• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

من دروس الحقيقة

من دروس الحقيقة
أمنية محمد السيد


تاريخ الإضافة: 12/1/2014 ميلادي - 10/3/1435 هجري

الزيارات: 7218

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من دروس الحقيقة

 

في الحقيقة، يميل الناس إلى مقابلة أنفسهم، سواء بنزعة عَفْوية دون إدراك منهم، أو عن قصد ومراقبة، فهذا يذهب لصديق كنفسه، وهذا يجلس إلى كتاب، وذاك يُراقِب صورته في المرآة.

 

أما هي فقصدت مكانًا كان الأثيرَ لديها على النيل الجليل، قبل أن تجرف الأحداث القاسية في وجهها الناسَ قبل الأماكن! ثلاث سنوات تقريبًا خلت بين يدي آخر مرة زارت فيها النهر من أعلى جسر قصر النيل بالقاهرة، كلما اقتربت من المكان تشجَّع خافقها، فاقترب منها، ونبضت بذاكرتها صُوَرٌ من حياة المكان، سِرْب الطيور بعروضه الجمالية في السماء ساعة الغروب، تلك المراكب الشراعية بِجَوْلاتها الأُسَرِية الهادئة، وحتى همسات الحالمين على جانِبَي النيل فوقه أو تحته وعلى "الطوار" أَغَذَّت الْخُطى تسير سيرًا حثيثًا، ترنو للقاء بهيج بطريقٍ رسَمَتْه حماسة الذكريات في رأسها، وفي نفسها شوق كبير لحركة "اللنشات" السريعة نحو الأفق كرأس حربة، تحررت بيد محترف مُخَلِّفةً وراءها شرارة البداية لموجات شابة سعيدة، تتدفق كسبعة طويلة، رأسها ذلك "اللنش" البحري الحديث، ونهاياتها العريضة كَيَدٍ سَخِيَّة، تزور الجميع في فنادقهم ومطاعمهم، حوانيتهم، وأبراجهم، متنزَّهَاتهم وأعمالهم، تنهل منها كل عين، ويشكر لها كل ذي قلب.

 

ولكنما، يا لَلْعَجَبِ! ما رَأَتْه كان منظرًا غريبًا، استحدَثَتْه الأحداث والسنون، ما وَجَدَت حيويةَ العابرين، وأمواج الهانئين، ولا أثر الحالمين، إنما مشهد جديد، أخذَتْها لوحة "الأفق الرصين".

 

وقفَتْ هُنَيْهَةً في انتباه، كأنما تعتذر للجسر ومياه النيل عن الغياب، ثم مدَّت يديها تلمس السور الأخضر في وجل، فأشفقت من ملمسه، وكأنما روح الأنين تروي؛ ما عاد الأخضر أخضر يا صديقُ! القروح على بدن الجسر تروي المعارك والألم، الشقوق في أرض الطريق تروي صراخ الثائرين، هنا بقايا العابرين، هنا منح الشاهدين حياتهم لتَرقَوا فوق ماء وطين، ولكنكم تكالبتم على الدنيا متنافسين، فادَّارَأْتُم في الواهنين! رفعَتْ رأسها، فإذا السماء لِكَوْن حزين.

 

أطرقت.. فقد استَحَت! فما استطاعت حماية الثائرين، وتذكرت.. ما أجدَتْ نصيحتُها في الناجين، وما سَمِع لها أحد من الغالبين، وإنما تثكل وجدها في المقتسمين، ركلوا علمها وصفعوا خبرتها، استضعفوا بِنْايتها ومَنْ مِثْلها.. كانوا بادين، فـتصَـلَّفوا فأمسوا وهي معهم في المقهورين، فأوت لحبل المعتصمين، وأوجفت في المشفقين، تنظر أمر رب العالمين، وقد تثاقل حِمْلها في الباقين، هنا ارتخت أكتافها، وارتعشت أطرافها، وفاضت عيناها بحملها، ونداء قلبها: ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24].

 

انكسرت أشعة الشمس في الماء بعد انعكاسها في بهاء، وغرَّد الطير آفلاً بعد يوم طويل في عناء، وغاب الغَسَق عن السماء، وكأنما يستأذن لعسس جديد.

 

أشرق مُحَيَّاها، وانتفضت من جديد، فقد صغت لدرس الأفق الرصين؛ طالما هذا الكون المديد غلبه الغروب حتى غابت ملامحه في الظلام، وسقطت شواهده في ليل كثيف، لكنه ما انتهى، ولا اندثر، إنما احتفظ بمادته - واجبه في اليقين- انتظارًا لإشراق صبح يتنفس من جديد، تبسَّمت وملأت رئتيها بنسيم الامتنان، فكأنما المكان منها تشبَّع بعبير الأمان، فالرُّوح حُرَّة طليقة، ما بقيَ طالب يسعى مثابرًا في درس الحقيقة، ﴿ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وتبعه في الأولين والآخرين والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
7- كلمات ليست كالكلمات
حسام الجوهري - مصر 19-07-2014 04:56 PM

كلمات .. من واقع الحياة ..
عندَ المُرور بها تختنقُ العبرات .. وتتركُ المجال لدمعةٍ أو لبسمة .. سلمت أناملك ولشخصك الكريم مني كل الاحترام والتقدير..

6- رد مع التحية
أمنية محمد السيد - مصر 23-01-2014 06:37 PM

نور المؤمن: ويبعث الرضا في نفسي أن تجد الكلمات صداها في قلوب تسأل عن اليقين- نحسبكم ولا نزكيكم، بارك الله فيكِ وجزاكِ الله خيرًا، والحمدلله رب العالمين،،

5- جميلة
نور المؤمن 18-01-2014 02:47 PM

لكنه ما انتهى، ولا اندثر، إنما احتفظ بمادته - واجبه في اليقين- انتظارًا لإشراق صبح يتنفس من جديد، تبسَّمت وملأت رئتيها بنسيم الامتنان، فكأنما المكان منها تشبَّع بعبير الأمان، فالرُّوح حُرَّة طليقة، ما بقيَ طالب يسعى مثابرًا في درس الحقيقة، ﴿ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾
" تبعث الطمأنينة لنفسي تلك الكلمات يا أستاذتي ،

المقالة تعكس روحا شفافة ونفس راقية متأملة ، بارك الله فيكٍ يا دكتورة ، بالمناسبة لعلي فهمت ماذا تعني لك صورة صفحتك الشخصية على الفيس بوك :)

4- ردود مع التحية
أمنية محمد السيد - مصر 15-01-2014 11:02 PM

زهرة البنفسج : وفيكم بارك الله؛جزاكِ الله خيرًا لحسن تقديركِ.. أهلاً بكِ،،
تمام البدر :ودمتِ ودام حدسكِ الشفيف، فعلاً البداية من النفس، بارك الله بكِ،،

3- دمت ودام نبض قلمك ..
تمام البدر - السعودية 15-01-2014 02:38 AM

وكالعادة رائع وقريب من النفس .. شعرت كأن روح شفافة تحاور نفسها بصدق لتصل بها إلى راحتها .. كانت صديقة نفسها والتقت بها في مكانها المفضل لتتصالح معها ووفقت ..

2- تحية وتقدير
زهرة البنفسج - مصر 14-01-2014 08:49 PM

بسم الله ما شاء الله
مقالة قيمة لها قدر عظيم
بارك الله فيكم.

1- تحية وتقدير
زهرة البنفسج - مصر 13-01-2014 04:22 PM

بسم الله ما شاء الله
مقالة قيمة لها قدر عظيم
بارك الله فيكم .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة