• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

هل عرف أدبنا القديم فن المسرح ؟

هل عرف أدبنا القديم فن المسرح ؟
د. إبراهيم عوض


تاريخ الإضافة: 30/4/2014 ميلادي - 29/6/1435 هجري

الزيارات: 35635

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل عرف أدبنا القديم فن المسرح؟


السؤال في مثل هذا السياق دائمًا هو: هل عرَف أدبنا العربي القديم هذا الفن الأدبي؟

والجواب هو أنه لم يعرف فن المسرح الذي نعرفه الآن، وإن كان قد عرَف بعض أشكال أخرى ساذَجة لا تخلو من بعض العناصر التمثيلية كالذي كان يَصنعه أحد المتصوفة في عصر المهدي الخليفة العباسي؛ إذ كان يأتي برجال، فيُجلسهم أمامه واحدًا بعد الآخر، بوصفهم صحابة رسول الله، ثم يأخذ في تَعداد أعمال كل صحابي جالس أمامه ومآثره؛ لينتهي قائلاً لمن حوله: اذهبوا به إلى أعلى عِلِّيين، وفي القرن الثالث الهجري أيام المعتضد بالله العباسي، كان هناك رجل اسمه المغازل، يستطيع تقليد الشخصيات المختلفة كالأعرابي والزنجي، مع تقديم بعض المشاهد الصادقة من حياتهم وتصرُّفاتهم، ولدينا أيضًا خيال الظل الذي برَع فيه ابن دانيال في القرن السابع الهجري، وهو لون من الفن التمثيلي، وإن لم يكن الممثلون بشرًا، بل أشكالاً على هيئة الرجال والنساء، مصنوعةً من الجلد أو من الورق المقوى، ووراءها نور يظهر ظلالها على ستارة تنصب بينها وبين المشاهدين، في الوقت الذي يحرِّك هذه العرائس الورقية أو الجلدية رجل ماهر على النحو الذي يتطلَّبه الدور، وكان هناك في مصر قبل ابتلائها بالحملة الفرنسية ممثلون مسرحيون فُكاهيون هم الحكواتيون، يؤدون أدوارهم في الأماكن العامة أو في بيوت الكُبراء، كما اكتُشِف نصان مسرحيان عامِّيَّان بعنوان "سارة وهاجر" و"سعد اليتيم"، ما زالا يقدمان حتى اليوم في قرى الفيوم عند الاحتفالات الشعبية، ولا ننسَ تمثيليَّة خروج الحسين من المدينة قاصدًا العراق، ذلك الخروج الذي انتهى بمقتله في كربلاء؛ إذ كانت الشيعة - منذ القرن السابع الهجري - تحتفل به، وتمثِّل ما حدث في تلك الواقعة إلى أن توقَّف الأمر في العصر الحديث، وهو ما يطلق عليه: "التعازي الشيعية"، وفيها يقوم بعض الأشخاص بأدوار الحسين وآله وخصومهم، وكانت تلك المشاهد تُمثَّل كلَّ عام في ذكرى كربلاء، فهذا وأمثاله ما كان موجودًا في تراثنا، وهو الذي عبَّد الطريق إلى دخول المسرح كما تعرفه أوربا عندنا في العصر الحديث.

 

وهذا يقودنا إلى سؤال آخر هو: ما العوامل المسؤولة عن عدم ظهور فن المسرح في أدبنا القديم كما ظهر عند الإغريق والرومان مثلاً؟

هناك نظريات متعددة في هذا التعليل، فبناءً على أن المسرح هو فن الصراع، وأن الحرية الإنسانية هي أساس ذلك الصراع الذي قد يكون صراعًا عموديًّا؛ أي: صراعًا بين الإرادة البشرية والإرادة الإلهية، أو صراعًا أُفقيًّا بين الفرد والمجتمع، أو صراعًا ديناميكيًّا بين العفوية البشرية والقدر، أو صراعًا داخليًّا بين الإنسان ونفسه - ينفي محمد عزيزة - الباحث التونسي صاحب هذه التقسيمات - إمكانية أن يكون هناك صراع عمودي عند المسلمين؛ إذ لا يتصور وجود إرادة بشرية إلى جانب الإرادة الإلهية، وبالمثل نراه يزعم أن المسلم لا يستطيع أن يواجه مجتمعه ويدخل في صراعٍ معه، وإلا عُدَّ كافرًا، أما اللون الثالث من ألوان الصراع، فيستلزم - حسبما يقول - أن يكون شعورنا بالتاريخ شعورًا دراميًّا، على حين أن كل شيء لدى المسلم هو أمر حتمي مكتوب لا سبيل إلى تغييره، وبخاصة أنه يؤمن بأن تلك الحتمية هي حتمية عادلة، أما النوع الرابع، فلا بد له من شعور الشخص بالفردية، التي لا وجود لها عند المسلم، وهذا الكلام موجود في كتابه: "الإسلام والمسرح" الذي ترجمَه عن الفرنسية د. رفيق الصبان.

 

والناظر في هذا الكلام يُدرك لأول وَهلة ما فيه من سذاجة مضحكة، أو استبلاه مدهش؛ إذ يكفي أن ينظر الإنسان حوله في معظم بلاد المسلمين - وبالذات في البلاد العربية - ليرى أن عندنا الآن مسرحًا وكُتَّابًا مسرحيين ومسرحيات من كل نوع، رغم أننا لا نزال مسلمين كما كان أجدادنا مسلمين، فكيف يفسر "عزيزة" ومن نقل عنهم ذلك الكلام من المستشرقين هذا الوضع الذي يكذب كل ما زعمه وادَّعاه؟ وبالنسبة إلى النوع الأول ألا يمكن أن يكون الصراع بين إرادة المشركين وبين دين الله مثلاً، أو بين شهوة الإنسان المسلم وخوفه من عقاب ربه؟ أما الصراع الثاني - صراع الفرد المسلم مع مجتمعه - فهو لم يتوقف يومًا، فقد نشز الخوارج مثلاً على ذلك المجتمع، ولم يكفرهم أحد، وبافتراض أنه كان هناك تكفير، فهل منعهم ذلك أو منع سواهم من التمرد والخروج؟ وحتى لو تحرج الكاتب المسرحي المسلم من طرق ذلك الموضوع، ألا يمكنه أن يؤلف مسرحيةً تقوم على صراع بين شخص مسلم ومجتمعه غير المسلم، كما كان الوضع مثلاً أيام محاكم التفتيش في إسبانيا قبل عدة قرون، حينما كان المسلمون يُسامون سوء العذاب ويقتلون؟

 

بل إنه لمن الممكن أيضًا أن يتخذ هذا اللون من الصراع مسارًا معاكسًا؛ إذ كان في المجتمع المسلم على عهد النبي منافقون ويهود يعملون دائمًا على تقويض ذلك المجتمع، ومن ثم يمكن تأليف مسرحية تدور على الصراع الذي كان بين كل من هاتين الطائفتين من ناحية، والرسول ومعه جماعة المؤمنين من ناحية أخرى، كذلك كيف يقال: إن الضرب الثالث من الصراع لا يتصور وقوعه في مجتمع مسلم، والمسلم مطالب أن يبذل دائمًا أقصى جهده لتغيير المنكر؟ إن هذا معناه بكل بساطة أن الزعم باعتقاد المسلم أن كل شيء حتمي ومقدر سلفًا، ومن ثم لا يجوز دينًا أن يحاول تغييره - هو زعم سفيه، وهذا من الناحية الشرعية، وإلا فالمسلم - ككل إنسان - كثيرًا ما يسخط على وضعه، ويتمرد على الظروف التي خلقت هذا الوضع، ويعمل بكل ما في وسعه على تغييرها إلى الأفضل، وإلا فكيف نفسِّر كل ما بذله المسلمون على مدار تاريخهم الطويل من جهد لتحسين أحوالهم؟ إن القول بغير هذا هو - في الواقع - عمًى في المنطق والتفكير، أما تصوير المسلم على أنه هادئ النفس دائمًا وأبدًا لا يعرف التناقضات الداخلية ولا الصراع بين مطامحه وقدراته، أو بين عواطفه وشعوره بالواجب مثلاً، فهو تصوير يدل على سطحية الفَهم، ثم إن حصر الصراع في هذه الألوان الأربعة هو تضييق وضيق أُفق؛ لأن أنواع الصراع لا تنتهي: فصراع بين الزوج والزوجة، وصراع بين الحماة وكَنَّتها، وصراع بين الطلبة وأستاذهم، وصراع بين حزب سياسي وآخر، وصراع بين دولتين، وصراع بين طبقتين، وصراع بين طائفتين، وصراع بين حاكم وشعبه، وصراع بين اثنين من مهنة واحدة، وصراع بين الجيران، وصراع بين مذهبين أو فكرتين أو ذوقين... إلخ، بل يمكن أن تقوم مسرحية دون صراعٍ، فقد يؤلف أحدهم مسرحية تدور على التوتر الذي يصطلي ناره شخص ما في موقف من المواقف.

 

وهناك سبب آخر في نظر "عزيزة" أيضًا، وهو الادِّعاء بأن اللغة العربية لغة متجمدة لا تلائم متطلبات الدراما، فهي حين تعبِّر عن تجربة ما، إنما تلجأ إلى القوالب التعبيرية المحفوظة، ولا تهتم بنقل التجربة كما يعيشها صاحبها، وهذا كلام فارغ كله تنطُّع وتفاهة، فليست هناك لغة يمكن اتِّهامها بتلك التهمة، فضلاً عن أن تكون تلك اللغة بالذات هي اللغة العربية المشهورة بغناها ومُرونتها وإبداعاتها الغزيرة المتنوعة، لكن قد يكون هناك في بعض العصور الأدبية طائفة من المؤلفين يَبرز في كتاباتهم القوالب المحفوظة على حساب غيرها من التعبيرات التلقائية، وهذا شيء آخر غير ما يتحدث عنه "عزيزة"، وهو موجود في كل اللغات والآداب في بعض الفترات التاريخية، وعلى أية حال هل تغيَّرت اللغة العربية بحيث أصبحت الآن تتسع للإبداع المسرحي؟

 

إنها - بكل يقين - لم يطرأ عليها شيء جذري البتة، فماذا يقول المتنطعون السطحيون في هذا؟ وهناك من يقول: إن العقلية العربية نزاعة إلى التجريد لا التفصيل، هذا التفصيل الذي تستلزمه الدراما، وقائل هذا هو د. عز الدين إسماعيل، ولا أعرف على أي أساس استند في دعواه العجيبة تلك - وكنت أوَد لو أنه - بدلاً من إرسال القول على هذا النحو المتعسف، قد ساق على دعواه تلك ما يلزمها من الأدلة والشواهد طبقًا لما يقضي به منهج العلم، لكنه لم يفعل، ومن ثم فرأيه بهذا الشكل لا قيمة له، وبخاصة أن العرب قد تركوا وراءهم شعرًا وقصصًا، ورسائل ورحلات، وتراجِم ذاتيةً وغيريةً، مملوءةً بالتفصيلات الحية والدقائق الملونة والصور الواقعية، مما يعرفه من له أدنى تَماس مع نتاجهم الأدبي الغزير، ويجد القارئ رأي الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه: "قضايا الإنسان في الأدب المسرحي المعاصر".

 

وهناك من يرى أن السبب في عدم معرفة العرب لفن المسرح، يكمن في أن الإسلام قد منع نقل المسرح الإغريقي القائم على الوثنية وآلهتها، وعلى الصراع بين تلك الآلهة والبشر، وهو رأي قال به د. محمد مندور في كتابيه: "المسرح " و"الأدب وفنونه"، وكذلك توفيق الحكيم في مقدمة مسرحيته: "الملك أوديب"، ومعنى هذا الكلام أن المسلمين اطلعوا على المسرح الإغريقي وما فيه من وثنية تخالف الإسلام، فنفروا من ترجمته، لكن لم يحدث أن ساق مندور أو الحكيم أو غيرهما أي شيء يدل على معرفة المسلمين للمسرح الإغريقي، ولو كانوا عرفوا ذلك المسرح ما أخطأ كبار تراجمتهم وفلاسفتهم كمتى بن يونس وابن رشد وابن سينا في ترجمة مصطلحي "التراجيديا والكوميديا" فقالوا: إن المقصود بهما "المدح والهجاء".

 

ولمندور تعليل آخر ذكره في كتابه: "المسرح" ملخصه أنه قد قام بالمقارنة بين الشعر العربي القديم وأشعار الأمم الأخرى، فوجد أن ذلك الشعر يتميز بخاصتين كبيرتين، هما: الخطابية والوصف الحسي، وهاتان الخاصتان لا تصلحان للدراما، التي تحتاج إلى الحوار المختلف النغمات، لا الخطابة الرنانة، وإلى خلق الحياة الشخصية، وتصوير المواقف والأحداث، لا مجرد الوصف الحسي كما كتب، ويحق لنا أن نتساءل إزاء هذا الغلو الخطير: متى وكيف وأين قام مندور أو غير مندور بمثل تلك المقارنة؟ وما عدد اللغات التي كان يعرفها سيادته؟ إنه لم يكن يعرف إلا الفرنسية، وإلا الإنجليزية إلى حد ما، فهل يستطيع من هو في مثل وضعه هذا أن ينهض بتلك المقارنة، التي تحتاج إلى طوائف من النقاد ومقارني الآداب، تعرف كل لغات العالم، وتجمع أشعار العرب ونظيراتها لدى الأمم الأخرى، وتعكف على كل هذا إلى أن تخرج بما تضع عليه يدها من نتائج، وأين د. مندور من هذا كله؟ ثم من قال إن الشعر العربي جميعه شعر خطابي ذو وصف حسي؟ إنه - كأي شعر في العالم - فيه الخطابية، وفيه الهمس والنجوى، وفيه الانعزال عن الناس، وفيه الانغمار في الحياة والانشغال بمشاكلها، وفيه الوصف الحسي، وفيه الوصف الباطني، وفيه التأمل الفكري، وفيه التحليل العاطفي، وفيه القصص والحوار... إن معلقة ابن كلثوم مثلاً تغلب عليها القعقعة، وهي قعقعة مطلوبة في السياق التي قيلت فيه، ولا يصلح له غيرها، وفيها مع ذلك الإبداع الفني على أحسن ما يكون، يعرف ذلك كل من قرأ تلك المعلقة البديعة، أما قصائد جميل وقيس وكثير فكلها همس واستبطان ذاتي وضراعة يائسة وعذاب أليم يتجرعه صاحبه في عجز، ولدينا قصيدة مالك بن الريب في رثائه لنفسه، تلك القصيدة التي قلما يتصور الإنسان أن لها شبيهًا في أشعار العرب، أو الأمم الأخرى، ولدينا شعر الفرزدق في الحديث عن الذئب، وشعر جرير في بكاء رفيقة عمره، ولدينا زهديات أبي العتاهية، وشعر أبي نواس القصصي في مغامرات اللهو والشراب، ولدينا قصيدة ابن الرومي في جمال صوت وحيد المغنية، وقصيدته في رثاء ابنه محمد، وأشعاره في وصف الطبيعة، وعلى رأسها عينيته المشهورة، ولدينا قصيدة المتنبي في الحمى، وقصيدته في خولة، وميميته في سيف الدولة، ولدينا رثاء المعري لأبي حمزة الفقيه، ولدينا ندميات ديك الجن، وأبيات ابن خفاجة في الجبل، وقصائد البهاء زهير، وبردة البوصيري، بل إن القصيدة الواحدة لكثيرًا ما تجمع بين القعقعة والنجوى في قرن واحد كما هو الحال في معلقة عنترة مثلاً حيث نسمع صوته مجلجلاً يحذر من يفكر في ظلمه، ويهدده بالويل والثبور وعظائم الأمور، ليأتينا عقب ذلك صوته الهامس النبيل الجميل متحدثًا عن حصانه وشكواه بعبرة وتحمحم جراء وقع الرماح في صدره، والذي لو كان يعرف كيف يتكلم لكلمه بلغة فصيحة مبينة كالتي يتكلمها هو، أو منتشيًا بغناء الذباب في الروضة فرحًا بالخضرة والنضرة غب تهطال المطر، وقد سبق أن تناولنا هذه النقطة على نحو أكثر تفصيلاً في كتابنا هذا، أما ما يقوله مندور فهو كلام في الهواء، لا يثبت شيئًا، ولا يدل على شيء سوى أن صاحبه لا يبالي بما يقول، وهو مزلق خطير، وكثير من الشعر العربي القديم يفيض بالقصص والحوار الذي يعكس نفسية كل متكلم، كما في معلقة امرئ القيس، ولامية الحطيئة في نزول ضيف على أسرة معدمة منعزلة عن الناس، والحياة في البيداء لا تملك ما تضيفه به، وأشعار ابن أبي ربيعة والعذريين، ورائية بشار الفاجرة، وكثير من خمريات أبي نواس، وقصيدة البوصيري التهكمية التي يشكو فيها لأحد المسؤولين بالدولة فقره وحاجة أهل بيته إلى التوسعة في النفقة حتى يعيشوا كسائر الناس، ونونية صفي الدين الحلي التي يتغنى بها محمد عبدالوهاب، وكلها قائمة على الحوار الرشيق المترف بين الشاعر وحبيبته... إن د. مندور - حين يقول ما قال - إنما يوحي بأنه لا علم له بالشعر العربي؛ إذ لا يمكن أن يصدر قوله هذا عن رجل يعرف ذلك الشعر ولو معرفةً بسيطةً، وهذا عار لا يليق.

 

والواقع أن حسم القضية الخاصة بعدم معرفة العرب المسرح هو أمر ليس من السهولة بمكان، فقد مضى كل شيء إلى غير رجعة، ولم يعد هناك عرب يمكن أن نسألهم عن السر في ذلك مثلاً، فأصبح البحث في المسألة كأنه بحث فيما وراء الطبيعة، وربما كان لصعوبة ظروف المعيشة التي كان يعيشها العرب دخل في ذلك؛ إذ لم تكن تدع لهم فرصةً لالتقاط الأنفاس والاهتمام بمثل ذلك الفن المعقد، فقد كانوا في حل وترحال جريًا وراء الماء والكلأ، وكانت المعارك تشتعل بينهم لأتفه الأسباب، كما كانت النزعة الفردية متسلطةً عليهم، اللهم إلا فيما تمليه عليهم الحياة إملاءً لا معدى عنه؛ كالحرب وتنظيم القوافل مثلاً، والمسرح يحتاج إلى جهود في الإخراج والتمثيل وإعداد المسرح ومستلزماته، وفوق هذا فالتمثيل يقتضي اختلاط الرجال بالنساء، ولا أظن النفسية العربية في ذلك الوقت كانت تسيغه أو تسيغ قيام الرجل بدور المرأة على المسرح، ثم إن عدم وجود مواد سهلة ورخيصة للتدوين، وهذا لو أغضينا الطرف عن انتشار الأمية فيهم إلى مدًى بعيد، من شأنه أن يقوم عقبةً دون ظهور المسرح؛ إذ تحتاج المسرحية الواحدة في كتابتها إلى عشرات الصفحات... هذا مجرد اجتهاد مني، لا أدري مدى صوابه أو خطئه، لكن يبدو لي أنه لا يخلو من وجاهة، وهو جهد المقل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- كيفية التحميل
جهاد - مصر 21-12-2015 08:25 PM

لو سمحتم أنا لا أعرف كيف أحمل المادة من الصفحة يا ليت أحد يفيدني

سكرتير التحرير:

لحفظ المادة يمكنك نقر أيقونة ال PDF أعلاه بالزر الأيمن للفأرة واختر (حفظ الهدف باسم).. 

 

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة