي التي ترقُد على ظهرها وبين رجليها المولدة (خالتنا العجوز)، مادَّة يديها تحت البطانية في ظني لتستخرجَ المولود مِن مَكْمَنِه، فدخلتُ الغرفة قلقًا متسائلاً: أي خدمة؟ أنا تحت أمرك!

 

فأشارتْ إليَّ أن أقتربَ منها؛ فبركتُ على ركبتي بحذاء صدرها، واقتربتُ مِن فمها، فقالتْ - في صوت خفيض -: يا أخي، طالتْ عملية الولادة، والمولودُ محشورٌ في عُنُق الزجاجة، وأظن خالتي الداية لا تستطيع إخراجه، فاطلبْ لي الإسعاف لتنقلني إلى المستشفى، فنظرتُ لخالتنا الداية، فقالت: "العيِّل رجليه بَرَّه، وأنا أنتظر الفرَج"!

 

تَم لفُّها والعيل المحشور فيها معًا بالبطانية المبروكة الفاخرة ذات الوجهين التي أحضرتُها لها مِن الأراضي الحِجازيَّة في آخر عمرةٍ لي، وحملتْها الإسعافُ إلى مستشفى القرية، وطلب مني الطبيبُ الانتظار بعيدًا.

 

علمتُ فيما بعدُ أنه طبيبٌ مُقيمٌ لا اختصاصَ له، ولما كنا نأتي يوم العيد الكبير أرسل لاستدعاء أخصائي النساء والتوليد، لكن لم يحضرْ أحدٌ، فقام الطبيبُ المقيمُ بمحاولة إخراج الجنين، فشَدَّه بطريقةٍ أدَّتْ إلى انفجار الرحِم، ونُزول الجنين ميتًا! ولم يُفلحْ هذا الطبيبُ في وقْف النزيف؛ لذلك قرَّر - بعد نحو ساعتين - نقْلَها بالإسعاف إلى المستشفى المركزي، وفي سيارة الإسعاف كنتُ معها، وكانتْ تبتسم وتقول لي: لا تخفْ، أنا بخير!

 

وتَمَّ إدخالُها إلى غرفة العمليات وتعليق كيس دمٍ لها، وأرسلُوا يستدعون الطبيب من سكنه في المستشفى، ولكنه تأخَّر في الحضور، فصعدتُ إليه أستعجل نُزوله؛ فوجدتُه مشغولًا بحلق لحيته! وبكل هدوءٍ قال: أنا طلبتُ تعليق الدم لها، وسأنزل حالاً!

 

فنزلتُ أنتظره في قلق.

جلستُ خارج غرفة العمليات المغلقة عليها هي والممرضة التي تتابع إمدادها بالدم، ثم طلبتُ مِن الممرضة أن أنتظرها في الأسفل، فانتظرتُ وأنا في حالة قلقٍ؛ هل جاءها الطبيبُ؟ هل سيُنقذها؟ هل ستعيش؟

 

وجاءت العاملة (التمرجية) السمينة، ومالَتْ عليَّ في وُجومٍ، وقالتْ: أنت مؤمنٌ بالله، والحق أخذ حقَّه!

قلتُ على الفور: ماتتْ؟

فهزَّتْ رأسها بالإيجاب!

 

فقلتُ: أرجوك حافظي على البطانية الملفوفة فيها، فهزَّتْ رأسها في صمتٍ، وقالت: إنهم أبلغوا النيابة، وهم في انتظار تصريح النيابة بدفنها، ولما وجدتُ أن إجراءات التصريح بدفنها ستطول عرجتُ على مطعمٍ، وتناولتُ الإفطار مبكرًا.

 

أطرقنا باب سكن وكيل النيابة حيث كنا قبل شروق الشمس، فنَظَر في الأوراق، وقدَّم لنا خالص عزائه، وسألني: هل لها أمٌّ؟ قلتُ: نعم، فأشار بسؤال أمِّها، وأحال الأوراق إلى شرطة القرية المقيمين بها للاستيفاء والعرض.

 

وفي القرية وجدتُ أحد أقارب خالتنا الداية - وهو موظفٌ كبيرٌ بمجلس القرية - قد أحضر أمي، ولَقَّنَها أن تقول: إنها فاجأتها الولادة بالمنزل، وكانتْ وحدها، وطلَبْنا لها الإسعاف، ولم تكنْ معها داية، وألا تتهم أحدًا، وتَمَّ التصريح بالدفن بعد العشاء ليلاً.

 

ملحوظة: تراجع قصة نجيب محفوظ: رثاء في أقلام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة