• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

زوايا للنظر ( قصص قصيرة جدا )

زوايا للنظر ( قصص قصيرة جدا )
د. محمود عبدالجليل روزن


تاريخ الإضافة: 8/10/2013 ميلادي - 3/12/1434 هجري

الزيارات: 6898

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

زوايا للنظر


(1)

أبي علَّمني أن أعملَ من صغري..

 

غَرَسَ فيَّ أنَّ خيرَ العمل ما حَمَل النَّاس على البذلِ للآخرة..

 

ولذلك؛ أقصد المسجد يوم الجمعةِ مُبكِّرًا..

 

أُصلِّي وأسبقُ النَّاس خارجًا..

 

ولكنِّي أتعجَّبُ من نظراتهم المُشفقةِ بدل أن يشكروني وهم يضعون في يدي..

 

وأنا أحمِل زادَهم إلى الآخرة..

(2)

يُسلِّمُ من صلاته، ويُقبل مُبتسِمًا على الجموع التي تَنتظمُ مُتحلِّقةً لِتُلقي عليه ما يشغلها من أسئلةٍ في الدين..

 

تتوالى الأسئلة، وهو يُجيب عليها كلّها بلا تردُّدٍ ولا تلعثُمٍ.. وابتسامته تزداد اتِّساعًا؛ مع نظرات الإعجاب والتوقير التي يرمقه بها الحاضرون..

 

"سؤال يا شيخ (سِليم).."


يتمعَّرُ وجهُه فجأةً، ويخاطبُ السائل مُحتدًّا:

♦ "ألف مرة أقول لكم اسمي (سَليم) مش (سِليم)!!"

♦ "آسف يا سَيّدنا".. يعتذر السائل..

 

يستعيد رباطة جأشه تدريجيًّا، وهو يقول:

♦ "ماشي يا سيدي.. سؤالك لو سمحت.."

♦ "سمعتُ بعض المشايخ يقول: (الستَّار) ليس من أسماء الله الحسنى، وأنَّ الصواب (السِّتِّير)، فهل هذا صحيح؟".


تُشرق ابتسامة الشيخ من جديدٍ، مُبشِّرةً بمشروع ضحكة ساخرةٍ، وهو يقول:

♦ "هؤلاء المتنطِّعون! كرَّهوا الناس في الدين! يهرفون بما لا يعلمون! لا أكثر الله من أمثالهم!".

 

(3)

للبحر في تلك البقعةِ رائحةٌ غامضةٌ...

 

غامضةٌ جدًّا..

أحيانًا تُذكِّرني برائحة الرمل وقصورِ الرمال التي بنيناها صغارًا..

 

وأحيانًا تُذكِّرني بأريج مُعسكرات الصيفِ، ورقصات الليالي المقمرة على إيقاع نغمات (الراب) الغربيَّة..

 

وأحيانًا تذكرني برائحة (الشِّياط) حين تنسى أمِّي (طَبيخها) وتنهمكُ في حِياكةِ (طاقية) أبي..

 

وتذكِّرني أحيانًا برائحةِ الغريقِ الذي وجدناه، وقد التهمتِ الأسماكُ أكثرَ من نصفه..

 

قال لي بائعُ العطور ذات مرَّة:

♦ "إن لم تستطع اتِّخاذ قرارٍ بعد مُحاولتينِ بشأن العطر الذي ستشتريه؛ فالأفضل أن تؤجِّل الشراء لوقتٍ لاحقٍ".


وسط هذه الذكريات المتشابكةِ؛ يحلو لي أن أُعطيَ ظهري للبحرِ، وأكتبَ شِعرًا حداثيًّا...

 

(4)

مهمومًا بهجر الناسِ لصلاة الجماعة؛ يتسلَّقُ المئذنةَ الشاهقةَ..

 

يُراوده خاطرٌ شيطانيٌّ ألا يُتعِبَ نفسَه.. ما جدوى هذه المُخاطرةِ، والسلَّمُ المتهالكُ قد ينهار في أيَّة لحظة؟!

سواءً أذَّن أم لم يُؤذِّنْ: لن يزيد العدد عن الثلاثة النفرِ: الشيخ (جابر)، وعمّ (بسيوني) الموظَّف على المعاش، والصبيّ (فتحي) أهطل القرية.

 

يستعيذُ بالله، ويطرد الهاجس، يحاول أن يتخيَّل مشهد المسجد مُمتلئًا عن آخره في غير صلاة الجمعة، يبتسمُ للخاطر الجديد... يواصلُ صعوده بنشاطٍ..

 

مُتكوِّمًا على (حصيرةٍ) في الساحةِ أمام المسجدِ، يُسجُّونه ببُردته المرقَّعة..

 

يُنادي الشيخ (جابر):

♦ "إنَّا لله وإنا إليه راجعون.. هلمَّ؛ لقد أقيمت الصلاةُ... نُصلِّي العصر، ثمَّ نجهِّز الجنازة".


دموع العِظةِ تمتزجُ بماء الوضوء...

 

تتراصُّ الجموع... يفيض المسجدُ بالمصلِّين، فيضطرون للاصطفاف في الساحة خارجه...

 

مشهدٌ لم يتخيَّلِ المؤذِّن المُخلص حدوثه... ولا في يوم الجمعة!

(5)

ببرودٍ؛ ودون أن تهتزَّ فيه شعرة، أو يختلج له جفنٌ:

واجهها وهي تُعدِّد عليه معايبه، وتُعيِّره بعجزه:

♦ يا أصلع... يا كفيف!

(6)

ارتقى المنبرَ...

ومن صهوته أطلَّ على المُتناوِمين قائلاً:

"ووضعُ الندى موضع السيف....".

من آخر الصفوف قال صاحبُه: أتأمرون...؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- الكاتب لا يزال عنده الكثير
أحمد مكي - مصر 12-10-2013 08:36 AM

الكاتب الدكتور محمود لا يزال عنده الكثير والكثير -نفع الله به

1- جمال الفكرة مع روعة المعالجة
النجار - مصر 08-10-2013 03:10 PM

شكرًا للكاتب الرائع تميز في الفكرة وإبداع في المعالجة حببتني في هذا اللون الأدبي نتمنى أن نفرأ المزيد لك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة