• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

حديث الحب في ليلة قمرية بنسائم بحرية

د. شادي محمد راضي


تاريخ الإضافة: 4/6/2013 ميلادي - 25/7/1434 هجري

الزيارات: 10748

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث الحب في ليلة قمرية بنسائم بحرية


ركبتُ سيارتي في هذا المساء، متوجِّهًا إلى ذلكم المكان البعيد، إنه مُتنفَّس أحزاني؛ فالبدر في هذا المساء قد اكتمل واستدار، والبحر قد هاجت أمواجه، فجلست أمام البحر بعد هدوئه، ونظرتُ إلى القمر وتبسَّمتُ.

 

وفجأة، إذا أنا بكهلٍ قد تقوَّس ظهرُه، واشتعل رأسه شيبًا، يمشي متكئًا على عصاه، إلا أن رُوحه ليست رُوح عجوز كهْل، وإنما عروقه عروق تَنبِض بالشباب، وحياة الشباب، فطلب مني الإذن بالجلوس ليتحدَّث معي، فرحَّبتُ به ودنا مني.

 

فقال لي: إني أراك دائمًا تأتي إلى هذا المكان، وكنتُ أرقُبُك كلما جئتَ وحتى تُغادِر، وأراك وأنت تتحدَّث مع هذا البحر، وتتسامر مع هذا القمر.

 

قلت له: مَن أنت أيها الشيخ الكبير؟ تنهَّد، ثم قال لي: أنا الحب! قلتُ: مَن؟! قال لي مرة أخرى: أنا الحب.

 

قال لي: لقد رأيتُ من قومك أمرًا عجبًا، لقد ظلموني باسم الحب، وجرحوني باسم الحب، ولم يعرفوا الحبَّ ما هو وما معناه؟

قال لي: سأحكي لك طرفًا من ظُلمِ الحب الحقيقي باسم الحب المزيَّف، قلتُ له: هات ما عندك، فقال: رأيتُ شابًّا يبكي دمًا، سألتُه: لماذا؟ قال لي: أنا في العقد الثالث من عمري، حاولتُ أن أتذكَّر مرةً واحدة، قال لي أبي الحبيب: أنا أحبك؟ أو قالتها أمي الحبيبة.

 

وطفل آخر استيقظ من نومه صباحًا وعاد إلى فراشه مساء، وهو يتنقل بين أبيه وأمه من لحظة إلى أخرى ليأخذ منهما قُبْلة الحب، فنام ولم يأخذها لانشغالهما.

 

وذاك شابٌّ تعرَّف على صديق جديد له، وما إن تحدَّث معه قليلاً وتَسامَر معه فأُعجِب به، فسَرعان ما قال له: أنا أحبك في الله، يومان أو ثلاثة بعدها، رأى موقفًا انزعج منه فأصبح منذ ذلك اليوم من ألدِّ أعدائه وتلاشى الحب المزعوم!

 

وذاك آخر قال: إني أُحِب الله تعالى، لكني لم أره في موضِع يُحبه الله تعالى، وقال آخر: إني أحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظرتُ إلى هِندامه وإلى هيئته، فلم أجد ما يوحي لهذا الحبِّ، بل رأيتُهما في أماكن لا يحبها الله ولا رسوله، والله المستعان.

 

وتلكم الزوجة كانت تبكي بحرارة وحُرْقة، فسألتُها: ما يبكيكِ؟ قالت: كنتُ في أيام خطوبتي أعيش أحلى أيام بأحلى نكهات الكلام، وأَعذَب أحاديث العُشاق، ثم شهر العسل وما أدراك ما شهر العسل؟! عِشتُ كملكة في الخليَّة، وما إن انتهت هذه الأيام، فلم أرها مرة أخرى إلا في قَصص الروايات، وغابت كلمات الحب المغشوش، وكشَّر الذئبُ عن أنيابه، وبتُّ أعيش في غابة مُظلِمة أموت في لحظات حياتي كل ثانية مرة مرة.

 

في هذه اللحظات استوقفتْه عن إتمام هذه الصور السوداء وعن سرْدها، وتعميم هذه المشاهد الآحاد مقابل مشاهد حبٍّ متواتِرة كثيرة من الزمن البعيد الماضي حتى الزمن القريب الحالي.

 

اعلم أيها الحب، أن القلوب مفطورةٌ عليك، مجبولةٌ في حياتها بك ولا تتخلَّى عنك، وإن مرَّ في حياتها شيء من القسوة والألم، فإنها تعود قريبًا جدًّا إلى منابع الحب للارتواء والشرب من مَعِينك العَذْب الزُّلال.

 

أنتَ حرفان، حاء وبعدها باء، تَذوب عند معانيها الأحباء!

وإليك صورًا مُشرِقة ساطِعة من حكايات المحبِّين على أعتابك، وهي نماذج وفاء ووئام، ما زالت تُدار وتُقال وتُروى في القَصص والروايات، وفي المجالس والندوات والأمسيات.

 

استمع معي أيها الحب لأصدق حبٍّ وأجمل حب وأبقى حب، وهو حب الله - عز وجل - فقال واصفًا أحبابه بقوله - سبحانه -: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، ومن بعد هذا الحب في الدرجة حب النبي - صلى الله عليه وسلم - واستمِع معي أيها الحب لهذا الآية الكريمة: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾  [آل عمران: 31].

 

وقال تعالى مخاطبًا موسى - عليه السلام -: ﴿ وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 83]، فأجاب موسى - عليه السلام -: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]، فما رأيك أيها الحب بمِثل هذه الصور من الحبِّ؟

واستمِع لحديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في غرْس الحب وبذْر الحب في نفوس البشر؛ فعن أنَس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((لا يُؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولدِه ووالدِه والنَّاس أجمعين))؛ متفق عليه.

 

و لما سُئل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "كيف كان حبُّكم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان أحبّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ".

 

ولما سأل عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: يا رسول الله، مَن أَحبّ الناس إليك؟ قال: ((عائشة))؛ رواه الترمذي.

 

وعن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرَّ به رجل، فقال: "يا رسول الله، إني لأُحِبُّ هذا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعلمتَه؟)) قال: لا، قال: ((أَعلِمه))، قال: فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال: أَحبَّك الذي أحببتَني فيه"؛ رواه أبو داود.

 

بل انظر معي أيها الحب الكبير، كم رتَّب الله - عز وجل - من أجر فيمن زار أخًا له يُحبه في الله؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أن رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله على مَدرَجته مَلَكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نِعمة تَرُبُّها؟ قال: لا، غير أني أُحِبه في الله، قال: فإني رسول الله إليك، إن الله قد أحبَّك كما أحببتَه فيه"؛ رواه مسلم.

 

بل اقرأ معي ماذا أعدَّ الله - عز وجل - للمُتحابِّين يوم القيامة؟ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المُتحابُّون بجلالي؟ اليوم أُظِلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلِّي))؛ رواه مسلم.

 

أيها الحب، أتعلم أن جِذْع النخلة حنَّ وظلَّ يبكي حتى لمَسه الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بيده الشريفة فسكت وفَرِح؟ أرأيت أجمل من هذه الصورة في وصْف الحب بين المحبِّين؟ فالجماد له حكاية من الحب لا تخفى.

 

أيها الحب، إن قَصص المحبين المتنوِّعة لا تنتهي، وحكاياتهم لا تنقضي، فكل له مع الحب جولات وجولات.

 

فلما سمع مني الحبُّ بعض شذرات المحبِّين عادت له رُوح الحياة وماء الشباب من جديد، وأخذ مني عهدًا أن أكتُب لكم هذه الكلمات، وأن أنصحكم بالعودة إلى معين الحب الصافي، فاشربوا من رحيق الحبِّ كاسات مُتتابِعة، فالحياة إلى زوال، انشروا الحب، انثروا الحب، فتِّشوا عن الحب، لا تَحرِموا أنفسكم من الحب، لا تعودوا للأحزان، أَوصِلوا تياراتِ الحبّ المُنقطِعة من سنين، واشحنوا بطاقات الحب من جديد؛ لتمتلئ أرصدتُكم من الحب، واجعلوا شعاراتِنا من اليوم حتى الممات: "لا تُخْفِ ما صنعتْ بك الأشواق، واشرح هواك فكلنا عشَّاق"، و"الخِصام بين الحبيبين تجديدٌ للحبِّ".

 

وأنا هنا أقول لكل مَن يعرفني قريبًا أو بعيدًا: أنا أحبكم جميعًا، وأقول لكل من يقرأ لي هذه السطور: أنا أحبك أيها القارئ الكريم، وأقول لك: وداعًا مع الحب لألتقي بك هناك على الحب، ولأسمع منك أجمل قَصص الحبِّ التي سقيتَها جداولَ مجتمعك وزهورَ مَن هم في حياتك، ومَن هم حولك...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- ثناء
محبتك في الله - المدينه 12-06-2013 03:43 AM

جزاك الله خير الجزاء أستاذنا الفاضل

1- شكر
محمد - المدينة المنورة 05-06-2013 01:00 AM

بارك الله فيك....وفتح الله عليك...مقال رائع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة