• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

صورتان للبخل والكرم للعريان بن سهلة الجرمي

صورتان للبخل والكرم للعريان بن سهلة الجرمي
د. نبيل محمد رشاد


تاريخ الإضافة: 13/3/2014 ميلادي - 11/5/1435 هجري

الزيارات: 9967

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صورتان للبخل والكرم للعريان بن سهلة الجرمي

 

مررتُ على دارِ امرئِ السَّوء حولَه
لَبُونٌ كعِيدانٍ بحائطِ بستانِ[1]
فقال ألا أَضْحَتْ لَبُوني كما ترى
كأنَّ على لبَّاتها طينَ أفدانِ[2]
فقلتُ عسى أن يحويَ الجيشُ سربَها
ولا واحدٌ يسعى عليها ولا اثنانِ[3]
ورحتُ إلى دار امرئِ الصدقِ حولَه
مَرَابطُ أفراسٍ وملعبُ فتيان[4]
ومنحرُ مئناثٍ يجرُّ حُوارُها
وموضعُ إخوانٍ إلى جنبِ إخوانِ[5]
فقلتُ له إني أتيتُك راغبًا
بذِعْلَبةٍ تَدْمَى وإني امرؤٌ عاني[6]
فقال ألا أهلاً وسهلاً ومرحبًا
جعلتُك مني حيثُ أجعل أشجاني[7]
فقلت له جادَتْ عليك سَحابةٌ
بنوءٍ تُندِّي كلَّ فَغْوٍ وريحانِ[8]



القراءة:

يرسم الشاعر في هذه الأبيات صورتين؛ إحداهما للبخل، والأخرى للكرم، فيذكر أنه مرَّ على دار رجلٍ بخيل "دار امرئ السوء" حريصٍ على ماله، حوله في بستانٍ له إبلُه، وهي طويلة كالعيدان؛ أي: كأشجار النخل الباسقاتِ، وسَمِينة قد اكتَنَزت لحمًا وشحمًا، وامتلأت أثداؤها باللبن، وقبل أن ينطق الشاعر بحرف بادَره صاحب الدار:

فقال ألا أَضْحَتْ لَبُوني كما ترى
كأنَّ على لِبَّاتها طينَ أفدانِ

وهو بهذا يريد أن يصرفَ الشاعرَ عن أن يفكِّر في شيء يناله من القرى؛ لأن هذه الإبل أصبحت لسمنِها ووفور لحمها وشحمها كالقصور الباذخة التي اهتم بها أصحابها، فأحسنوا بناءها وطلاءها حتى تكون بهيجة ممتعة تسر الناظرين، فهذه الإبل ليست للذبح والسلخ والطبخ، وإنما هي مقصورة على الزينة، يتمتع صاحبُها برؤيتِها رائحةً وغاديةً في بستانه وحسب، وهنا تمنَّى الشاعر شيئًا في دخيلة نفسه لما رأى من بخل صاحب البستان، وهو أن تُغِير قبيلةٌ أو طائفة من صعاليك العرب على هذا الرجل، وتسلُبَه هذا المال الوفير الذي حبسه على متعة نفسه، ولا تُبقِي له شيئًا يستمتع به منه.

 

ومرَّ على دار رجل كريم جَوَادٍ ليس من همِّه أن يثمِّر إبله ليستمتع بها رائحة وغادية في بستانه، وإنما هو رجلٌ مشغول بإحراز المكرُماتِ، حولَه مرابطُ أفراسٍ لِمَا له من عناية بالفروسية، يتدرَّب عليها، ويُدرِّب عليها الفتيان، ليشبُّوا أقوياء وأشدَّاء على أعدائهم، وهو سخيٌّ جَوَاد، ينحر النُّوق العِشار الصحيحات، ويَقرِي منها ضيوفه ولا يبخل بها عليهم، فأقبل عليه وقال له: "إني أتيتك راغبًا"؛ أي: في كرمك وجُودِك، ولقد قطعتُ إليك الفَيافِي على هذه الناقة المُنهَكة، وجئتُك من مكان بعيد حتى لقد دميت أخفافُ ناقتي من طول المسير، و"إني امرؤٌ عاني"؛ أي: فقير محتاج إلى عونك وبرك.

 

وهنا تهلَّل وجهُ الرجل بالبِشْر، ورحَّب بضيفه قائلاً: ألا أهلاً؛ أي: حللتَ بأهلِك وعشيرتك.

وسهلاً؛ أي: نزلتَ سهلاً من الأرض لينًا.

ومرحبًا؛ أي: نزلت مكانًا رحبًا فسيحًا يسَعُك ويكفيك حاجتك ومؤنتك.

 

"جعلتُك مني حيث أجعل أشجاني"؛ أي: أنت في عنايتي ورعايتي وقلبي وصدري أقضي حاجتك، وأدبِّر أمور معيشتك، وأسعى في مصالحك كما أسعى في مصالحي سواءً بسواء، وهنا لهج الشاعر بالدعاء لصاحب الدار بالسُّقيا والإنبات.

 

وهذا النص يُفصِح عن نوعية الحياة التي كان العرب يعيشونها في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام؛ حيث كانوا لا يعرفون الاستقرار، وإنما كانوا دائمي التنقُّل بحثًا عن العُشْب والماء اللَّذينِ عليهما تقوم حياتهم وحياةُ إبلِهم وأنعامهم، وكان أغلبهم يعيشون في فقر مُدقِع، ومن هنا برزتْ قيمةُ الكرم في المجتمع الجاهلي، وهي صفةٌ أخلاقية كان يحرِصُ عليها كثيرٌ من أثرياء العرب الَّذين جادت عليهم الحياة بألوان النعيم؛ لأنها كانت السبيلَ التي تُرشِّح صاحبَها للسيادة والرئاسة في قومه.

 



[1] اللبون: الإبل ذات الألبان، والعيدان: طوال النخل، والمراد بالحائط: موضع الشجر.

[2] اللبات: جمع لبة، وهي المنحر، والأفدان: القصور.

[3] السرب: الجماعة من النساء والأنعام والطير، وأراد بها هنا الإبل.

[4] امرئ الصدق: هذا تخصيص للممدوح؛ كقولهم: رجل الحق، وفتى الحرب.

[5] الحوار: ولد الناقة، ومِئْناث: أي إبل مِئْناث.

[6] العاني: الخاضع الذي يُطلب في دم، وذِعْلَبة: الناقة السريعة، وتدمى؛ أي: يخرج الدم من مناسمها لكلالها.

[7] الأشجان: جمع شجن، وهو بمعنى الحاجة.

[8] النوء: المطر، والفغو: نور الحناء، والريحان: النَّبْت الطيب الرائحة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة