• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

ثلاثية الآحاد السادسة

ثلاثية الآحاد السادسة
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 24/3/2014 ميلادي - 22/5/1435 هجري

الزيارات: 3433

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثلاثية الآحاد السادسة


(1) سجايا

وقبل أن أتطرق إلى أيُّنا يسأل وأينا يجيب، أقول:

"إنه ربما كان السائل مختبرًا، والمسؤول مجتهدًا؛ فأنعم بمجتهد يَمتحنه السائل، وطوبى لسائل يشغلني بالنافع؛ حتى لا أنشغل بالباطل".

•••••


قال أحدهم لأحدنا مُستغربًا:

عجيب أمر الناس!

فقال أحدنا: لو عرَفت الأسباب ربما بطَل العجب، وما العجب في أمرهم؟

أحدهم مُعلِّلاً: إنك لترى الرجل منا يركب السيارة الفارهة الخلابة الهيئة؛ يمرُّ على الناس مرور الكرام، يَنظر من نافذة سيارته يشير إلى الرجال؛ يُلقي إليهم السَّلام؛ فيَحتفلون بالردِّ احتفالاً، ومنهم من يتهيب فيقوم احترامًا، ويَعتدِل غيرُه توقيرًا وإجلالاً، وإذا مرَّ عليهم مَن دونه مِن الرجال الذين لا يَجدون إلا أقدامهم وسيلة للمَسير، لوَّوا رؤوسهم وأعرضوا، وقليل من يؤتي الطريق حقَّه في رد السلام.

 

فما تقول في هذا - أكرمك الله؟

أحدنا: إن ما تتعجَّب منه قديم، قديم وثابت في النفس البشرية ثبوت الجينات الوراثية في الأجساد، وإن تعدَّدت واختلفت وسائل التفاخُر والتظاهر باختلاف العصور والأزمنة، وقد أجابك (أبو الفتح علي البُستي) في نونيته القديمة الرائعة حين قال:

والناسُ هضب شِمام حيث مَيسرةٌ
لكنَّهم حيث مالَ المالُ أَغصانُ

 

فهذا شأن الكثير لا يُعاقبون عليه بالكبيرة، وما يدري النيات غير فالق الحب والنَّوى - جلَّ جلاله.

 

وأنصحك ألا تُراقب الناس وإلا متَّ غمًّا، كما قيل من قبل، والله حسبي وحسبك.

 

أحدهم: ونعم الوكيل، ولم ينصرف، علمتُ أن أمرًا آخر يشغله.

•••••


(2) أُلفة الجمادات

ولما كان أحدهم لم يكن قد انصرف، علمتُ أن هناك ما يشغل رأسه، فقلت لنفسي: لن أبتدره بكلام حتى يغب ما فيه، فربَّ صامت يفوز على متفوِّه يَبوح بكل ما يمر على فيه.

 

قال مُستفهمًا: هل حقًّا تعشق الجمادات يا صديقي؟

قلتُ - ولست متعجبًا -: ليس لهذا الحد، وربما هي بمثابة الألفة، أو أنها تصطحب تجارِب سارة أو مُحزنة لصاحبها، فمِن هنا يأتي الارتباط وتولد الألفة للجمادات والأشياء.

 

أحدهم: علِّل بمثال.

أحدنا: كان لأمي مِصباح يوقد بـ (الكيروسين) مكوَّنًا من قطعتين؛ الأولى القاعدة، وتختصُّ بوعاء الكيروسين، وكأس تثبيت اللمبة الزجاجية التي منها ينتشر الضوء واللهب.

 

ابتسم أحدهم وقال: أعرفه وعاصرتُه، لا تَصِفُ لي تكوينه وتركيبه، لكن قل لي ما سبب ذِكْرك إياه؟

أحدنا: كانت أمي - رحمها الله ورحم موتى المسلمين - كلما جنَّ علينا الليل وأوشك على الإطباق فلا نميز الخيطين بعضهما من بعض، أمسكَت بالقطعة الزجاجية - أقصِد اللمبة - وقامت بتنظيفها جيدًا بالماء، ثم تقوم بتجفيفها بورق الجرائد القديمة أو القماش؛ حتى تَصير لامعة تكاد تَنبض بالصفاء والشفافيَّة؛ وذلك تحسُّبًا لانقطاع التيار الكهربي، فإذا ما وقع ما حذرْناه؛ جيءَ بالمِصباح ثم وُضِعَ في مُنتصَف صحن الدار؛ فلم يَجد إخوتي بدًّا من الالتفاف حول ذلك المصباح إنجازًا للدروس والأعمال، وأجمل ما فيها تناول الطعام؛ وكانت عيونُنا تلتقي من خلال تلك المِساحة القصيرة المضيئة، نعبَث بالمصباح حينًا، ونجدُّ في الاستِذكار حينًا، حتى إذا أتى التيار وأُشعلَت مفاتح الكهرباء دلف كل واحد منا إلى حجرته وأغلق بابه، وما التقَت عيونُنا وما طعمنا معًا.

 

أحدهم قد هام هو الآخر متذكرًا أيامه مع ذويه، قلت: لكلٍّ ذِكرياته التي يُحبُّها حتى ولو كانت بأبسط الإمكانات مما أُلف وعُرف، وسبحان من بيده الدوام.

ولكنه لم يَنصِرف فقلتُ: ما بك اليوم لا تقنعك إجاباتي أم أن شؤون الخَلق تُعييك؟

فقال: سأسألك الثالثة، ثم انصرف، بإذن الله.

•••••


(3) الشجر والظل والثمر

قال أحدهم لأحدنا مُتمًّا الثالثة من السادسة:

ماذا لو لم تَرتوِ الأشجار أو تلعَق نفحات المطر؟

أحدُنا: بديهي ألا نُؤتى منها الثمر.

 

أحدهم مُتعجِّبًا: والظل الوارف والخضر ليس يَعنيك؟!

أحدنا: أقول على سبيل الإجمال....

 

أحدهم محتدًّا: وأنا أبتغي التفصيل...

أحدنا: ما أظنُّك بدرجة من السذاجة تجعلك تنتظر مني تفسيرًا لعمليات البناء الضوئي والإنماء، وفضل الأخضر والماء.

أنت ما قصدت ذلك؛ إنما تَعني الراعي والرعية، أو صاحب الفضل والمتفضل عليه.

 

أحدهم: علمت... ففسِّر.

أحدنا: كل ما أدريه وأعلمه أن ثمة قومًا من الناس - وليس الكل - لا يَحمد لك السعي في أمره حتى يراه على الوجه الأمثل، ولربما نسب لصاحب الخطوة الأخيرة الفضل كله.

 

أحدهم آسفًا: أصبتَ مقصدي.

أحدنا: لا تحزن فتلك موازين البشر، لا تُعطي ولا تَحكم إلا بالظواهر، أما ميزان رب القوى والقُدر، فلا يذر قيد أنملة أو أدنى من مثقال الذرة إلا وجازى به؛ فمعفيَّة، ومجزيّة.

 

يا أخي، إن الناس قد جُبلوا على النكران، وقليل من عباد الله الشكور.

قال: صدقت، وأخيرًا..... انصرف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة