• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

عبدالعال العنزاوي ( قصة )

عبدالعال العنزاوي ( قصة )
حسن عبدالموجود سيد عبدالجواد


تاريخ الإضافة: 17/2/2014 ميلادي - 16/4/1435 هجري

الزيارات: 5094

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبدالعال العنزاوي

 

كعادتي دائمًا كنت أهرب من أمي (رحمها الله) في يوم النظافة (يوم الاستحمام)، وكم كنت أنفر وأشمئز عندما كانت تُشَبِّهُني - وأنا على ما أنا عليه من ابتذال - بعبدالعال العنزاوي! أنفر وأنا لا أعرف عن ذلك الرجل شيئًا، حتى كان اللقاء الذى لم يكن متوقعًا ولم أُعِدَّ له عُدَّتَهُ، عندما فاجأني بهامته الشامخة عند ذهابي أول يوم إلى كُتَّاب القرية في الجمعية الإسلامية لتحفيظ القرآن الكريم، جذبني صديقي وتنحى بي إلى أقرب جدار وهمس في أذني (إنه عبدالعال)، ووجدتني دون وعي أحتضن مصحفي، وأنكمش عليه في خوف بالغ وأنا أنظر بعينَيَّ المذعورتين إلى ذلك الرجل ذي اليد الواحدة الذي يملأ الشعر الأبيض الملبد رأسه ووجهه، حتى يكاد يخفي ملامحه التي لا أكاد أذكر منها شيئًا غير هاتين العينين المملوءتين بذعر عنيف أودى بصاحبه إلى الجنون.

 

لم أكن أعلم وأنا أتتبعه حتى توقف عند بيته المواجه للكُتَّاب مباشرة أنني أتتبع بطلاً من أبطال الحرب، قاتل ببسالة حتى طارت يده فطار عقله، ثم عادوا به إلى قرية لا ترحم أحدًا وهي أحوج ما تكون للرحمة.

 

قرية تسخر من كل ضعيف أو فقير، وهي تلبس رداء الفقر الأبدي الذى لا تنوي أن تخلعه.

 

قرية تدفن همومها وشقاءها في ندواتها التي تُعْقَد كل مساء للخوض في أعراض الناس.

 

عاد وهو في ريعان شبابه ليقضي بقية حياته فوق ألسنة الناس وتحت أرجلهم، لم يعد يجلس مع أحد ليسخر من أحد، بل لم يعُدْ يجلس مع أحد، بل لا يكاد يكلم أحدًا.

 

لم تَعُدْ يدٌ تُرفَعُ لتَحِيَّتِهِ أو رِجْلٌ تسعى للقائه، يا لها من مأساة أن يزحف العمر من العشرين حتى يتخطى الستين على تلك الحال البائسة!

 

أصدقُ ما يعبِّر عن تلك المأساة جلبابُ ذلك الرجل الذي أدمَنْتُ النظر إليه من نافذة الكُتَّاب، وهو يقف بقامته التي ما زالت تتحدى الزمن بصلابة وشموخ أمام منزله ذي الطابق الواحد، يا له من جلباب فضفاض! ويا له من منزل أصيل تحمَّلَ الكثير والكثير من قمامات قريتنا القميئة!

 

يعود بعد جولته اليومية الطويلة في أنحاء قريتنا، وحول أكوام قماماتنا المتناثرة يحمل محصوله اليومي في كُمِّ جلبابه المربوط الذى لم يُطِقْ أن يظل فارغًا من يده، فانطلق يملؤه بالأحجار والزجاجات والصفائح الفارغة والأحذية الممزقة التي تدخل تباعًا من فتحة عنقه إلى كمه الواسع؛ ليكون مثواها الأخير فوق منزله الذي أصبحت قمته تشبه صندوق قمامة تَغافل عنه عمال النظافة لسنوات.

 

كم كانت لحظة مثيرة حين تكومنا جميعًا خلفَ نافذة الكُتَّابِ تكاد رؤوسنا أن تقفز خارجها في ترقُّبٍ وذهول وخوف عندما جاء البشير بقدومه! ويا لها من لحظة أشد إثارة عندما وضع يده في فتحة عنقه ثم مدها إلى داخل كمه الذى يكاد أن ينفجر لكثرة ما به من عجائب ومفاجآت يخرجها واحدة تلو الأخرى، ثم يلقيها بكل قوته فوق منزله العامر.

 

لم أجد - على ما عِشْتُه من عمر - لحظاتٍ أشدَّ ترقُّبًا من هذه اللحظات التي كنت أراه فيها كحاوٍ يُخرِج من جرابه المشهور ما لا يخطر على بال أحد.

 

كم كنا نغتم وتنفطر أفئدتنا حزنًا عندما يجيء النذير بقدوم (الشيخ علي) على دراجته المعهودة، يُدَوِّي جرسها المشهور من بعيد! لا أدري كيف تحولت كتلة اللحم التي كانت تلتصق بحديد النافذة إلى عِقْدٍ فريد متراصٍّ بجوار جدار الكُتَّاب تتلو حباته آيات القرآن في خشوع بالغ، تنتزع من غفلة الشيخ (رحمه الله) بين الحين والآخر نظرةً ثاقبة إلى هناك خلف النافذة حيث تتوالى المفاجآت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة