• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

كذبوا فقالوا: بساط الريح؛ خرافة!

زكريا الفاخري


تاريخ الإضافة: 6/10/2013 ميلادي - 1/12/1434 هجري

الزيارات: 6646

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كذبوا فقالوا: بساط الريح؛ خرافة!

 

نعم - يا سادَة - بساطُ الريحِ، يأخذكَ أينما طلبتَ وحيثما شئتَ!

 

- فقط؛ اطلُبِ الزمانَ الذي تريدُ، وَالمكان الذي ترغبُ، والشخصياتِ التي تطلبُ لقاءَهَا، وسيكونُ البساطُ في الموعِدِ!

 

معَ نسماتِ الصبَاحِ الباردةِ - هذا اليومَ - كنتُ مع هارون الرشيدِ؛ رأيتهُ يُحدّقُ في السماءِ - كأنَّهُ يلتمسُ خبرَ الشِّتاءِ، ويتوعّدُ السحابَ الغائبِ - علَّ سَحابةً يراهَا هَنا أو هنالكَ ليُخاطبَها: "أمطِرِي في أيِّ أرضِ الله شئتِ؛ فسيأتيني خراجُكِ"!

 

لم أحتملْ نشْوةَ المَوقفِ، فغادرتُ بالبساطِ، وَتجاوزتُ السنينَ والقرونَ إلى الوراء؛ حيثُ هابيلُ ينصحُ أخاهُ قابيلَ: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].

 

نصيحةٌ كان ثمنُهَا غاليًا جدًّا؛ كان ثمنها المَوت!

 

موتٌ فجَّر سُنَّةَ الرثاء بالأشعَار مع كلماتِ آدمَ - فيما رُوِيَ عنهُ -:

 

تغيَّرتِ البلادُ ومَن عليها
فوجهُ الأرضِ مُغبَّرٌ قبيحُ
تغيَّرَ كلُّ ذي لونٍ وطعمٍ
وقلَّ بشاشة الوجه المليحُ

 

♦♦  ♦♦  ♦♦

 

- رحلتُ بالبساطِ صوبَ زمَنِ الحجَّاجِ بن يُوسفَ؛ مزهوًّا، مغرورًا، يترنَّمُ:

 

أنا ابنُ جلا وطلاَّعُ الثَّنايَا
متَى أضَعِ العمامَةَ تَعرفونِي

 

ثم إذْ بهِ يحدُّ سيفَ الجَورِ والبغي على رقبةِ سعيدِ بن جُبير، مشهدٌ مُكرَّرٌ لما رأيتهُ - قبلَ قليل - في مَشهدِ قابيل وهابيل..

اختلفتِ الأسماءُ والأزمَانُ، واتَّحدَ الجُرمُ والإجرام.

 

فيَا ويلَ الإنسانِ من الإنسانِ!

 

يا ويلَ الإنسانِ من الإنسانِ!

 

- غادرتُ المكانَ قبلَ أن يُؤذيني منظرُ دمِ ابن جبيرِ؛ وعَبَرْتُ ستة قرونٍ في أقلَّ من لمحِ البصرِ؛ هنالك صوبَ سجنِ القلعةِ حيثُ ابن تيميّة الحرّاني - وحيدًا شريدًا - وجدتهُ مشغولاً بالقرآنِ - فلا وقتَ للزيارةِ ولا للحديثِ! - ثم تبسَّمتُ وأنا أراهُ في نهمهِ؛ إذ وافقَ حالُهُ مقالةً نقلتْها أجيالُ العلماءِ عنه - جيلاً بعدَ جيلٍ -: ".. وندمتُ على تضيِيعِ أوقاتِي في غيرِ مَعاني القرآن"!

 

- ضاقَ بي الوقتُ فرحلتُ وتركتُ الشيخَ في نهَمهِ وخَلوتهِ بسجنهِ وجنَّتهِ التي في صدرهِ؛ وَصدقَ - والله -: "مَا عسَى أعداؤهُ أن يفعلوا بهِ"؟!

 

- ثم ما لبثتُ حتى نزعتْنِي نوازع الشعرِ؛ فركبتُ البساطَ مُسرعًا صوبَ الأندلسِ؛ باحثًا عنِ ابنِ زيدونَ الشاعرِ - ولو يعلمُ كم أغارُ منهُ! - فوجدتهُ، فإذا بهِ يُدندنُ بأبياتهِ:

أيُوحِشُني الزمانُ وأنتِ أُنسِي
ويُظْلِمُ لي النهارُ وأنتِ شَمْسِي؟
وأغرِسُ في مَحبَّتِكَ الأماني
فأجْنِي الموتَ من ثمراتِ غرسِي
ولوْ أنَّ الزمانَ أطاعَ حُكمِي
فديتُكَ مِنْ مكارهِهِ بنَفْسي

 

خرجتُ من عندهِ؛ مردِّدًا قولَ شوقي: (أنتمُ الناسُ أيها الشُّعَراءُ)!

 

♦♦  ♦♦  ♦♦

 

ثم عُدتُ من حيثُ أتيتُ بَادِئ أمْرِي؛ لأخبركم عن خَبرِي معَ هذا البِساطِ؛ علَّ عاشقًا للرَّحلاتِ مِثلي يُريد أن يخرجَ من هذا الواقعِ المُقرفِ في زنازينِ اليومِ، والذي شوّهتهُ يدُ البشريَّةِ!

 

بساطُ الريحِ - يا مُنكريهِ! - بساطٌ منسوجٌ من الأوراقِ.

 

زخارفُهُ المرسومةُ عليهِ زُخرفتْ بمِدادِ الأدباء والعُلماءِ والمفكِّرينَ والعظماء!

 

أسرعُ من البرقِ، وبسفرٍ لا تعبَ فيهِ ولا نصب!

 

عبر القرون والأزمانِ في كونِ الله الفسيحِ!

 

سمِّ ما شئتَ - الآنَ - من الأزمانِ، واركبَ دفتي أوَّلِ كِتابٍ من كُتبِ [التاريخِ]، وانتقلْ لذاكَ العَصْرِ وذاكَ المِصرِ، بكلِّ سُهولةٍ ويُسرٍ!

 

- سمِّ ما شئتَ من العظماءِ، من الجبابرةِ! واركبْ دفتَيْ أوَّلِ كتابٍ من كُتبِ: [التراجِمِ والسِّير]!

 

- سمِّ ما شئتَ من الأوطانِ، واركبْ دفتيْ معاجم: [البُلدانِ والأوطانِ]!

 

- لو شئتَ الجنانَ، سينقلكَ هذا البساطُ بقلبكَ إلى الجِنانِ، هنالك حيثُ الأنهارُ والثمار، فقط؛ قلّب كُتبَ [الصِّحاح والمسانيد]..

 

فلا تَحرِمُوا أنفسَكم لذَّةَ التجرِبَةِ ومُتعةَ السياحةِ، صوبَ هذا الفضاءِ الروحيِّ والفكريِّ الواسع مع هذا البساطِ!

 

إن الحياةَ مع الكُتبِ - أيُّهَا السادةُ - وما دوَّنهُ الأوائلُ، هي حيَاةٌ مع بساطٍ للريحِ - طيِّعٍ مطيع - لا يُزاحمُكَ في ركوبهِ إلا أهلُ الهِمَمِ والصفوةِ والفِكرِ والأدبِ والدماثةِ واللباقةِ، وأنعمْ بها من مزاحمةٍ ومنافسةٍ؛ ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26].

 

حياتكَ مع بساطِ الريحِ هذا، هي حياة تأخذُ روحكَ إلى عوالمَ غيرِ هذه العوالمِ الماديَّةِ التي غلبَ فيها الكيدُ والمكرُ والخداعُ والقطيعةُ حتى بينَ من يدَّعونَ لأنفسهم أنهم خاصةُ الخاصَّةِ، وغيرهم العامة والعَوام!

 

حياةٌ تبعدُكَ عن دنيا الناسِ السفليَّةِ، إلى حياةِ الروحِ العليَّةِ العُلويَّةِ.

 

حياةٌ معَ من يُعطيكَ الفائدةَ والمعرفةَ دونَ مِنَّةٍ منهُ ولا أذًى؛ حياةٌ بعيدًا عن النماذجِ الكربونيَّةِ المنسوخةِ الممسوخةِ المُكرَّرةِ في زماننا اليوم، ممن جعلتْ غايةَ المَعرفةِ عندها (دال ونقطة) تُرسمُ على طرَّةِ بحثِ تخرُّجٍ!

 

إنَّ الحياةَ مع الكُتبِ - باختصارٍ -: هي حياةُ الحياةِ - وربِّ القلمِ والدواةِ -!

 

لأنهَا حياةٌ مع أولئكَ الأمواتِ.

 

فسبحانَ من جعلَ حياةَ الألبابِ والعقول، في صريرِ أقلامِ الأمواتِ!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- بساط الريح
بسمه الرفاعي - سوريا 07-10-2013 06:02 AM

آه ... جزاك الله خيرا أوجعت ٌقلبي بذكريات عشناها بقلوبنا وعقولنا فمنا الوليد ومنا الرشيد فلم لا نسود ولم لا نشيد الإسلام قادم هي بشارة شيخنا القرن الواحد والعشرين هو قرن الإسلام بإذن الله.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة