• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

التشبيهات الظاهرة في الشعر

التشبيهات الظاهرة في الشعر
د. إبراهيم عوض


تاريخ الإضافة: 8/4/2013 ميلادي - 27/5/1434 هجري

الزيارات: 37412

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التشبيهات الظاهرة في الشعر

فنون الأدبفي لغة العرب (9)


والذي جعلني ألمس هذا الموضوع - موضوع التشبيهات الظاهرية - هو الخوف من أن يظُن بعض من رأوا زراية الأستاذ "العقاد" على "شوقي" في الكتاب الذي أصدره هو والمرحوم "المازني" مبتدأَ العشرينيات من القرن الفائت، بعنوان "الديوان في الأدب والنقد"، وقوله تعقيبًا على بعض صور "شوقي" التي رآها سطحيةً لا تتعمق الأشياء والموجودات، ولا تستبطنها: "اعلم، أيها الشاعر العظيم، أن الشاعر من يشعر بجواهر الأشياء لا من يعدِّدها ويحصي أشكالها وألوانها، وأن ليست مزية الشاعر أن يقول لك عن الشيء: ماذا يشبه؟ وإنما مزيَّته أن يقول: ما هو؟ ويكشف لك عن لبابه وصلة الحياة به" - أن ذلك الحُكْمَ يصدق على تشبيهات ابن المعتز التي أوردتها هنا، وبخاصة حين يجدون أن العقاد قبل قليل من كلامه هذا قد حقَّر من شأن أحد تلك التشبيهات المعتزِّيَّة، فأحببت أن أوضِّح أني لا أتفق مع كل ما قاله - رحمه الله - رغم إكباري له وتقديري إياه تقديرًا لا أقدِّر مثلَه أحدًا من الكتَّاب سواه؛ ذلك أن الحياة ليست كلها تعمقًا واستبطانًا لجواهر الأشياء، وهي نفسها ليست جواهر فحسب، بل جسومًا أيضًا وأشكالاً وألوانًا، وهذه الجسوم والأشكال والألوان كثيرًا ما تبهرنا وتمتعنا وتحوِّل حياتنا إلى بهجة بهيجة.

 

والآن فلننظر إلى لون آخر من الصور ينفُذُ إلى جواهر الأشياء، ويستبطن حقائقها، وشواهده في الشعر العربي لا حصر لها، وإن كان من الكتَّاب من يزعم أن الصور الحسية هي وحدها التي كان يعرفها الشعر العربي القديم، ومن هؤلاء د. عز الدين إسماعيل، الذي ادعى أن كلاًّ من الشاعر والناقد العربي القديم "كان ينزع نزعةً حسية في فهم الجمال وفي تصويره، فكان الجمال عنده فيما ترضى عنه الحواس: كلُّ حاسة وما يوافقها، هذه النزعة الحسية كانت حَرِيَّةً أن تفرضَ نفسها على الصورة الشعرية، فإذا نحن قرأنا بيت ابن المعتز المشهور:

وانظر إليه كزورقٍ من فضة
قد أثقلتْه حمولةٌ من عنبرِ

 

تمثَّلت لنا الخاصة الحسية في الصورة..."، وهو كلام متعجِّل وغير دقيق، فما أكثرَ ما نجد في شعر ابن المعتز نفسه من صور داخلية لا علاقة لها بالحس، فما بالك بسواه؟ كما أنه من غير المنهجي أن نأتي إلى مثال واحد من شعر شاعر واحد فنأخذَه ونستخلص منه حُكمًا على شعرٍ كشعر العرب في عمقه وامتداده وتنوُّعِه وثرائه، إن هذا - وايم الحق - لمجحف جدًّا، وعلى كل حال فسوف أترك القارئ مع الشواهد التالية مع شعر ابن المعتز وعنترة بن شداد، وعمرو بن كلثوم "في تهديده لملك الحِيرة"، والفرزدق "في تضييفه للذئب"، وأبي تمام "في فتح عمورية"، والبحتري وابن الرومي والمتنبي "في وصفه وطأة الحمى عليه" والبهاء زهير على التوال

أما في الليالي أن تعودَ ونلتقي
بلى في الليالي سهلُها وحزونُها
إذا كان يحلو فيكُمُ كذِبُ المُنى
إذا ما ذكرناكم، فكيف يقينُها؟
• • • •
ولقد مررتُ بدارِ عبلة بعدما
لعِب الربيع برَبْعها المتوسمِ
جادت عليه كلُّ بِكْرٍ حُرَّة
فترَكْنَ كلَّ قَرارةٍ كالدِّرهمِ
سَحًّا وتَسكابًا، فكل عَشيَّة
يجري عليها الماءُ لم يتصرَّمِ
وخلا الذباب بها، فليس ببارحٍ
غَرِدًا كفعل الشاربِ المترنمِ
هَزِجًا يحكُّ ذراعَه بذراعه
قدْحَ المُكبِّ على الزنادِ الأجذم
تُمسي وتصبحُ فوق ظهر حشيَّةٍ
وأبيتُ فوق سَراةِ أدهمَ مُلْجمِ
وحشيَّتي سَرجٌ على عَبْلِ الشَّوى
نَهْدٍ مَراكلُهُ، نبيلُ المحزِمِ
• • • •
إذا ما المَلْكُ سام الناسَ خسفًا
أبَيْنا أن نُقرَّ الذلَّ فينا
ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا
فنجهلَ فوق جهلِ الجاهلينا
ونعدو حيث لا يُعْدى علينا
ونضربُ بالمواسي مَن يَلينا
ألا لا تحسَبِ الأعداءُ أنَّا
تَضَعْضَعْنا وأنَّا قد فَنِينا
ترانا بارزين، وكل حي
قد اتخذوا مخافتَنا قَرينا
كأنَّا، والسيوفُ مُسْللات
ولَدْنا الناسَ طُرًّا أجمعينا
ملأنا البَرَّ حتى ضاق عنَّا
كذاك البحرُ نَمْلَؤُه سَفينا
إذا بلغ الفطامَ لنا رَضِيعٌ
تَخِرُّ له الجبابرُ ساجدينا
لنا الدنيا ومن أضحى عليها
ونبطشُ حين نبطِشُ قادرينا
• • • •
وأطلسَ عسَّال وما كان صاحبًا
دعوتُ بناري موهِنًا فأتاني
فلمَّا أتاني قلتُ: دونك، إنني
وإياك في زادي لمشتركانِ
فبتُّ أقدُّ الزادَ بيني وبينه
على ضوء نارٍ مرةً ودخانِ
فقلتُ له لما تكشَّر ضاحكًا
وقائمُ سيفي في يدي بمكانِ
تعَشَّ فإن عاهدتني لا تخونني
نكنْ مثل مَن يا ذئبُ يصطحبانِ
وأنت امرؤٌ يا ذئب والغدرُ كنتما
أُخَيَّيْنِ كانا أُرْضِعا بلبانِ
ولو غيرَنا نبَّهت تلتمس القرى
أتاك بسهمٍ أو شَباة سنانِ
وكلُّ رَفِيقَيْ كلِّ رحلٍ وإن هما
تعاطى القَنا قوماهُما أخوانِ
• • • •
أُمٌّ لهم لو رجَوا أن تفتدى جعلوا
فداءَها كلَّ أمٍّ منهمُ وأبِ
وبرزةِ الوجهِ قد أعيتْ رياضتُها
كسرى، وصدت صُدودًا عن أبي كرِبِ
من عهدِ إِسْكندرٍ أو قبل ذلك قد
شابت نواصي الليالي وهْي لم تشِبِ
بِكرٌ فما افترعتها كفُّ حادثةٍ
ولا ترقَّتْ إليها همةُ النُّوَبِ
جرى لها الفال برحًا يوم أنقَرةٍ
إذ غُودرت وحشةَ الساحات والرُّحَبِ
لَمَّا رأت أختَها بالأمس قد خرِبت
كان الخرابُ لها أَعْدى من الجَرَبِ
لقد تركت أميرَ المؤمنين بها
للنار يومًا ذليلَ الصَّخر والخشَبِ
غادرت فيها بهيمَ اللَّيل وهو ضحًى
يشلُّه وسطها صُبْحٌ من اللَّهَبِ
حتى كأن جلابيبَ الدُّجى رغِبتْ
عن لونها وكأنَّ الشمسَ لم تَغِبِ
ضوءٌ من النار والظلماء عاكفةٌ
وظلمةٌ من دخان في ضحًى شَحِبِ
فالشمسُ طالعةٌ من ذا وقد أفلَتْ
والشمسُ واجبة ٌمن ذا ولم تَجِبِ
ما رَبْعُ ميَّةَ معمورًا يُطيف به
غيلانُ أبهى رُبًى من رَبْعها الخَرِبِ
ولا الخدودُ وقد أُدمين من خجلٍ
أشهى إلى ناظري من خدِّها التَّرِبِ
سماجةً غنِيتْ منا العيونُ بها
عن كل حسنٍ بدا أو منظر عَجَبِ
وحسنُ منقلبٍ تبقى عواقبُهُ
جاءت بشاشتُه من سوءِ منقلبِ
تدبير معتصمٍ بالله منتقمٍ
لله مرتقبٍ في الله مرتَغِبِ
لم يَرْمِ قومًا ولم يَنْهَدْ إلى بلدٍ
إلا تقدَّمه جيشٌ من الرَّعَبِ
لو لم يقُدْ جَحْفلاً يوم الوغَى لغَدَا
من نفسه وحدها في جَحفلٍ لجِبِ
لَمَّا رأى الحربَ رأيَ العين "توفلس"
والحربُ مشتقةُ المعنى من الحَرَبِ
ولَّى وقد أَلْجَمَ الخطيُّ منطقَهُ
بسكتةٍ تحتها الأحشاءُ في صَخَبِ
بصُرتَ بالراحة الكبرى فلم تَرَها
تُنالُ إلا على جِسرٍ من التعَبِ
إن كان بين مرور الدهر من رحم
موصولةٍ أو ذمامٍ غير منقضبٍ
فبيْن أيامِك اللاتي نصرتَ بها
وبين أيام بَدْرٍ أقربُ النَّسَبِ
• • • •
أتاك الربيعُ الطَّلق يختال ضاحكًا
من الحسن حتى كاد أن يتكلَّما
وقد نبَّه النوروز في غلَسِ الدجى
أوائلَ وردٍ كنَّ بالأمس نوَّما
يفتِّقُها بردُ النَّدى فكأنه
يبث حديثًا كان أمسِ مكتَّما
ومن شجرٍ ردَّ الربيعُ لباسَه
عليه كما نشَّرت وشيًا منمنما
أحَلَّ فأبدى للعيون بشاشةً
وكان قذًى للعين إذ كان محرَّما
• • • •
ورياضٍ تخايلُ الأرض فيها
خيلاء الفتاة في الأبرادِ
ذات وَشْيٍ تكلفته سوارٍ
لبقاتٌ تحوكُها وغوادي
شكرتْ نعمةَ الوليِّ على الوس
ميِّ ثم العِهادِ بعد العهاد
فهي تُثني على السماء ثناءً
طيِّب النشر شائعًا في البلاد
بنسيمٍ كأنَّ سراه في الأر
واح مسرى الأرواحِ في الأجساد
تتداعى فيها حمائمُ شتَّى
كالبواكي وكالقِيان الشوادي
من مَثان ممتعات قِرانٍ
وفرادٍ مفجِّعات وحادِ
تتغنى القِرانُ منهن في الأيْ
كِ وتبكي الفرادُ شجْوَ الفراد
• • • •
أقمتُ بأرض مصرَ فلا ورائي
تخبُّ بي الركاب ولا أمامي
عليلُ الجسم ممتنع القيام
شديدُ السُّكْر من غير المُدام
وزائرتي كأن بها حياءً
فليس تزورُ إلا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا
فعافتْها، وباتتْ في عظامي
يَضيق الجلدُ عن نفسي وعنها
فتُوسِعُه بأنواع السقامِ
إذا ما فارقتْني غسَّلتْني
كأنَّا عاكفانِ على حرامِ
كأن الصُّبحَ يطردها فتجري
مدامعُها بأربعةٍ سِجام
أراقبُ وقتها من غير شوقٍ
مراقبةَ المَشُوق المستهامِ
ويصدق وعدُها، والصدقُ شرٌّ
إذا ألقاك في الكُرَبِ العظام
ألا يا ليتَ شعر يدي أتُمسي
تَصرَّفُ في عِنانٍ أو زمام
وهل أرمي هواي براقصاتٍ
محلاةِ المقاودِ باللُّغام
فربتما شفَيتُ غليلَ صدري
بسيرٍ أو قناةٍ أو حسام
وضاقت خطةٌ فخلصتُ منها
خلاصَ الخمرِ من نسج الفِدام
وفارقتُ الحبيبَ بلا وداعٍ
وودَّعتُ البلادَ بلا سلامِ
يقول لي الطبيب: أكلتَ شيئًا
وداؤُك في شرابِك والطعام
وما في طبِّه أني جَوَادٌ
أضرَّ بجسمه طول الجمام
تعوَّدَ أن يُغبِّرَ في السرايا
ويدخُلَ من قَتامٍ في قتامِ
فأُمسك لا يُطالُ له فيرعى
ولا هو في العَليقِ ولا اللجام
فإن أَمْرَضْ فما مرِض اصطباري
وإن أُحْمَمْ فما حُمَّ اعتزامي
وإن أسلمْ فما أبقى، ولكن
سلِمتُ من الحِمام إلى الحِمام
• • • •
أنا في الحب صاحبُ المعجزات
جئتُ للعاشقين بالآيات
كان أهلُ الغرام قبلي أمِّيي
ن حتى تلقَّنوا كلماتي
فأنا اليوم صاحبُ الوقت حقًّا
والمحبُّون شِيعتي ودُعاتي
ضربتُ فيهمو طبولي، وسارتْ
خافقاتٍ عليهمو راياتي
خلَب السامعين سِحْرُ كلامي
وسرَتْ في عقولِهم نفَثاتي
أين أهل الغرام أتلو عليهم
باقياتٍ من الهوى صالحات؟
خُتِمَ الحبُّ من حديثي بمِسْكٍ
رُبَّ خيرٍ يَجيءُ في الخاتمات
فعلى العاشقين منِّي سلامٌ
جاء مثلَ السلام في الصلواتِ

 

وهكذا الشعر، بل هكذا السِّحر، فكيف يقال: إن هذه نزعة حسية؟ وهذا إن كان الحس شيئًا يُشمئزُّ منه، وهو بكل يقين ليس كذلك، فالحياة في جانب منها حس، وإن أنكر المنكرون وتنطَّع المتنطعون، فحقائق الحياة كفيلةٌ بإرغام الأنوف المتمرِّدة دون حق عليها، حتى لو كان التمردُ مجردَ شقشقة كاذبةٍ باللسان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة