• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

عن " حجرتان وصالة: متتالية منزلية " في وداع إبراهيم أصلان

عن " حجرتان وصالة: متتالية منزلية " في وداع إبراهيم أصلان
محمود ثروت أبو الفضل


تاريخ الإضافة: 16/5/2013 ميلادي - 6/7/1434 هجري

الزيارات: 8096

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عن "حجرتان وصالة: متتالية منزلية"

في وداع إبراهيم أصلان


ذلك الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، الدأب الذي لا يهدأ بوصف مهمشات الحكايات، والدوافع النفسية لطوبِ الأرض، والضائعين في سراديبِ وَهْم الحياة الضائع، مَن يعيشون يومهم ولا يكادون يتذكَّرون من الغد إلا القلقَ المُمِض الذي يعتصر ثمرةَ قلوبِهم على مَن ذهب ومن مات ومن جاء، ومن لم يأتِ، هذه البلاهةُ المتعمَّدة في الحَكْي التي عمِل على مشروعها المركَّب ذلك القاصُّ العجيب، الذي جاء "صدفة" ليقول لنا بكل بساطة: إنه صادف في طريقه رجلاً عجوزًا يحدِّثُ نفسه، ويبصق في ضيق على ترابِ الأرض، وعندما انتبه له المارة بدأ يجري، تثيرُ حكايتُه الاستغرابَ، واجتذاب حكايات أخرى عديدة، صادفها السامعون عن أزمنة سحيقة، كانت الأرض مَلأى فيها بالبُلْه والمهمَّشين، هذا هو - باختصار - آخِرُ ما قصه ذلك المدهش "إبراهيم أصلان" في مجموعتِه القصصية الأخيرة "حجرتان وصالة"، يبدو وصفُ إبراهيم أصلان لتلك المجموعة القصصية بوصف "متتالية منزلية" بجانب العنوان الرئيس؛ ربما للاعتذار للقارئ لصحبته خلال ذلك المكان الضيق بتفاصيله طيلةَ قصص مجموعته بشكلٍ متكرر يُشعِرُك بالأُلفة إن كنتَ تعرف أسلوبَ إبراهيم أصلان من خلال مجموعاته القصصية السابقة، أو بالحَيْرة إن كنت تقرأُ للرجل أول مرة، في الحقيقة كأن هذه القصصَ هي مرثيةُ وداعٍ من إبراهيم لأحبّائه وهو يسترجعُ ذكريات الحَيْرة الذِّهنية التي أصابته بعد كِبَر سنِّه وفَقْد الأحباب، كأنه هو "خليل" أو "أبو سليمان" طيلة تلك القصص، يتذكر آلامَ العيشة الصعبة، ووجَع الانتظار، يقولون: إن إبراهيم يصنع الدهشةَ في قصصه، هي ليست دهشةً بقدر ما هي سرد تلقائي لقصص نمَطيٍّ لا تأنَف من قراءته مرة واثنتين وثلاثة، رغم أسلوب الصياغة المباشرة، والجانب اللغوي الركيك الذي يذكِّرُك بكتابة شابٍّ أتمَّ مرحلتَه الجامعية للتو في وقتنا الحاضر، يقولون دومًا: "إن الكاتب هو الأسلوب"، قرأتها ذات مرة في أحد الكتب النقدية، أستطيع بكل ثقةٍ أن أقول: إن إبراهيم أصلان هو ذلك الأسلوب في تلك المجموعة القصصية، أو إن الأسلوب في تلك المجموعة القصصية هو إبراهيم أصلان، أو بشكل أكثر إيجازًا وعفوية: إن إبراهيم أصلان هو "حجرتان وصالة"، هذا الأصلانُ هو الرجل الذي كسَر الطبق، وأخفى تلك الجريمة المنزلية في سَلَّة القمامة، سرٌّ لم تستطِعْ فكَّه زوجتُه إحسان التي ظلت تتساءل: أين يكون عساه ذهَب ذلك الطبق الذي وضعته على منضدة الصالة؟

 

أصلان ذلك الرجل الذي يتصل عليه أحد أصدقائه القدامى ليحكي له أنه أصيب منذ سنوات بجلطة دماغية، ويطلُبُ منه أن يتصلَ به ليطمئن عليه، ولكي تعود الأيام الخوالي، وهو بالكاد يعصر ذاكرتَه لعله يعرفُ مَن هو من بين أصدقاء الشباب؟

 

أصلان ذلك الرجل الذي تُناكِده زوجتُه المسنة، عما عسى أن يكونَ ما قالته له أمس، وهو بالكاد يحاول إرضاءها بذِكْر أي تفاصيل يومية سابقة، ذلك الشخص الذي يظن أن ابنه ازداد طولاً في زيارته الأخيرة، وقد كان يقاربه في الطول طيلة السنوات السابقة، ذلك الشخص الذي لا يدري ما يفعل عندما لا تُجيبه زوجته صباح أحد الأيام الرتيبة، ويظن أنها ماتت، وكيف سيتصرف هو والعيال؟

 

أصلان الذي يحكي لنا بنَزقٍ طفولي عن الأستاذة التي عادت من الإعارة ولم تستطِعْ قضاء حاجتها في أحد الأفراح؛ لأن غرفة الخلاء التي اضطرت لدخولها ملآنة بالخِراف والدجاج، واستحيت أن "تشلح" أمام الحيوانات المشرئبة بأعناقها، أصلان الذي تضايَقَ لأن زوجته ظلت تتجاهل رغبته طيلة سنوات في صُنع الفول المدمس بالعدس الأصفر بدلاً من حفنة الأرز التي تصنع بها طعمًا للفول دومًا، أصلان نفسه الذي انتبه إلى أنه يسرَح أثناء مشيه، وذهب ليصنع أشعة مقطعية على المخ، هذا الذي ماتت زوجتُه وهي توصيه بأن يرد على التليفون الذي كان يدق في أحد الأفلام القديمة التي أدمَن مشاهدتها الزوج ظنًّا منها أنه تليفون المنزل، ذلك الزوج الذي بعد وفاة زوجته ظل يغفُل عن إناء الشاي الذي يضعه على الوابور أو البوتاجاز، ثم ينشغل عنه بأشياء نمطية أخرى في "طابونة" حياته اليومية، ويظل الإناء على النار حتى يُنجِده الجيران أو بواب العمارة أو الأسرة التي تأتيه ببرّاد بخاري جديد، ولكنه يعز عليه أن يستخدمه وفاءً لذكرى زوجته، وبراد زوجته.

 

أصلان الذي ضاعت منه الخمسون جنيهًا التي "استلفها" التو من صديق عمره، وظل يبحث عنها في الزقاق الضيق، وعلى درجات السلم حتى سقط في "حَيْصَ بَيْصَ"، ذلك الرجل الذي ضاع منه كتكوته، وما زال يسأل عنه النساء المفترشات بسطات البيوت حتى "يخلي باله" من تلك الأشياء المؤرقة التي تنغِّص عليه رتابة يومه، ستظل تقرأ وتندهش إذا كنت جديدًا على عالم "إبراهيم أصلان"، أو تقرأ وأنت تسلِّم بكل كلمة يحكيها، ذلك الرجل الذي عرَك تجارِب الحياة اليومية، ثم تغلق آخر صفحة من تلك المجموعة، وسرعان ما تنساها ولا يعلق بذاكرتك شيءٌ في القريب العاجل؛ ربما لأن أصلان لا يريد أن يشغل بالك بما كتبه، أو أنه ربما كتبه ليريح ضميره من ذلك الخاطر الممض الذي يؤرِّق ليلته الطويلة، فأراح باله منه على تلك الوريقات وأتعبنا معه، نحن القراء المساكين، طيلة الساعة ونصف الساعة من قراءة تلك القصص، التي شاء الله أن تكونَ هذه آخِرَ حكايات الرجل، الذي ظل يكتب طيلة عمره بعفوية تعزُّ على الخاطر، وتطيبُ لخَليِّ البال، هذا الأصلان الذي ظل يحاول لَضْمَ الخيط في الإبرة منذ الظهر وحتى أذان العصر.. ذلك الأصلان الذي رحل واستراح.. وما أراحنا بعد!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة