• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

كغيمة في سماء بلادي

رجاء محمد الجاهوش


تاريخ الإضافة: 12/5/2013 ميلادي - 2/7/1434 هجري

الزيارات: 5453

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كغيمة في سماء بلادي


لَمْ تكن يومًا قويَّة كقوتها اليوم!

فمنذ أن ارتبطت به وهي تسمعُ له وتُطيع، تناقشُه أحيانًا، تُبدي رأيَها بأدَب ودون وَجَل؛ لكنَّها في نهايةِ المطاف تتبع رأيه؛ فهو ربُّ الأسرة وقائدُها، وقد علَّمتها أمُّها أنَّ الزوجة الصَّالحة لا تعاند، ولا تصرُّ على رأيٍ إنْ رأى زوجُها خلافه؛ بل توطِّن نفسها على تقبُّل رُؤَاه في هذه الحياة؛ لتنعَمَ أسرتُها بحياة هادئة هانئة!

 

كانت تثقُ به؛ فهو شخص خَلُوق وطموح، يسعَى بكلِّ جدٍّ لتحقيق أحلامه، يرعَى أسرتَهُ بحبٍّ وحزمٍ، ولا يقبل الخسارة!

 

وقفت تبثُّه قرارَها، فتداعت صورةُ شجرة الزيتون التي غرستها بيدها - ذات يوم - في جنينة بيت والدها في مخيّلتها، فقالت بإصرار: لن أغادر، لن أترك أرضي، وطني!

 

• ألا تَرَيْنَ وحشيتَهم؟ هل نبقَى لنُعْتَقَل، لتُغْتَصَب بُنيَّاتُنا، لنموت؟!

• بل نبقَى لنحيا وتحيا بنا بلدُنا، الموت حقٌّ، وهنيئًا لِمَن كتب اللهُ له الشَّهادة في سبيله مُجاهِدًا أو مُرابِطًا!

 

• أنت تدركين جيدًا أنَّني لا أُحسن استخدام السِّلاح!

 

• لديك ما يُضاهي السِّلاح أهميةً، عِلمُك وخبرتُك الطويلة في مجال الطِّب، إن لم يَكُنْ هذا وقتَ الاستفادة الحقيقية منها، فمتى يكون؟!

 

• الطبيب لا يستطيع أن يُنجِز وهو خا...!

 

لمْ يُكمِل اعترافه، شَعَرَ بوخزة في رجولته، فسكت!

 

التزمت الصَّمت؛ فقد كانت تشعر منذ اندلاع الثورة بأنه خائف، إلا أنها أبَتْ أن تصدِّق!

 

رفعت نظرَها إلى السماء، فرأت تلك الغيمة، غيمتها البيضاء الناصعة!

 

ثمة إحساسٌ يخبرها بأنها قريبةٌ رغم بُعْدِها، تظلِّلها أينما توجهت، تمطرُها بالحبِّ والحنان كلما ضاقت عليها الأرضُ بما رحبت، سبحان مَن أبدَعها!

 

كانت ابنتُهما الكبرى تُنصِتُ إليهما مِن بعيد، اقتربتْ وبادرتْ بالحديث قائلةً:

• نحن في خطر حقيقي يا أمي، فهل يحق لكِ أنْ تقرِّري عن الجميع؟!

 

• وهل يجب علي أن أضحِّي دومًا مِن أجل الجميع؟!

 

• نحن نريد حمايتك، نريد أنْ نحتفظَ ببعضنا؛ لنكمل مشوار العُمر معًا بحبٍّ وتراحُم كما تعودنا!

 

• أين سنكمله؟! في خيمة للاجئين أم في شقة في برجٍ عالٍ أيضًا في أرضٍ غريبة!

 

عندما اقتلعني أبوكِ مِن قريتي، حاولتُ الحفاظَ على جذوري لأغرسَها في تربة المدينة، لكنِّني لم أستطِعْ؛ فقد اختار لي والدُك منزلاً مُعلَّقًا بين الأرض والسَّماء في بُرج سكنيٍّ راقٍ، وجذوري المقطّعة كانت أقصرَ مِن أنْ تصلَ إلى الأرض، فعشتُ عُمرًا كريشةٍ تخشى هبوبَ الرِّيح!

 

• أعجبُ مِن أمرِك يا أمي! هل تفضِّلين العيشَ في قريةٍ متواضعة على السُّكنى في مدينةٍ مُزدهرة؟!

 

• بل أفضِّل العيشَ في أرضي ومع أهلي، أمنحُ تلك القريةَ المتواضعة عِلمي، وآخُذُ بيد أهلها نحو التَّقدُّم والازدهار، ماذا منحتني المدينةُ؟!

 

منزل فاخر، مدارس وجامعات راقية، بضائع متنوعة ذات ماركات عالمية، ما قيمة كلِّ هذا إن كانت تنظر إليَّ بتعالٍ وفوقية، وأهلها بالكاد يُلقون عليَّ التحية؟!

 

الحياة قنطرة، سنعبرُها ونمضي بعد ذلك للوقوف بين يدي الملِكِ العلام!

 

المال فيها وسيلةٌ للعُبور، للعيش بعزَّة وكرامة، ولتنفيذ أمر الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60].

 

لم يكنْ يومًا غاية مَن عرف ربَّه، وأدرك حقيقة مسؤوليته!

 

الحياة مبدأ.. معانٍ سامية.. هدفٌ نبيل يبذُلُ المرءُ وُسْعَه في الوصول إليه!

 

نظرَ إليها مليًّا كأنه يراها لأول مرة، وسؤالٌ في أعماقه يتردَّدُ: هل ظلمتُكِ أم ظلمتُ نفسي؟!

 

ساد صمت مَهِيب؛ فتساقط الدَّمع مِن مآقٍ مُتعبَة كقطراتِ مطَرٍ فاضت بها غيمتُها المُثقلة، مُودِّعةً شتاءً قارسًا!

 

كشجرة الزيتون الشامخة، كررت قولَها بإصرار أكبر:

• لنْ أغادر؛ فالرَّبيع لم يُخلِف يومًا موعده، ولولا دموعُ الشِّتاء لَمَا أزهر! لنْ أترُكَ أرضي لغاصب حاقد.. سأقاوم، سأرابط، وعلى ضوء القمر سأَخيط عَلَم الاستقلال، وأتسَرْبَلُ به!

 

سأعصب جَبيني براية: "لا إله إلا الله"، سأحمل مُصحفي في يميني، وفي اليُسرَى حليب لأطفال قريتي!

 

سأظلُّ أزرع الياسَمين وأنثرُه في الطرقات.. على الشرفات.. فوق مخادع المُحبِّين!

 

سأشعل شموع أملٍ واثقةٍ بنصر الله، وأزيِّن بها الدُّروب؛ لعلَّ نورَها يبدِّد ظُلمةَ القلوبِ!

 

لنْ أغادر!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة