• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

دفاع عن الأدب

محمد بهي


تاريخ الإضافة: 10/8/2014 ميلادي - 13/10/1435 هجري

الزيارات: 8641

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دفاع عن الأدب


للشاعر والأديب المصري الكبير الأستاذ طاهر أبو فاشا (1908 - 1989 م) كتاب بعنوان: "الذين أدركتهم حُرفة الأدب"، وهو من الكتب الشائقة التي يَستمتِع المرء بقراءتها وصُحبتها لطرافة موضوعها، وهو في هذا الكتاب يتناول قضيةً قديمة جديدة هي: قضية ما شاع وانتشر في كتب الأدب تحت عنوان: "حُرفة الأدب"؛ كما في كتاب "ثمرات الأوراق"؛ لابن حجة الحموي، والذي أفردها بفصل خاص بها في كتابه.

 

والأستاذ أبو فاشا - رحمه الله - في هذا الكتاب يُحاول التأكيد على أن: "الأدب من حيث هو أدب لا يُمكن أن يكون لعنة تنصبُّ على رؤوس الأدباء، وأن الذين حورفوا من الأدباء تجد لحرافهم أسبابًا مُختلفة ليس الأدب واحدًا منها" (ص: 5).

 

وهو في هذا يُحاول نفي هذه التهمة عن الأدب، والتي ألصقها به الكثيرون حتى فشَت وانتشرت بين الناس، حتى إذا رأوا أديبًا يعاني في حياته من شقاء أو بؤس أو أصابه ضيق أو ألمَّت به كربة من كرب الدنيا قالوا في إشفاق بيِّن: "أدركته حرفة الأدب" في مُحاولة سَهلة لتبرئة أنفسهم ومُجتمعهم وعصرهم - بل والأديب نفسه - من هذه التهمة وإلصاقها بالأدب، والأدب منها براء.

 

يبدأ الأستاذ كتابه ببيان ما يراه الصواب في ضبط هذه الكلمة، فيرى أنها حُرفة بالضم لا حِرفة بالكسر، خلافًا لما اشتهر على لسان الأدباء والكتاب؛ نظرًا لأن حُرفة بالضم تعني: الحرمان وسوء الحظ، ويرى أنها أدلُّ على مقصودهم وحالِهم.

 

ويتساءل بعدها قائلاً: "ما العلاقة بين الأدب والعِوَز والحرمان؟ أو بينه وبين الجِدة وخفض العيش وإقبال الدنيا ولِين الحياة؟" (ص: 13).

 

فيُجيب قائلاً: "قد لا تظهر هذه العلاقة إذا كان الأديب لا يتَّخذ من الأدب مطية إلى المال؛ فقد يكون مبلول اليد على قدر من اليسار والسعة يُغنيه عن التكسُّب بأدبه، أو يكون مصروفًا عن التكسُّب بالأدب لأي سبب، ولكننا إذا قررنا أن الأدب فكر ومَوقف ورأي يَخرج من بوتقة الصياغة الفنية فإن أصحاب الأفكار والآراء بعامة مُستهدَفون، وبخاصة إذا كانت أفكارهم وآراؤهم تُعارض السُّلطة"، ويؤكد على ما يذهب إليه قائلاً: "ولكن لاحِظ أن ذلك لم يكن للأدب من حيث هو أدب، وإنما لموقف الأديب" (ص: 13).

 

وهو هنا يُقرِّر أن الأديب الذي تُصيبه حُرفة الأدب هو ذلك الأديب الذي يتَّخذ من الأدب وسيلة للتعيش وكسب الرزق.

 

ثم ينتقل لبيان سبب آخر يراه سببًا خاصًّا بالشعراء، وهو أن الشعراء قديمًا كانوا يتكسَّبون بالشعر ويتَّخذونه سبيلاً لرغد العيش ونَيل ملذاتها، وهذا قديم مشتهر عنهم، ودواوين معظمهم طافحة بهذا، وكتب الأدب بها الكثير من القصص عن هذا الأمر، ولكن عندما تغلَّب الأعاجم من الفرس والديالم والتركمان والشركس وركبوا الحكم وتمكنوا من السلطان، تغيَّر الحال، ولم يجد الشعراء آذانًا صاغية تَطرب لشِعرهم، ولا يدًا سخية تُجزل في عطائهم - إلا ما ندر، والنادر لا حكم له - ومن ثم اضطر الشعراء إلى البحث عن سبُل أخرى للعيش وطلب الرزق غير التكسُّب بالشعر، وعندها بارت تجارتهم وكسَدت صناعتهم وسخطوا على الدنيا عندما عضَّهم الفقر ومسَّتهم الحاجة، وظلموا الأدب حينما تصوَّروا أنه هو - وليس تخلُّف العصر وانحداره - السبب في حرافهم، وقال قائلهم (ص: 20):

ما لي خملتُ وضاع مكتسبي
هل أدركتني حرفة الأدب؟!"

 

ويرى الأستاذ طاهر - رحمه الله - "أنك إذا ذهبت تَستقرئ حياة المُكدين لوجدت لإكدائهم أسبابًا أخرى ترجع إلى سلوكهم أو إلى طبيعة العصر أو إلى نوعية علاقتهم بالمجتمع" (ص: 21).

 

وقد دلل الأستاذ طاهر - رحمه الله - على صواب ما ذهب إليه بذكر بعض مَن احترفوا شكوى الزمان، والذين كانت تطلعاتهم أكبر من واقعهم فأحسوا الحرمان ولا حرمان، وراحوا يسبُّون الأيام ويُعاتبون الزمان، وذكر مثالاً عليهم: الشاعر جحظة البرمكي في القديم، وحافظ إبراهيم شاعر النيل في الحديث، وبيَّن أنهما كانا في حالٍ لا يُمكن أن توصف أبدًا بحالة البؤس والعِوَز، ولكنهما كانا مستورَي الحال، لكن لم يكونا من الفقراء كما لم يكونا أيضًا من الأغنياء وسراة القوم".

 

ثم ذهب يذكر طائفةً أخرى ممن عاشوا في بؤس وشقاء وعِوَز من الشعراء، وذكر منهم: الحطيئة وأبو الشمقمق، وأبو الرقعمق، وابن لنكك، والخبز أرزي، وأبو الحسين الجزار، وابن دانيال الكحال... ثم انتقل إلى العصر الحديث فذكر من الشعراء: إمام العبد، ومحمد مصطفى حمام، وعبدالحميد الديب (وقد أطال عنده الوقوف)، ومحمود أبو الوفا.

 

وقد أبحر أبو فاشا - رحمه الله - في عوالم هؤلاء الشعراء، وبحث وفتَّش في حياتهم وطريقة عَيشِهم وأسلوبهم في التعاطي والتواصل مع عصرهم ومُجتمعاتهم، مُحاولاً الوقوف على السبب الحقيقي وراء حُرفتهم؛ حتى يدفع عن الأدب بعامة والشعر بخاصة هذه التهمة التي ألصقت به زورًا وبهتانًا.

 

لقد حاول الأستاذ طاهر أبو فاشا - رحمه الله - في هذا الكتاب الشائق الماتع الدفاعَ عن الأدب وتبرئة ساحته من تهمة لحقت به، وسعى جاهدًا في بيان أن هناك أسبابًا كثيرة مختلفة هي التي كانت وراء حُرفة الأدباء وإكدائهم ليس الأدب من بينها، بدليل أنه وجد الكثير من الأدباء في كل عصر ومصر سعدت دنياهم وبسمت لهم الحياة وتقلَّبوا في نعيمها، ونالوا من ملذاتها دون أن يشكل الأدب عائقًا لهم عن نَيل ما تمنوا.

 

ورحم الله الأديب الشاعر طاهر أبو فاشا الذي دافع في كتابه هذا عن الأدب.

 

المصدر: كتاب ( الذين أدركتهم حرفة الأدب ).

المؤلف: طاهر أبو فاشا.

دار الشروق - مصر - الطبعة الأولى 1401 هـ = 1981 م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة