• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

وزر الأخرى ( قصة قصيرة )

السيد إبراهيم أحمد


تاريخ الإضافة: 12/6/2014 ميلادي - 13/8/1435 هجري

الزيارات: 5173

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وِزر الأخرى


دخل بيته وكأنه شيخ قد جاوز السبعين من عمره، لم يُلق تحية المساء على زوجته كما اعتادت من لطفه وحسن معاشرته، حتى لو كان في عمله من المشاكل ما تنوء بحَمله الجبال والجِمال معًا، إلا هذه المرة فهي تُدرك تمامًا عمق المُشكلة؛ لقد حدث مالم يكن يَتمنيانه.. لا هو ولا هي، غير أنه حدث، ولا بد أنه سيُلقي عليهما بظلال كثيفة ثقيلة، بل حُمم بركانية ملتهبة قد تحصد معها كل حب السنين، إن لم تجرف معها بيتهما بجرّافات الغضب المَحموم، والانتقام والثأر لكرامته وكرامة أخته الصغرى التي طلَّقها منذ ساعات أخوها الأكبر وصديق عمره.

 

تمدَّد في فراشه بملابسه وحذائه، تقترب لتُساعِدَه في خَلع ملابسه، لكنه يُشيح بوجهه رافضًا، تستأذنه في إحضار الغداء الذي أصبح عشاءً، لا يُعيرها اهتمامًا، أحسَّت ببوادر الخطر تَقترب، جرجرت أذيال المُحاولة الفاشلة لتَنسحِب من الغرفة بقدمين عسكريتَين مهزومتين ثقيلتين، تعتكف في غرفة ابنهما الذي يقترب من إتمام عامه الخامس، تكوَّمت بجانبه ريثما يتقدم إليها طالبًا منها الجلاء عن المنزل حتى تهدأ الزوابع، أو أن يردَّ اللطمة بمثلها أو أشد منها.

 

كلما تقلب في فراشه وجد وجه أخته المُلتاعة بعد أن هدَّها وهزمها قرار الطلاق، ووالدته وقد خنَقها البكاء المرُّ على مصير صغيرتها؛ لتُصبح مجرد امرأة مُطلَّقة بعد عام أو يزيد من زواجها الذي لم يُثمر غير صراخ وشكاوى من الطرفين ومجالس صلح؛ ليُصبح هدوءُهما أشبهَ بالتهدئة التي لا تصمد لمدة طويلة بين دول الجوار المتنازعة ليحدث خلالها التناوش والتراشُق فالتشابُك ثم الالتحام، وتنهار في أعقاب ذلك كل اتفاقيات السلام، ثم تبدأ بعدها مُحاولات التهدئة من جديد، وضبط النفس إلى أن يتقدَّم الكبار للتوسُّط بجولات من التفاهم التي تأتي فى أعقابها دعوة طرفي النزاع لعقد مؤتمر سلام آخر يَعلم كل المؤتمرين أنه إلى حين وسيعودون إلى ما بدؤوه.

 

وجه أمه الهادئ انقلب ثائرًا، دمويًّا، عنيفًا:

• اسمع يا بني: أنت الآن كبيرنا بعد المرحوم، ما حدث إهانة لأختك ولك قبلَنا، ابنتهم لا بد أن تخرج طريدةً من بيتك إلى بيت أهلها بجوار البطل أخيها؛ ليَذوقوا مما ذُقْناه، ويعرفوا أن الله حق.

 

• الله حق يا أمي بدون هذا أو ذاك، لكن لا تنسَي أن ابنتك هي التي طلبت الطلاق بإهانة واستفزاز.

 

لم تدعْه أمه يكمل حتى نزلت عليه بسياط الاتهامات بالرعونة، والمَيل عن الحق لصالح صديقه وحبيبة القلب أخته، مع إضافة وابل من الفلكلور الشعبي عن خيبة أملها فى رجلهم، والناس خيبتها السبت و... لتقف مرة واحدة متوثبة تجاهه فى إنذار عاصف:

• أقسمتُ عليك، إن لم تَبت زوجتك فى بيت أهلها هذه الليلة أو صباح الغد على الأكثر، لا تمشِ فى جنازتي ولا تتقبَّل عزائي.

 

حاول أن يشرح لها ويطلب من أخته المسانَدة، لكنها قد أشارت لابنتها ليَنصرِفا من أمامه إيذانًا بنهاية وخلاصة الكلام الذي لا مُعقِّب بعده، وعليه الانصراف والتنفيذ وإلا...

 

يغادر فراشه ويتجه فورًا إلى غرفة ابنِه فيَفتح الباب ليُهلِّل الولد فرحًا بقدومه، بينما هي تثب من جواره تنظر إلى ذلك الرعب القادم بعينين مُتسائلتين وجلتين، لكنها من باب وقوع البلاء أفضل مِن انتظاره، قرَّرت أن تُنقذ بيتها وعائلتها الصغيرة في آخر محاولة منها لتتركه لضميره وقراره:

• أنا لم أطلب منك الطلاق، وزواجُنا سبقه خطوبة طيبة واحترام مُتبادَل، لم أجرحْك يومًا أو أجرح أهلك، لم أتعالَ عليك أو أتدلَّل بسماجة، لم أتعاطَ حبوب منع الحمل من خلف ظهرك لكي لا أُنجب منك.

 

وكأنها تسرد عليه خطايا أخته دونما تَصريح، وقبل أن تكمل فرَّ من أمامها ليعود أدراجه، ويجلس على كرسي أمام المرآة، ينظر إلى وجهه جيدًا، يخاطبه:

• لن أجد مثلها، وأمي تَنسى أنها حاضنة ولها البيت والولد، وأنا مَن سأُغادر لأجلس بجانب ابنتها، بينما زوجتي ستَخسرني وسأخسرها؛ لتصبح الخيبة خيبتين في عائلتنا.

 

يتذكر قرار أمه ووجه أخته يَستصرخانِه: أنت رجلنا.

 

ليَصرخ بصوتٍ يكاد يكون مسموعًا: وزوجتى وابني مَن سيكون رجلهما؟!

 

ليس هذا عدل الله!

 

وبينما هو هكذا، تدخل عليه زوجته وابنه وحقيبتهما، والولد يسأله:

• ألن تأتي معنا عند بيت جدي يا أبي؟

 

لم يكد ينطق بالنفي.. حتى وافته مُكالمة من والدته تسأله ماذا فعل؟

 

فيجيبها: عدل الله يا أمي.. فعلت بما حكم الله.

 

تفهم أمه أنه نزل على أمرِها فطلَّق زوجته، فتتنهَّد:

• أحسنتَ يا بني.

 

وتفهم زوجته أنه أنزل بها قصاصه العادل من وجهة نظره العين بالعين، رغم أنها كانت له نِعْمَ العينُ القريرة، ولا تدري لماذا دومًا في شَرقِنا يدفع المجني عليه فاتورة وحساب الجاني؟!

 

ينظر إليها طويلاً بحنان، ثم يأمرها بأن تعدَّ له حقيبته أيضًا، تستحلفه بالبقاء وأنها هي التى ستخرج ومعها صغيرهما، يستحلفها بالله أن تبقى هيَ ويبقى هو ويَبقى ابنهما وحبُّهما:

• أما الحقائب فللسفر إلى حيث لا نعرف أحدًا ولا يعرفنا أحد، إجازة قصيرة ثم نعود إلى عشِّنا مرة أخرى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة