• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

خطى إلى الأمام ( قصة قصيرة )

خطى إلى الأمام (قصة قصيرة)
أحمد فتحي النجار


تاريخ الإضافة: 3/3/2013 ميلادي - 20/4/1434 هجري

الزيارات: 3459

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطى إلى الأمام

( قصة قصيرة)


ينظر من بعيد إلى الرابض عند نهاية الممرِّ الوحيد نحو العالم - الممر الذي ما كان يَحلم يومًا أن يُدركه - نظرةً تَقطر بالإحباط والحزن، ويُعاود النظر، ويطيل النظرات، فيغالبه إحساس باليأس والهزيمة الممتزجينِ بالمرارة التي تتمزَّق لها أحشاؤه.

 

ينظر وهو على يقين أنه غير مسموح له بالتقدُّم أكثر، خطوة واحدة للأمام ستَفتح أبواب جهنم على المكان، ستُفجر الأرض تحت قدمَيه، وستهبط مِن فوقه حمم السماء المتربِّصة منذ أمد بعيد لمثل هذه الخطوة؛ لتؤكد جبروتها وقوة بأسِها وهيمنتِها الفولاذية على المكان والزمن والأحداث.


عند الممر يقينًا، قريبًا مِن الشمس والنور والبراح بعد سنوات من الترقب والانتظار - تتضارب أحاسيسه المرتعشة بين الفرح واليأس، بين التراجُع في هدوء وحذر إلى المستقر المؤلِم البارد، وحياة أقرب إلى حياة كائنات ليست بشرية، لا تمتلِك مِن الحياة سوى أنفاس مسمومة تلهثُها بصعوبة، وبين اقتناص الفرصة الثمينة والتمرُّد والانفلات والخلاص، الخلاص المُهين لا شكَّ، ولكنه الخلاص والفرار حتى للموت، دون أن يعرف أيَّ قوة في أعماقه ستُعينه على اتخاذ القرار.

 

تتمثَّل له صور زملائه في الداخل، كلهم مِن خلفه يؤمِنون به وبمبادئه وأحلامه، يترصَّدون أن يقتنص الفرصة للفكاك والتمرُّد الشريف، ينظرون إليه مِن ثغرات الأبواب والمنافذ والثقوب بين مسامتها، يَحلمون له بالفرار والانطلاق، يهتفون مِن أجل حريته، مِن أجل حريتهم، من أجل حرية الأرض، يؤازرونه ببقايا ما لدَيهم مِن أمل لينال الخلاص، ولكنهم يرتجون في الداخل الخلاص المُشرِّف للجميع، الذي يَغمرهم مِن خارج الجدران والمنافذ، دون قيد على فرصته المهيأة، التي ظلَّ طويلاً يتطلع إليها، ويُخطِّط لكي يَقنصها سهوًا أو رغمًا.

 

تتراءى له صور الحراس تَنابِلة بُلَداء أبدًا، ثكلى مغلوبين دائمًا، يعاملونه بصلف وجبروت، رغم أنهم يحملون أفكاره، يؤمنون بكل مبادئه وقضاياه، يحفظون أبيات شعره وكلامه المأثور عن الحرية والمحبة والسلام، يُنفِّذون الأوامر القمعية بتذمُّر مكبوت كآلات خَرِبة بائسة لا تملك لنفسها حقًّا في اتخاذ القرار وتقرير المصير، ودون أن يكون لها القدرة على التمرُّد والرفض، يَحلمون له عادةًً بأوامر فوقيَّة تسمح له باختراق الممر والعبور والانفلات، وتمر السنوات تلو السنوات دون أن تأتي الأوامر الفوقيَّة، ودون أن يتمرَّدُوا، ودون أن يموت حلم الخلاص الجالب للحرية.


وينظر مِن جديد نحو الآليِّ الذي يُمشِّط الممر برجاء وتوسُّل واستماتة، ويأس، يتمنى للحظة أن لو كان له روح وقلب وعقل ولسان وآذان مصغيةً؛ ليبثَّه عبْرَها بعضًا مِن روحه التي تاقت إلى النور؛ فيَتحوَّل مِن صلادته وجموده إلى الشفَقة واللين، الذي سيَسمح له بامتلاك عالَمِه المسلوب مِن جديد؛ ليملأ الأرض بتغاريد المحبة والحرية والسلام والأمل.

 

ينظر في رجاء أن يأتيه صوت الآليِّ الطنان، يأمره أن يَقترب، أن يَنتزع حريته بعدما واتَتْه الفرصة بعد أزمنة طويلة مِن الانتظار والترصد، ليجده في النهاية نسيجًا منهم، حديديًّا صادمًا يقف في ثبات وصلادة، وجبروت ورفض لكل ما تحمله أعماقه مِن معاني الخير والمحبة وتطلُّعاته إلى السلام، قاطعًا طريقه نحو عالم نقي بلا احتلال ولا قمع ولا ديكتاتورية، وتبقى أكبر صدماته التي تصنع الإصرار في أعماقه أن الآلي روح منهم تتجسد في صلادة وصلف وكبر وتربُّص، رغم أنها مِن اليسير أن تؤمن، أن تتبدَّل، أن تتغيَّر ليعيش العالم في هناء، ولكن رغبات شيطانية محمومة تدفعها نحو الانقضاض الدائم والتحكُّم في مصاير أمم وأناس يُشاركونهم الحياة؛ لتمتصَّ دماءهم بكل قسوة وبرود ولا مبالاة؛ لذا كان مصيره التمرد والانفلات والمعاناة، ليصير بشجاعة بوقًا من أبواق الحرية رغم معاناته.

 

ومن جديد ينظر إلى الحديديِّ الرابض عند نهاية الممر، والذي راح يرصده ويبثه كرهًا أسود، ولم يملك سوى المواجهة ومواصلة خطًى جريئة، داخلتْه وساوسُ أن يتخلى عنها، خطى نحو التمرُّد على القمع والانهزام، خطى نحو الحرية، خطى لا تَنقصُها سوى خطى كثيرة مماثلة تملأ الميدان الرحيب؛ لكي تنجح وتعيد الشمس إلى عالمه المسلوب.

 

تتمادى الخطى إلى النهاية والانفلات في عند، ولكنه أخيرًا صار يُدرك أنه لن يدركها قط في هنيهات عمره القريبة المتبقية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة