• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

بين يدي رواية ( حجر الكحل ) للأستاذ محمود توفيق

بين يدي رواية (حجر الكحل) للأستاذ محمود توفيق
عمار سليمان


تاريخ الإضافة: 7/5/2013 ميلادي - 26/6/1434 هجري

الزيارات: 10463

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين يدي رواية (حجر الكحل) للأستاذ محمود توفيق


إن أروع الروايات هي التي تُجبِرك على البكاء بين يديها، فتشعر بشخوصها، وتلمَس السنين على وجوههم، فتكبَر معهم وتلاعب أطفالهم، وتبكي على آلامهم وأتراحهم، سحرٌ من الأدب والتشبيهات أحلَّت على الأشياء قطعة من رُوح الكاتب التي لفَحها عبقُ الصحراء وبساطة الأرياف، هذا وأكثر منه رسمه الأستاذ محمود توفيق في رائعته الصغيرة (حجر الكحل)، وعلى الرُّغم أن الرواية لا تتعدَّى المائة والأربعين صفحة، فإنها تُسافِر بك فتأخذك من زمن إلى زمن بتسلسل مُتموِّج بين ضعْف وبراءة الطفولة إلى ضجيج الغريزة وحب الانتقام، وترسو بك على شواطئ الرحمة والعفو والالتئام.

 

يبدأ الأستاذ روايتَه بتشبيه بديع لتلك الحُجرة التي يَسكنها الظل، وخوف (صابرة) وابنها بعد موت الأب الظهير، جموع الأمطار تَصطفُّ لتسيل عبر الطين كدموع تسبلت بالكحل الأسود، فهي لا تعني إلا الحزن والمستقبل المجهول، فهي كخط الزمن لا يتوقَّف، ففي كل زمن هناك (صابرة) وابنها وتختلِف الشخوص وحكاية الظلم واحدة!

 

ثم يتابِع أستاذنا سردَه واصفًا مرَّ الظلم وعلقمه ينتفخ في صدر ذاك الطفل الذي صنعوا منه وحشًا، ونزعوا منه معالم الطفولة بعملهم الأثيم، ثم يُصوِّر كِبَر الطفل، وكيف يكبر معه موت أمه وظلمها إلى أن يتحوَّل إلى وحشٍ كاسر لا يعرف من الحياة إلا معنى الثأر ولذة الانتقام.

 

وفي ظل هذا الارتباكِ الإنساني وضياعه يظهر قرينٌ لابن (صابرة)، يكون معنى الخير في الرواية وعُقدتها المميَّزة، فهو ظل الرواية، وأروع ما فيها من معاني الأخلاق والسموِّ الإنساني، فيكون هذا القرين القريب صناعة الألم، كما هو ابن (صابرة)، وتتلاقى أطيافهما على بحور الظلم، ويجمعهم القدرُ ثم يُفرِّق بينهم بُرهة ليجمعهم الاجتماع الأبدي الذي لا ينتهي بانتهاء الرواية؛ لأن المعنى السامي في الرواية هو ما خطَّه الراوي من قلبه، وزرَعه القارئ في وِجدانه، فهو تواصُل غير مرئي بين الكاتب والناظر، لكل منهما دورٌ في بناء الآخر.

 

لم تخلُ الرواية من بعض شذرات الحكمة العالية والتوجيه السديد؛ فقد قال الأستاذ بين ثنايا روايته عن بطل الظل (حسان) أنه:

آمن بأن الداعية في رَغدٍ إيماني بين أصحابه يُدلِّل نفسه، ولا يَختبِر إيمانَه إلا بخروجه للناس على عِلّاتهم.

 

ومن روعةِ الحِكم التي سردها الأستاذ عن بطله (عاصم) في معنى الطغيان والعطف إذ اجتمعا:

لعله من تلك الفئة الغربية التي تشمئزُّ من الطاغية، ثم تنفجِر فيها مشاعر الحب والولاء له، حينما يَسقُط ويُذَل ويَنفضّ عنه الناس.

 

ومن أجمل ما يميِّز الرواية الانتقال الهادئ من جفاء الصحراء والطباع المُغلَقة والحمية المُفرِطة إلى زيف المدنية ونِسيان القضيَّة، وهنا إيماء لمعانٍ في الاجتماع والنفس وتقلُّب الحال بسبب المكان، فاستطاع الكاتب أن يُطوِّعها ليَلُفّ الرواية بسياج من الخيوط المحبوكة بإتقان رائع مُذلَّل بطِباع النفْس وعلاقتها الدائمة مع الزوايا والزقاق.

 

ومن روائع مِثل هذه الروايات الاستدلال بالآيات والأحاديث والتقريرات النبوية داخل القصة، فيجعلها محور الخير ودافع التحول في النفس، فليس يُغيِّر النفس إلى هذه النسمات الإيمانية التي يهبط بها الكاتب من شفتَي (زايد الصغير) فتسقُط على نفس السامع كقطع الضياء تُصفِّيه من أي شوائب أثخنتْه بمعنى الظلم أو الانتقام، فهذا البلسم المُرتسِم بالكلام يُخمِد فوران نار الدم في القارئ، فيجعله يُعيد حسابَه، وهنا نقطة فاصلة في الرواية تنتقِل من الأبطال على مسرح الخيال إلى الارتجال في عالَم الواقع، فقد تُعيد تائهًا عن أهله أو مظلومًا يُخطِّط لظُلْم نفسه بغيره.

 

وبخصوص ألفاظ الرواية فهي فخمة مُرصَّعة بالتصوير، مُشبَعة بالتشبيه والوصف الدقيق لبقايا الأماكن، ويتخلَّلها بعض الأمثلة العامية الفصيحة الدارجة على اللسان؛ مما يُقرِّبها من عالمنا، فيشعرنا أن الكلام، وإن كان في زمن بعيد، فهو ماثل الآن وبقوة في كل معاني الظلم التي ألِفها البشر.

 

وخاتمة الرواية كانت إعادة تراجيديَّة سامية لحجر الكُحل، حيث كان في (صابرة) معنى الحزن، فأضحى في (رابعة) معنى اللقاء، وانسداح الصباح وشدوِ البلبل على صفحات الرياح.

 

أخيرًا: آثرتُ أن أصِف الرواية وصفًا عامًّا؛ كي لا أَنزِع لذَّتها عنكم حين قراءتها، وها أنا وضعتُ نفسي هنا وما فعلتْه الرواية بي على أمل تَجدُّد مِثل هذه الأعمال الراقية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- بارك الله فيكم
عمار علي سليمان - السعودية 14-05-2013 11:30 PM

جزاك الله خير أختنا أماني و اشاركك الرآي الأستاذ محمود سيكون علامة فارقة في تاريخ روايتنا الحزينة إن شاء الله هذا شبه أكيد عندي , و أما أنت أستاذنا فمن ينسى صنيعك وجميلك على أخيك الصغير جزاك الله خيرا و نتظر القادم على أحر من جمرٍ يعشق الخشب فكذلك بات العشق لما تكتب وبكل صدق بارك الله فيك و جزاك الله خيراً.

2- شكرا للكاتب وللأخت الفاضلة أماني
محمود توفيق حسين - السعودية 14-05-2013 08:12 PM

أشكر للأخ الكاتب : عمار سليمان على هذه القراءة الثمينة ، كما أشكر الأخت أماني على تعليقها الجميل .. بارك الله فيكما !!

1- رواية أكثر من رائعة
amani - syria 08-05-2013 06:45 PM

رؤية متكاملة لرواية أكثر من رائعة ..الاستاذ محمود توفيق كان موفقاً للغاية بعمله الروائي الأول .. واظن أنه يسعى بسرعة ليأخذ مكانه المتفرد الذي ينتظره بين نجوم الرواية العربية .. وفقه الله وسدده .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة