• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

جنان القرمود ( قصة )

حميد بن خيبش


تاريخ الإضافة: 13/3/2014 ميلادي - 11/5/1435 هجري

الزيارات: 4197

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جنان القرمود ( أقصوصة)

 

في البلدة التي لا وُسْع لك فيها إلا الصمت, تَفقِد المعاني دَلالتَها على الأشياء.

 

تدخل السماء والأرض في علاقة تَجاوُر غريبة، تتلاشى على إثرها دلالات السمو والارتقاء.

 

تلك كانت بلدتي, أنا المسمى ع. س.

 

لها - كغيرها من البلاد - جهات أربع، وزاوية اقتراب من مدار الجدي، أهلها يقظون حتى الثمالة, فلا يكاد غريب أو حتى قريب ينجو بفَعْلته, أيًّا كانت الفَعْلة: علاقة حب.. تفويت قطعة أرضية.. عبور الشارع بكيس فواكه.. توقُّع أزمة.. تدبير اختلاف..

 

فضول؟ (لا سمحالله!).. بل هو إكساب معنى للوجود بمحاذاة غابة لا تبوح بأسرارها إلا لغريب أو سائح متجوِّل.

 

هنا وُلدت أحلام، ووُئدت مشاريع الولاء لها قلبًا وجيبًا! هي أرض تأخذ لا لتُعطي، بل لتَسحَب من ملامحك ما تبقَّى من فضيلة الانتماء، أسميتُها ذات أرق: جنان القرمود, وللقرمود هنا بلاغته الخاصة في الإحالة على رؤوس لا تَكُف عن التمتمة بمزمور واحد: كل الوفاء لمن أرخى على حضورها ستارَ العتمة!

 

الشتاء يُلقي على وجودك فيها رداءَ التوجس، كل العيون التي تتفحَّصك جيئة وذهابًا تَدلِف دون استئذان إلى خزنة أسرارك ونواياك، مُدان أنت ما دمتَ تجد السيرَ في طرقاتها مُبتسِمًا لهذا، وملقيًا التحية على ذاك، ليس في القلوب هنا مُتَّسَع للوصال.

 

في ثنايا الرَّتابة التي تُلازِم دورة الفصول, يَندسُّ توق غريب للهدم, وزعزعة السلام الهش بين الكائن والمكان، تَلفِظ البيوتُ صِغارَها لتجتاح طرقات البلدة كسِرْب من القوارض، أجساد صغيرة متحفِّزة دومًا لاختبار صَبْر الأشياء وثباتها! أياد تَمتدُّ لتنزِع عن الشجر لحاءه, وعن الخضرة بهاءها المعتاد، حتى الطيور في سماء بلدتي لا تَكُف عن المناورة والدنو - بحَذَر المهربين - من فُتات الخبز المُلقى على الأسطح والشُّرفات.

 

يفتح الصيف ديوان الجلبة, فتكسر البلدة صمتها المعتاد كلوح زجاج، تتناثر الشظايا في الأزقة والممرات التي تَنضَح بالرطوبة والكسل، لست أكثر من صرة نقود في بلدتي! ما دُمْت تدفع فأنت السيد المالك لصهوة خيلها وليلها.

 

تَضِج المقاهي بأجساد رِخْوة وعيون مُتوثِّبة، تقرأ الصبايا فيها خبث الرسائل المشفرة، فيذرعن الشارع بخطى وئيدة، يطرق سمعك همسٌ بذيء قادم من الزوايا المعتِمة، اليوم خمر وغدًا خمر, فلا معنى للحياة هنا إن لم تكن قطعة من الهذيان!

 

ينفض الخريف عباءة صيفها لتبدأ رحلة المراثي، وجوه يَعلوها صدأ السنين وغيظٌ مكتوم من قسمة الباري لأرزاق الخَلْق، للقرمود هنا بلاغته في الإحالة على كائن يضيق بالزمان والمكان.

 

إنها بلدتي, أنا المسمى ع. س.

لا وُسْع لك فيها إلا الصمت, حتى تَفقِد المعاني دَلالتَها على الأشياء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- كلمات...
كريم - الجزائر 15-03-2014 12:14 PM

القرمود الصلد الصامت، هو ذا جنة حية متحركة داخل هذه الكلمات...
الصلصال هو الإنسان نفسه، متحد مع المكان...
و أما الكاتب فقد أبدع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة