• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

رحلة في " ما هو الجمال؟ "

رحلة في " ما هو الجمال ؟ "
أ. صالح بن أحمد الشامي


تاريخ الإضافة: 18/3/2013 ميلادي - 6/5/1434 هجري

الزيارات: 19277

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحلة في "ما هو الجمال؟"


رحلة:

ذهبا يتفقدان الرعية..

 

سارا وكل منهما يسامر الآخر ويهمس في حسَّه ترانيم الحب والإخاء.

 

كان ذلك ليلاً، حين أخلدت الأشياء إلى الراحة، وذهب بعضها في سبات عميق، ولكن بعضها الآخر أغراها ضوء القمر ينساب من عليائه ليغمر الحياة، فإذا الظلمة قد تبددت، وبدا الكون في ما يشبه النهار في رحيله أو قدومه.. فسهرت تلك الأشياء منتظرة ظلمة الليل أو ضياء النهار.

 

وعلى متن تلك النسمة الرخية وصلا في رحلتهما إلى الشاطئ. كانت الأمواج متلاحقة يتبع بعضها بعضًا في رقة وحنان.

 

كأنما كل واحدة منها تريد أن تقي الأخرى لسعة البرد الخفيفة فتجعل من نفسها رداء لأختها.. ثم تلتقي جميعًا على الشاطئ تبث حديثها إلى تلك الصخور.. بعد رحلة طويلة، معبرة عن فرحة الوصول إلى شاطئ الأمان..

 

كانا يرمقان ذلك المشهد الذي تمتلئ به العين.. وتصيخ الأذن إلى تلك الموسيقا العذبة التي يعزفها لقاء الموجات مع تلك الصخور... وأغراهما ذلك بالبقاء فجلسا...

 

ومن فوق تلك الصخرة العالية الشامخة أطلا على مسافات شاسعة من صفحة اليمِّ وقد كساها القمر ثوبًا فضيًّا لألاءً.. تأنس العين لمشهده وترتاح. وكانت أطراف الحديث متجاذبة بينهما.. وفي ذلك الجو الساحر نسيا نفسيهما ونسيا مهمتها.. ونسيا الزمن.. فلم ينتبها إلا حين خلعت تلك الصفحة ثوبها الفضي وارتدت ثوبًا ذهبيًا يكاد بريقه يذهب بالأبصار..

 

وأشرقت الشمس على الكون، فإذا الأرض نور وضياء، وإذا البسمة على فم كل شيء.

 

وفي تلك الروضة الغناء، التي تقع على منعطف الطريق، كان لهما رعية، وقفا يتفقدان أحوالها ويسمعان أحاديثها. كل شيء على ما يرام، الأشجار يعانق بعضها بعضًا ودًا وحنانًا، والطلّ أهدى من خزانته للورد لؤلؤًا وجمانا، وطرب النسيم لتغريد الطيور فذهب يداعب أوراق الشجر فكان حفيفها بعض التعبير عن النشوة.. وداعب ظلها صفحة الماء الزلال في ذلك الجدول الصغير... فعبر عن سعادته بذلك الخرير الناعم... واطمأنا على الرعية...

 

وفي التفاته إلى الأفق البعيد... هناك في تلك الأرض المجدبة نبتة خضراء وحيدة، خرجت تعبر عن الإرادة والرغبة في الحياة. إنها تعلمت كيف يكون الصبر على البلاء جميلاً، فأكسبها ذلك قوة ومقاومة، وساعدها على البقاء... لتشيع الأنس في ذلك المكان.. إنها تعلمت الأنس بالوحدة والاعتماد على النفس... وكان لا بد من زيارتها اعترافًا بفضلها وإكرامًا لها.

 

وفي الطريق، استوقفتهما رمال الصحراء الناعمة المتحركة.. تسرّ إليهما حديثها... وكانت الريح قد داعبتها حتى تعبت.. وراحت تأخذ قسطها من الراحة بعد عناء، كل في مكانها فقد تعلمت النظام.. ونظرا إليها في تناسقها فتيقنا أنه ترتيب تعجز عنه كل يد صَناع...

 

كان "الحُسْنُ" مسرورًا بمصاحبة "الجمال" في تلك الجولة، والصديق يأنس بصديقه...

 

وتابع الجمال وصديقه رحلتهما في تفقد الرعية، وما أكثرها...

 

وكان بودِّنا أن نتابع رحلتنا معهما، فنحن نعلم أنه ما يزال في برنامجهما الكثير... الكثير.

 

الأمومة حيث كانت بحنانها وعطفها، والطفولة ببراءتها وخفّتها...

 

الآثار المنتشرة هنا وهناك.. تسجل المهارة والدقة وأحيانًا الضخامة والتحدي والعناد...

 

وفي برنامجه زيارة المتاحف، فقد بلغه أن رعاعًا من "اللوحات" التي لا نسب لها ولا قيد استطاعت أن تدخل إليها، في غفلة من الرقيب، وتجعل من نفسها بعض رعيته...

 

وفي برنامجه زيارة روضات الشعر.. فقد كثرت فيها الطفيليات...

 

كان بودنا أن نتابع الرحلة.. ولكنا نكتفي بهذا الجزء دلالة على الكل. إذ كان لا بدَّ لمن أراد التعرف على "الجمال" من رحلة في أرجاء مملكته الواسعة.

 

وقد تعلمنا من خلالها أن رعية الجمال تنتشر حيث ترتاح النفس وتستأنس وتمتد العين غير راغبة في التحول عما تراه إلى غيره. وتصيخ الأذن مرهِفَةً سمعها لتنقل ما لا قدرة للعين على نقله من النغمة والصوت، بل إنه حيث تشترك العين والأذن... فتنقل العين المنظر الفتَّان وتنقل الأذن الصوت الرخيم، وتعيش النفس التناسق بين إحساس الأذن ورؤية العين وإدراك العقل...

 

وبعد:

ما هو الجمال؟

قد يكون من السهل أن نرى "شيئًا" فنصفه بالجمال، أو نرى "سلوكًا" لإنسان في أمر ما، فنصف ذلك السلوك بالجمال، ولكن من العسير تعريف الجمال!!

 

إن "مفهوم الجمال" قريب متداول، يفهمه الجميع ويتعاملون معه، ولكن "التعريف" به بعيد المنال، وهذا ما دفع بعض الكتاب والفنانين إلى التصريح بصعوبة ذلك، وبعده عن الإمكان.

 

قال "مالرو"[1]: فكرة الجمال - وهي من أكثر أفكار علم الجمال غموضًا - ليست بغامضة إلا في علم الجمال نفسه[2].

 

وقال "برتليمي": إن نحن رجعنا إلى قدامى الفلاسفة لعلمنا أن الجميل، شأنه شأن الحق والخير، يعيش فوق العقل والمنطق والعمل، ولهذا فالجميل لا يقبل التعريف... والجمال يفهم من خلال الأشياء الجميلة[3].

 

وقال أبو ريان: إننا في مجال البحث الجمالي أمام ظاهرة تستعصي على التعريف ما دمنا في مجال الوجدان والشعور، لا في مجال العقل والقضايا المنطقية[4].

 

ولعل السبب الرئيسي الذي ترجع إليه صعوبة التعريف، هو أن الجمال معنى من المعاني، فهو لا يقوم بنفسه، وإنما يقوم بغيره، حيث نستطيع رؤيته في الإنسان، وفي الأشياء، وفي الأفعال والتصرفات...

 

إنه الحيوية التي لها إمكانية دخول المجالات كلها، مادية كانت أم معنوية، وقد تكون في مادة الشيء وحقيقته، وقد تكون في ظاهره وصورته.

 

وهو الذي يسهم في كمال الأشياء ظاهرًا وباطنًا...

 

وما دام "الجمال" معنى فليس بالإمكان ضبطه بالوصف أو "الكم" أو "الكيف".. الأمر الذي يحول دون إنتاج تعريف له.

 

وهناك عامل آخر يؤخر عملية الإنتاج هذه، هو اختلاف الأفراد في تقديرهم للجمال، وكذلك في درجة تذوقهم له.

 

وهذا ما دفع بعض كبار فلاسفة الجمال إلى تعريفه بالآثار المترتبة عليه[5].



[1] أندريه مالرو (1901 - 1975) روائي وفيلسوف فرنسي اتجه إلى الفن من كتبه (سيكلوجية الفن).

[2] بحث في علم الجمال. جان برتليمي ص 7.

[3] المصدر السابق ص 10 - 11.

[4] فلسفة الجمال. د. محمد علي أبو ريان ص 75.

[5] لهذا البحث تتمة بيان في الباب الثاني من هذا الكتاب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة