• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أسرى الحوار والسلام (قصة قصيرة)

د. عبدالرزاق مرزوكَ


تاريخ الإضافة: 18/6/2009 ميلادي - 25/6/1430 هجري

الزيارات: 16225

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسرى الحوار والسلام (قصة قصيرة)
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)



أبصرتُهم من ثُقب مسافة قصيرة يَلهثُون، يَلْفحُهم هَجِيران: هَجيرُ محرقة غزَّة، وهجير الخُسران.

يرسفون في قيود صمَّاء تَجرُّهم، تسحب نواظرَهم كي لا يُبصروا أُفْقَ اليقظة.

ووراءَهم حاخاماتٌ كنتُ أراهم على الخَشبات في مسارِح الحوار.

أراهم الآنَ في دبَّابات بزيِّ الحصار، يفترشون زِيَّهم المدنيَّ القديم على مقاعدهم داخلَ الدبَّابات، لا يُظهرون منه إلاَّ قَلَنسُوات، قد لَمَّعوها ببريق من شحمِ الخِنزير.

وفي خلفية الصُّورة محرقةُ غزَّة الجارفة، تُهيمن على خيارات الإخراج، ولمساتٌ تُفجِّر من بعيد ألغامَ المعاهدات، وأنهارٌ من دماء، ورَحًى تمور خلال أخاديد الجراح، تلتهم بياناتِ القِمم التهامًا.

وخليط أصوات يُدني الآسرون مكبِّراتِها من آذان الأسرى، فيها أنينُ المهدومين والمنكوبين، وصراخ الجرْحَى والثكالَى والمظلومين، ودَويُّ رعود يُسكت قلوبَ المنعَّمين.

أوقفتُ العَرْض السَّريع، وأعدتُه بنظر المتأنِّي لئلاَّ أُلدغَ من الجُحر الثاني، أو أُغْبن في عبرة الحَدث، وآية هذا المشهد الجَلل الحاسم.

فلمَّا آلمني وخْزُ الدَّنيَّة، ولم يُسعفني تبرُّمي وتضوري، صِرتُ أطلب شفاءَ صدري، فخرقتُ الصُّورة كي لا يأسرني فاصلُ الإشهار والانتظار.

مضيتُ نحوَ الأسرى أَعْدو لأقطعَ كلَّ المسافة، وأستغني عن كلِّ الثُّقوب، أدخلتْني غزَّةُ إلى المشهد من بابها الجلي، ومكَّنتْني من مكان حقيق بما قصدتُ، فهمست في آذان الأسرى: ما بكم؟

قالوا: نحن أسرى الحِوار والسلام، سلام ألْفيناه هشيمًا تذروه الرِّياح، حسبناه حريًّا بجَلْب النَّصر دون غِلاب، غرْسناه وسقيناه من سَراب.

وهؤلاءِ الذين يسوقوننا هم الحاخامات الذين حاورناهم، صافحناهم يومَها وبذلنا لهم سماحةَ الإسلام ونحنُ ضِعاف، لا نظامَ لنا، ولا قوَّة، ولا سلاح، فما كِدْنا نفترق حتى (عضُّوا) علينا (الأنامل من الغيظ)، وما كِدْنا نصل إلى ديارنا حتى ركبوا مطيةَ الغادر، فضربوا دونَنا ودون أهلنا الحِصار، وأوْصَدُوا بيننا وبينهم المعابر، وإذا بهاتفٍ لا يردُّه رعدُ الحرْب عن أسماعنا: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ} [آل عمران: 119].

فلَيتَنا أقمْنا بين أهلنا نُقاتل أو ندفع، إذًا لَعلَوْنا تلَّ غزَّة، وقلنا لهم: {مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119].

قلت: هذه جولةٌ فات أوانُ استدراكها، وحصون أرى غزَّة وحْدَها تنافح دونَ استردادها، لو اكتفتْ بغصنِ الزَّيتون، ونِضال الفُنون، لابتلعَها همجُ الوحوش.

قالوا: أجَلْ، وإنَّما أسكتنا سوطُ الخجل، كان لنا من جُنح الهُدنة مخايلُ نُزخْرِف بها شعارَ هذا الحِوار، فلمَّا قُصِفتْ غزَّة أيقنَّا أنَّ ما بيننا وبين القوم حربٌ أصيلة ذات غمار، تَحرِق الآن في أيدينا قراطيسَ كانوا أبدَوْها لنا خداعًا واحتيالاً.

قلت: صدق الله القائل: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91]، ثم التفتُّ إلى الوراء، فإذا بالمسافة بين الأسرى وبين آسريهم تتباعد.

ثم تطلعتُ، فإذا بدبَّابات اليهود تُجلِّيها من بسط الله سوانحُ الانسحاب.

أعدتُ خلفية الصورة إلى واجهتها؛ ليبقى شاهدُ غزَّة مهيمنًا على التوقُّعات، فلا يُبعد عبيرُ الصُّعَداء رهجَ السنابك، ولا تُهدر دماءَ غزَّة الزكيَّة الغالية صنيعةُ سلام جديد.

أشعرتُ الأسرى بالانسحاب؛ ليكسروا قيودَ الأيدي والنواصي.

ثم قلتُ: هلمُّوا، دونكم حريقَ غزَّة، اشْحذوا به سيوفَ اللِّسان، وافتنوا أسنَّة البيان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
5- شكر وتقدير
الطالب : أحتشاو ابراهيم - المغرب - مراكش الحمراء 10-03-2011 11:47 PM

السلام عليكم
بداية , أجد نفسي مفتخرا كل الافتخار لكوني أمر وأرد على موضوع من مواضيع شيخ ليس كالشيوخ,,,
رجل اختار للصحبة سيد الأنام,,,
رجل فيه العلم الغزير ,,,
والشعر الأصيل ,,,
واللغة الجزلة ,,,
والفصاحة القوية ,,,
شتان بين السباح في بحيرات وأنهار وبين الذي يسبح في كل البحار , مهما حاولت أن أكتب في حق هذا الرجل لن أوافيه حقه والله , وما دام الأمر كذلك , فلندع لشيخنا عبد الرزاق مرزوك بالتوفيق والفوز هاهنا وفي دار المقام , أسأل الله لك السداد وأن يحفظك ويطول من عمرك , آمين آمين ,,

طالبكم الذي يحبكم

4- رأي العين
محمد صالح - المغرب 26-06-2009 02:01 AM

لله درك أبا عامر، كأنك كنت مع إخواننا في غزة، تحكي ماشهدت حتى كأنا رأي عين لما يقع، الفوز من نصيبك إن شاء الله

3- شكر
عبد الرزاق مرزوكَ - المغرب 20-06-2009 11:31 PM

الفاضل المحترم حامد

أشكرك على تعليقك ودعواتك أخي الكريم

2- بارك الله فيك
محمد أحمد الزاملي - فلسطين 19-06-2009 11:49 AM

السلام عليكم
تعجز كلماتي عن التعبير لما رسمته لنا من لوحة المعاناة التي يعيشها أبناء فلسطين
بل إن غزة هي اكبر سجن في التاريخ بمثابة زنزانة واحدة لكل واحد في غزة
لكن جيل العزة لهو آت .
فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم

1- نتمنى لكم الفوز
حامد - مصر 18-06-2009 09:52 PM

قصة جميلة وهادفة وذات مغزى , ونشكر الدكتور عبد الرازق مرزوك على هذه القصة , نتمنى لكم الفوز بإذن الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة