• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

انتشار الرواية ( قراءة ثقافية )

انتشار الرواية ( قراءة ثقافية )
محمد فايع عسيري


تاريخ الإضافة: 2/9/2013 ميلادي - 26/10/1434 هجري

الزيارات: 9983

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

انتشار الرواية

(قراءة ثقافية)


شهدتْ وتشهد القرون الثلاثة المتأخرة (1800-2000) حضوراً واضحاً وجلياً للرواية الأدبية، سواء على مستوى الكُتَّاب أو على مستوى القرَّاء أو على مستوى الإنتاج. والأكثر من ذلك إثارة أن هذا الحضور قد شمل جميع اللغات وجميع البلدان والدول، وصارت هناك جوائز عالمية ومحلية لدعم الرواية والروائيين. ومما لا شك فيه أن هذا الحضور لـ (ديوان الغرب) قد انسحب بشكل غير مفاجئ على (ديوان العرب) وهو الشعر، فصار حضور الشعر قليلا مقارنة بالقرون السابقة، وصرنا نعرف الروائي في الدولة النائية قبل أن نعرف الشاعر فيها. ولا شك أن لهذا التحول أسباباً ودوافعاً ستكشف لنا بعض السمات التي يتمتع بها عقل هذا الجيل ونفسيته ومجتمعه. كما أن هذه الأسباب ستعكس لنا أسباب انتشار الرواية - من وجهة نظر متواضعة - وليس أسباب تفوقها على القصيدة والشعر، لأن الأجناس الأدبية لا تتفاضل فلكل واحد منها طبيعة تختلف عن الآخر في المبنى و المعنى، كما أن الزمن يلعب دوراً مهما في إبراز بعض الأجناس ويكشف لنا عن أنساق تلك الثقافة في ذلك المجتمع.

 

السبب الأول في الحضور وليس في الأهمية هو جانب التفصيل في الرواية وعدم استخدام لغة التكثيف التي يتمتع بها الشعر. إن التفاصيل تشبع فضول الإنسان وتغريه بالبقاء والمتابعة لمعرفة مجريات الأحداث. التفاصيل في الشخصية: نفسيتها، مظهرها الخارجي، عقليتها، لغتها...الخ. إضافة إلى أن هذه الشخصية غالباً ليست من عالم الخيال المحض، بل لها ارتباط بالواقع بشكل أو بآخر؛ يغري القارئ وكأنه يرى نفسه أو يرى أحد أصدقائه أو أقاربه متمثلا في الرواية، مما يجعله يبحث في البواطن مما لا يستطيع سؤاله ولا اكتشافه في شخصيات قريبة من حياته الواقعية. كما أن التفاصيل في الزمان أو المكان (الزمكان) يثير شهية القارئ للإقبال على الرواية خاصة في عصر الصورة وعصر السينما والأفلام. إن هذه الخاصية (تفاصيل الزمان والمكان) توفر على القارئ عناء تخيل (اللازمان واللامكان) المتواجد بكثرة في الشعر عادة. وهي تشكل للنُخب - خاصة - مادة خصبة تُرضي نهمهم اللغوي وتُشبع تواجدهم العصري.

 

هناك أمر آخر أيضاً أسهم في انتشار الرواية واكتساحها ألا وهو الصراحة على مستوى القضايا الحساسة والصراحة على مستوى اللغة. فالرواية تطرح الموضوعات المجتمعية عادة، تلك الموضوعات المقلقة والمؤرقة والتي يمرر طرحها من خلال إحدى الشخصيات في الرواية. أما الصراحة في طرح الموضوعات الحساسة فهي من مهمة الرواية المعاصرة، لأنها تنفذ إلى بيوت الفقراء والأغنياء وتمشي في الأزقة والشوارع والطرقات وتبرز عالماً لم يكن ظاهراً للعيان رغم أنه ظاهرة. إن الرواية تعمل على كشف المخبوء والتصريح به وعدم ستره بل يمكننا أن نقول إنها تعمل على (الفضح) بشكل متفاوت بين كاتب وآخر. وهذه (الفضائحية) سمة روائية كما أنها سمة لهذا العصر الذي يسعى أبناؤه ليس إلى معرفة الفضيحة والبكاء أو الضحك عليها فقط، بل إنها محاولة جادة لتلمس الخلفيات الموجعة التي تعيق حركة نهضتهم وتقف حاجزا في تطوير حياتهم وتنمية أوطانهم. إن الصراحة في الرواية ليست فقط على مستوى القضايا والموضوعات، بل إنك تقرأها أيضاً من خلال الكلمات والمفردات والجمل التعبيرية. إن اللغة التي تقوم عليها الرواية في العادة لغة واضحة صريحة تتشفع بالكلمات والتعبيرات التي تحمل معنى واحدا غالباً، خاصة في هذا العصر الضبابي بالأفكار والعلاقات والتناقضات. إن الصراحة محاولة جادة من الرواية للخروج من هذا العتمة الفكرية على جميع مستويات وجوانب الحياة البشرية.

 

ثمة سبب آخر يدعو إلى انتشار الرواية وهو (تمدن الرواية) أو (واقعية الرواية) أو (اجتماعية الرواية). بمعنى أن الرواية المنتشرة هي رواية نشأت من "المدنية" وتتحدث عن "المدنية" ومشكلاتها و احتياجات إنسانها ورغباته ومكبوتاته، ولم تنطلق من القصور أو فارهات الدور. إنها تعكس الواقع الذي يعيشه الإنسان المهضوم، لا تعكسه بحذافيره كما تصنع الآلة الإعلامية، بل تعكسه بخيال الروائي وتجربته الشعورية، فما حاجة الإنسان القارئ اليوم لأديب لا يتحدث عنه وعن مشكلاته وقضاياه. إن الروائي عندما يستعرض مشكلة في الحياة المدنية إنه بهذا العمل (ينفس) ويساعد الآخرين على (فضفضة) همومهم واهتماماتهم وشجونهم وأشجانهم. إن الإقبال على الرواية ساعد على إضاءة الطرقات المظلمة في المدينة، وكشفَ ظلالَ الستائر خلف النوافذ المعتمة، وكذلك أسهم في التنفيس والتبريح عن رغبات الكثيرين ممن تلظوا شعوريا أو واقعياً بنار القضايا الإنسانية الموجعة المحيطة، فالرواية لهم كالمتنفس الآمن وكالصديق الوفي في عالم المدنية المشغول.

 

هناك سبب آخر له علاقة بالتقدم العلمي والتكنولوجي يتمثل في الطباعة والنشر ورغبة رجال المال في استثمار هذه الخاصية لدى الإنسان المعاصر. إن (الرأسمالية) عندما أطلت بأفكارها جعلت المال هو الغاية الوحيدة التي تسعى إليها البشرية عبر أي مجال ومسار. ولذا كان السؤال المهم لديهم كيف تكون المجتمعات استهلاكية أكثر، بغض النظر عن نوع هذا الاستهلاك: غذاء، دواء، سلاح، تقنية، ثقافة... إلخ. من هنا بدا لهم أن الرواية منتج ثقافي استهلاكي يقبل عليه أبناء الجيل وهذا العصر بشكل ملفت للانتباه والثراء. وهكذا بدأت طباعة الروايات ودور النشر تكثر وتنتشر ليس بسبب ثقافي في معظم الأحيان، ولكن بسبب تجاري استثماري، شأنه شأن أي شيء في هذه الحياة من خلال وجهة نظر الرأسماليين. ودعم الشيء - مهما كانت قيمته – من قبل المتنفذين ورجال المال يؤدي إلى انتشاره وسيطرته على المستوى الاجتماعي - غالبا -. ولو أن معظم عيون الروايات الأدبية قد كشفت هؤلاء الذين يقتاتون على الثقافة بغض النظر عن مستواها أو احتياج المجتمع لها.

 

في الختام، أعلم تمام العلم أن هذه المقالة قد أعوزتها بعض الأمثلة لتدعيم الأسباب المذكورة حول انتشار الرواية، ولكني لم أرد طرح ذلك لسببين:

الأول: أن الأسباب التي طرحتها هي في الغالب مما يمكن ملاحظتها على قراء الروايات وعلى جيل هذا العصر بشكل عام من غير استحضار لأمثلة من بعض الروايات.

 

أما الأمر الثاني: رغبة مني في الاقتصار والاختصار على هذه الإضاءة المتواضعة، على أمل أن تكون هذه المقالة نواة لبحث أشمل في المستقبل القريب بإذن الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة