• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

تبة ضرب النار ( قصة )

تبة ضرب النار ( قصة )
هارون محمد غزي


تاريخ الإضافة: 18/7/2014 ميلادي - 20/9/1435 هجري

الزيارات: 6152

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تبة ضرب النار


سيارة نقل بضائع، صدر الأمر بركوبها، فتسلق إليها الجنود في لحظات من كل جوانبها، كنا بعد الفجر، في جو قارس، مشحونين وقوفًا.

 

فراغ الطريق أمام السائق أغراه بالإفراط في السرعة.

 

الجنود رجتهم السرعة رجًّا شديدًا، وخافوا أن تدهمهم فاجعة، فراحوا يطبِّلون بأكفهم العتية على صاج (كابينة) السائق بعنف بغية تنبيهه إلى كبح جماح عجلته.

 

لكن السائق هو القائد الآن! قرر شيئًا غير مرادهم.

 

وقبل أمتار من الوصول إلى بوابة معسكر "تبة ضرب النار" المدججة بالحرس، والبوليس الحربي، أوقف السائق السيارة سريعًا أيضًا، فانكفأ الجنود فوق بعضهم داخل صندوق العربة المخلع.

 

بعضهم صرخ: حاسب، والآخر ضحك خجلاً، والأغلبية في حالة غضب ورُعب.

 

وما إن ركنت السيارة حتى لحقتها سيارة جيب كانت تطاردها ونزل منها رتبة كبيرة.

 

هبط السائق على الفور.

 

سحبت دمه المفاجأة، دق الإسفلت ببيادته، وضرب تعظيم سلام متشنجًا: تمام يا أفندم.

 

• سرعة متهورة ومعك أرواح!

• لأصل بالبنزين القليل.

• ومهمل في تموين السيارة!

 

تابعنا الحوار، ونحن نتجمع عن قرب، ونتمتم: السائق "يستاهل"، يا رب يحبسه، حتى "يبطل" سرعته الجنونية.

 

إلى جوف الصحراء القاري.

 

اللون الأصفر هو الطاغي على غيره من الألوان الباهتة، كصفرة التموُّج الرملي، أو لون الرداء الكاكي يكسو العساكر، أو لون (اليمك): العدس المفلس، يجملونه بوصفه بالأصفر، يا له من وجبة حامية، كثيرًا ما طف بالمعدة، خاصة في الجو الناري!

 

أرضية تبة ضرب النار: رملية ناعمة، تغوص فيها الأرجل، فيصعب مشيها في هذا الصيف اللافح.

 

بزغت أشعة الشمس البيضاء "مشبحة" باللون الأصفر، ومحاطة بلون ذهبي لامع أعطى شروقَ الشمس زينة العروس الباهرة أول تجليها لعروسها.

 

بدأ الدفء يشعُّ في أوصالنا.

 

تم توزيعنا مجموعات، كل مجموعة عددها عدد الشواخص.

 

والمجموعة التي عليها الدور تلبي الأمر، بالتقدم والرقود، والاستعداد بالتنشين، وكتم النفس، ووضع سن نملة "الدبانة" أسفل منتصف الغرض - الشاخص - مع تثبيت دبشك البندقية الآلية جيدًا في الفجوة التي تحت عظمة الكتف الأيمن، وعند صدور الأمر "اضرب" كتمت النفس، وصُدغي مسنود على الدبشك، وضغطت الزناد.

 

لا أدري، أأصبت الهدف أم انحرفت عنه، أم اندبت في كثيب رملي، فطيرت غبارًا كثيفًا لم ينقشع طوال عملية ضرب النار.

 

وقَر في ذهني أنني لم أُصِب الشاخص، وحزنت في نفسي.

 

بعد عودتنا من ضرب النار هنَّأني الصول على امتيازي في ضرب النار، وسلَّمني مدفع رشاش.

 

صار لي دون غيري سلاحان في عهدتي، على كتفي الأيسر بندقيه آلية، وعلى كتفي الأيمن مدفع رشاش، وأنا حكمدار جماعة الرشاش، المكونة مني ومن جنديين مخصصين لحمل خزائن المدفع الرشاش، ليمدوني بها أثناء القتال، حيث يكون أحدهما راقدًا يميني، والآخر ممتدًّا يساري.

 

فوجئت بحصولي على الامتياز في ضرب النار بالبندقية الآلية رغم توهُّمي أن ضرباتي كلها طائشة.

 

في اليوم التالي توجهت لأرض التدريب على ضرب النار بالمدفع الرشاش، وكان الصباحُ الباكر شديدَ الضباب، قارص البرودة.

 

رقدت ضمن مجموعتي، ومعي مدفعي الرشاش.

 

صدر الأمر: "اضرب".

 

لم أضرب، أو أضغط الزناد، نشنت، وكتمت نفسي، ولمست بخفة شديدة، وبلا أي ضغط على الزناد، إنما هي مسحة رهيفة بطرف إصبعي السبابة للزناد، فانطلقت طلقة واحدة، ولمسة ثانية بطلقة مفردة، وهكذا.

 

بينما كان غيري يكرُّ كل عبوة الخزينة بضغطة واحدة، فنهضت لأجد اللواءَ العملاق الأسمراني يمد يده إلي مسلِّمًا عليَّ بقوة ويقول: أعصابك وإصاباتك ممتازة، وأهنئك على تحكُّمك في الرشاش طلقة طلقة، ثم التفت لصول سريتي وقال له: يعطى إجازة أسبوعين مكافأة له.

 

ترددت على الصول عدة أيام أطلب الإجازة مكافأتي ويقول: "بعدين"، أو "بكره"، أو "لما أرجع من المأمورية".

 

ولما ألحفت السؤال، وألححت الطلب، ألقى إليَّ علبة صفيح أفلحت في تلقفها قبل أن تصكَّ وجهي! وقال: هذه مكافأتك.

 

فإذا بها علبة ورنيش أسود لتلميع البيادة!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة