• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

مسخ بشري في المسجد ( قصة )

مسخ بشري في المسجد ( قصة )
عبدالله عبدالقادر أحمد


تاريخ الإضافة: 16/6/2014 ميلادي - 17/8/1435 هجري

الزيارات: 9440

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسخ بشري في المسجد

 

مر زمان لم تتكدر فيه نفسي، ولم يتعكر فيه مزاجي، حتى أحياني الله إلى هذا اليوم؛ لأرى ما رأيت من سفالة، وانحطاط بشري، أشعرني باختلال توازن البشر، الذين ما عاد لهم شيء يكبح غريزتهم الشيطانية، حين يريدون فعل شيء.

 

ولست أدري أأبدأ بالمشهد الذي رأيته، أم أتريث في إيقاع الخبر عليكم، وأظل أشتم هذا المسخ البشري؛ حتى تهدأ نفسي، وتقر ثورة روحي، ويسكن ألمي؟

 

لا أعلم أن الإنسان يمتلك شيئًا أعز عليه من دينه، وإنسانيته، ترفعانه إلى أن يظل كائنًا، عاقلاً، مدركًا يتميز به عن الحيوان؛ فإذا فقد دينه لإغواء شيطان، أو إغراء لذة مادية، كان من الانحطاط البشري بمكان أن يتجرد عن إنسانيته، وآدميته.

 

بعد صلاة العشاء أسندت ظهري إلى حائط المسجد، أُسبح الله وأستغفره مما جنته يداي، وأذكره وأبوح له بما في خاطري.

 

ثمة جماعة أخرى للمصلين قائمة، ممن لم يدركوا الجماعة الأولى، وعلى يساري فتاة بلغت العشر أو ما فوق ذلك، ويبدو أنها تنتظر أباها الذي يصلي.

 

كانت الفتاة قد رزقت قدرًا من الجمال الطفولي، والبشري، مما ليس هو موطن حديثي.

 

رأيتها كعادة أترابها لاهية تروح وتغدو في محيط حدَّدته لنفسها لا يتجاوز قدر وثبة، ظنته آمنًا لها، تلهو غير محدثة ضجيجًا، أو صوتًا يلفت النظر.

 

جلست أتأمل فيها، وفي براءتها، وطفولتها، التي ازدانت جمالاً بعباءة ترتديها يستر جسمها سوى وجهها البريء.

 

قطع تفكيري صاحبي الذي أسند ظهره أيضًا إلى الحائط؛ وكأن الدنيا أنهكته بتصاريفها وإقبالها وإدبارها.

 

تحدثنا قليلاً عني وعنه، وعما يضع أثقال الحياة عن كاهل ذواتنا، وعيناي في تلك الحال تنظران إلى رجل غريب يقترب من الفتاة، ويلاطفها، ويبتسم لها، ويحادثها.

 

لم أعره اهتمامًا بالغًا؛ لأن المشهد عادي وطبيعي، وربما دفعني إلى ذلك حسن ظني فيه؛ رغم غرابة حاله، أو ربما لانشغالي بحديث صاحبي.

 

لكن الرجل الغريب تمادى في لطفه، حتى أدنى وجهه إلى وجهها، منحنيًا يحادثها كأن نفسه دنت من عالمها، فركع إجلالاً، وإذعانًا.

 

انحناءة جسمه الملتوية كالتواء نفسه، وفطرته، أخفت وجه الطفلة عنا، ونفسي في كل ذلك تبرر فعله بالحب، والعطف، مثلما يفعل الأسوياء.

 

بدا لصاحبي أن يخرج، ثمة همٌّ دنيوي في الخارج ينتظر الكل، تبعته قاصدًا الباب أجر خلفي أعباء الحياة، وأثقالها، وهمومًا أودعت بعضها في سجدتي.

 

لست أدري ما الذي دفعني إلى إلقاء نظرة أخيرة على الفتاة، قبل أن أكمل طريقي إلى الباب، لفتة أخيرة مني إليها كشفت عن ذلك الرجل الذي غلفته بحسن نواياي، لأكفر به سوء ظني بالناس.

 

ذلك الرجل الذي بلغت به الدناءة، والخساسة، وانعدام المروءة، إلى أن يرغم الفتاة على لثمها، وتحسس جسمها، ومداعبة خديها، وشفتيها، متجاهلاً حرمة المكان، ونظرة المصلين، ولا غرو فمن هان الله في نفسه، كان الناس في عينه أهون.

 

رأيت الطفلة غارقة في حيرتها، تسكب دموعها الحيرى، صامته كمزن يهمي من دون صوت، يمازج اللون الأحمر الحاكي عن عجزها بياضَ وجنتيها اللتان حكت براءتها، تحكي عجزها عن رد حقير ألجأها إلى زاوية يلاحق وجهها حيث أدارته.

 

تركت ما بي، هزني الموقف، وسدد طعنة أخرى إلى قلبي الموجوع والمكلوم من أوجاع الحياة وسهامها، وصرت أجر صاحبي الذي ما أن أدرك الموقف حتى سبقني إليها، وأخذ بتلابيب الحقير يسفهه، ويجمع في كفه غضبه؛ ليسدد لكمة تقضي على بقايا مسخه البشري، ولولا أن أمسكت به - حفظًا لكرامة المسجد - لفعلها، وليتني تركته ليفعلها.

 

ملت إلى الطفلة أسألها عن أبيها أيهم هو؟ فلم تستطع المسكينة التي غلبت عبرتها صوتها، سوى أن تومئ لي بنصف إيماءة أنه لا زال يصلي.

 

لحق بي صاحبي؛ ليخفف عنها وجلها، وخوفها، وحيرتها، التي كادت أن تدفعها إلى الخروج من المسجد لولا أن عادت إلى رشدها.

 

استغل الحقير الموقف ليفر من المكان كما دخله بنفس حيوانية، بهيمية، شيطانية.

 

سلمت الطفلة إلى أبيها الذي انتهى لتوه من الصلاة، وقف مشدوهًا لا يدري أي شيء حل بابنته، حتى أخبرته، فلم يدر أيلحق بالمجرم، أم يلملم روح طفلته التي تناثرت من الروع، لكنه فضل أخراها على أولاها.

 

وخرجت أنا وصاحبي وقد هد المسخ البشري ما تبقى في داخلي، من بقايا البهجة، وبواعث الأمل، خرجت وفي نفسي ألم يعتصرني، وجرح غائر ينكأ بقايا جروحي، حتى فاضت دمًا سطر لكم هذه القصة.

 

إن الألم الذي كواني، هو أن أرى البشر ينحطون إلى دركات سفلية، يتساوى فيها مع الحيوان، الذي يصرف شهوته كيفما اتفق.

 

أمضيت اليوم كله بعد ذلك وأنا منكسر النفس، موجوع القلب، شاغل البال عن ماهية هذا الإنسان، وكيف فضله الله على سائر المخلوقات؛ لكنه رغم ينزل إلى مستويات دنيئة تلحقه بالحيوان، أو ربما إلى ما هو أدنى من ذلك.

 

وبت أسأل نفسي، هل ثمة سبب واحد على الأقل يبرر تخلي الإنسان عن إنسانيته تحت أي ظرف كان؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- مسخ بشري
ماجد كبير - السعودية 19-06-2014 08:21 PM

جزاك الله خير أخي الغالي

1- حسبنا الله ونعم الوكيل
قلم الرحيل - الأردن 16-06-2014 11:25 PM

حسبنا الله ونعم الوكيل

لا أملك غيرها وغير أن استرجع

فإنا لله وإنا إليه راجعون

اللهم احفظ أبنائنا وشبابنا من الذئاب البشرية ونواياها

جزاك الله خيرا أخي

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة