• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

باعروب ( قصة )

حميد بن خيبش


تاريخ الإضافة: 22/1/2014 ميلادي - 20/3/1435 هجري

الزيارات: 3993

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

باعروب

 

لم يكن للشارع غير اسم واحد:

"شارع الحرية"، إلا أن المرويات عنه تعدَّدت إلى حدٍّ يصعب حَصرُها:

هنا أُلقيت قنابل يدوية الصنع على موكب المارشال الفَرنسي إبَّان الاحتلال.


وعلى الرصيف المُحاذي للميناء رست سفن أجنبية عملاقة، وتخلَّص الأهالي من عباءة الفقر بفضل السجائر المهرَّبة والمَصنوعات الجلدية الرديئة.


أما سوق الجوطية الذي ستر عوْراتِنا على امتداد عقود طويلة، فكان مسرحًا لأشهر الروايات العربية، بل إن مئات القرّاء توافَدوا عليه للتطلع في سحنات البائعين و"الدلالة"، واستكمال مُتعة القراءة!


أسماء لامعة وأحداث جسام توارت إلى الخلف بعد أن صار الشارع ملكًا لكَهلٍ قصير القامة يُدعى: باعروب!


زعَموا أنه ابن جنية ألقت به ذات ليلة على شاطئ البحر، فعثر عليه صياد عجوز تولى العناية به، وقيل: إنه ابن مقاوم عنيد غيَّبته سجون الاحتلال، بينما رجَّح آخرون أنه نزيل سابق لإحدى دور الأيتام قبل أن تَضيق ذرعًا بقاطنيها وتُلقي بهم تباعًا إلى الشارع.


وحده باعروب يَملك الحقيقة، لكنه لم يشأ الإفصاح عنها ليظلَّ الغموض رديفَ سيرته، تلك خطة الغرباء دومًا حين تَشرئبُّ أعناقهم لما وراء خبزهم اليومي!


استحوذ بدهاء على موقف السيارات أمام دهشة وتساؤلات لم تَطُل، فما هي إلا بضع رشفات مِن ويسكي مُستورَد حتى يبدأ رئيس البلدية بمُكاشفة الذات ومصارحة ناخبيه من روّاد الحانة!


هكذا عَلِم شارع الحرية أن باعروب "يُدفئ" جيب الرئيس مرة في الأسبوع بربع المداخيل، أيًّا كان الموقف بعد ذلك فإن الشارع استعاد بعض هدوئه، وكفَّت علب الصفيح المتحركة عن إزعاج ساكنيه بمُنبِّهاتها وبذاءة سائقيها.


آه!

نعم، تذكرت.. وحدها سيارة رئيس البلدية أربكت منامهم لأشهر، قبل أن يُعثر على حطامها أسفل الوادي، توزَّع الشارع بين مُحوقِل وشامت، ثم عادت أخبار باعروب لتتصدر المشهد.


أصابته لوثة السمسرة فانهمك لأشهُر في إغراء الأرامل والمُستضعَفين لترك بيوتهم، مقابل وعد بامتلاك شقة ضمن مُخطَّط للإسكان تَرعاه البلدية، حاز إعجاب المُقاولين الجدد فاستفاق شارع الحرية ذات صباح على باعروب وهو يَركن سيارته في نفس المَوقِف!


ضربة حظٍّ؟

ربما.. لكنَّها ضربة مُوجِعة!


تغيَّرت معالم الشارع منذ التحاق المُغرَّر بهم بالحي الصفيحي المحاذي لسوق الجوطية.


صخبٌ لا يكفُّ، وزعيق باعة بالنهار تعقبُه بذاءات غلمان الصفيح ليلاً، زعموا أن أقراص الهلوسة نفحة من "بركات" باعروب قبيل الانتخابات، إلا أن زوجته الثانية لم تدع حفل عرس أو خِتان يمرُّ دون أن تُلصق الشائعة بطليقته الأولى، الحق يقال، فهي أكثر زوجاته غَيرةً عليه، وأملكهنَّ للجرأة على تحطيم المنافسين له في الاقتراع المقبِل، شراسة غير معهودة ممَّن كانت حتى الأمس القريب أرملة رئيس البلدية المُنتهية ولايته في قعر الوادي!


تندَّر رُوّاد المقاهي في شارع الحرية بمن أسموهم عشية التصويت "ميليشيات باعروب"، غلمان وَقِحون، وأرامل متلهِّفات للزغردة، الفوز كان متوقعًا دون الحاجة إلى فرز أصوات مُنهكة، وأحلام بالدوران في فلك "الحاج" باعروب.


لم أفكَّ حتى اليوم لغز التقابل بين الحج والانتخابات، ولِم الإصرار على إقحام المقدَّس في لعبة تَرتوي من المدنَّس؟!


طرقت سمعي كلماته المتعثرة وهو يندِّد عبر الأثير بسوء التدبير الحكومي لملفِّ البسطاء، ويُعلِن أن حزبه الذي قدَّم شهداء في سبيل الحرية، لعلَّ آخرهم رئيس البلدية المنتهية ولايته في قعر الوادي، سيكون في الموعد، وسـ...


صار لكل بيت صفيحي عداد كهرباء، وازدان شارع الحرية بنقاط بيع مَكشوفة لأقراص الهلوسة، وبحارسٍ جديد لموقف السيارات.


زعموا أنه ابن مناضل عتيد غيَّبته زنازين الاعتقال، ورجَّح آخرون أنه نزيل سابق لإحدى دور الأيتام قبل أن تَضيق بهم ذرعًا.


وحده الحارس الجديد يَملك الحقيقة، لكنه لم يشأ البوح بها، كعادة مَن تشرئبُّ أعناقهم لما وراء خبزهم اليومي!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة