• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الاختيار ( قصة )

سلطان إبراهيم


تاريخ الإضافة: 24/4/2014 ميلادي - 23/6/1435 هجري

الزيارات: 4417

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاختيار


بعد إلحاحٍ وافَقَ أحمد على الزواج، وأخبر والدته بمن يُريد، فهمت الأم فقالت له- أرجوك يا بُنيَّ، دعْكَ مِن هذه واختَر غيرها، أنا متأكِّدة من أنك لا تحبُّها، وهي كذلك لا تحمل لك غير مشاعر الأخوة.

 

♦ لا يا أمي، لو لم تكن هذه فلن أتزوج.

 

♦ يا بني، أنا متأكدة من أنهم سيوافقون، وأن هذا سيُسعِد خالتك، ولكن أنت لا تختار فاطمة لذاتها، بل أنت تَختارها لأنها أخت إحسان التي ربطتك بها علاقة الحب القوية التي كانت مِن ناحيتك، ولكنها لم تكن تكنُّ لك ما تكنُّه لها، وبمجرد أن لاحَت لها فرصة في الزواج بابن المعلم سيد، نسِيَتْ هواك وتنكَّبت لوعودها، ووافقت على الفور عليه.

 

♦ أرجوك يا أمي لا تُذكِّريني بهذا الجرح، فأنا لم أكَد أشفى منه بعد.

 

♦ يا بنيَّ، أنا أ ريد أن أضع عينك على الحقيقة حتى لا تفشل الزيجة؛ فالعروس تهمُّني كما تهمني أنت، فهي ابنة أختي وأنت ابني.

 

♦ لا تَقلقي يا أمي؛ ففاطمة بنتٌ طيِّبة ومؤدَّبة، وأنا أَشعُر أنها ستكون زوجة صالحة، ويَكفي أنها تَحمل لك الودَّ والتقدير، وتُعاملك معاملةَ البنتِ لأمها.

 

كما ترى يا بنيَّ، سأتقدَّم لخطبتِها الليلة.

 

ذهبت الوالدة في المساء لزيارة أختِها التي فرحَت بقدومها، وقد كانت مُحرجة منها بعدما حدَث مِن ابنتها، فأخذت تَعتذِر لها قائلة:

واللهِ لو كان الأمر بيدي لما فضَّلتُ على أحمد أحدًا؛ فظُفُر أحمد برقبة ربيع ووالده، ولكن البنت المَفعوصة قد خُدعت ببريق المال، وكل شيء قِسمة ونصيب، "وأهي والله شافت نتيجة خطئها بعينها، ومرَّت سنتان ولسَّه حتى ما فرحت بمولود"!

 

♦ لا يهمُّ ما مضي يا أختي، وربنا يُسعدها، ويصلح لها حالها وحال زوجها، ويَهدي سرهما، وعلى العموم ما زالت ملحوقة.

 

♦ تقصدين...!

♦ وهل سيُوافِق أحمد؟

♦ المهمُّ هل ستُوافق هي؟!

♦ أنا "عرفه" رأيها، ومتأكِّدة من أنها تتمنى أحمد، وقد صرَّحت لي بذلك!

♦ وأنا ما جئت إلا بطلب من أحمد.

♦ على بركة الله.

 

تمَّت الزيجة سريعًا، وفوجئ أحمد بأن فاطمة تَحمل له أضعاف ما تَحمِل إحسانُ من الحبِّ، إنها نعم الزوجة!

 

وسرعان ما أسعد الله قلب أحمد ببُشرى جعلته يُحلِّق في سماء أفراحه؛ فقد بشره الطبيب بأن فاطمة حامل في توؤمٍ.

 

وقد سارت الحياة بهما في رضًا وسعادة، بدأت الحياة تبتسِم له؛ فقد بدأت تِجارتُه الصغيرة في الاتساع شيئًا فشيئًا، وها هو يَشتري بيتًا جديدًا وسيارة، وفاطمة زوجته هي كل حياته وأمُّ ولدَيه المرتقبَين، وهي قمة الطاعة والذوق والمحبَّة.

 

بينما إحسان التي انتقلَت زوجة لربيع في بيت المعلم سيد قد فوجئت بالحياة على غَير ما توقَّعته من الهناء والنعيم؛ فهي زوجة لربيع في وسط أربع نسوة أشبه بالضرائر، رغم أنهنَّ زوجات لإخوة ربيع.

 

والبيت يضجُّ بالمكائد والمؤامرات، وربيع لا يكفُّ عن الشراب ومُصاحبة أصدقاء السوء، وتسمَع منه جعجعةً ولا ترى طحينًا؛ فهو مُقصِّر في أداء الحقوق، وفظٌّ في تعامُلِه، يُعوِّض نقصه بالضرب والشتائم.

 

مرِضَت إحسان فأهمل علاجها حتى شحبتْ، وتكاثَرت عليها المكايد من زوجات إخوة ربيع، واتُّهِمت من الجميع بالتقصير في أدائها لأعمال المنزل.

 

أخذت تُقارن بين حياتها وحياة أختها، فتندَّمت على ما كان منها مع ابن خالتها، وحاولت أن تجد لها مخرجًا من آلامها وأحزانها فلم تجد إلا العودة إلى الصلاة والقرآن، فبدأت في التعافي شيئًا فشيئًا، وأحسَّت بداخلها بجرعة الصبر تزداد كلما ازدادت قربًا من ربها، وقد عزمت على استكمال حياتها والرِّضا بقسمتِها، ولكن حدث ما لم تكن تتوقعه أو تتحمله؛ ففي ليلة كان ربيع قد تأخَّر فيها خارج المنزل، فُوجئت بمن يَفتح عليها غرفة نومها، لم تكن ساعتها نائمة؛ فقد أنهت صلاتها منذ لحظات وتمدَّدت على سريرها تَذكُر ربها، أحست به فتناوَمَت، وفوجئت بالمعلم سيد وهو يَقترِب من سريرها ويُحاول لمس جسدها، فانتفضت من نومها، فقال لها: لا تَخافي؛ ربيع لن يأتي إلا بعد ثلاث ساعات، وسأُعوِّضك فيها عن الحرمان بدلاً من هذا الولد الخرع.

 

♦ لملمت نفسها ثم قالت له: حرام عليك يا معلم، أنا عرضُ ابنك.

 

♦ منذ أمدٍ بعيدٍ وأنا أشتهي قربك، لكن كان يُبعدني عنك ما أراه من زهدك وعبادتك، ولكن الليلة لن تُفلتي مني!

 

♦ إن لم تَخرُج من هنا سأصرخ بأعلى صوتي وسأَفضحك.

 

♦ لطمها على وجهها قائلاً: "بتهدديني يا بنت...؟".

 

♦ حاول أن يهجم عليها فدفعته واستطاعت التخلُّص منه، وانطلقت تَهبط السلم لتَصطدِم بزوجها، فقالت له: أغِثْني يا ربيع.

 

فوجئت به يقول لها: "فيه إيه، أنا وأبي مثل شخص واحد".

 

صدمتها الكلمة فانطلقَت هاربةً مِن هذا المستنقع إلى بيت والدها.

 

وقطعت المسافة جريًا وهي في ملابس نومِها، ومِن ستر الله عليها أن الوقت كان متأخِّرًا ولم يرَها أحد، قصَّت على أمها ما حدث، فاحتضنتها وأخذت تُهدئ مِن رَوعها.

 

وفي الصباح جاءهم رسول من بيت زوجها ربيع يُطالبها بما سرقته مِن الذهب والمصوغات، وصعِقَت مِن هذه الجرأة والوقاحة، ولم تَملك إلا أن تقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

كان الهدف مِن إرسال الرسول من بيت الزوج هو التفاوض على الطلاق دون فضائح وبأقل الخسائر للزوج، وبالفعل تنازلت إحسان عن كل مستحقاتها لتُفلت من هذا المستنقع.

 

وأصبحت مُطلَّقة بعد عامين وخمسة أشهر من الزواج، وكم حمدت ربها على أنها لم تُرزَق بمولود يَربطها بهذا البيت مرة ثانية.

 

ويأتي انتقام الله لإحسان سريعًا، فبعد أسبوع واحد من إتمام الطلاق، وفي أثناء عودة ربيع ووالده مِن مهمَّة عمل لهما وعلى الطريق السريع يَصطدِم الميكروباص الذي يُقلُّهما بسيارة نقل، ويُحمَل الركاب إلى المستشفى، ويَنجو الجميع عَدا ربيع ووالده فيموتان معًا في هذا الحادث!

 

تستمر إحسان في رحلتها مع القرآن التي بدأتها، وتقوم بفتح كتَّاب مجَّاني لتحفيظ القرآن للأولاد، وتستردُّ إحسان العافية شيئًا فشيئًا.

♦     ♦     ♦


كانت الحياة تَسير بأحمد وفاطمة على خير حياة بين زوجين وفيَّيْن لبعضهما، ولم يكن ما مرَّ بإحسان بعيدًا عن أختها؛ فقد طلب منها أحمد أن تُواسيها وأن تُحسن إليها، وقد كانت إحسان تجد سلوتها وراحتها مع أختها، وفي مهمَّتها الجديدة التي استطاعت أن تُحقِّق فيها نجاحًا طيبًا في وقت قليل، فبدأ الأولاد يتوافَدون عليها لحفظ القرآن فأحسَّت بأنهم كلهم أولاد لها.

 

وكانت فاطمة كلما اقترب موعد الولادة تزداد تعبًا، وإحسان تُحاول خدمتها والقيام على رعايتها في الوقت الذي لا يكون أحمد فيه في المنزل؛ فقد كان كل منهما حريصًا أشد الحرص على عدم الالتقاء بالآخر، حتى حان موعد الولادة وأخبر الطبيب أحمد أنه لا بدَّ من عملية جراحية، وأن هناك خطرًا يتهدَّد الأم وأطفالها، وأنَّ عليه أن يرتِّب نفسه على كل الاحتمالات.

 

قال أحمد للطبيب: أرجو أن تبذلَ جهدك لاستنقاذ الأم.

 

وأجابه الطبيب بأن الأمر يَرجِع لاختيار الله.

 

كانت فاطمة تشعُر أن نهايتها قد اقتربت، وقبل دخول العملية قالت لزوجِها: أَشعُر أنها النهاية يا أحمد، فأرجو أن تُسامحَني على كل تقصير معك.

 

♦ ربنا يَحفظك يا أغلى درَّة في حياتي، فما عرفت للحياة معنًى ولا ذُقْتُ للسكينة طعمًا إلا معك.

 

♦ أريد أن أطلب منك طلبًا يا أحمد.

 

♦ مريني يا أغلى الناس.

 

♦ أريدُك أن تُسامح إحسان أختي.

 

فوجئ أحمد بطلبِها.

 

وسكَتَ برهة ثم قال: الله يَعلم أني سامحتُها مِن كل قلبي، وقد كنتُ مُتعاطفًا معها في محنتها، وما منعني من الحديث إليها هو فقط دفع الحرَج عنها.

 

♦ إنْ كتَبَ الله لي الرحيل فلا تَحرمها مِن ولديَّ، أنا أتمنَّى أن تجعلها أمًّا لهما من بعدي، ولكن لا أريد أن أشقَّ عليك في هذا، فليس أقل مِن ألا تحرمها منهما وألا تحرمهما منها.

 

طفر الدمع من عين أحمد وهو يُقبِّل جبين زوجته ويدعو لها بالسلامة وتمام العافية، بينما الطبيب يستحثُّهما على الدخول إلى غرفة العمليات.

 

كانت هي المرة الأولى التي يَجمع فيها أحمد وإحسان لقاء في مكان واحد، هو يوم العملية، وقد كان كل منهما لا يَنظر إلى الآخر، وكلاهما مَشغولٌ بأمر فاطمة عن أمر نفسه.

 

مرَّ الوقت بطيئًا ثم خرَج الطبيب مِن غرفة العمليات ليُعلن أن أمر الله قد نفَذ، وأن الأم قد لحقَت بربها، والولدَين خرَجا إلى الحياة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- رائع
محمد عبدالمعبود - مصر --المنيا--- بنى مزار 25-04-2014 03:56 PM

سرد قصصى رائع ولكن هناك حبكة فنية أعلى مع العيش مع المشاعر لكل الأدوار
وأجمل إن كانت من أخي سلطان الذي أعرفه

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة